أكبر معذب في العالم
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد؛ أرسلت مشكلتي لأكثر من موقع وقد امتنع أكثر من موقع عن الرّد عليّ. أرسل إليكم عسى أن أجد تعليقاً يكون لي مرشداً، فمعذرة: لا أتوقع أن أجد حلاً لديكم، سأحاول اختصار مشاكلي في النقاط الآتية:
1- نشأتي في أسرة مفككة تماماً: أبي وأمي تزوجا عن فارق سن كبير (17عاما)، مما أدّى إلى اختلافهما دائماً إلى أن وصل الأمر إلى ما قد يسمّى "الانفصال الداخلي التام" بينهما منذ كان عمري 15 عاماً. والسبب الظاهر أن أبي يرفض الإنفاق علي أمي في غير الطعام والشراب بحجة أن أمي "ناشز" وشرعاً تسقط نفقتها، وبالفعل كانت أمي تعصي أبي في بعض الأمور وتخرج أحياناً من البيت بغير إذن أبي.
- انحياز أخي الوحيد (والذي يكبرني بخمس سنوات وقد تخرج في كلية الزراعة منذ 7 سنوات الآن) إلى جانب أمي دائماً وأبداً إلى أن وصل الأمر أن كثر تطاوله على أبي بالسب ثم بالضرب في أحيان غير قليلة.
- حيال موقف أبي المُتعنّت في الإنفاق لجأت أمي (التي مرضت بالسرطان منذ 6 سنوات) إلى أخذ الصدقات شهرياً من أقارب لنا ميسوري الحال.
- السبب الخفي وراء تدهور أوضاع الأسرة هو إصابة أبي بعد إنجابي بالعجز الجنسي وتخييره لأمي بين الطلاق وبينه (أعني أبي) فآثرت أمي الاستمرار معه ولكن توقّعت أمي أن يحسن أبي معاملتها في مقابل ذلك فلم يفعل، فأدّى ذلك إلى تدهور الأوضاع كما ذكرت ولكن تبقى تفصيلات يطول شرحها.
2- منذ بلوغي الحلم (عند سن 14 عاماً) أسرفت في ممارسة العادة السرية وبعد أقل من سنتين أصبت بالضعف الجنسي المبكر "المبكر جداً!!" وكان عمري وقتها حوالي 16 عاماً وأثّر ذلك عليّ سلباً فلم يعد لدي من الطموحات في الزواج وبناء الأسرة كباقي الشباب.
3- كنت متفوقاً في دراستي منذ نعومة أظفاري وحتى الثانوية العامة وحصلت على مجموع 98.5% وكان ذلك بعد إصابتي بالضعف الجنسي بعام واحد أي أن الضعف الجنسي لم يؤثر على مستواي الدراسي مباشرة وإنما فشلت فشلاً ذريعاً بعد التحاقي بكلية الصيدلة التي كانت الرغبة الأولى لي في استمارة التنسيق ولكن لم تكن رغبتي منذ صغري كما أسمع في "المسلسلات" و"الأفلام"، وإن كنت أيضاً لم أُجبر عليها من أحد... باختصار: لم تكن لي رغبة محددة فكنت متحيّراً بين المدرّس والمتخصص في علوم الفلك والمهندس والطبيب والصيدلي... ولهذا الترتيب مغزى.
4- لي باع طويل مع الأمراض النفسية؛ منذ صغري وخاصة بعد معاصرتي لأحداث الزلازل في التسعينيات وبين حين وآخر كنت أشعر أن "الجو غريب" من حولي وأن شيئاً ما سيئاً على وشك الحدوث (لا أعلم ما هو تحديداً ولكن ربما يكون كارثة عامة كزلزال مثلاً أو أن هذا الشيء السيئ هو على مستواي الفردي وأعني بذلك الموت). هذا الشعور أخذ يزداد ترداده عليّ بالتوازي مع التحاقي بالكلية منذ 7 سنوات وكان يستمر معي يوماً أو بعض يوم ثم يزول تلقائياً وكنت أفسّره أنا دائماً بأن "ربنا غضبان عليّ الآن أو على الناس جميعا"، وكان هذا الشعور يدفعني إلى الصلاة وقراءة القرآن في ذلك الوقت.
ملحوظة: علمت الآن أن ما كنت أعاني منه ربما يكون ما يسمّى بـ"اضطراب القلق العام".
- منذ أكثر من سنتين وأثناء فشلي الدراسي ازداد اهتمامي بالاطلاع في السياسة وقراءة الصحف ثم تحوّل فكري خلال فترة قصيرة إلى الفكر الفلسفي (والفلسفة كنت أعشقها منذ الصف الأول الثانوي)، ولكن لا أزعم أنني درست الفلسفة أو اطّلعت فيها اطلاعاً معقولاً.
