السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أنا كتبت الموضوع مرة ثانية لعلي أحصل علي إجابة هذه المرة!!. أريد أن أعرف من المختصين كيف نفرق بين أعراض الشيخوخة وما يصاحبها من تراجع لبعض القدرات العقلية وبين الإصابة بالشيزوفرينيا أو الفصام؟
وهل التقدم في العمر مع وجود بعض الضغوط النفسية مثل الوحدة من الممكن أن يكون Risk Factor للإصابة بالشيزوفرينيا؟ وهل يمكن استخدام العقاقير النفسية لمن تجاوز عمره الثمانين أو التسعين؟
هذه الأسئلة أسألها لأني رأيت حالة مؤخرا عمرها ما بين الثمانين والتسعين ولديها بعض الأعراض المشابهة للشيزوفرينيا أو الفصام حسبما درسنا فهي:
لديها شكوك أن من حولها يريدون قتلها وإيذائها.
لديها هلاوس سمعية وأحيانا بصرية وتعتقد بأن هناك دوما من سيقتحم عليها غرفتها ليقتلها
وبالتالي هي تعيش في حالة من الرعب حتى أنها ترفض الطعام
ممن حولها لأنها تشك انه مسموم. ولكن بالطبع بقية أهلها قريبين منها لكن نظرا لأنها دوماً وحيدة و ابنها وزوجها توفاهم الله منذ زمن فإن ذلك يشكل عبئا نفسيا عليها.
هي تعيش بمفردها وهي التي تريد ذلك.
هل هذه فعلا حالة شيزوفرينيا أو فصام؟ أم أن هذا مجرد أعراض للشيخوخة وتقدم العمر؟
وهل من الممكن استخدام مضادات الذهان في هذا العمر؟
2/05/2008
رد المستشار
الابنة الصيدلانية......
أبنائي بناتي؛ نادرا ما يبدأ اضطراب الفصام لدى الأشخاص بعد عمر الخمسين، وفي هذه الحالة قليلة الحدوث يسمى “الفصام المتأخر“ Late paraphrenia، وعن نفسي رأيت القليل من هذه الحالات على مدى 20 عاما من العمل في الطب النفسي، فالفصام يحدث غالبا بين 17 -35 عاما من العمر؛ لذا سماه أطباء النفس في القرن الماضي من أمثال “كريبلين وموريل“ العته المبكر أو Dementia precox.
أما ما وصفته أختنا الصيدلانية فيُطلق عليه “عته ألزهيمر“ أو “عته بيك“، وقد يكون هذا النوع من العته في الشيخوخة مصحوبا بأعراض ذهانية كالهلاوس السمعية أو البصرية، والضلالات الاضطهادية أو الزورية، وقد لا يكون عته الشيخوخة مصحوبا بأي ضلالات ولا هلاوس، ولكن في حالة "عته ألزهيمر" يُصاب المريض بتدهور تدريجي في ذاكرته، حتى أنه ينسى في المراحل المتقدمة من المرض الطعام والشراب، وينسى مكان منزله، وينسى مكان الحمام بداخل منزله، مع عدم التحكم في البول والبراز، وينتكس المريض حتى يصبح كالطفل المعاق المحتاج لرعاية كاملة، يقول تعالى: "وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ"(يس:68)، أما في "عته بيك" فيصاب المريض باضطرابات سلوكية غريبة، كمعاكسة البنات المراهقات بعد أن كان مشهودا له بالعفة طوال حياته، وقد يصاب بنوبات عنف وهياج وغيرهم من التصرفات الغريبة، وغالبا ما يصاحب الاكتئاب وأحيانا القلق أو الهلع مع بداية حدوث "عته ألزهيمر".
هناك بعض الأمراض الباطينية المزمنة في كبار العمر قد تسبب بعض أعراض العته بما فيها اضطراب الذاكرة واضطرابات السلوك والاكتئاب والهلاوس أو الضلالات؛ مثل جلطات الدماغ، أو النزيف الدماغي أو الأورام الخبيثة "وبالذات في الدماغ"، أو أمراض الدم أو الغدد الصماء أو بعض الأمراض الروماتيزمية كالذئبة الحمراء والروماتويد، أو المالاريا الخبيثة أو الدرن أو التهاب الكبد وتليفه بعد الإصابة بفيروس سي أو إدمان الكحول لفترات طويلة، أو البلهارسيا في مصر واليمن، كذلك نجد استخدام بعض الأدوية في كبار العمر قد تؤدي لتلك الأعراض مثل الكورتيزون وأدوية السرطان وأدوية المالاريا وغيرهم.
في بعض كبار العمر ممن تخطوا الثمانين قد يظهر عليهم بعض التخيلات والهلاوس البسيطة وأعراض الاكتئاب والقلق نتيجة لتصلب شرايين المخ. وأحيانا يصاب كبار العمر بالاكتئاب الجسيم المصحوب بضلالات ونوبات عنف وهياج مع ضعف الشهية والأرق، وقد يصابون أيضا ولكن بصورة أقل بالاضطراب الوجداني الثناقطبي المصحوب بضلالات وهلاوس وأرق مع القلق والتوتر وسهولة الاستثارة مع زيادة النشاط بصورة غير طبيعية والتبذير في إنفاق الأموال، وعند حدوث هذه الحالات في عمر متقدم للمريض ولأول مرة في حياته يستلزم ذلك إجراء فحوص كاملة من دم وأشعات على الدماغ والصدر والقلب لاستبعاد الإصابة بأي مرض عضوي لدى كبير السن.
والآن بعد عمل أشعة مقطعية على المخ وفحوص الدم، والتأكد من أن هذه الحالة غير مصابة بأي مرض عضوي باطني أو جراحي فعندئذ يمكن استخدام مضادات الذهان بحرص وبالذات مضادات الذهان غير التقليدية مثل "الزيبركسا" و"الريسبريدال" و"السيروكويل" (لأن هذه المجموعة قد تؤدي إلى جلطات بالدماغ)، لذا يمكن استخدام "الدوجماتيل" بجرعة صغيرة 100 مجم مساءً يوميا في البداية ثم تزداد الجرعة بعد ذلك بالتدريج، وإن كان لدى هذه الحالة بعض أعراض الاكتئاب فيمكن إضافة مضاد اكتئاب جديد مثل "ريميرون" بجرعة صغيرة 15 مجم مثلاً، وتبدأ الحالة في التحسن بعد أسبوعين وقمة التحسن بعد ستة أسابيع.
أتمنى أن أكون قد استوفيت الإجابة بالنسبة لك يا صيدلانية يا مثقفة.