السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا سأبدأ بالمشكلة التي أحاول منذ الكثير من الوقت أن أبعثها لكم كي تساعدوني. أنا فتاة في 20 من عمري، جامعية وحيدة أعيش مع أبي وأخي الذي يكبرني ب 9 سنوات مشكلتي هي الوحدة.
أنا أخرج وأروح الجامعة وأقابل صديقاتي وأمزح وأتكلم لكن في داخلي وحيدة، بعد ما فقدت أمي لا أجد أحداً يسمعني ولا أحداً أحكي له حاجة ولا أحد يفهمني. تعبت واكتأبت من داخلي، لجأت للنت وأدمنت منتديات وصداقات (حاجة تشغل فراغي وأخرج فيها "طقتي").
المشكلة أن أخي هذا أراه يدخل على مواقع مش كويسة، ولما أقعد وأفتح كل مرة أجده فتح نفس المواقع، أنا أصلي وأحاول أقرب من ربنا، هو لا يصلي مع العلم والدي ملتزم جداً وكل الصلوات في المسجد، لكن أخي! ماذا أعمل؟
والله أبكي وكل يوم أكرهه أكثر من اليوم الذي قبله، لا أدري ماذا أفعل معه.. المشكلة أني حين لا أكلمه بابا يلومني وكل الناس تراه إنساناً بريئاً ومؤدباً وطاهراً، وأنا فقط من يرى ما يفعل كرهي له يزيد. أنا أخاف على نفسي منه لدرجة أني في مرة نزلت برنامجاً يمنع فتح هذه المواقع "زعق لي" وقال لي أن البرنامج خرّب الكمبيوتر وحلف أني لو نزلته مرة أخرى لن يسمح لي باستخدام الكمبيوتر، أنا ممكن أقول لبابا ماذا يعمل لكن ساعتها الكمبيوتر سيصادر من البيت!
حينها ماذا أفعل أنا وأنا أضيع كل وقتي فيه وأكلم أصحابي وأخرج من وحدتي عليه. أرجوكم ساعدوني، أنا كرهت نفسي بسبب هذه الحكاية، كلما أراه أتضايق وأتذكر ما يفعل، أنا تعبت حقاً.
16/03/2008
رد المستشار
صديقتي....
رفقا بنفسك ورفقا بأخيك وأبيك، لا داعي لأن تعذبي نفسك وتكرهي أخاك ولكن من الحكمة أن تعرفي أن كل البشر في مراحل متعددة ومختلفة من التطور الفكري والوجداني والوجودي.. لقد أدمنت على حد قولك المنتديات والصداقات لشغل الفراغ وإخراج أو استعمال الطاقة.. وهذا ما يفعله أخوك ولكن بطريقة مختلفة..
قد تكون طريقته غير مقبولة أو حرام في ظاهرها ولكن لو نظرت إلى الغرض وراء الفعل في أي إنسان فسوف تجدينه إيجابيا من حيث أن أي فعل دائما ما يكون متمحورا حول أو بغرض الوصول إلى هدف ما أو التقليل من الإحساس بالضغط النفسي (إخراج أو استعمال الطاقة الزائدة أو المتاحة أو المعطلة).. الكثير من البشر يفعلون ما قد نراه حراما أو غير مقبول ولكن يجب أن نفصل ما بين الغرض والوسيلة وما بين الشخص والفعل.
ما سوف أشرحه هنا ليس تبريرا وإنما تفسير لما قد يكون الحال مع أخيك وأمثاله ممن يزورون المواقع الإباحية أو يشاهدون المناظر الجنسية على الإنترنت:
أخوك رجل في التاسعة والعشرين من عمره ويفتقد الحب والحنان والعلاقة الإنسانية والجنسية والروحانية والوجدانية مع المرأة.. هو أيضا نتاج مجتمع يساوي ما بين الرجولة والذكورة التي أيضا تم تشويهها من قبل المجتمع لتعني الشهوة المستمرة والتركيز على الجنس لدرجة أن الصداقة بين الرجل والمرأة دائما ما تثير الشكوك ولدرجة أن البعض لا يؤمنون بهذه الصداقة على الإطلاق.
من ناحية أخرى، هو أيضا نفس المجتمع الذي يلخص الحياة الزوجية وواجب المرأة نحو زوجها في الطاعة العمياء وخصوصا عندما يطلب الرجل زوجته للفراش.. الكثير من البرامج الدينية لا شاغل لها في الحياة إلا المواضيع التي محورها الجنس أو منع الشهوة أو درء الفتنة والتحذير من إغراء النساء ومحاولة حماية الرجل من إغواء المرأة وكأنه من المفترض أن الرجل لا حول له ولا قوة أمام الجنس وإلا فهو ليس برجل، وأن المرأة فريسة بلهاء لا حول ولا قوة لها سوف يستدرجها أي ذئب بكلمات معسولة.
كيف يتحدثون عن الجنس والتخويف منه بهذا الكم الرهيب وفي نفس الوقت يطالبون الناس بضبط النفس؟؟؟ كيف يضبط الجوعان نفسه ويمنع نفسه عن الأكل في حين أننا نمضي ساعات نحدثه عنه ثم نطلب منه ألا يفكر فيه وألا يأكل؟؟
بعد هذا الرجل متهم من زوجته بأنه لا يهتم بها إلا للحصول على متعته الجنسية ولكنها لا تفهم أنه في الحقيقة يرغب في إشباع رغبات عاطفية في المقام الأول وإن كان لا يعي هذا في الحقيقة.
