أفش شعري فتقول أختي:أبعدي يا مجنونة م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
قرأت المشكلة المعنونة أفش شعري فتقول أختي:أبعدي يا مجنونة!! والمشكلة قريبة كثيرا من قصتي، علما أنني لم أفكر في إرسال مشكلة ما لكم أنما لوجود تشابه في قصتينا وردكم الكريم الذي أشعرني بوجود مشكلة أعتقد أنني لن أستطيع حلها، فأختنا سرور المشكلة تخصها أما أنا فأسرتي كلها عبارة عن مشكلة، إنما هناك اختلافات كثيرة، فأنا تعديت العشرين بعام ولا زلت لا أعرف نفسي، كما أن أهلي لا يعتبرون أن هناك مشكلة، وأنا اعتدت على الأمر بصراحة الكلمات تخونني اعذروني لأني سأحاول كتابة القصة من البداية:
وأنا لا ادري إن كنت سأستفيد أم لا؟ وهل ستكون قصتي مفيدة لكم ولي أم أنها قصة فتاة سخيفة تشعر بالخزي دائما وأقصد بالخزي هنا الدونية؟
قصتي يا سادة يا كرام هي أنني ولدت بعد ثمانية من الأخوة وبعدي اثنين أحد أخوتي الأكبر مني توفي وأنا في العاشرة تقريبا، المهم أن أمي تزوجت بأبي بعد أن توفي زوجها الذي أنجبت منه أربعة أبناء ابنتين وولدين ليس الأمر بالمهم أي أنني من صغار العائلة الغير مهتم بهم.
تزوجت أختي الأكبر وأنا في الخامسة أي كان علي أن أساعد أمي في أعمال المنزل، وبما أن أخواني الأكبر كلهم ذكور فكان شيئا عاديا أن يضربوني وأنا أعذرهم بالطبع فلم يكن أحد ينهرهم عن هذا وطبعا أنا لا أؤاخذهم أو لا أحمل الحقد عليهم، أذكر مرة عندما دون عمري طبعا كانت أمي لسه أنهت تسريح شعري وجاء أبي وعلى المائدة قال أبي بما معناه من الأفضل أن تغطي شعرك، أبي رجل متدين بتزمت لا أعرف هل أصفه بالفظيع.
عندما كنت صغيرة أمي وأبى كانا دائما الشجار، وعندما كبرت أصبح الشجار بين أمي وأبي وأخواني الذكور طبعا، المهم منذ صغري وأنا ارتدي الحجاب أي غطاء الرأس لم ارتدي يوما بنطالا أو تنورة، بالمناسبة أخواني كانوا يضربونني عندما لا أغطي رأسي، ذهبت الصف الأول وأنا الوحيدة في الصف التي تغطي رأسها وفي الصف الخامس ارتديت العباءة والصف الأول الإعدادي أغطي وجهي القبيح، صدق قبيح كل ما أكتبه صدق فلن أمزح كما أختنا صاحبة المشكلة الأصلية التي يبدوا لي أن دمها خفيف الله يسعدها، لا يحق لي ارتداء تنورة.
بمناسبة التنورة: أهدتني أختي المتزوجة تنورة - بالمناسبة معظم ما تهدينا إياه أختي فهو لأنها لم تعد ترغب به أو أنه صدقة من ناس فنقت لنا منه شيئا والباقي تذهب به للمستحقين طبعا هي ليست مكلفة بنا إنما من الأفضل أن لا تتعب نفسها - فأخذها أخي المتوفى رحمه الله وقال سأصنع لك منها سروالا وفعلا قطعها دون أن يخيط لي السروال!!، وأهدتني حذاء ذو كعب أربع سنتيمتر فقص الكعب!!
أخواني انفتحوا على ذا الموضوع أما أبي فلسه، ومن العادة أصبحنا أصلا نستحي من أن نفكر أن نرتدي هذه الملابس، نشتريها بعض الأحيان دون علم أبي ونلبسها إذا ما رحنا عند أحد، وذات مرة اشتريت لي أربع تنورات وعندما علم أبي نصحني وهو منزعج جدا بأن أعيد هذه الملابس إلى المحل،
وفي السيارة قال هذه الملابس ليس لها ضرورة وعندما تتزوج الفتاة ورأت أن هناك حاجة لها أما الآن فلا..... دائما ما ارتدي الملابس الفضفاضة وأختي الأصغر مني كذلك إنها الفطرة التي فطرنا أهلنا عليها، فقط الجلباب دائما أو الثوب علاقتي بوالدي جد محدودة وأنا لا أتكلم معه إلا في النادر، أجعل أختي وسيطة بيني وبينه الأصغر طبعا – وكل ما اذكر أختي ستكون الصغرى فأختي الكبرى ليس لها في حياتي أثر والأخرى في اليمن – .
