السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
مشكلتي أنني عصبية أحاول بقدر الإمكان أنني اهدأ في تصرفاتي أحاول كثير في بعض أمور انجح وبعض أمور لا انجح خاصة في عملي ونجحت لفترة بسيطة.
وأمي دائما تقول لي أنني لا انفع في شئ وتقول لما تتزوجي لازم تتطلقى لأن مفيش إنسان يستحملك وده كلام بيجرحنى جدا وأنا دائما اقرأ القران لكي يهدينى ربى ويحبب خلقه في ولكن لا فائدة فماذا أفعل؟
وصلتنا هذه الإفادة بتاريخ 18/11/2003
وقد أرسلنا لصاحبتها نطلب معلوماتٍ أكثر (الأخت العزيزة: المعلومات التي أرسلتها لنا غير كافية بالمرة لكي نستطيع الرد عليك، فمن فضلك نحتاج إلى عرضٍ أكثر تفصيلاً مما فعلت) وجاء ردها أيضًا مقتضبًا مثل الجمل التلغرافية، كما يلي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أنا عمري 24 سنة حاصلة على بكالوريوس تجارة اشتغل في شركة للكمبيوتر وأنا احب قراءة القران وأصلى ودائما ادعو الله أن يهديني.
مشكلتي أنني أحس دائما في البيت بالعزلة ودائما أحس بحزن شديد منذ صغري ودائما أبكى، إنني عصبية جدا لدرجة كل من حولي يكرهونني أبى يعاملني بشدة وأمي أيضا دائما يجرحونني بكلام سيئ أمام الناس ولا أي اعتبار لمشاعري أنا دائما أدعو الله أن يريحني من هذا العذاب.
22/11/2003
رد المستشار
الأخت العزيزة: أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك بصفحتنا استشارات مجانين، من الواضح أنك كنت عصبيةً وأنت تكتبين لنا في المرتين! فقد حاولنا أن نستوضحَ منك أبعاد حالتك ولكن ردك علينا وضعنا في موقفٍ لا نحسد عليه، ففوق أن الاتصال الذي تسمح به الإنترنت لا يقدم للطبيب النفسي إلا قليلاً من المعلومات التي يستطيع الاستناد عليها، جاءت إفادتك الأولى وإفادتك الثانية بشكلٍ تلغرافي كأنما تبرقين لنا برقةً في كل نصف سطرٍ ثم تختفي الإضاءةُ أو ينقطع الخيط، وهكذا وجدنا أن إفادتك لم تستطع إلا أن تفتحَ أمامنا كل الاحتمالات الممكنة والمزمنة للاضطرابات النفسية التي تؤثرُ بشكل واضح على العلاقات البين شخصية،
أنت تعانين من مشكلةٍ أو مشاكل في التعامل والتواصل مع الآخرين بدءًا من الأسرة التي لم توضحي لنا من كم فردٍ تتكون فلم يأت ذكرٌ إلا لك ولأبويك، وكلاهما يعاملك بقسوةٍ وبأسلوبٍ جارح، وأما في العمل فأنت أيضًا عصبيةٌ جدا، وتحاولين أن تهدئي من نفسك ومن تصرفاتك فتنجحين أحيانًا لفترةٍ قصيرة ثم تعاودين التصرف بنفس العصبية.
تحسين في البيت بالعزلة؟ فهل لعيبٍ في الأسرة بوجهٍ عام (وهذا ممكن) أم لعيبٍ فيك أنت شخصيا؟ هل تعاملات الأسرة كلها إن كان فيها أفرادٌ غيرك أنت وأبوك وأمك تتسم بنفس الشكل من التعامل الفظ والقسوة وعدم مراعاة المشاعر؟ أم أن الأمر يتعلق بتعاملهم معك وحدك؟ وهل هو نتيجةٌ لعصبيتك الزائدة أم أن له أسبابًا أخرى؟ لقد قلت في إفادتك (إنني عصبية جدا لدرجة كل من حولي يكرهونني)، ويمكننا أن نستنتج من ذلك أن الأمر يتعلق بتعاملهم معك وحدك وأنه راجع إلى عصبيتك الزائدة وتصرفاتك الطائشة، لكننا لسنا مستريحين تماما لهذا الاستنتاج، إلا إن كان أفراد الأسرة الذين ذكرتهم في إفادتك أي أنت وأبيك وأمك كلهم يتسمون بالعصبية!، فالطبيعي من الأب والأم إذا وجدوا أن ابنتهم عصبيةٌ وحزينة طوال الوقت أن يبحثا عن حل للمشكلة لكنهم لم يفعلوا أو فعلوا ولم تخبرينا أنت بذلك، أو لعلهم حاولوا عدة محاولات ولم تنجح ففقدوا الأمل ربما
نصل بعد ذلك إلى محاولة تشريح مفهوم العصبية بوجه عام، فهيَ تعني أن يتصرف الشخص بانفعال وبسرعةٍ دون تفكير وغالبًا بعنف وعدم حساب للعواقب أي أن تصرفاته ستتسم بشيء من الطيش، وعندما يكون الأمر عارضًا جد على الشخص فإن كل احتمالات الاضطرابات النفسية التي تسمى باضطرابات الحالة State Disorders، والتي تعني تغيرًا يطرأ على مشاعر وسلوكيات الشخص يختلف عن ما سبقه وعن ما يليه بعد العلاج الناجح، وهنا نستطيع أن نضع كافة اضطرابات القلق والاكتئاب والأعصبة Neuroses كلها كاحتمالات ممكنة، أي أن كل هؤلاء سيشتكون من العصبية!، بل أن حالات كثيرةٍ من حالات الذهان تكون الشكوى فيها سواءً من المريض أو من ذويه هي العصبية الزائدة.
