مهندس مكتئب
السلام عليكم.. أنا سبق وأرسلت لكم مشكلتي ولكنكم لم تردوا حتى الآن, قد يكون السبب انشغالكم بمشكلات كثيرة أو أن الرسالة بتاعتي ضاعت فحبيت أبعت لكم مرة ثانية. وأتمنى أنكم تساعدوني بسرعة لأني فعلا أتألم جامد.
بداية، أحب أعرفكم بنفسي، عمري 30 عاما، من الشخصيات الضعيفة في توكيد الذات, وإن كنت أحاول كثيرا لعلاج هذه المشكلة وفعلا وصلت لتحسن الحمد لله، دائما عائلتي وأصدقائي وزملاء عملي يصفوني بأني ذكي وحساس وحسن الأخلاق، أنا خاطب وعلي وشك الزواج بعد شهور قليلة، أنا حاسس بشحنة غضب كبيرة في، تزداد كل يوم، وموش عارف أعمل إيه؟!
الصداع.. صداع غريب يصحبه عدم قدرة علي الكلام بيجيلي مع الضغط العصبي في الشغل أو مع خطيبتي وخصوصا مع قلة النوم؛ ألاقي نفسي موش عاوز أتكلم أو أرد علي اللي قدامي.. وإذا تكلمت فإنني أواجه صعوبة في إخراج كل الحروف عامة وبعض الحروف خاصة (مثل: ك, ط, ت وغيرهم).. أحس أن كلامي موش مفهوم من اللي قدامي.. وده يعصبني اكتر.. أفضل حل لي السكوت أو التكلم ببطء شديد جدا,, وممكن الموضوع يقلب بعصبية شديدة جدا وزعيق (على عكس أن صوتي دائما منخفض)
لكن أحاول بقدر الإمكان أني أمسك أعصابي.. أحس بضيق بسبب مشاكل كثيرة جداً.. والغريب أن كل الناس حولي بالنسبة لهم هذه ليست مشاكل.. مثلاً كل مكان فيه ضوضاء؛ مكان العمل كل واحد يتكلم في نفس الوقت وبصوت عالٍ، وممكن أن يشغل اثنان منهم الكمبيوتر على موسيقى وقرآن في نفس الوقت وتحس أنك في شادر!!!!، تشعر أن الناس أتت لتعمل أي شيء ماعدا الشغل نفسه!..
زحمة المواصلات؛ حتى البيت صوت العربيات عالٍ جداً.. وخصوصاً في الصيف والمصيف وصوت الكاسيتات العالي والعربيات العالي، قد تجد أحدهم يلف بالمتوسكيل في الشارع الساعة 6 صباحاً!؟؟... نفسي ألا أسمع نفساً في وقت من الأوقات.. لكن استحالة!!.. طلبات الشغل كلها في نفس الوقت ولا فرصة للتركيز في شيء واحد لإنجازه صح. كل شيء "بالفهلوة" وقليلاً ما تجد شيئاً مبنيٌّ على أساس علمي وفيه فكر. تشعر أن الناس لا تعرف ما تريد.. كل واحد يلف ويدور، وكل الناس تخبط في بعض، وفي الآخر لا أحد يعمل ما المفروض أن يقوم به.. والأهم أن كل واحد يلف حول نفسه، يضيع وقته ومجهوده للوصول للاشيء...
وأحس أن الناس عديمة العقل؛ يهتمون بالتفاهات ويتركون أساس الموضوع.. وأنا آسف، لكن أسوأ الناس هم أصحاب اللحى، يدعون أنهم مسلمون و"بتوع" ربنا وحياتهم كلها تناقض ويأمروننا بهذا التناقض.. هذا عدا بقيت الناس "الزبالة"، لكن الفرق أنهم لا يحشرون أنوفهم فيما لا يعنيهم. حتى الجرائد تثير الأعصاب؛ قلما تجد كلاماً يدخل العقل لتقرأه. التواكل الفظيع عند الناس.. لا أحد يريد أن يعمل ما عليه، لا الطالب ولا الأستاذ ولا الموظف ولا المدير.... الواحد "موش طايق اللي حواليه".