أما أمي فبين شد وجذب وهي تكاد لا تطيقيني تكاد أقول وهي دائما منحازة لأخواني الذكور حتى ضد أباهم الذي هو زوجها يا سبحان الله، أما أخواني الذكور فليس لي معهم حوار أبدا أبدا، وهم لا يهتمون للأمر إنها العادة وإن كنت أتمنى أن تكون علاقتنا طبيعية لكن ما باليد حيلة.
ومؤخرا حدثت مشادة عنيفة بيني وبين أحدهم بسبب تأخر الغداء، في العادة هو يشتم دون رد مني لكن هذه المرة قررت الرد وفي المحصلة طلعت أنا الغلطانة وقليلة الأدب لأني رددت على أخي الأكبر الذي من حقه يسب ويلعن وحتى يضرب عادي!!، لا أدري لم وصفتها بالعنيفة هل لأنني تجرأت ورددت عليه على الرغم من أن ردي لم يتجاوز كلمات غضب عادية أم لأنه قال كل الكلام اللي في قلبه علي وكان قاسيا على أو ليس قاسي إنما عرفت أنا أنهم يعتبرونني علة على قلبهم.
أبي ساعتها لم يكن موجودا وإلا لا أدري كيف سيكون تصرفه لكن أكيد سيكون لصفه، طبعا أختي قالت أثلجت صدري وكنت خائفة من أن يضربك فقط، أما أنا فلم يعد الأمر فارقا معي كثيرا ضرب أو حتى قتل سيكون هذا أفضل لي إحنا البنات من حق الجميع أن يقول عنا أي شي أو حتى يأخذ منا أي شيء، لا ندخل في حوار مع أحد ولا أحد يهتم أصلا في أن ينشا هذا الحوار حتى لو كان سخيفا!!، قريبا قدمت الإفطار وجلست على الفراش وأخي سيجلس طبعا بدون فراش وأخي قادم الأصغر هذا مش حتى أكبر مني، أشار لي أبي أن أقوم ليجلس هو على الفراش مجرد إشارة، وأنا أقوم قال أبى هذا إكرام إخوانك ما شاء الله عليك
طبعا أنا تعبيرا عن غضبي – اللي ما رح يحسوا فيه إلا لما انتحر- رفضت الإفطار، فأنا لا أستطيع أن أقول دعه يجلس دون فراش ما الضير في ذلك!، والدي اعتاد أن لا يشتري لنا ثيابا فأختي الكبرى لسنوات طويلة كانت تعطينا ملابسها، وأمي لا تقول له فهي ليست بحاجة لملابس فكل فترة وأخرى أختي تخيط لها أثوابا جديدة، والآن بعد أن كبرنا أصبحنا نرغب في ملابس جديدة منا وإلينا يتهرب كثيرا وبشكل فظيع أثواب البيت يشتريها أما أقمشة لا هي غالية عليه!!.
الناس هنا أفقر مننا بكثير ويرتدون الملابس المهندمة أما نحن فلا، بالمناسبة إحنا مش فقراء ناس على قد حالنا نتخفى خلف عباءتنا اللي ما قصر والدي واشتراها لنا وكانت أول عباءات يشتريها لنا بعد أن أقنعناه طويلا وكثيرا، فقد كنا نرتدي ما تلقيه أختي علينا طبعا هو جديد ورائع بالنسبة لنا – فهو صدقا يكون في حالة جيدة إن لم يكن جيد جدا- سأذكر لكم بعض النقاط المتفرقة الآن:
0 آمي وأبى يرون في الملابس هذه إنها مال الكفار والبنت المحترمة لا ترتديها.
0 أمي يبدو لي إنها لا تطيق أبي.
0 أمي وأبي كلاهما شخصيتها ضعيفة خاصة أمام إخواني الذكور وأختي الكبرى.
