مذبذبة ومستعجلة : هندي ومشاكل أخرى ! م
بادئ دي بدء أشكركم على تعاونكم وقمة تعاطفكم معي, فأنا أكن لكم كل الاحترام والتقدير على مجهوداتكم الجبارة ولكني يا أخي لا أستطيع الالتجاء لطبيب نفسي هنا وذلك لعدة أسباب:
1- توقيت عملي فأنا أعمل من 8 حتى 13 بالمساء من 16و نصف إلى 22 ، فأين الوقت للذهاب إلى الطبيب المعالج
2- إن دخلي جد متواضع أكثر من النصف أرسله للعائلة ولكي تتعلم أختي التي لا أريدها أن تعيش ما عشته
3- ما هو العقار الذي بإمكاني استخدامه في رأيكم وما هي تأثيراته أتمنى أن تكونوا دائما معي فأنا بحاجة إلى من يشد أزري خاصة أنني أحس بغربة شديدة وقد أحسست بذلك بيوم العيد حيث أنني جلست وحيدة لولا اهتمام الهندي لمت من الوحدة.
وأخيرا أتمنى أن يجزيكم الله خير الجزاء على تعاونكم.
29/11/2003
رد المستشار
الأخت العزيزة، أهلا وسهلا بك وبمتابعتك الثانية، ونبدأ أولاً بقول كل عام وأنت بخير، وبالدعاء أن يتقبل الله صومك في رمضان وفي شوال؟ يا ترى صمت بعضًا من شوال؟ تقبل الله منك إن شاء الله.
نحن مع الأسف الشديد لا ندري ماذا نقول لك في مثل الظروف التي تصفين، وأرسلنا لك في ثالث أيام العيد ما رأيناه في متابعتنا لك بعد أن حملنا الدكتور أحمد عبد الله أمانة متابعة حالتك، وقلنا لك أن العلاج النفسي المعرفي السلوكي السريع والمكثفَ هو أفضل ما يتوقع منه أن يعطي نتائج في حالةٍ كحالتك وهو نظرًا لظروف وملابسات حياتك في غربتك، وما آل إليه أمرك من تدهورٍ في الفترة الأخيرة خاصةً، بسبب كل هذا قلنا لك أن هذا العلاج يعتبر ضرورةً ملحةً في حالتك، بل وصفناه بالجملة التالية: يعتبرُ بمثابة إنقاذ لمستقبل فتاة بأكمله.
وبينما كان هذا هو ما ارتأيناه الأنسب والأفضل، إذا بك تنفين إمكانية أن يكونَ ذلك متاحا وتضعين لنا العقبة في ظهر العقبة بإفادتك الأخيرة تلك، لنصل إلى حالة أننا لا ندري ماذا نقول لك وأنت في مثل ما تصفين من موقف!
ونحن لا نملك إلا أن نصدقك رغم قسوة هذا على قلوبنا وقلوب من يقرؤون حكاية بنت عربية مسلمة من متصفحي استشارات مجانين.
فإذا أنت كنت: لا أنت تجدين الوقت للعلاج النفسي، ولا أنت تملكين الترفَ اللازم للتوقف عن العمل ولو قليلاً للعلاج الملح لك، ولا أنت تملكين المال اللازم للعلاج الملح لك، بينما تملكين التواصل المتقطع معنا عبر الإنترنت، من خلال مجال عملك بالطبع، ألا يدعونا ذلك لأن نصرخ أن خللا ما في حياة شعوبنا يجعل أشياء كثيرةً مقلوبةً، حتى ولو قسناها على هرمية ماسلو (مع تحفظنا عليها) وهو عالم النفس الشهير الذي قدم نظرية في تقسيم احتياجات الإنسان على شكل هرمي وضع في قاعدته الاحتياجات البيولوجية الأساسية ( الأكل - الشرب - الجنس - المسكن – الملبس) يليها الاحتياج للأمن (ومن بينه الأمن من المرض حتى لو اعتبرناه فقط بمثابة عدو للإنسان)، يليه الاحتياج للحب، يليه الاحتياج للتقدير الاجتماعي، يليه الاحتياج لتحقيق الذات.
