الشعور بالتأخر
السلام عليكم يا دكتور أنا طبيب وفي بداية الحياة المهنية ولي عيادتي الخاصة والحمد لله، المشكلة أنني أولا أعاني من الرهاب الاجتماعي وخاصة عند إلقاء كلمة على حشد من الناس لذلك أتجنب إلقاء المحاضرات مثلا وأتجنب الحضور للمناسبات العامة وحدي لأنني إن حضرت وحدي أعاني الارتباك، وثانيا أشعر بأني متأخر عن أقراني في مسيرتهم المهنية أو المادية وهذا ولد لدي جملة من الأفكار السوداوية جعلتني أفقد الثقة بالنفس وتأكيد الذات أمامهم، وقد أدركت هذه الأفكار السوداوية متأخرا وبدأت ببرنامج لمحو هذه الأفكار وزرع أفكار إيجابية مكانها وقد لاحظت أني ألوم نفسي على كل أمر أو مشروع أفشل فيه وأن ذلك بالنهاية هو من ولد هذه الأفكار السوداء.
وبصراحة الإخوان أقول أن هذه المشاكل كنت أخفيها عمدا حتى عن أقرب الأصدقاء والزملاء من الأطباء طبعا، إلا أن ما شجعني على الكتابة إليكم هو مقالاتكم المفيدة التي أشعر أنها تمدني بالقوة على مواصلة البرنامج العلاجي الذي وضعته لنفسي كذلك لشعوري بالحاجة الماسة للموجة المشرف الذي يستطيع توجيهي لكي أكمل برنامج إعادة الثقة بنفسي وإني أتوسم فيكم هذا الموجه، وأرجو منكم ذلك فلا تبخلوا علي فليس البخل من طبعكم وشكرا.
أخوكم
alla
6/11/2006
رد المستشار
زميلنا الحبيب؛
أهلا ومرحبا بك علي الموقع، ونشكر لك حسن ظنك فينا، تعاني أخي الحبيب من اكتئاب ثانوي لنوع من أنواع القلق وهو الرهاب الاجتماعي الذي لا نعلم هل استطعت أن تتخلص من معاناته أم لا، وأرى أنك حاولت جاهدا أن تتخلص من هذه الأعراض عبر نشاط شخصي جيد، لكنك لم تصل بعد إلى النتيجة المرجوة من وجهة نظرك، كما ألمح من كلماتك أن لديك سمات شخصية تجنبية (انطوائية) منذ الصغر، كما أن الإحساس بالذنب أصبح من لزمات حياتك، ولا شك أن الكل قد اتفق على أهمية الثقة بالنفس على شق طريق الحياة وعلى إحراز النجاح في الأعمال المختلفة؛
وقد يجرنا هذا إلى محاولة الإجابة عن سؤال وهو ما معنى الثقة بالنفس: الثقة بالنفس هي الشعور الذي ينتاب الشخص عند مقابلته مواقف أو أشخاص ويكون محتوى هذا الشعور "أني لست أقل من هذا الموقف" أني لست أقل منك، أو أقل منكم –وهذا أيضا يجعلنا نفرق بين الثقة في النفس والغرور الذي قد يلتبس في ذهن البعض من الناس فيخلطون بين الثقة بالنفس والغرور– ولكن هذا يتضح من خلال المثل السابق فإن الشخص الواثق في نفسه يقول الآخرين كما ذكرت "لست أقل منكم" أما الشخص المغرور فإنه يقول للآخرين "لستم أفضل مني" أو "لست أفضل مني".
ومن أهم معالم الثقة في النفس أنها نمو تدريجي وبناء يأتي طابقا ثم طابق وطوبة لها علاقة بطوبة أخرى، بينما الغرور يكون بمثابة طفرة تترك وراءها فجوة هشة وبالتالي فإن الثقة بالنفس عبارة عن شجرة تطرح ثمارًا جيدة ولكن حتى تطرح هذه الشجرة فلابد أن يكون الشخص قد ألقى بالبذرة ورعاها وسقاها حتى تؤتي أُكُلها.
والثقة بالنفس تستلزم من الشخص أن يكون متواضعا عارفا قدر نفسه وقد وضع شخصه في المكان الصحيح بغير تعالٍ أو علو وبغير انخفاض أيضا عن المستوى الصحيح.
والثقة بالنفس تعني تقدم الشخص ونموه المستمر ونضجه النفسي، ولذا نجد أن الواثق في نفسه يفرح بما حققه من نجاح ويحاول أن يحقق النجاح في مستقبله ومقدرا ما لم يحققه بعد في ضوء ما أحرزه الآخرون، والواثق من نفسه أيضا هو من يفرح فرح المترقب والمتوقع لحقيقة استطاع أن يكتشفها وهي أن العمل وحده وبذل الجهد بالطريقة السليمة هما الكفيلان بإحراز النجاح المؤكد.
