أحببت.. فاستخرت..فاستشرت..!
السلام عليكم؛ استخرت الله كثيرا ولكن قلبي تعب والله. والله أني أتمزق باليوم ألف مرة. مشكلتي هي كالتالي:
أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة، فلسطيني، مهندس، وسيم، والحمد لله أموري تمام، وأسكن بالرياض، أبحث عن زوجة منذ سنة ونصف وخلال هذه الفترات مررت بتجارب خطبة لا يعلم بها إلا الله.
الشاهد مؤخرا دخلت موقع إسلامي للزواج، وأخذت إيميل إحدى المشتركات، وأخبرتني أن التواصل عن طريق الأهل، ولكن بعد فترة من التواصل عن طريق الإيميل تواصلنا عبر الهاتف لمدة أسبوع وأعجبت بأفكارها وأعجبت بأفكاري، ووجدنا أننا مناسبين لبعضنا، وبالفعل اتصلت والدتي وتعرفت على والدتها وذهبنا إلى زيارتهم بمدينة أخرى بالمملكة العربية السعودية.
رأيت البنت الرؤية الشرعية ولكن لبعد المسافة لم أستطع تحديد ملامحها جيدا ولا مواصفاتها الجسمانية، خصوصا مع وجود إخوتها وعند عودتنا سألت الوالدة قالت أنها جميلة جدا جدا. وأخبرتها أني لم أر ذلك فيها، فأصرت أنها كذلك. وحتى لا أقع بالشك طلبت من أمي أن أراها مرة أخرى، وطلبت هي من أهلها كذلك ولكنهم رفضوا، فقررنا أن تذهب أمي لزيارتهم مرة أخرى، ورجعت أمي وقالت أنها جميلة ولكنها بحاجة إلى حمية بسيطة، لذلك كان الفاصل بالموضوع هو شهادة أمي بالنسبة لي.
سارت الأمور باتجاه الزواج، ووكلت أبي وذهب لعقد القران مع إخوتها بمدينتهم لعدم قدرتي على مغادرة العمل بوسط الأسبوع.. ثم احتفلنا بمنزلهم بعد أسبوع من عقد النكاح وعندما رأيتها صدمت بأنها ليست جميلة، بل وبدينة نوعا ما.. قد تعتقدون أني تافه أو إنسان سطحي لكني والله أسعى بزواجي إلى امرأة متدينة إذا نظرت إليها أسرتني. أنا حاليا متزوج منها شرعيا لكن لم يحصل الزفاف إلى الآن، أي أنها مع أهلها حاليا.
المهم أصبحنا نتكلم دائما سوية على الهاتف وتعلقت بي البنت أكثر من الأول وقلت بنفسي علي أخرج من هذه المعضلة بالحديث معها ومعرفتها أكثر وأني قد أجد جانبا آخر فيها يشدني لها. الكارثة أنها أحبتني جراء ذلك ولم يتحرك قلبي ساكنا لها بعد النفور النفسي الذي أصابني.
أنا الآن أتعذب يوميا لا أدري ما العمل، قلبي لا يطاوعني أن أجرحها وأطلقها لأنها ستتعذب جدا جدا والله إني أبكي باليوم مائة مرة عند تخيلي لها حزينة ومحطمة خصوصا أني إذا طلقتها الآن ستحسب عليها بمجتمعنا هذا طلقة حتى وأنا لم أدخل بها، حتى أني أجلس أحيانا وأقول بنفسي سأتزوجها ومهما يحدث يحدث، ولكن بنفس الوقت أخاف أن أتزوجها وأنفر منها مع مرور الأيام وأكون بذلك أيضا حطمتها وزدت الطين بلة.
استخرت الله أنه إذا كان بالأمر خيرا أن ييسر الأمر وأن يجملها بنظري، وإن كان فيها شر أن يجعل من عنده مخرجا يخرجني ويخرجها من هذه الأزمة.
أنا أعلم تمام العلم أن أي شاب آخر بمكاني من الممكن أن يأخذ قرار الطلاق بكل سهولة بدعوى أن هذه مصلحته، لكني أملك قلبا مرهفا وحساسا ووالله أنها ذات دين، لكني لم أمل إليها عاطفيا ولم أأنس بوجودي معها بمنزل أهلها، أحيانا ألوم نفسي بأني سطحي وأبحث عن الجمال، لكني والله أردت بحياتي زوجة متدينة تملك على الأقل قدرا بسيطا من الجمال يعفني عن غيرها حتى لا أظلمها بيوم وأتزوج بأخرى.
