أبحث عن نصيحة
السلام عليك ورحمة الله، أولاً، أحب أن أبدي إعجابي بالموقع وكل القائمين عليه.
ثانياً، أحب أن أعتذر عن الطريقة التي أرسل بها إليكم، ولكني حاولت أن أرسل إليكم في الشهور السابقة وفشلت فلم أجد غير هذا، حتى وإن لم يجبني أحد يكفيني أنني أخرجت ما يكاد يقتل قلبي.
مشكلتي من صغري هي ذلك الذي يسمّونه الرّهاب الاجتماعي، والصراحة أن طفولتي ونشأتي كانت بيئةً خصبةً فاقمت المشكلة فنحن أربع أخوات أنا أكبرهم، علاقات والداي الاجتماعية ليست كثيرة فليس لنا علاقة غير بأقاربنا المقرّبين، أضف إلى ذلك قضائي لفترة كبيرة من طفولتي خارج مصر في بلدة منعزلة..... والنتيجة كانت طفلة معقّدة تخاف الناس كأنهم كائنات غريبة، تميل إلى العزلة وتشعر أن كل من حولها يسخر منها وينتقدها، كل هذا يا سيدي سبب لي ألماً كبيراً، ألمٌ لأن هذه الشخصية الغبية التي سجنت نفسي فيها بعيدةً عن شخصيتي الحقيقية، عشت في هذا الألم سنين إلى أن حدث في حياتي حدثٌ قلبها رأساً على عقب، فلقد ارتبطت بشخص عاطفياً... أحبني فأعطاني الإحساس بالثقة الذي كنت أفتقده، أحببته فأحببت حياتي من أجله وحرصت أن تكون أحسن، وفي غضون شهور كنت شخصاً مختلفاً تماماً.
غيّرت نفسي بنفسي فأصبحت تلك الشخصية التي أنا عليها الآن بشهادة من حولي، مرحة واجتماعية وودودة، ولا أريد أن أثير دهشتك عندما أقول وجريئة أيضاً، ليس هذا فقط بل تفوقت في دراستي إلى حد ليس بقليل... وعندما تسأل أين المشكلة سأقول لك أن مشكلتي تكمن في رواسب الماضي فمازلت أعاني من تلك المشكلة السخيفة ولكن مع أشخاص معينين أصبح أمامهم صامتة مترددة وغير واثقة في قدراتين وعندما حاولت أن أبحث عن رابط بين هؤلاء الأشخاص وجدت أنهم ممن يملكون الذكاء الاجتماعي والثقة بالنفس الكبيرة وصغر السن النسبي بالنسبة للنجاح الذي يملكونهن وغالباً يكونون في وضع المعلم وأنا في وضع المتعلم أحس بأن ثقتهم الهائلة في أنفسهم تضعف ثقتي بنفسي، أحس بأن علمهم يشعرني بالجهل وأنا أخجل من إحساسي بالجهل، فأحاول أن أخفيه بالصمت.
أريد حلاً عملياً، لا أريد أن أنتكس إلى شخصيتى القديمة،
ماذا أفعل كي أحافظ على الشخصية التي صنعتها لنفسي؟
3/3/2008
رد المستشار
أصعب خطوة على الطبيب النفسي والتي قد تعرقل كل خطط نجاحه مع المريض هي الخطوة الأولى في العلاج، حيث يظل يتأرجح الطبيب بين العلاج السلوكي والعلاج الدوائي والتحليل النفسي والقياسات وغيره ليصل بمريضه إلى مساحة البدء بالتغيير الفعلي!!