مقومات الثقة بالنفس
1. المقومات الجسيمة
ونقصد بها أن طاقة الجسم على أداء الأعمال وعلى الحياة بصورتها المختلفة تسمح بهذا – وكثيرا ما نلاحظ أنه أثناء الأمراض نجد أن بعض الأشخاص يبدؤون في الشعور باليأس ويفقدون الثقة في أنفسهم بما يؤدي إلى زيادة المرض....... وأشخاص آخرون يقاومون الأمراض بثقة شديدة في الله وفي أنفسهم مما يؤدي إلى التغلب على المرض ولذا فالطاقة الحيوية الموجودة في الإنسان مهمة على اختلافها النفسي والجسماني.
2. المقومات العقلية
مما لا شك فيه أن النشاط الذهني يؤثر في النشاط الوجداني كما أن النشاط الوجداني يؤثر بدوره في النشاط العقلي ومن هنا فإن المقومات هامة للثقة بالنفس ونقصد بها:
أ – الذكاء وهو القدرة العامة لدى الشخص على اكتساب الخبرات الشعورية التي تعتمد على إدراك العلاقات بين العلاقات.
ب – الذاكرة وهي قدرة الشخص على تذكر ما قد خزنة في عقله واستدعاء عند الحاجة.
والشخص الواثق في نفسه هو الشخص الذي يستطيع أن يحسن استخدام ذاكرته.
3. المقومات الوجدانية وأهمها:
- الاتزان الوجداني والانفعالي
- الخلو من المخاوف المرضية
- التفاؤل
- التقدير الذاتي الصحيح
- التواضع
4. المقومات الاجتماعية
ونقصد بها أن الوضع الاجتماعي يحدد مدى ثقة الشخص بنفسه ذلك لأن الكيان الاجتماعي لأي شخص يحدد بالتالي كيانه النفسي وفكرته عن نفسه.
5. المقومات الاقتصادية
ونقصد بها الصلة بين دخل الفرد وثقته في نفسه.
معوقات الثقة بالنفس
1. معوقات صحية
الثقة بالنفس تناسب تناسبا طرديا مع الصحة. مع الأخذ في الاعتبار أن الصحة تشمل زوايا متعددة ومهام مختلفة مع التنمية على أن الصحة ليست فقط هي القدرة على بذل الطاقة فإن الشيخ الذي يبلغ السبعين فقد لا يستطيع أن يبذل طاقة جسما نية ولكنه بدون شك يستطيع أن يبذل طاقة فكرية شديدة القيمة، كما يهمنا أيضا أن نستبعد مع هذا الحالات التي فقدت صحتها بشكل مؤقت أو بشكل نوعي فقط.
2. المعوقات الوجدانية
لا شك أن الثقة بالنفس هي محصلة للحالات الوجدانية التي يستشعرها المرء سواء في دخيلته اللاشعورية، أم في دخيلته الشعورية. فالثقة بالنفس هي النتيجة المترتبة على ما يتصور المرء من انفعالات قوية كبيرة أم انفعالات ضعيفة . ومن هنا فإن التعويض لدراسة الحياة الوجدانية للمرء يعد ضرورة لازمة للوقوف على حقيقة ثقته في نفسه.
العقبات النفسية التي تعترض الحياة النفسية ويتأتى عنها ضعف الثقة في النفس:
1. خبرات الطفولة المنسية
2. الاضطرابات الانفعالية
3. الافتقار إلى إشباع بعض الحاجات الأساسية للمرء حاجات جسمانية أو عقلية أو ثقافية أو عاطفية
4. الصدمات العاطفية
5. الإصابة بالوساوس والأفكار الثانية
6. الشعور بالذنب واحتقار الذات
3. المعوقات العقلية مثل:
- هبوط مستوى الذكاء
- العجز عن الحفظ والنسيان
- بلادة التفكير
- الإصابة بالأمراض
4. المعوقات الثقافية
للثقافة جوانب ثلاث أساسية هي:
- الجانب المعرض الذي يخاطب عقل المرء
- الجانب القيمي الذي يخاطب وجدانه
- الجانب الأدائي يخاطب حواسه وعضلاته
5. المعوقات الاجتماعية
1. الإحساس بأن المجتمع الذي ينتمي إليه الفرد أحط شأنا من المجتمع الواقعي المحيط به
2. الإحساس بأن المجتمع النفسي الذي ينتمي إليه المرء أرفع قدرا من المجتمع النفس المحيط به في الواقع
3. الإحساس بأن المجتمع النفسي مقطوع الصلة تماما بالمجتمع الواقعي المحيط بالمرء
4. الإحساس بأن المجتمع النفسي الذي ينتمي إليه المرء في صراع مع المجتمع الواقعي الذي يحيط بالمرء
5. الإحساس بأن المجتمع النفسي الذي ينتمي إليه المرء هو مجتمع منبوذ من جانب المجتمع الواقعي المحيط به
وفي النهاية صديقي أرجوا أن تعيد تقييم درجة الاكتئاب لديك من خلال طبيب نفسي لتعلم هل تحتاج لمساعدة مهنية متخصصة أم يكفي فقط برامجك الذاتية
وفقك الله