من ناحية أخري، النهاية السعيدة لأي قصة حب في القصص والأفلام والمسلسلات هي الزواج والذي يحوي في طياته معنى الجنس... والكثيرون في المجتمع يتزوجون دون وعي أن المحرك الأساسي لرغبتهم في الزواج هو ممارسة الجنس بطريقة حلال، مما يفسر الكثير من الفشل الذي نراه عبر الأجيال في زيجات كثيرة.. نسأل لماذا تريدون أن تتزوجوا؟ فتأتي الإجابات المبهمة: سنة الحياة، الاستقرار، إكمال نصف الدين، إلي آخره من الكلمات والمصطلحات المطاطة والتي تفتقر إلى المعنى الحقيقي والحكمة المصقولة بالتجربة وجهاد النفس وصراع لفهم النفس وفهم الحياة..
الواضح هو أن علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع الشرقي كثيرا ما تكون مشوهة وغير صحية بسبب هذه المفاهيم وبسبب أن الرجل والمرأة لا يفهمان بعضهما البعض بسبب الفصل التعسفي الأعمى بينهما (لحمايتهما من الشهوة)، في حين أنه من الممكن تنظيم نشاطات ولقاءات كثيرة ومتعددة النوعيات وآمنة بالكامل بين الأطفال والشباب والبالغين من الجنسين.
إذا كان المجتمع قد لخص الحياة والحب في الجنس، وإذا افتقد أخوك الإحساس بأنه مقبول ومرغوب ومحبوب من قبل المرأة (بغض النظر عن ما إذا كانت لديه علاقة أو زواج أم لا) فمن الطبيعي والبديهي أن يبحث عن وسيلة هروب من هذا الإحساس بالوحدة وبالرفض..
ما هو موجود في المواقع والصور والأفلام الإباحية هو مبالغة لا شك فيها في شيء يتوق إليه كل رجل وهو معروض بصورة رمزية مبالغ فيها في هذه المواقع.. ما يتوق له الرجل هو امرأة تحبه وترغبه بشدة وترحب به كمصدر أساسي لمتعتها لا تمل منه ولا تكل.
المواقع الإباحية تحتوي علي إيحاءات كثيرة تؤدي إلى هذا المعنى من أوضاع ونظرات... وبالتالي، ففي خيال الرجل الناظر إلى هذا يعيش (بدون وعي أو تخطيط) الحالة التي يصبو إليها على مستوي خفي عن وعيه... والمواقع المخلة والإباحية تستخدم هذه الحقائق لجلب الزائرين واستدراجهم لدفع المال حتى يروا المزيد. (بالطبع هم يعتمدون أيضا على الفضول الفطري في الإنسان والذي يعد من أساسيات مقدرته على التعلم والبقاء)، هذه نظرة إلي شيء آخر فيما وراء الفعل نفسه (المشاهدة) وإلى تفسير الفعل من خلال الحافز بدلا من التركيز على الفعل وحسب تمنح لنا الفرصة لتفهم وتقبل الآخر حتى نستطيع مساعدته... لو نظرت إلي كل البشر وأفعالهم فسوف تجدين أن هناك دائما وأبدا عرض إيجابي وراء أي فعل سلبي...
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.. هذا لا يعني أن نوافق على الأفعال السلبية وإنما معناه أن نتقبل المخطئ حتى نساعده على فعل الصواب عن طريق أن نفهم ما وراء السلوك الغير مقبول أو الغرض أو الحافز الإيجابي الغير مباشر للسلوك.
تخيلي الآتي كأحد الاحتمالات:
تصارحين أخاك بما تعرفين عن مشاهداته بدون اتهامه بأي شيء أو محاولة وعظه... هذا مع مراعاة ألا يستدرجك في الدفاع عن نفسه بمهاجمتك بكلمات مثل "قليلة الأدب، كيف تكلمينني في موضوع كهذا؟ كيف عرفت؟ أتتجسسين علي؟ وكيف سمحت لنفسك برؤية هذه الأشياء؟ وأنت فتاة وإنما أنا رجل".. إلى آخره من الاتهامات المشتتة...
ولكننك تعودين بهدوء وبدون دفاع عن النفس على الإطلاق إلى لب الموضوع... تحاولين فهم ما يدور بداخله وتحاولين مناقشته بهدوء في أن ما يبحث عنه غير موجود في هذه المواقع وأن هذه المواقع في النهاية سوف تؤدي إلى صورة مشوهة عن المرأة في ذهنه... وبالمناسبة تسألينه عن مفهومه عن المرأة وتصححين مفاهيمه ومفاهيمك عن الرجل والمرأة من خلال حوارات عديدة هادئة ومتواصلة بينك وبين أخيك.. والنتيجة أنكما تساعدان بعضكما البعض على نضج أكبر وأعمق.
مجرد خيال ولكن من الممكن تحقيقه، وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.
ويتبع >>>>>>: وحيدة وأخي زبون مواقع إباحية م. مستشار