0 أمي وآبي جعلانا أنا وأختي السلة التي يفرغون فيها غضبهما من أي شي من إخواني اللي ما يحترموهم كثيرا، من ذكرياتهم من طموحاتهم اللي ما قدروا يحققونها، حتى أثناء فرحهم يعبرون به لنا أنا وأختي بإلقاء الكلمات الجارحة، أبي لا يتوانى لحظة في وصفنا أنا وأختي بالبضاعة ويقول ماذا أفعل بكم ما تسوون فلس!
ما ذنبنا إن رزقه الله بنات قبيحات بالعافية هو الزواج، ولم يتوان في أن يصفنا بالبضاعة أثناء محادثة عابرة بينه وأحد الرجال بالهاتف، بالله عليكم في أحد يصف بناته كذا؟؟؟ حتى أثناء لحظات الصفاء الصفاء طبعا مع إخواني الذكور، كأنه ينتظر أن نمر من أمامه حتى يلقي علينا أي كلام، أصبحت كثيرا ما أتجنبه وأتجنب أي مكان يتواجد فيه مع أخواني لعل في أي لحظة ينشب بينهم شجار فلا رغبة لي بسماع المزيد من الشجار، أمي بعد المشادة الأخيرة تغير حالها وأصبحت فعلا لا تطيقني.
فكرت في الانتحار مرة ووجدت الطريقة وخلال خمس دقائق سأفارق الحياة إلى جهنم خالدة مخلدة فيها، منعني من الانتحار أشياء كثيرة: هو عدم رغبتي في أن أفضح أهلي، حبي الكبير ورغبتي في الوقف بجانب أختي الأصغر مني، ولعل السبب الأكبر هو طمعي في رحمة ربي، وأخبرت أختي بأنني فكرت في الانتحار، خرجت وعندما عدت وجدتها تبكي وتقول قبل ما تنتحري خلصي علي أول!
بالطبع إحنا مش بنات مثاليات، وأنا توقفت عن محاولة إرضائهم فهم لا يقدرون مللت من حركاتهم، حياتي كلها عبارة عن أفعال مصطنعة مجاملة: فأنا أبتسم دون رغبة مني، أصمت وأنا راغبة في أن أتحدث، أخدم هذا أو ذاك دون رغبة في هذا، أمي وأبى لا يعجبهم العجب، أحب أمي وأبى كثيرا جدا لا أدري لم بصراحة!!!، وإخواني كثيرا، أنا طيبة طيبة لحد الغباء لا أتستطيع أن أتصرف عكس هذا.
خجولة وليس لدي أي ثقة في نفسي ومن نتائج عدم الثقة هذه تجنب الاختلاط بالناس والتأثر الشديد بالنقد واجتنابه عادة، وأيضا عدم القدرة في التمعن في عين من يناقشونني وعدم القدرة على المناقشة الإيجابية، مع إيماني بقدرتي على المناقشة في قرارة نفسي وإقناع الطرف الآخر برأي دائما وكثيرا أنظر للعيون عيون الناس أهلي يعني، وتذبحني كثيرا عيون أبي وأمي من التعب اللي أراه فيهما،
ويشهد الكريم المتعالي أني أحاول إرضاءهما حسب نفسيتي، فلا يمكنني أكيد أن أبتسم في وجهيهما وأنا ممتلئة كآبة هذا أن كانا أصلا يرغبان في أن يروني مبتسمة، حياتي يلفها اليأس ليس لي هدف أو بالأحرى أهدافي دفنتها تحت رمال الصحراء الكثيفة، أنتظر الموت بفارغ الصبر، أنا مستسلمة ولا أرغب في أي شيء، كم أتمنى أن يستقدم أهلي خادمة ويتركونني مستلقية على فراشي حتى أموت.
الطريقة الوحيدة لكسب احترام والديَّ وإخواني هو أن يكون لي أموال تهبط على من السماء طبعا، فهم لا يرغبون في أن أعمل، قلت لأمي أعطوني نصف راتب أقل خادمة وأنا أشتغل في البيت مثل الخادمة تماما حتى بتنسوا أني بنتكم ولأبي كذلك، لكن ليش يخسروا نفسهم يقبلون ما أقوم به ببلاش وطبعا لا يملون من إظهار عدم رضاهم عليه.
علاقتي بأختي رائعة وبأخي الأصغر عادية، لي صديقات يحترمنني لعلى سبب ذلك لأنهن يستطيعن الحديث معي في أي موضوع فأنا مستمعة رائعة ومتحدثة زي الزفت!!! يعني كلامي قليل جدا، فإن قضيت مع إحداهن ساعة ثلاثة أرباع الساعة ستكون هي المتكلمة فيها، كنت أحب القراءة كثيرا وتركتها بانتهائي من الثانوية، أخيرا أشعر أنا أن أمي وأبى طيبين بس ما أدري ليش هم كذا.
