السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب جامعي عمري الآن 20 سنة. المشكلة بدأت معي منذ حوالي 6 سنوات وهي عبارة عن أفكار تراودني عن حقيقة نفسي وفي المرحلة الأخيرة ازدادت عن حدها.
الأفكار عبارة عن فكرة تخطر في بالي عندما أكون وحدي، وأحيانا تأتي عندما أكون أمام المرآة وهي عبارة عما يشبه الإنكار للذات وعدم التعرف على نفسي؛ فمن قبيل هل هذا الشخص هو أنا فعلاً؟ أو من هذا الشخص؟ أو أين أنا ومن أنا؟ وماذا أفعل هنا؟.
والفكرة تكون عبارة عن لمحة سريعة ثم بعدها أشعر بشعور غريب لعدة ثوان، وغالباً ما أحاول أن أهرب من هذه الأفكار من خلال الخروج إلى أقرب شخص لكي أنسى هذه الأفكار، ورغم أن هذه الأفكار لا تؤثر على حياتي الشخصية ولا الاجتماعية وليس لها أي تأثير ملموس سوى الضيق الشديد الذي ينتابني بعدها لكوني لا أعرف حقيقة نفسي تمام المعرفة.
أنا بطبعي إنسان أهتم بالآخرين بشكل كبير جداً حيث أن أول ما أحسب حسابه في أي عمل أقوم به هو الآخرون ورأيهم، وغالباً تكون حديثي مع نفسي عن الآخرين: أصدقائي وأسرتي.. أريد منكم أن تساعدوني لكي أكتشف حقيقة نفسي ولكي أتعرف على نفسي حق التعرف، وأتصالح مع ذاتي وأتخلص من اهتمامي المفرط بالآخرين والتفكير بهم.
ولكم مني جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع والمفيد،
وعذراً على تكرار المشكلة لكن المشكلة السابقة فيها خطأ في البريد الإلكتروني.
18/05/2008
رد المستشار
الابن العزيز "محمد" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، هل يطمئنك يا ولدي أن أقول لك أن عرض اختلال الإنية الذي يحدث لك لا يعني إطلاقا أنك لا تعرف نفسك تمام المعرفة.. مثلك مثل الآخرين من هذه الناحية يا محمد... وأحسب أن هذا هو سبب ضيقك... وإنما جوهر هذا العرض كما أراه هو الشعور كأن حائلا يقف بينك وبين أن تكون متأكدا مما أنت متأكدٌ منه منطقيا مثلا بينك وبين إحساسك بالألفة مع ما هو مألوف لديك أو بينك وبين نيتك من سلوك ما أو بينك وبين أي من مكونات نفسك المعرفية الشعورية وهذا الحائل إما مسمط فتشعر أن مكون نفسك هذا غير موجود أو مُثَقَّبٌ فتشعر أنه ليس هو أو متغير بشكل أو بآخر، ويشمل الوعي باختلال الإنية و/أو تبدل الواقع إما استغرابا أو شعورا بالانفصال أو الاصطناع (أو فقد الحيوية) أو انعدام الوجود أو الاختلاف غير المريح -على الأقل- فيما يتعلق بالكيان النفسي الجسدي الشخصاني و/أو الواقع المحيط، ويمكنك أن تعرف أكثر عن هذا الاضطراب بقراءة مقالنا: اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع: وصف
أنت تقول أن هذا العرض -الذي نعرف جيدا كم هو مزعج ومقلق وسخيف- (لا تؤثر على حياتي الشخصية ولا الاجتماعية وليس لها أي تأثير ملموس سوى الضيق الشديد الذي ينتابني بعدها لكوني لا أعرف حقيقة نفسي تمام المعرفة)... والحقيقة أننا شرحنا أن الذي يتغير أو يعتريه خللٌ ما ليس حقيقة نفسك وإنما قدرتك أنت على الشعور الحميم بجزء من شعورك أنت شخصيا... بصراحة يا ولدي رغم بساطة المثال الذي تطرحه هنا: الوقوف أمام المرآة وعدم التعرف على النفس لهنيهة من الزمن مؤلمة ومحيرة... هذا العرض سمعته من بعض مرضى متلازمة اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع، ولكنني كثيرا ما سمعته أيضًا من مرضى اضطراب الوسواس القهري حيث يكون عرض اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع هو ما يوسوس المريض بشأنه في وقت ما... من هؤلاء من وصل به الحال إلى أنه حينما يناديه أحدهم باسمه... يتردد داخله أنه عليه أن يخرج هويته ليتأكد من اسمه وصورته ويقاوم ذلك بشدة... وأخيرا يقوم إلى الحمام ليراجع في خفية بيانات هويته الشخصية!
معنى هذا يا محمد أنك إنسان قوي القدرات النفسية حتى الآن لأن كثيرين يؤدي بهم عرض كهذا إلى خلل طويل المكوث غالبا في حياتهم... فإذا غاب الخلل في الأداء الحياتي فلا مجال للحديث عن مرض نفسي... خاصة وأنه ليست هناك علامات مرضٍ نفسي لا تحدث أحيانا للإنسان الطبيعي 100% وإن اختلف التكرار والشدة والإلحاح والأثر الباقي في النفس من شخصٍ لشخص... لكن كل أعراض وعلامات المرض النفسي يمكن أن يمر بها الإنسان الطبيعي مرورا عابرا فليست في حد ذاتها تخيف.
وعرض (أفكار ومشاعر) اختلال الإنية هذه التي تنتابك يا محمد وتتعامل أنت معها ما شاء الله خير ما يكون التعامل، وفي غياب أي أعراض وسوسة مثلا لم تذكرها.. ورغم أنك لم تذكر لنا معدل حدوثها وهذا مهم... ولم تذكر أيضًا شدتها هل النوبات الأخيرة أشد أم لا من النوبات المبكرة؟ أنت لم تذكر كثيرا من التفاصيل المهمة المطلوبة وبدا عليك أنك تحاول التقليل من شأن ما تشتكي منه أولا...
ثم نأتي لما نشتكي منه ثانيا وهو في قولك: (أنا بطبعي إنسان أهتم بالآخرين بشكل كبير جداً حيث أن أول ما أحسب حسابه في أي عمل أقوم به هو الآخرون ورأيهم، وغالباً تكون حديثي مع نفسي عن الآخرين: أصدقائي وأسرتي.. أريد منكم أن تساعدوني لكي أكتشف حقيقة نفسي ولكي أتعرف على نفسي حق التعرف، وأتصالح مع ذاتي وأتخلص من اهتمامي المفرط بالآخرين والتفكير بهم).... إذن تود القول بأنك مثل من نسميه مدمن الاستحسان؟ أو تراك تحسب أنه يجب امتلاك كل الخصال الحسنة؟
أنصحك بأن تقرأ مقالات توكيد الذات وهذا حل شكواك الثانية.... ولكن نرجع للأولى.... بصراحة يا محمد رغم اطمئناني الحالي عليك إلا أنني لا أستطيع أن أبقى مطمئنا دون نصيحة لك بأن تزور طبيبا نفسيا لتقييم الموقف تقييما أفضل مني أو على الأقل حاول القراءة عن الوسواس وتابعنا بتفاصيل أكثر، وسبب القلق الموجود لدي يا محمد هو أن بعض حالات متلازمة اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع يبدأ مسار اضطرابهم بسنوات من أعراض خفيفة نوبية متقطعة...
هلا سمعت الكلام يا محمد وتابعتنا؟ وإن شاء الله يكون كل خير.