أرجووووووووووووكم ساعدوني والله أني رجل وأبكي كثيرا، حتى أن أمي تبكي علي وهي تميل إلى إنهاء هذه الخطبة لأنها لا تريد ظلم البنت، مع أن أمي لم تحب بنتا بحياتها مثلما أحبت هذه البنت لأدبها وأخلاقها وتواضعها، لكن أمي الآن تقف بصفي وتقول لي لا داعي لأن تظلم نفسك، لو أنهيت هذه الخطبة والله أنها ستتحطم، خصوصا أنها بمثل عمري 29 سنة، ولم تتزوج إلى الآن إلا مني أنا.
تعبت والله تعبت وأسال الله أن يشد من أزري وأن يربط على قلبي ويؤنسني بردكم علي أتقوى به ويجعل لي من بعد الله مخرجا. أنا لم أدخل بها لأن الزفاف لم يعقد حتى الآن ولم يحدد أساسا، هل أطلقها بالمعروف أم أمسك عليها؟ أرجججووووووكم المساعدة.
1/2/2008
وأرسل مرة أخرى يقول :
السلام عليكم....
ملاحظة: لأول مرة في حياتي ألجا إلى الاستشارة لأني اعتدت أن أواجه أموري لوحدي، لكن الآن أنا غارق بمعنى الكلمة، وهذا سبب بحثي عن المساعدة، وأحيانا أقول لنفسي: الحل هو إحدى اثنتين، فلم التحير؟ إما أن أكمل حياتي معها أو انفصل عنها، وفي كلتيهما عذاب لي ولها، أسأل الله أن يكون في ردكم ما يعينني.
3/2/2008
رد المستشار
كلماتك تقطر صدقاً وألماً للدرجة التي جعلتني أقاوم إزعاجك باللوم أو التحدث في بديهية ظلمك لنفسك ولفتاتك ولكن يبدو أن اختياراتنا في الحياة لم تعد بسيطة أو في مساحة إما أو كما نظن، فموقفك لا يمكن الاختيار فيه بين الخير والشر أو بين الأبيض والأسود ولكن صار هناك اختيار لخير الخيرين أو لألطف الشرين!
فحين وضعت على المحك الحقيقي وجدت أنك تفضل الجمال والارتياح للشكل والجسد عن الدين والخلق وحب أهلك للفتاة ولا أعيب ذلك فيك فهذا حقك فأنت من ستعاشرها وتشاركها كل شيء ولكنها حقيقة تحتاج أن تعترف بها ونتناقش في تفاصيلها بعيدا عن تقيمها، ولا تتصور أن معنى حديثي أني أميل لإتمام الارتباط بها بل العكس تماما فزواج الإحراج والمجاملة لم يؤتِ ثمارا طيبة أبدا كما رأينا من خلال مشكلات احتككنا بها كثيراً لأننا مهما قلنا أو أوضحنا جوانب أخرى "قد" تكون لآثارها في الحياة الزوجية اليد العليا إلا أن الشريك يظل حبيس إحساسه بأنه ضحى بالحلم الغالي وأنه كان من الممكن تدارك الموقف قبل أن يُبنى بيت ويتحمل مسؤولية أطفال تنشأ بين أبوين أحدهما لا يستطيع أن يحب الآخر! فيقع في كثير من الأخطاء فيما بعد وأكبر دليل هو حديثك نفسه ففي بداية سطورك قلت أن أفكارها تعجبك ولا تنكر عليها دينا أو خلقا لكنهما لم يشفعا لها بداخلك حين خفت صوت القلب نحوها وهو مهم جدا بالمناسبة.
ولكن حين نقرر قرارا هاما لا نبنيه على ما سيؤول إليه الطرف الآخر لأنه قرار فيه شراكة كاملة ستحمل طياتها أفراحا وأحزانا ومتعة ومسئولية ولعل الله عز وعلا وضع القبول شرطا من شروط صحة الزواج لأنه أمر سيحتاجه الطرفان بشدة خلال مسيرة الحياة ليخفف من وطأة مسئوليتها وليسعد بها الطرفان عند تحقيق الإنجازات، فسيدنا زيد لم يأثم حين طلق أمنا زينب رغم عدم إنكارنا عليهما شيئا في الدين ومتانة الخلق إلا أنه كان من الصعب التعايش بينهما في عدم وجود راحة نفسية وقبول فكان لابد من تصحيح الوضع حتى وإن تزوجا احتراما لوجوب وجود أساسيات للحياة الزوجية والتي منها بالتأكيد "القبول" وهو نفس المنطق الذي جعل النبي صلوات الله عليه وسلامه يقف أمام عدم قبول احدي نساء المسلمين لزوجها رغم حبه الشديد لها فأقر النبي صلى الله عليه وسلم تركها له وقال لها ردي عليه حديقته.