الكرماء في موقع مجانين: لا أدري لم كتبت إليكم، هل فعلا هناك تشابها بين قصتي ومشكلة أختنا سرور؟ أم أنني كنت راغبة في الحديث أو الكتابة لأحد فوجدت في رسالة أختنا ممسكا للكتابة إليكم؟ أم هل أنا فعلا في مشكلة ورسالة أختنا هي من نبهني؟
في جميع الأحوال أيا كان السبب إن لم يكن فيها شيئا يستحق الرد، فلا تتردوا في أن تلقوا المشكلة في أقرب سلة مهملات ويكفي الوقت الذي أضعتموه في القراءة، لا أدري أصلا أي حل هذا الذي سيكون لهذه القصة؟
الكرماء أشكركم كثيرا على إتاحة مثل هذه الفرصة وصدقا لكم كامل الحرية في أن تتجاهلوا هذه الرسالة، أرجو أن تعذروني على العبارات الغير مرتبة.
ابنتكم بهدلة
07/12/2003
وبعد يومين فقط أرسلت صاحبة هذه المشكلة لنا تقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لي سؤال، ربما سؤال غريب ولكن أرجو الرد عليه أرجو أن تخبروني ماذا أفعل، حدثت بيني وأخي مشادة عنيفة بسبب تأخر الغداء، من نتائج هذه المشادة أن غضبت كثيرا ولم أعد أسأله هل أصنع لك عشاء مثلا، فهو من يذهب لتحضير العشاء، أعرف أني لست مجبرة وليس واجبا علي أن أخدمه، إنما أخي الأصغر مني في الأمس حدثني كثيرا وقال تشوفينها حلوة انه يروح يسوي عشاءه، أنت بتحتاجينه في يوم من الأيام.
طيب هو سبني معاه حق يعني أنت ما تشوفين انه معاه حق، أنا رديت عليه الإنسان الكريم حتى لو حد أساء له يبقى كريم، أما اللئيم فحتى لو أكرمناه بقى لئيم، قال أنت الحين عانس ولازم تستحملين لازم تخدمينهم وأنت فرحانة عشان يحبوك ما يحسوا كلام كثير لا اذكره إنما ملخصه: انه يجب علي تحمل كافة الإهانات لأني قد احتاجه هل هذا يا أخوان صحيح، إحنا أفكر مهما كانت الحياة قاسية أنا يمكن وأستطيع أن اعمل خادمة حتى وأصرف على نفسي هل حتى هذا حلم، هل دائما سأكون أنا خيط مربوط لن أستطيع الحركة.
بالمناسبة خطا فادح واستحق عليه التهزيئ من كافة أفراد العائلة لأني لا اصنع العشاء له؟، في عائلتنا وتقاليد أسرتنا انه يجب علي أن اخدم أهلي لكن أنا لا أطيق ان يسيئ لي أحد – وكثيرا ما استحمل – فماذا أفعل؟؟ هل حقا لن أستطيع أن أعيش بدونهم أي إخواني – وطبعا أن أعيش معهم هذا مع ألا احترام.
مع العلم أننا مجتمع صعب وكثير الكلام، كلام أخي بالأمس هزني إخواني أرجوكم ردوا على سؤالي هل أتحمل الإهانات بلا سبب؟؟ دائما ما كنت أتصور أنني أستطيع العيش بدونهم – مع أني دائما أحاول اخدمهم وافعل ما يحبون– بغض النظر عن رضائهم أو لا! ،
ماذا افعل الآن هل أصالح أخي وكيف لي هذا وهو المتسبب والبادئ وعلاقتنا دون هذا الشجار زي الزفت أصلا، اعرف أني مقصرة في حق أهلي لكن هذا بسبب اليأس والله ليس لكره أو حقد واعرف انهم لا يفهمون، وأعلمكم قبل الأمس لم أكن خائفة من المستقبل بسبب أني اعتقد ولا ادري إن كنت سأستطيع؟؟ أعتقد أنه يمكنني أن أعمل في مؤسسة نسائية حتى خادمة لكن لا ادري، افيدوني من خبرتكم كيف العمل هل سؤالي واضح لكم هل فهمتموه الكلمات تهرب مني.