أحياناً أجد نفسي متضايقاً من حاجات صغيرة جداً؛ مثلاً أحدهم يأكل بصوت عالٍ فأمسك نفسي بالعافية كأنه يرتكب جريمة... كل بضعة شهور أجدني انفجرت في أحدهم بسبب تافه؛ مثلاً العامل تكلم بطريقة غير لائقة، أو أي سبب ليس بالكبير.. أنا كنت أتعالج من 6 سنين عند طبيب نفسي لمدة عام، وكان تشخيصه لي هو الاكتئاب ووصف لي "انفرانيلين"، وكان رأي الطبيب المعالج في من 6 سنوات أن في داخلي أنثى، وأني أترجم دائماً غضبي وإحباطي بإحساس أني أريد أن أكون فتاة (بالرغم أني لم أمارس الشذوذ أبداً)، وأن هذه المشكلة ستحل بمجرد الارتباط والاندماج أكثر في المجتمع، لكنه لم ينصحني بالارتباط في هذه السن.
حالياً هذه المشكلة لم تعد عندي الحمد لله، ولكن الإحباط والوحدة ما زالا موجودين.. الطبيب سافر للخارج بعد عام وأنا لم أقبل الإكمال مع طبيب آخر.. أكبر أمانيّ أن أكون عالم أو باحث في مجالي.. الحمد لله ربنا أنعم عليّ بالذكاء والإبداع.. لكن الظروف حولي دائماً تمنعني.. أهلي غير راضين بسفري، كذلك خطيبتي، والناس كل تفكيرها أن أقصى ما أتمناه أن يكون عندي شقة وعربية ووظيفة بمرتب معقول.. هل هذه هي الحياة في نظركم؟ أنا أحس أن هذه حياة الحيوانات. الناس تحيا لتتعلم، هذا هو الغرض الأساسي.. لكن ماذا أقول!!!
حالياً أنا في مشاكل مع خطيبتي لأنها ترى أن العيشة في مصر جيدة، وأنا أرى أن الحل هو الهجرة لبلد فيها الناس تفكر بمنطق أكثر وفيها احترام لآدمية الناس، وفيها قيم كالصدق والأمانة، وفيها هدوء الأعصاب وعدم الإزعاج.. وكل هذا غير موجود هنا.. ولكن كمعظم تفكير البنات، تسمع كلام أهلها وتريد الابتعاد عنهم.. (وإن كنت سمعت رأياً أن هذا الكلام كله يتخلف بعد الزواج) كذلك خطيبتي برغم طيبتها الشديدة ورغم كمية الحنان التي عندها ورقة مشاعرها التي لا تجدها عند الكثير من الناس، لكن أحس أن كل غرضها أن أكلمها كلاماً حلواً وأتغزل فيها وأكون حنون عليها وأننا نعيش عيشة سعيدة (ومفهوم السعادة عندها مرتبط بالرضا)... أنا آسف، لا أدري كيف أعبّر عن مشكلتي معها... لكن هذا ليس هدفي في حياتي..
أنا والله أتمنى أن أموت وأنا في عز شبابي لكن أكون قد أنجزت شيئاً مهماً على أن أعيش بمرتب كبير وعيشة جيدة وأولاد.. الخ... ولو قلت هذا الكلام لأيًّ كان فسيضحك مني، لذلك أسكت أحسن.. ودائماً أسكت. دخلت أنا وخطيبتي في علاقة "موش كويسة" لكن غير كاملة، وكلما نتقابل ويحصل شيء بيننا نصاب كلانا باكتئاب شديد لمدة يومين على الأقل وتجد وجهنا ارتسم عليه غضب الله.. أنا لا ألومها لأن المسؤولية مشتركة، والمشكلة أني غير قادر على أن أحدّث أحدهم عن هذا الموضوع.. وأحياناً أسأل نفسي هل يا ترى كل الخطّاب هكذا؟ ولا أستطيع التحكم في نفسي للأسف.
بالمناسبة.. هذه أول مرة أحس أني محبوب من بنت، لأني دائماً فاشل في العلاقات العاطفية.. كل أصدقائي وعائلتي سافروا خارج مصر، لا أحد موجود.. معظم الناس "الكويسة" مشوا.. الحال غير الحال بعد التخرج من الجامعة على طول.. الآن ليس هناك أحد حتى أتحدث معه.. أنا تعبان جداً من الناس.. حتى الأماكن والذكريات صار لم يعد طعمها حلو مثل زمان.. المصيبة أن المستقبل أسوء وفعلاً ليس هناك أمل.. لست أدري حقاً، هل أنا إنسان متحامل ومزودها "شويتين"؟ أم أنني لا أعرف كيف أتعامل مع الحياة هنا؟ أم ما هو رأيكم؟ أنا محتفظ بموضوع الطبيب النفساني لنفسي.. هل هو شيء مهم أن أصارح به شريكة حياتي؟ هل أنا محتاج متابعة مع طبيب نفساني آخر؟
أتمنى ردّكم السريع.