ألا ترين أنك ومثلك كثيرٌ من شباب وشابات البلاد العربية، لديك ترفُ الوصول إلى بعض ما تحتاجين لتحقيق مطالب تقع في المستوى الثالث والرابع والخامس، بينما ليس لديك ترفُ الوصول إلى حاجات أساسية تقع في المستويين الأول والثاني من هرم ماسلو؟ فهم على سبيل المثال يملكون الدخول إلى الإنترنت بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى لفاهمها، وبكل ما تعطي مستخدمها من قوةٍ وطاقات، بينما هم لا يملكون ما يسد متطلبات المستويات الأدني لاحتياج الكائن البشري.
والإنسانُ حسب ذلك الهرم الشهير أيضًا لا يستطيع الانتقال من درجة إلى الأخرى دون حصوله على الاكتفاء من التي قبلها، لكن الذي يبدو هو أننا عندما نعمل في ظروفٍ المجتمع العربي الآن نستطيع أن نقفز دون حسابٍ للعواقب، ومعنى أن نقفز من مرحلة لم نحقق احتياجاتنا فيها إلى مرحلة أعلى، هو أن نصبح في موقف من قد تميد الأرض من تحته في أي لحظة، ولكي لا أبتعد بك عن مشكلتك الأصلية التي أوجعتني معرفتي بأنها حال فتياتٍ كثيراتٍ أحلتك إلى مشكلاتهن من قبل، أقول لك: أليس من المفروض أن هناك من يتكفل بعلاجك حتى في الغربة؟ أليس من المفروض أنك مؤمن عليك من جهة ما ؟
إن ما تعبر عنه حكايتك أيتها العزيزة هو أن مجتمعنا لا يملك أن يلقي طوق النجاة لغريق قد لا يحتاجُ إلا لريشةٍ يتعلق بها، فإذا الريشة نفسها غير جاهزةٍ على الأقل في الوقت المناسب؟
وأما نحن فإننا نعدك بالتواصل من خلال هذه الصفحة سواءً معي أو مع أخي الدكتور أحمد عبد الله، وأما ما يجبُ عليك أنت فهو نفس ما قلناه لك في متابعتنا الأولى لك، وهو أن عليك الاستعانة بعد الله بالهندي الذي تشيرين إليه، ولا أظنك تعجزين حتى عن إعادة نفس ما حدث في الماضي مع مدرسك في بلدك الأصلي، وقولي للهندي: (أنه ليس بالضرورة إذا التقى ذكر وأنثى في مكان سيقومان بشيء مشين) مثلما قلت لذلك المدرس، وأكرر مرةً أخرى أن بإمكانك طلب مساعدته في تمكينك من العلاج النفسي اللازم، خاصةً وأنه أحد المشرفين عليك في العمل.
وأما بخصوص العقار العلاجي الذي تطلبين، فهل تتوقعين أن عقارا مهما كان يمكن أن يحل مثل تلك المشكلة؟
إننا عندما تحدثنا عن إمكانية الاحتياج إلى العقاقير في حالتك إنما قلنا أن ذلك ما قد يحتاج إليه الطبيب النفسي المعالج بحيث يكون جزءًا من البرنامج العلاجي، ولكن ليس بمفرده، فلا أنت الآن مكتئبةً مثلا لكي نصف لك عقارا لعلاج الاكتئاب، ولا أنت تمرين بحالة ذهانية فنصف لك أحد مضادات الذهان، إن المشكلة تتعلق بسمات الشخصية وبالسلوكيات التي تتسم بالاندفاع وعدم حساب العواقب، وتناول عقار نفسي من خلال وصف وتواصل عبر الإنترنت، ومهما كان ذلك العقار آمنا من ناحية تأثيراته الجسدية عليك، إلا أن تأثيراته النفسية قد تكونُ مغامرةً غير مأمونة العواقب فلا نستطيع الإقدام عليها. ونحن لا ولن نتخلى عنك ولا عن متابعتك ولكن فقط في حدود ما يمكننا، وعليك أنت أن تصري على الحصول على حقك في العلاج، وأهلا وسهلا بك دائما، فتابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>>>>>>>>> مذبذبة ومستعجلة: هندي ومشاكل أخرى! م1