9/12/2003
رد المستشار
الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك، وشكرًا على الفرصة التي منحتها لنا إفادتك هذه، كنت أتمنى أن أرسل سطور رسائل هذه الابنة إلى المنافقين والكذبة، إلى تجار التخلف والشعارات والأفكار الكاسدة الذين يصرخون في وجه من ينتقد الأوضاع المزرية التي تعيشها فتياتنا المقهورات الساخطات في بيوت لا تكرمهن، ولا تجزل في عطائهن إلا بكل أنواع الذل والإهانات، والعجيب أن هذا يجري باسم الدين أحيانا، وبمباركة أو بالأحرى تواطؤ المحيط الاجتماعي الذي يرى الظلم ويسكت عليه في مجتمعات استحقت اللعنة لأنها أضاعت الحق، وكما في الأثر "لعن الله قوما ضاع الحق بينهم".شكرا للتكنولوجيا التي صنعها الكفار لأنها كانت السبيل الوحيد لنعرف جانبا من المسكوت عنه، ونرى ما يدور وراء الجدر من أحوال فتياتنا المسكينات، ويصبح بيننا وبينهن وسيلة اتصال وتواصل، وفي كل الأحوال فإن مجرد الحديث وعرض المعلومات، أفضل من جهلنا بما يجري، أو محاولات الانتحار التي ينجح بعضها!!!هل يمكن لمجتمع الجهل والتخلف والمظالم، المجتمع الذي يستأسد علي فتياته، ويلاحقهن بطشا وذلا وإهانة، وتهميشا وازدراءا وخسة في التعامل، وقبل أن أتطرق لتفاصيل رسالتك يا ابنتي ينبغي أن أكرر أن تغيرا جذريا في العقليات والمجتمعات ينبغي أن يحدث، وأن هذا التغيير يحتاج إلى وقت وجهد وجهاد ولا يقل أهمية عن جهاد الأعداء المحتلين وقتالهم في فلسطين والعراق،
بل لا يتم لنا نصر على أعدائنا إلا إذا تخلصنا من كل المعاصي والكبائر الاجتماعية الفادحة التي هي خبز أغلبنا اليومي في بيوتنا وعلاقاتنا كلها!!! وتضييقا عليهن في الحركة وفرص التعليم والعمل والمشاركة في الحياة، هل هذا المجتمع أو تلك المجتمعات يمكن أن تواجه التحديات أو تكسب المعارك؟!!!
لن ننتصر في مواجهة أخطار العولمة وكافة الحروب الاقتصادية والثقافية، ولن ننعتق من الفساد والاستبداد والفقر إلا إذا حققنا طموح الإنسان – كل إنسان فينا – ودافعنا عن حقنا الفطري البسيط في العيش بكرامة وحرية، ودافعنا عن فرصة في العيش بسلام كما هو لأصل الذي أراده الله للبشر، وإن كانت هذه الحقوق لا تعود إلا بحرب ثقافية واجتماعية فمرحبا، وأهلا بالاستشهاد في سبيل الله حتى يحصل الناس على كرامتهم وحريتهم أعظم منح الحق سبحانه، وصدق من قال: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!
ليس أمامنا سوى خوض غمار هذه المعارك "كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"، وهي معارك الجهاد الأكبر لمن يفهم الدين وسنن الواقع.ابنتي: شكرا على صدق تعبيرك، وفصاحة كلماتك في وصف أحوالك، ولعلك إذا تابعت موقعنا هذا، وصفحة مشاكل وحلول للشباب في موقع إسلام أون لاين... فستعرفين أنك لست وحدك، بل هذه هي أحوال أغلبية الفتيات في عالمنا العربي البائس، والاختلاف بين حالة وحالة هو اختلاف في الدرجة وليس في نوع المعاملة... لا سمح الله!!!
الفتاة العربية من المحيط إلى الخليج في نظر ذويها هي غالبا عالة، وعلة، وعورة ومشروع فضيحة وهي أقل من خادمة، وأحقر من دابة، وأهون من بعوضة..... أخواتك في أكثر من قطر يقتلن بسبب شائعة أو وشاية كاذبة عن شرفهن، وغيرهن مهدرات الدم إذا خرجن عن التقاليد والأعراف – وبعضها جاهلي فاسد لا يقبله شرع ولا عقل – وإهدار الدم أقل إيلاما من إهدار الكرامة، لأن من تموت قتيلة مظلومة ربما ستجد الراحة عند بارئها لا، أما من تعيش في بيوتنا "العامرة" فهي أحيانا تموت في اليوم مائة مرة!!!
