عفوك ربي من الوسواس
نصيحة ......
أختي العزيزة؛ لست طبيبا ولا أخصائيا بل إني أعاني من بعض أنواع الوسواس لكن حياتي عادية والحمد لله بفضل الله وبمساعدة الإخوان.
أختي العزيزة؛ مررت بمشكلة قد تكون شبيهة لما عانيته من أفكار عن الكفر خصوصا في ما يتعلق بالدين فقد عانيت وسواس رهيبا وأسئلة عن الجنة والموت والعقاب... الخ.
أتذكر أني عانيت لمدة 3 أو أربعة أشهر حتى أني خفت النوم وحدي وأتذكر في ذات يوم وأنا أفكر فيما أعاني قررت أن أستيقظ وأصلي صلاة الفجر في المسجد، وأن أحافظ على صلاتي في المسجد وفعلا شيئا فشيئا بدأت الأعراض تخف كما أني بدأت أقرأ في كتب الفقه الإسلامي عن شيء قريب لما أعاني وهل ما أعانيه ممكن أن يعتبر ذنبا أو لا، ولقد شفا صدري وأقر عيني ما قرأته عن حديث الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم حين سأله احد الصحابة عن بعض الأفكار التي تراوده فقال لي أن أقرأ: "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد". صدق الله العظيم... كما أثلج صدري ما قرأته في أحد كتب الإمام الغزالي عن تجربته الخاصة مع الشك وكيف أنه أصابه الوسواس والمرض بعد ما شاهد من فتن واختلاف بين طوائف المسلمين واختلاف مناهجهم إلى أن هداه الله إلى الطريق القويم.
أختي العزيزة.... لا أزعم أني أحاول نصيحتك لكني أحاول أن أبعث فيك روح الأمل كما أني أؤكد إحساسي بك ولما عانيته فقد عانيت مثلما عانيتِ لدرجة أني حسدت كل إنسان يستطيع النوم في الليل، مما ساعدني كثيرا في علاجي كثرة الدعاء والأدعية حينما تراودني الوساوس وهي كثيرة.
كما أني في أحد الأيام التحقت بأحد الكتاتيب الخاصة بتعليم القرآن الكريم وأصدقك القول أنها شفت كل آلامي وقرت عيني كلما أمسكت اللوح وقرأت كتاب الله كما أنها عالجتني من بعض المشاكل النفسية كالحجل والانطواء بفضل المجتمع المتضامن لمدارس تعليم القرآن كما أنها زادت من ثقتي في نفسي وحافظت على صلاتي وصلتي بربي.
أختي العزيزة، ما أروع أن يستيقظ المرء عند صلاة الفجر ويصلي الفجر في الجماعة وبعد الصلاة يستند إلى إحدى اسطوانات المسجد ليراجع ما حفظ في اليوم السابق ويدعو ويناجي ربه إلى أن تطلع الشمس.
أختي العزيزة، في ذات يوم عانيت من مشكلة عاطفية كانت في نظري حينها صعبة الحل فلم يكن أمامي سوى التضرع إلى الله لكن ما كان يخفف همي وألمي أني كنت كلما شعرت بضيق كنت أذهب للمسجد وبصوت عال أقرأ سورة سيدنا يوسف وأتدبر وأفكر بما فيها من عبر وكيف أن الله أنزلها سكينة وطمأنينة لرسوله الكريم.
أختي العزيزة، في خضم ما عانيت أصابني وسواس الطهارة والوضوء فبالإضافة لمعاناتي من سلس البول فقد عانيت من وسواس الوضوء وشاهدت في أحد البرامج الإذاعية الشيخ عبد الرحمن المطلق وهو يتحدث عن هذه المشكلة وكيف أنه نصح الإخوة المتصلين بأن لا يلتفتوا إلى هذا الوسواس، وأن يصلوا ما لم يسمعوا صوتاً أو يشموا رائحة.. في إشارة إلى حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المشهور بخصوص الوسواس.
أختي الكريمة.... من خلال رسالتي هذه أقدم لك تضامني وإحساسي بما تعاني وأسأل الله العلي القدير أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلبك وجلاء همك وشفاء سقمك.
والسلام عليكم
أخوك فؤاد
13/3/2008
رد المستشار
الأخ الفاضل "فؤاد"....
