أريد أن أعف نفسي بالحلال..!؟
السلام عليكم ورحمة الله،
موقعكم أكثر من رائع وجزاكم الله كل خير وجعله في ميزان حسناتكم.
سأبدأ مشكلتي بتلخيص ما أنا عليه الآن ورغبتي الشديدة في التغيير للأفضل. أنا لا أجيد التعامل أبداً -وبصراحة لا أرغب أصلاً في التعامل- مع الجنس الآخر، لكن من منطلق بلوغي 26 سنة وزواج كل من حولي ومن هم أصغر مني ورغبتي التي أكبتها في تكوين أسرة صالحة والحياة مع زوج صالح، بالإضافة إلى رغبتي الجنسية والعاطفية، فإني أجد نفسي في صراع دائم بين القلب والشهوات من جهة والعقل من جهة أخرى.
عقلي يرفضهم! وإن كان هذا الرفض قد أصبح أقل حدّة منذ 5 سنوات بعد تجربة تعارف عن طريق النت، إذ كانت تلك هي الوسيلة الوحيدة التي حاولت من خلالها التحدث مع الجنس الآخر، تمكن الطرف الثاني فيها من تغيير بعض أفكاري السلبية تجاه الزواج والرجل خاصة، وانتهت هذه العلاقة نهاية فاشلة كباقي علاقات النت، فقررت عدم خوض مجال الشات مع الرجال مرة أخرى وتبت إلى الله.
المهم واللافت للنظر، أنني أتواجد دائماً بمجتمعات مليئة بهم، مثل الكلية والدراسات العليا التي قمت بها ودورات الكمبيوتر والانجليزي والتنمية البشرية والعمل...!! إلا أنني لم أتكلم مع أحد علاقاتي مقتصرة على الفتيات دون الشباب. كنت أقنع نفسي منذ أيام الجامعة بأن ذلك من باب الأدب ويجب عليّ الحفاظ على سمعتي، وأن الشباب في مثل هذا السن مصدر للمشاكل؛ يضحكون مع هذه ويضحكون عليها بمجرد أن تدير لهم ظهرها، ناهيك عن العلاقات العاطفية التي تخسر فيها الفتاة دائماً قلبها ومشاعرها، بالإضافة لاستغنائي عنهم بالفتيات، وكلّما سمعت أو قرأت عن مشكلة وقعت لفتاة وكان ورائها شاب أقول أحسن تستاهل هي من سلّمت قلبها لواحد منهم!.
ووجدت ضالتي في صديقتي الحميمة حيث كنا نمثّل ثنائياً متكاملاً لا علاقة لنا بالأولاد ونصادق كل بنات الدفعة ومحبوبتان جداً من الكل.. رحلات ونزهات ودورات ومذاكرة وتليفونات، كنّا كالمخطوبين، لكنها خُطبت وتزوجت وأنجبت، كل هذا في ثلاثة أعوام، وتركتني.. لمن؟ لا أدري، وجدت نفسي وحيدة، كل من حولي إمّا متزوجات أو مخطوبات أو حوامل في الطفل الثاني! والكل يسألني دائماً: ألا جديد؟؟ أتظاهر لهم -وإن كنت في بعض الأحيان صادقة في ذلك- بأن الموضوع ليس ببالي وكل ما يقدّره الله لنا خير وبركة، ثمّ ماذا فعلن من تزوجن؟.... الخ من التعليقات التي أسكتهم بها. ولكن مع مرور الوقت وجدت نفسي بحاجة إليهم؛ معنوياً وعاطفياً وجنسياً، ستضحك مني إذا أخبرتك أني أدعو الله في صلاتي أن ييسر لي زوجاً صالحاً، وإذا لم يأتي فأني أتضايق ولا أرغب في الدخول للتعارف، وأسعد عندما لا يحوز على رضاي، وأضحك وأعلّق على المواقف بعد أن يغادر، لكن في اليوم التالي أحزن لأني أتمنى لو أعجبني وأن أسعد أهلي.
ملحوظة: جميع من تقّدموا لي كان التعارف تقليدياً عن طريق وسائط -وكنت لا أحبّذ ذلك لرغبتي في أن يراني ويرغب في التّقدم إلي من نفسه لا عن طريق أحد، ولكن بحكم السن- كما يقال- أصبحت لا أرفض من الباب كما في السابق، بل يأتي للبيت ثم أرفضه!!.