وأكرر أنني لم أتحدث إليك حديثا قاسيا يذكرك بقلب فتاتك الذي سيتحطم وأحلامها معك التي ستتبخر وغيره لأن كلماتك كانت تنبض صدقا حقيقيا وإحساسا ضخما باللوم وتأنيب الضمير وكما تراها رجولة منك ألا تحطمها فأرى كذلك أن من تمام الرجولة أن تنسحب في الوقت الأنسب -وان كنت ألومك على الكثير- فحين تراجع سيدنا خالد بن الوليد في معركة مؤتة لم يكن جبانا أو ناقص رجولة ولكن رجولته هي التي جعلته يتخذ قرارا صعبا خاصة عليه وهو ذلك الرجل القوي الذي لا يقهر لأنه يعلم أن الخسائر في الاستمرار ستكون غالية الثمن.
ففتاتك ستتألم وستشعر بخيانة وغدر ولكن جراح الإنسان تبدأ كبيرة وتصغر بمرور الأيام فتركك لها الآن سيكون أفضل من استمرارك معها حين تمثل عليها وعلى نفسك كل يوم ولن تفلح كثيرا لأنك ستحتاج لاستخراج مشاعر والمشاعر لا تزيف ولا تلفق ولا يمكن إيجادها من عدم أو حين تعرف يقينا بحس المرأة أنها تعيش مع شخص لا يحبها ويقوم نحوها بكل شيء تحت مظلة الواجب والمحافظة على عدم جرحها وقد تفكر في أنك بالعشرة قد تحبها وهذا أمر وارد ولكنه في علم الغيب قد يحدث أو لا يحدث فعلينا أن نتحدث فيما نراه الآن؛
لذلك أقترح عليك اقتراحا أخيرا بين الاختيارين الذين لا ترى ثالث لهما وهي فترة هدنة لوقف استنزاف مشاعرك يوميا ولتجنب المزيد من التورط في ارتباطها بك تتحرر فيها من كل الضغوط بما فيها حديثك مع أمك وكيف ستبدأ من جديد وما إلى ذلك حيث تطلب من زوجتك الحديث بهدوء وبذوق بالغ يتناسب مع رقة مشاعرك ورهافتها حول موضوع مشاعرك نحوها وتعترف بأنك لم تكن شجاعا كفاية لمواجهة الأمر منذ بدايته وأنك تتألم مثلها تماما وتحتاج لفترة تختبر فيها مشاعرك جيدا دون ضغوط لعل الهدنة توضح لك ما قد يخفى عليك نحوها حين تختفي فالله وحده أعلم، فتخرج بقرار دون تبعات لوم أو إحساس بالذنب سواء كان بالإتمام أو عدم الإتمام ولكنك حينها ستأخذ قرارا واضحا يريحك، وأعلم جيداً أن ما أقوله صعب جدا ولكنه ليس مستحيلا، والأصعب منه هو سيرك في زواجك منها كالمشنوق يجرونه جرا لحتفه وهو رافض من الداخل شنقه للدرجة التي جعلته لا يقوى حتى على المقاومة أو الصراخ في وجه الظروف وغدرة نفسه لنفسه؛
وفتاتك ستكون واحدة من اثنتين إما ستنهار وترى منها وجها قويا لم تعرفه عنها وتثأر لكرامتها الجريحة وترفض هي أن تكمل معك المشوار وأنها لا تقبل ذلك الاختبار المهين، أو ستنهار أيضا وتمنحك فرصة لأنها أحبتك حبا جامحا أو لخشيتها من وضعها الاجتماعي الذي تحدثت عنه وسنها وما إلى ذلك، وفي كلتا الحالتين الموقف صعب ولكن لابد منه، فحين تأتي إلينا فتاه تقص لنا غدرة حبيبها لها يكون هناك فرق كبير جدا بين من غدر بمشاعرها دون مراعاة المواجهة والاعتراف والندم وطلب المسامحة وبين من غدر دون كلام ودون توضيح ولا تستهن بهذا الفرق، فالجبان من يهرب ويترك وصمة النذالة وقلة الأصل تلاحقه طول العمر أما من يواجه مشكلته مع اعترافه بخطئه يكون أفضل بكثير وإن كان محل لوم.
أما أنت فسأرجئ حديثي لك في نقاط كثيرة تحتاج لمراجعتها مع نفسك مع أي الاختيارات التي ستختارها سواء إتمام، انفصال، هدنة، لأني أنتظر منك متابعة تقص فيها لي عما قمت به وما قررت حتى نتحدث مرة أخرى فيما يخصك أنت لأنه كثير وليس وقته الآن وأنت على تلك الحال.