هذه هي حياة الفتاة العربية.... ولعل في هذا بعض المواساة لك، والمزيد من التكليف والتحريض لراغبي الإصلاح والتغيير لأنها ظاهرة واسعة الانتشار، ومعركة مفروضة علينا ليس أمامنا إزاءها ترف الاختيار. والطريف أنني شاهدت منذ أيام فيلما مكسيكيا يروي قصة عائلة مات فيها الأب فتسلطت الأم قاهرة للبنات حتى هربت إحداهن، وتعذبت بالشقاء الأخرى، وأصيبت الثالثة بالجنون، ولكن ظروفا معينة أتيحت للابنة – الأصغر، والتي كانت الأكثر تعرضا للقهر، فتعرفت على تاريخ قصة أمها التي تعرضت للعديد من الإحباطات والانكسارات والمصائب، فكانت قسوتها مجرد حصاد وانعكاس لماضيها التعيس، ونحن كذلك نرث الذل والتعاسة، ويا له من ميراث نكد بغيض.
والقصر والتضييق على البنت ليس خاصا بثقافتنا فحسب، فالمظالم تقع على رأس ملايين الفتيات والنساء، ولكن المستغرب أن يحدث هذا في محيطنا الاجتماعي الذي يدعي الالتزام بدين هو الأكثر تحضرا وتمدنا في التعامل مع الإنسان، والمرأة بصفة خاصة، ولكن أين نحن من الإسلام؟!!
* كثرة عدد الأطفال ليست حجة، فمن أراد التخفف من مؤنة الرعاية فالاختيار كان متاحا أمامه، ومن أراد شيئا دفع ثمنه، وقد قابلت ذات مرة أيرلنديا وزوجته، وعندهم ثمانية أطفال، وسألته كيف تستطيع التعامل معهم، والنهوض بمسؤولياتهم فقال: لا "أتعامل معهم"، ولكن مع كل واحد منهم بالأسلوب الذي يناسب شخصيته، وبالطريقة المتوافقة مع مزاجه وطباعه، فمن منا يفعل ذلك ؟!!!
* التضييق على البنت يأتي من الخوف عليها، وعلي سمعة العائلة، وهو يستبطن نوعا من عدم الثقة في قدرة المرأة على الاختيار السليم، وامتلاكها للعقل الراجح أو الرأي السديد، وللأسف فإن ضعف التعليم، وقلة الوعي، وانتهاك الثقة بالنفس، وسوء المعاملة تجتمع كعوامل تؤدي غالبا إما إلى فتاة هشة فعلا أو متمردة علي غير وعي، أي ترفض لمجرد الرفض، أو تنتج هذه الضغوط فتاة مكتئبة متواصلة الأحزان تبحث عن مخرج، ولو بانتحار، أو بأي زواج لتنعتق من السجن الذي هو هنا بيت أسرتها، وقيود أبيها وإخوانها، وملاحقة أمها لها بالنقد اللاذع، والطلبات والأعباء.
* التمييز بين الذكور والإناث شائع في بيوتنا للأسف، وأحيانا يدفع الوالدان ثمنه قبل البنات لأن من يتربى على قلة الاحترام، وكثرة المطالب، وينشأ كفرعون صغير يتسلط على الضعفاء غالبا سيبدأ بأبويه حين يضعفان ويتقدمان بالسن، ومن يزرع المر يحصد العلقم. وأغلب ممارسات التمييز والتسلط إنما تتم دون وعي بخطورة آثارها، وتتكرر بوصفها الشيء العادي الشائع والمتعارف عليه، والمحيط الاجتماعي حول الأسرة والعائلة يعيد إنتاج التخلف والتضييق، والازدراء والتمييز، والرجال الذين يمارسون هذا كله هم أيضا تلاميذ في مدرسة تلقنهم وترضعهم المفاهيم الخاطئة، وتدربهم على الخضوع للسلطة الأقوى والأعلى، فما تفعله القيادات الأمنية والمؤسسية، وما تشيعه تقاليد العسس والجلادين وسط كل من تسول له نفسه بمخالفة القطيع تعيد الضحايا أو أفراد الأسرة إنتاجه فيما بينهم!!!