الشكر الجزيل على رسالتك المليئة بدفقات الأمل لأختنا العزيزة التي تعاني من اضطراب الوسواس القهري، ولقد شاركتها أنت بتجربتك الشخصية مع هذا الاضطراب المؤلم، وقد أعجبني في مشاركتك، العلاج بالجانب الديني للوسواس القهري، مثل قراءة القرآن الكريم بعد صلاة الفجر كورد يومي، مع الأدعية والأذكار، ويُقال أن ترديد "سورة الناس" لمرات كثيرة يساعد على الشفاء من الوسواس القهري، وكذلك المواساة الربانية لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بأحسن القصص في القرآن الكريم؛ وأعني سورة يوسف،
وحتى المرضى الذين يعانون من وسواس سب الله أو سب الأنبياء أو سب المقدسات –نستغفر الله العظيم من كل ذنب ونتوب إليه– نقول لهم: أنهم في الحقيقة لا يسبون الله عز وجل ولا المقدسات ولا الأنبياء، ولكنهم يسبون صورة الوالد المتسلط؛ والمكروهة في حياتهم؛ وهذا التفسير من الجانب التحليلي النفسي للوساوس لدى هؤلاء المرضى، وقد أجاب الحبيب صلى الله عليه وسلم للصحابيين الذين يَشُكُّون ويُفكِّرون فيمن خلق الله عز وجل بقوله صلى الله عليه وسلم: "ذلك صريح الإيمان"، نعوذ بالله عز وجل من شر الوساوس، وأعان الله عز وجل المرضى المبتلين على إيقاف تلك الأفكار المؤلمة والمزعجة.
أخي الفاضل؛ أنا سعيد بشفائك من اضطراب الوسواس القهري بالعلاج الديني أو الروحي؛ والذي ينادي به الكثير من علماء النفس الغربيين الآن، بعد أن كان الكثيرون منهم من أمثال فرويد وبعض تلامذته يعتبرون التدين نوعاً من العُصاب، وكانوا لا يذكرون الدين ولا تعاليمه في جلسات العلاج النفسي، ولا يناقشون تعاليم الدين ولا التدين حتى مع المرضى المتدينين، بمعنى أن الدين -بالنسبة لهم- مستبعد تماما من جلسات العلاج النفسي، ولكن ثبتت فاعلية وتأثير هذا العلاج الإيماني في مختلف الأمراض النفسية؛ وإن كانت هذه المنطقة من الطب النفسي بحاجة إلى المزيد من الأبحاث المقننة علميا وبالذات في منطقتنا وبين شعوب أمتنا المتدينة بالفطرة.
وأنا لا أقصد بكلامي هذا أن المريض المصاب باضطراب وسواس قهري شديد مثل أختنا العزيزة يكتفون بالعلاج الديني للشفاء مما يعانون منه ولكن عليهم بجانب العلاج الديني تناول العلاج الدوائي وممارسة العلاج السلوكي المعرفي، ولا مانع من استخدام جلسات العلاج الجمعي للمرضى ولأسرهم حتى نُعلِّم تلك الأسر كيفية التعامل مع مرضى الوسواس القهري في عائلاتهم، وكل ذلك تحت إشراف طبيب نفسي وأخصائي نفسي واجتماعي وممرض أو ممرضة نفسية ورجل دين، وكلهم كفريق علاجي يتعاونون في علاج الحالات المزمنة والمستعصية لاضطراب الوسواس القهري.
أخي العزيز.... تختلف استجابة حالات اضطراب الوسواس القهري لمختلف أنواع العلاج، ونقوم كأطباء نفسانيين بتقويم بعض الحالات على أنها من الحالات الصعبة العلاج وفقا للتالي:
1- زيادة الوقت اليومي الذي يقضيه المريض في تنفيذ الوساوس أو الأفعال القهرية والذي قد يصل إلى أكثر من 10 ساعات يوميا!!.
2- حدوث أعراض الوساوس والأفعال القهرية في عمر مبكر للطفل أو الطفلة، مع إصابة أحد الوالدين باضطراب الوسواس القهري أو اضطراب الشخصية القهرية.
3- أن يكون اضطراب الوسواس القهري مصحوبا باضطراب واضح في الشخصية؛ وبالذات الشخصية الحدية أو النرجسية أو الفُصاميِّة أو الشبه فُصاميِّة لدى نفس المريض.
4- عدم استجابة المريض أو المريضة الجيدة لجرعات عالية من الماس أو الماسا ولفترات طويلة من العلاج (لا تقل عن 12 أسبوع)، وكذلك لمدعمات دوائية أخرى (مع استخدام الم.ا.س أو الم.ا.س.ا في نفس الوقت) مثل مضادات الذهان والمهدئات الصغرى وبعض مثبتات المزاج.
5- أن تكون الأعراض الوسواسية القهرية الشديدة مصحوبة بأحد اضطرابات نطاق الوسواس القهري التالية مثل: اضطراب المراقية (الوهم المرضي)، أو القمه أو الشره المرضي، أو الصرع، أو التوحد، أو الاندفاعات القهرية مثل نتف الشعر والسرقة المرضية وهوس إشعال النيران والإدمان وغيرهم.
6- أن يكون اضطراب الوسواس القهري مصحوبا باضطراب ذُهَاني في نفس المريض مثل الفصام أو الاكتئاب الذهاني أو الاضطراب الوجداني الثناقطبي.
أخي "فؤاد"؛ أكرر شكري الجزيل لمشاركتك القيمة المفيدة، ولتجربتك العلاجية المتميزة، ولا تحرمنا من مشاركاتك.