- قادني فكري الفلسفي بطبيعة الحال إلى مباحث الوجود والتفكير في مبدأ الألوهية وغيرها وكانت الطامّة الكبرى باطّلاعي في النت على الفكر الفلسفي الإلحادي، وباختصار: اعتنقت مذهب الـ"لا أدرية" Agnosticism والقائل بأن وجود الله وطبيعته وأصل الكون وإذا ما كان هناك حياة بعد الموت، أمور لا سبيل إلى معرفتها.
أخذني هذا إلى دوامة من البلبلة والخوف إلى أن أدّى بي في غضون أيام قليلة إلى "اضطراب الاكتئاب الجسيم المترافق مع القلق"، أقسى ما يمكن أن يُعذَّب به امرؤ في الحياة الدنيا، وجلست شهوراً في المنزل لا أذوق الطعام والشراب وأتقيأ ما أحاول ابتلاعه منه عنوة وفقدت طعم الحياة والاستمتاع بالأشياء إلى غير ذلك مما يطول الكلام فيه من أعراض الاكتئاب ولكن دون رغبة في الانتحار بالطبع فقد كنت أخشى الموت لعدم وثوقي مما سألاقيه بعده.
- ذهبت لأكثر من طبيب نفسي وتعاطيت أكثر من علاج للاكتئاب دون جدوى قبل أن أوفّق إلى العلاج التالي (إفكسور مع موتيفال ودوجماتيل) فقد تعافيت به ولله الحمد. نعم لله الحمد فأنا الآن أعتقد أن الله موجودٌ وأنه هو الذي شفاني بعد أن ضاقت عليّ الأرض بما رحبت وضاقت عليّ نفسي ولكن الشكوك تعاودني من حين لآخر لا أعلم لماذا، وأرجوكم لا تقولوا لي أن ما كنت أعاني منه أن "ذلك هو صريح الإيمان" (فلقد وصل الأمر بي في وقت ما أن تحولت اعتقاديا كليةً إلي الإلحاد التام) ولكن قولوا لي أنني بجانب الاكتئاب أنني مرضت ولا زلت مريضاً بالوسواس القهري فهذا ربما يقنعني.
5- مشكلتي الأساسية الآن هي انقطاعي التام عن الكلية فأنا أشعر أنني بعد كل ما مرّ بي من أحداث، أشعر أنني exhausted أو expired ولا طاقة لي بالعودة إلى المذاكرة ولا يجوز أن أترك الكلية بالطبع لأعمل بالنظافة (مع عدم تحقيري بالطبع لتلك المهنة).
تركي للصلاة؛ لا أعلم لماذا هل أنا غير مسلم أم ماذا؟ أم أنني أخشى من أن تجرّ عليّ الصلاة حبل الفكر السابق من جديد؟ فأخشى ما أخشاه الآن شيئين: الموت وعودة الاكتئاب ومع نوبات الهلع panic attacks والتي بالفعل بدأت تعاودني وأتغلّب عليها بالـ Zolam 0.5mg فوالله إن الاكتئاب لشر غائب يُنتظر!!
عرضت مشكلتي مؤخراً على طبيب نفسي شخّص حالتي بالفصام فهل تؤيدون ذلك؟ علماً بأنه وصف لي (Stellasil 5 mg, Motival, Tegretol 400 CR) ولم أستطع تحمّل الأعراض الجانبية للعلاج من زيادة قلق مع خمول ودوخة في نفس الوقت فقطعته بعد 5 أيام. فهل من تعليق أو حل لمشكلتي خاصة الدراسة وترك الصلاة؟؟ وأيضاً هل يمكن أن يكون الضعف الجنسي ناشئا عن ظروفي النفسية أو أنه delusion كما زعم الطبيب؟ وكيف يمكنني التحقق من ذلك؟
أعتذر للإطالة ولكم جزيل الشكر،
والسلام عليكم ورحمة الله.
24/02/2008
رد المستشار
الأخ العزيز طالب الصيدلة...... تحية طيبة وأهلا ومرحبا بك على مجانين وعقلاء.