ولكن الواضح أن العصبية في حالتك تتعلق بالسمات الشخصانية Personal Traits، أكثر مما تتعلق بالحالة، بمعنى أننا لا نستطيع كما لم تستطيعي أنت أن تضعي لنا خطا فاصلاً بين ما قبل اضطراب سلوكك، وذلك الاضطراب، أي ليست هناك بدايةٌ واضحة ، فنحن إذن نتحدثُ عن اضطراب شخصية، وليس عن اضطراب عارض، وغالبًا ما تظهرُ علامات اضطراب الشخصية مُبَكِّرًا في مسار النماء الفرديِّ، كنتيجةٍ لكلٍّ منَ العواملِ البُنْيَوِيَّـةِ والخبرات الاجتماعيةِ، فهيَ بمعنى آخرَ تعبيرٌ عن تفاعلِ مجموعةٍ من السمات الشخصية المجتمعةِ في شخصٍ ما مع معطيات الحياة الأسرية والاجتماعية ومعَ سمات الشخصيات الموجودة فيها، وهيَ أنماطٌ سلوكيةٌ عميقةُ الجذورِ ومستمرةٌ،
تُظْهِرُ نفسها كاستجاباتٍ وطيدةٍ وثابتةٍ لنطاقٍ واسعٍ من المواقفِ الشخصية والاجتماعيةِ، وهيَ تُمَثِّلُ انحرافاتٍ متطرفةٍ أو على الأقل هامةٍ عن الطريقة التي يدركُ ويفكرُ ويشعرُ بها شخصٌ متوسطٌ في ثقافةٍ بعينها، مع التركيز على علاقته بالآخرين، وتميلُ السلوكياتُ الناتجةُ عن السمات إلى الثبات وإلى أن تتضمنَ مجالاتٍ مُتعددةٍ من السلوكِ والأداء النفسي، وتكونُ في معظمِ الأحوالِ، ولكن ليسَ دائمًا، مصحوبةً بدرَجاتٍ متباينةٍ منَ الضيق الشخصاني، ومشاكلِ الأداء الاجتماعي والوظيفة الاجتماعية.
والدلائلُ التشخيصيةُ العامةُ للاضطرابات النوعية في الشخصية Specific Personality Disorders حسب النسخة العربية من تصنيف الاضطرابات النفسية العاشر ICD/10 لمنظمة الصحة العالمية WHO هيَ كما يلي: "هيَ حالاتٌ لا يمكنُ إرجاعها مباشرةً لا إلى ضررٍ أو مرضٍ جسيمٍ بالدماغ، ولا إلى أيِّ اضطرابٍ نفسي آخرَ، وتستوفي المعاييرَ التالية:
-1- سلوكياتٌ واتجاهاتٌ غيرُ متجانسةٍ بشدة، تشملُ مجالاتٍ متعددةٍ من الأداء، على سبيل المثال: الوجدانيةِ، والـتـنبه، والتحكم في النزوات، وطرق الإدراك والتفكير، وأسلوب الارتباط بالآخرين؛
-2- يكونُ نمطُ السلوك الشاذ باقـيًا، وطويلَ المدى، ولا يقتصرُ على نوباتٍ من المرضِ النفسي؛
-3- يكونُ نمطُ السلوك الشاذ عامًا ويؤثرُ سلبيًّا على التأقلم بشكلٍ واضحٍ مع نطاقٍ واسعٍ من المواقف الشخصية والاجتماعية؛
-4- المظاهرُ المذكورةُ أعلاه تظهرُ دائمًا أثناء الطفولة أو المراهقةِ وتستمرُّ أثناءَ مرحلةِ الكهولة؛
-5- يؤدي الاضطرابُ إلى ضائقاتٍ شخصيةٍ جسيمةٍ ولكنْ قد يتضحُ ذلك فقط في مرحلةٍ متأخرةٍ من مساره؛
-6- يكونُ الاضطرابُ مصحوبًا عادةً، ولكن ليسَ دائمًا، بمصاعبَ واضحةٍ في الأداء المهني والاجتماعي".