* الحديث يطول يا ابنتي، وكثرة الكلام ينسي بعضه بعضا، وأرجو أن تظلي علي صلة مستمرة بنا نتحاور ونتواسى، وكل آلامك تهون بالمشاركة، ونحن والقراء معك بقلوبنا، وحرام أن تهربي من عذاب الدنيا الذي هو زائل حتما، إن عاجلا وإن عاجلا، بموقف غير مسؤول مثل اختيار الانتحار الذي لا يليق بمؤمنة، وأوصيك بانتهاز كل فرصة لترقية نفسك علميا وثقافيا، والحق أنني اندهشت من جودة تعبيرك عن نفسك، ونصاعة أسلوبك، وجزالة ألفاظك، ولعلك إذا تطورين مع هذه المهارة يمكن أن يصبح لك شأن في مجال الكتابة الثقافية والأدبية، وباب النقاش مفتوح أمام الجميع حول أوضاع الفتاة العربية: لماذا تعاني؟! وكيف تحرر؟ والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الحقيقة أن قراءتي لما كتبته لنا يا ابنتي فجرَّ كثيرًا في قلبي وفي عقلي، إلا أنني وأنا أجهز رد أخي وزميلي الدكتور أحمد عبد الله عليك في صورته الإليكترونية لأضعه على الصفحة، وجدته لم يترك جانبا مما تفجر في قلبي وعقلي، إلا ولمسه بأسلوبه الرشيق الحاذق، إلا أنني أخافُ ونحن ندعو إلى تحرير الفتاة العربية، أن نصنفَ مع غيرنا ممن يدعون نفس الدعوة في هذه الأيام قاصدين بالتحرر غير ما نقصد، فما يدعو إليه مجيبك يا بنتي هو النقاش حول أوضاع الفتاة العربية،
ولماذا هي مضيعةٌ نفسا في مجتمعاتنا، وكيف يمكننا أن نحررها، من خلال النقاش فنحنُ ما نزال في مرحلة النقاش حول ماذا يجبُ أن تكونَ عليه الضوابط الشرعية والأحكام الفقهية في ظل الظروف الجديدة، والمسلمون مازالوا وسيبقون طوال عقود على الأقل في حاجةٍ إلى صياغة مناهج وضوابط أصيلة جديدة.
ولسنا بكل تأكيدٍ مع التحرر بمفهومه الذي أخشى أن يفرض علينا حكومات وشعوب، ويعني أن تنسلخ الفتاة العربية من عباءة الشرع إلى هاوية اتخاذ نموذج الفتاة الغربية المعولم (الكاذب) مثلاً يحتذى، فتضيع أكثر مما هي الآن ضائعة، وتقع في فخاخٍ متتالية من الزيف المعولم الذي لا يحميها منه إلا المنهج الأصيل الجديدُ الذي ندعو إليه دائما، والذي ندعو الله أن يثمر عنه تواصل العقول العربية المسلمة التي من بينها أنت وكثيراتٌ مثلك.
ولا تنسي يا ابنتي أن الخالق سبحانه وتعالى لم يحرم امرأة من جمال ظاهرا كان أو خفيا، ولا أظنه خافيا عليك أسلوبك الجميل وتعبيراتك اللبقة/الصادقة، ومشاعرك التي تقطر رقة، كل ذلك فضلا عن صبرك الجميل! فأي جمال تملكين أفضل من ذلك؟
وفي النهاية: أحيلك إلى عددٍ من الروابط من على صفحتنا استشارات مجانين:الابنةُ المضطهدةُ ودبلوماسية العائلة
السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب
عقلي يأمرني: اتركيه...وقلبي لا يطاوعني
أحبه جدا لكني أكرهه جدا م
أحبه جدا لكني أكرهه جدا مشاركة ورد مستشار
المحرومة: أمية أمتنا النفسية، مشاركة
لكي ترى نماذج مما ندعو إليه ومما نرفضه من نماذج لفتيات وقعن أو كدن يقعن في الانحراف بعد الانفلات على النموذج المراد لنا في ظل العولمة مع الأسف، وهو مما نسأل الله تعالى أن يعيننا وأمثالك على الوصول إلى منهج للتعامل السليم معا منطلقين من أصول إسلامنا الجريح، وأهلا وسهلا بك فتابعينا بأخبارك، وشاركينا بآرائك.ويتبع>>>>: رهاب الرجال ـ أفش شعري: م1