أطلب منك أخي العزيز أن تحمد الله كثيرا أنك عدت إلى حظيرة الإيمان بالله تعالى حتى ولو كنت كسولا عن الصلاة، فهذا أمر يمكن عمله والحرص على أدائه مع الوقت والعلاج، وأنك غير مُنكرٍ لوجوب الصلاة عليك كمؤمن ولكنك فقط تُسوِّف في أدائها بفعل الشيطان ونفسك اللوامة التي تحملها بين جنبيك، وأتذكر دائما كلمة لأحد أساتذتي الأفاضل وهي: "لو ابتُلي شيخ الأزهر بالاكتئاب الجسيم فسيعجز عن أداء الصلوات المكتوبة"، وهذه هي طبيعة هذا الاضطراب اللعين، الذي يجعل الإنسان عاجزا عن الحركة النشطة الفعالة وعن أداء واجباته الاجتماعية والدراسية والأسرية والدينية أيضا، وواضح أنك تعاني من مثل هذا العجز!.
أخي الفاضل؛
لا تكثر من لوم نفسك وتأنيب ضميرك فيما لا تملكه، حيث أن كثرة اللوم وتأنيب الضمير من أعراض الاكتئاب الجسيم أيضا، وأرى أن تستمر على خلطة .(الإيفكسور والدوجماتيل والموتيفال.)، والتي تحسنت عليها أعراض الاكتئاب كثيرا مع زيادة الجرعة تدريجيا كل أسبوع لعقار واحد منهم على حدة، بمعنى أنك قد تصل في نهاية ثلاثة أشهر إلى ثلاث أو أربع حبات موتيفال يوميا، وثلاث أو أربع كبسولات من الدوجماتيل 50 مجم يوميا، وقد تصل جرعة الإيفكسور إلى 225 مجم يوميا أيضا لكن بشرط ألا يحدث لك أعراض جانبية من هذه العقاقير، وإذا حدث أي عرض جانبي فعليك بإنقاص الجرعة الزائدة فورا، والرجوع إلى ما كنت تأخذ قبل زيادة هذه الجرعة مباشرة، ولا مانع من أخذ الزولام بجرعة نصف مجم عند حدوث نوبات الهلع لا قدر الله، ولا تشغل بالك بموضوع الفصام هذا، والذي ذكره لك أحد الأطباء، ولا تحاول تغيير العلاج أو الطبيب المعالج ما دمت مستريحا على الخلطة التي ذكرتها من العقاقير النفسية سالفة الذكر؛
وبالنسبة لموضوع العجز الجنسي فأقول لك: لو كنت تستيقظ من النوم أحيانا وقضيبك منتصبا فهذا معناه أنك لا تعاني من عجزا جنسيا عضويا، وأضيف إليك أن الأدوية النفسية التي تتناولها قد تؤدي إلى نقص في الرغبة الجنسية، وليس "عنة جنسية"، والحمد لله، فهناك فرقا كبيرا بينهما، وهذا الموضوع أصبح له علاجات فعالة بعد اكتشاف وتصنيع فياجرا وليفيترا وسياليس وسنافي؛ والتي تزيد من قوة الانتصاب لدى الرجال، وكذلك استخدام هرمون التوستيرون بصور مختلفة من حقن وجل وكبسولات وغيرهم من أشكال هرمونات الذكورة التي تزيد من الرغبة الجنسية في الرجال والنساء، ولكن لابد من استخدام كل هذه العقاقير تحت إشراف طبي (متخصص في أمراض الذكورة) جيد ومستمر.
حاول أيضا الذهاب إلى كليتك بصورة تدريجية، ويمكنك أن تقسم المواد؛ مثلا كل فصل دراسي ثلاثة أو أربعة علوم صيدلانية فقط والباقي في الفصل الدراسي التالي؛ وتذكر القول الجميل: "ما لا يُدرك كله لا يُترك كله"، "واستعن بالله ولا تعجز"، وتذكر أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، فعليك أن تخطو الخطوة الأولى وستجد عناية الله تحف بك من حولك وترعاك،
واقرأ على مجانين الاستشارات التالية:
مقبل على الانتحار: لا تنصحوني
ليال والاكتئاب الجسيم في العراق
العلاج الجيني للاكتئاب
متى يجب أخذ عقار للاكتئاب؟
الإحباط خلطة قلق واكتئاب وتأنيب ضمير
والاكتئاب والعلاج المعرفي
العلاج المعرفي ذلك المسكوت عنه
أخي العزيز؛
أظنك بعد قراءتك بعضا من تلك الاستشارات لم تعد تشعر بأنك "أكبر مُعذب في العالم" كما تظن؛ فهناك من يعاني أكثر بكثير منك، "ومن رأى ابتلاء الناس هان عليه ابتلاؤه"؛ كما يقول المثل الشعبي الحكيم، دعواتي الحارة من صميم قلبي بالشفاء العاجل والتام لك، وتابعنا بأخبارك.
ويتبع >>>>>>: أكبر معذب في العالم م