ولكن أي نوعٍ من أنواع اضطرابات الشخصية قد يكونُ اضطرابك؟، هذا ما لا نستطيع نحن الفصل فيه، وقد يحتاج الطبيب النفسي المتخصص الذي ننصحك بزيارته (مع والديك قدر الإمكان) إلى عدة مقابلات معك ومع أفراد أسرتك لكي يصل إلى تشخيص، ثم يقرر العلاج اللازم لك بعد ذلك.
بقي احتمالٌ واحدٌ بعد ذلك ربما دفعتنا إفادتك التلغرافية في كل مرةٍ إلى توقعه وهو أن تكوني من ضحايا اضطراب نقص النشاط المفرط الحركة" وهو عبارةٌ عن توليفةٍ من سلوكٍ مفرط النشاط قليل التهذيب مع عدم اكتراثٍ شديدٍ وعدم القدرة على الاستمرار في أداءٍ عملٍ ما، وانتشار هذه الخصائص السلوكية عبر مواقف عديدةٍ واستدامتها مع الوقت، وتكونُ بدايةُ ظهور هذا الأعراض في سن مبكرةٍ من العمر (عادةً في السنوات الخمس الأولى من العمر )، ويعتقدُ الكثيرونَ أن شذوذًا بنيويا ما Constitutional يلعبُ دورًا حاسمًا في نشأةِ هذه الاضطرابات ولكننا في الوقت الحالي تنقصنا المعرفةُ الكافيةُ بشأن أسبابها المحددة، ويمكنك معرفة المزيد عن هذا الاضطراب في الطفولة بقراءة الرد التالي على صفحتنا استشارات مجانين:
نقص الانتباه المفرط الحركة
وأعراض نقص الانتباه المفرط الحركة تختلف في شدتها من حالة لأخرى وقد تكون حالتك كانت مجرد حالة خفيفة الشدة كما أن كثيرًا من الأفراد المصابينَ يُظهرونَ تحسنًا تدريجيا في النشاط والانتباه مع التقدم في العمر، إلا أن علاقاتهم الأسرية غالبًا ما تتسم بالاضطراب بسبب ما يتصفون به من سوء التصرف من عمرٍ مبكر.
وهكذا نكونُ قد حاولنا وضع الاحتمالات التي تراءت لنا من إفادتك، ولكن الرأي الأخير للطبيب النفسي الذي ستلجئين إليه بعد الله، وبالمناسبة نحن في صفحة استشارات مجانين نهتم بكل ما يردنا من رسائل ولا نحتاج إلى تأكيد المرسلين المستمر والمتكرر على أنهم يقرؤون القرآن أو يحبون قراءته أو أنهم مسلمون مصلون وملتزمون،
وأما النقطة الأخيرة التي نود لفت انتباهك إليها فهيَ ما يستنبط من ما ورد في إفادتك ثلاث مرات (وأنا دائما اقرأ القران لكي يهدينى ربى ويحبب خلقه في ولكن لا فائدة) و(وأنا احب قراءة القران وأصلى ودائما أدعو الله أن يهديني) وأيضًا (أنا دائما أدعو الله أن يريحني من هذا العذاب)، فهل تعتقدين أيتها الأخت السائلة أنك بذلك تفعلين ما يجبُ عليك، وأن الباقي على الله؟
إن ما يجب علينا هو أن نبحثَ عن أسباب ما نعاني منه وأن نعمل جاهدين على محاولة علاجها وليس فقط أن ندعو الله، جميلٌ أن ندعوه سبحانه وأن نقرأ قرآنه ولكننا يجب أن نغير ما بأنفسنا سواءً كان ذلك على المستوى الفردي أو على المستوى الاجتماعي وتذكري قول الله تعالى في سورة الرعد: بسم الله الرحمن الرحيم: (...... إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) صدق الله العظيم الآية 11 سورة الرعد
ونسأل الله أن تكونَ كتابتك لاستشارات مجانين هيَ أول خطواتك للتغيير وفقك الله ووفق طبيبك النفسي في تشخيص حالتك وعلاجها، وتابعينا بأخبارك.