مع تحياتي.
23/03/2008
رد المستشار
الأخ العزيز المهندس "أحمد"؛ تحية طيبة وأهلا ومرحبا بك على مجانين.
واضح أخي العزيز أنك متحامل على كل الأوضاع، ولا شيء يعجبك، ولو ذهبت إلى أي مكان في العالم فستظل مشكلة نقد الآخرين وعدم الرضا على الأوضاع قائمة، وذلك لأن كل بلد له مميزاته وعيوبه أيا كان متقدما أو متخلفا، ونحن نتقبل الأمور بصورة كلية (يعني على بعضها) بمميزاتها وعيوبها، وإن كنت أتفق معك أن العيوب في أماكن العمل ببلادنا أكثر من المميزات بصورة عامة، أنت أخي العزيز تشعر بحالة من الاغتراب عمن حولك، سواء في العمل أو في البيت أو فيمن حولك اللهم إلا خطيبتك، والتي تُغدق عليك بالحنان والعطف؛ ولذلك تجد نفسك في حيرة من اتخاذك للقرار السليم، هل تبقى في عملك وبلدك بجوار خطيبتك وزوجة المستقبل وأهلها أم ترحل كما رحل الأهل والأصدقاء القريبون منك؟!،
بالتأكيد أنت محتاج أن تشارك خطيبتك الرأي وأن تصارحها بما تنتويه في المستقبل، حتى لا تقول لك بعد الزواج أنك خدعتني!!، وأننا لم نتفق على الهجرة من البلد الذي نشأنا وعشنا فيه فترة مقتبل العمر؟!، وهي أيضا بحاجة إلى أن تسمع منك غزلا وكلمات جميلة؛ لتستمر في عطائها، ويكون لديها المقدرة على إغداق العطف والحنان عليك، وأفضل حل لما تشعران به من تأنيب ضمير لما بينكما من لقاءات حميمة غير كاملة هو الإسراع في إتمام الزواج، وخصوصا وأنت متعلق بها وهي متعلقة بك، ومن حق خطيبتك عليك أيضا أن يكون لديها فكرة عن حالتك النفسية، وأنه قد تم علاجك من هذا الاكتئاب، وأنك قد تماثلت للشفاء بعد أشهر قليلة من العلاج الدوائي والجلسات العلاجية النفسية.
أظنك أيضا محتاج حالياً لطبيب نفساني يأخذ بيدك إلى القرار الصائب السليم في مختلف المشاكل التي تواجهها؛ وتوضيح الفرص المتاحة في بلدك، والموازنة بينها وبين ما ستجده في المهجر والغربة، وأنت صاحب القرار النهائي والاختيار سيكون وفقا لرؤيتك السليمة للأمور، وسأختار فقرة واحدة من استشارتك المليئة بأعراض الاكتئاب وهي: ((أنا حاسس بشحنة غضب كبيرة في، تزداد كل يوم، وموش عارف أعمل إيه؟!، الصداع.. صداع غريب يصحبه عدم قدرة علي الكلام بيجيلي مع الضغط العصبي في الشغل أو مع خطيبتي وخصوصا مع قلة النوم؛ ألاقي نفسي موش عاوز أتكلم أو أرد علي اللي قدامي...
وإذا تكلمت فإنني أواجه صعوبة في إخراج كل الحروف عامة وبعض الحروف خاصة (مثل: ك, ط, ت وغيرهم)... أحس أن كلامي موش مفهوم من اللي أمامي.. وده يعصبني أكثر.. أفضل حل لي السكوت أو التكلم ببطء شديد جدا, وممكن الموضوع يقلب بعصبية شديدة جدا وزعيق (علي عكس أن صوتي دائما منخفض) لكن أحاول بقدر الإمكان أن امسك أعصابي... باحس بضيق بسبب مشاكل كثيرة))، لذا كي تصل أخي الفاضل إلى القرار الصائب السليم قد تحتاج لاستخدام عقار مضاد للاكتئاب والقلق يصفه لك طبيبك النفسي المعالج وتستمر في استخدامه لعدة أشهر؛ وأنا أقول هذا الكلام لمعرفتي أن المكتئب قد يكون غير قادر على اتخاذ قرار مصيري سليم في الكثير من الحالات.
أخي العزيز؛
أتمنى شفائك العاجل من أعراض الاكتئاب ونقص الثقة التي لديك، وأن يلهمك الله عز وجل اتخاذ القرارات المصيرية الصائبة في حياتك، وأدعو الله بالسعادة والهناء في زواجك ممن تحب، وتابعنا بأخبارك.