فالمريض الذي لا يرغب في الشفاء أو الذي لا يقوى على التغيّر هو أصعب مريض يقابل الطبيب أو المعالج النفسي، وأنت قد فعلته وحدك يا صغيرتي فهنيئاً لك ما أنت عليه بقوة إرادتك وإصرارك وتحدّيك للماضي المؤلم، فهل تحاولين إقناعي بأن الخطوة الثانية أو الثالثة أصعب؟!! لا تحاولي لأنها ليست حقيقة، ينقصك فقط أن تغيّري مفهوماً صغيراً جداً حين تنظرين لمن يثقون بأنفسهم وكأنهم مرآة تعيدك للصورة القديمة، بأن تجعليهم التحدي الجديد لك ومساحة تدريب لا تتوافر لكل البشر، ولقد اعتدت طريق التحدي وأدمنت الفوز؛
بقي أن تتذكري أن ثقتك بنفسك ونجاحك في علاقاتك الاجتماعية ليست في الحقيقة بسبب حبك -وإن كان يمثل دافعاً قوياً لك- وإنما يعود بالدرجة الأولى لقدراتك الحقيقية التي كانت موجودة وكانت تحتاج فقط لإزالة الأتربة من عليها لتظهر، فلا تغري الكلب بعضك فهو يحدث نفسه بالهجوم حين يشم رائحة الخوف منا وكلما ساورك هذا الإحساس انظري لحجم التغيير والنجاح الذي حققتيهما، وتذكري أن تتدربي فيهم وتستعدي للنجاح التالي مع هؤلاء الأشخاص، ومنها زيادة معرفتك وقراءاتك فهي وسيلة ضخمة فعلاً لجلب الثقة بالنفس فمن اعتاد النجاح لا يحتمل الفشل. ولكي تكوني على بصيرة من أمرك، أحب أن أوضح لك أن التغيير أو القرار أو علاج المشكلة يحتاج منا المرور بست مراحل:
الأولى: مرحلة ما قبل التغيير.... وفيها تأقلم مؤلم على واقع لا نقبله يحدث فيه تراكمات تؤدي إلى الانفجار.
الثانية: مرحلة التعرف أو الاستبصار للمشكلة.... وغالباً ما يتم تدخل طبيب أو صديق للقيام بتلك الخطوة، وأحياناً يقوم بها الشخص نفسه، وفيها يكون الشخص في حالة عراك لعدم الاعتراف بوجودها أو العكس تماماً يكون هناك اعترافاً ولكن مع تخاذل كبير في الشروع في الحل.
الثالثة: بدايةً الاقتناع بالقيام بالتغيير وعمل محاولات لحل المشكلة وهي من أصعب المراحل وتأخذ فترةً طويلةً وتحتاج لمراجعةٍ ودافعٍ كبيرٍ لإتمام التغيير رويداً رويداً وشحذ الإرادة للاستمرار.
الرابعة: الارتياح للتغيير وقطف ثمار البدء الجديد، وفي تلك الفترة يكون الحافزُ الكبيرُ نابعاً من النتائج التي يحققها الشخص ويسعد بها مرة بعد أخرى.
الخامسة: وهي المرحلة التي تسمّى بالانتكاس وهي مرحلة صعبة وحيوية جداً إمّا أن يخرج منها الشخص مستقراً فيما سيأتي في مستقبله، أو يعود أدراجه ولكن على أسوأ ما يكون. ويكون هنا دور المعالج أو المحفز للشخص في غاية الأهمية لأنها مرحلة تشبه مرحلة الولادة، فيها تولد الشخصية المستقرة أو تتعثر حتى يأذن الله بالفرج، وكلما كان الحافز موجوداً وقوياً، كلما نجح الشخص في استعادة توازنه وتناغمه مع نفسه واستقراره.
السادسة: وهي مرحلة الاستقرار والهدوء حيث لم يعد لتقلبات الأحداث أو ثقل اختبارات الحياة القدرة على انتكاسة الشخص مرة أخرى، ولكنه يكون قد اكتسب الأدوات التي تمكّنه من التعامل السليم مع مشكلاته بأفضل الطرق.
فانتبهي لنفسك فلم يعد أمامك سوى خطوة واحدة فقط للاستقرار يا صغيرتي فلا تهني ولا تعجزي.
واقرئي على مجانين:
بين الخجل والرهاب: مشكلةٌ في الشجاعة الأدبية
أفيدوني عن الرهاب
الرهاب الاجتماعي خبرة المرض والتعافي
أريد التخلص من خجلي: برنامج علاجي