جذّابة -ولله الحمد-، ومرحة وأحب الناس وعلى دين وخلق ومن أسرة محترمة -ولله الحمد-، ولكن العيب فيّ أنا أعرف ذلك، فأسلوب معاملتي وكلامي لا يشجع أحداً حتى لو كان ينوى أن يجازف ويتقدم، فأنا أشعرهم كأنهم هواء لا أراهم ولا أشعر بهم، وإن كان لابدّ تعاملت مع أحدهم ففي أضيق الحدود وأكون خجلة جداً ومرتبكة وأفكر أكثر من مرّة قبل أن أنطق حتى لو كان أصغر مني بكثير، لكن الحق تقال لا أحاول جرح أحد، أتجاهلهم فقط، وإذا كنت أكلّم إحداهنّ وجاء شاب ليكلمها أتركها وأمشي!! لا أحبّ التكلّم أمام الشباب أبداً ولا أن أبدي وجهة نظري أمامهم -حتى لو كان كلامي موجه للفتيات- بل ألتزم الصمت تماماً في حضورهم. ستستغرب لو قلت لك أني في مراهقتي كان لي علاقات عاطفية! لكن على "قدّي"؛ مجرد نظرات فقط من بعيد لبعيد ولا كلمة ولا حرف، ثم أتعمّد التجاهل التام إذا جمعنا مكان أو حدث واحد كأني لا أعرفه، مع أني أكون سأجنّ لأراه! كان هذا أيّام الثانوي مع ابن الجيران وأيّام الكلية مع زميلي، والحمد لله هداني الله ووجدت فعلاً أن غضّ البصر هو نعمة تفضّل بها عليّ، وأقلعت عن ذلك وارتحت منه خصوصاً أنك تقابل أناس لا همّ لهم إلا أن تعلّق الآخرين بنظراتهم التي لا تقدّم ولا تأخّر.
معلومات عني: أنا البنت الصغرى والوحيدة ولي 3 أخوة شباب أكبر مني. أبي وأمي ينيران حياتنا ولله الحمد. من المؤكد أن عندي رواسب وعقد منذ الطفولة من البيت وخصوصاً وسط 4 ذكور وطيبة أمي الزائدة وضعفها، وتدليلهم الزائد لي وغيرة إخوتي وما إلى ذلك، لكن لا أريد أن أعلّق مشاكلي على الماضي، أريد أن ألحق بنفسي لأني أن أتغيّر فعلاً، أكره أن أوصف بالمعقدة -ومتأكدة أن الكل يقولون ذلك ويعتقدونه-، ولا أريد أن أترك انطباعاً أني مادامت التزمت دينياً فلابد أن أكون كئيبة. وأريد أن أعفّ نفسي بالحلال، وأدعو الله ومتكلةٌ عليه، هاأنذ آخذ بالأسباب وأطلب العلاج.
وجزاكم الله خيراً.
08/06/2008
رد المستشار
عزيزتي،
مرحباً بك معنا في موقعنا مجانين.. ولكِ جزيل الشكر لثقتك الغالية بموقعنا ونتمنى من الله أن نكون عند حسن ظن الجميع.
مشكلتك عزيزتي ليست فريدة من نوعها.. وأراها أمامي يومياً في معارفي وصديقاتي؛ تحلم كل فتاة بفارس أحلامها وملامحه حتى ذوقه في ملابسه! وكأنها ترسمه ولا تقبل أي تعديل فيما رسمت.. لتصدم به على أرض الواقع...
تدرك وقتها أنها كانت تحلم فقط، ولا يستطيع المرء فعل كل ما يحلم به وترجمته واقعاً.. ولكن تكابر وتعاند وتأبى أن ترضخ للواقع، وتنتظر وتنتظر وتتسرب الأعوام كما يتسرب الماء من قبضة اليد دون أن نشعر.
أكثر شيء لفت نظري في رسالتك جملة (بحكم السن)!!.. تتحدثين عن عمرك وكأنك قاربت سن اليأس!!.. عمرك كله 26 عاماً فقط، أي سن هذا عزيزتي الذي أصبح بحكمه؟؟ 26 عاماً يعني أنك بلغت سن الرشد من خمسة أعوام فقط، وتقولين أنك كبرت!!!!!!.. فأول ما نتفق عليه صديقتي أنك في عز شبابك ومازلتِ صغيرة فلا تستسلمي لتلك الفكرة حتى لا تشيبي قبل الأوان وتنعكس تلك الفكرة السوداوية على طريقة حياتك وأسلوب معيشتك مما سينفر الرجال منك حقاً.. فإذا كان شعورك بنفسك هكذا فهل تنتظرين أن تعاملي كشابة؟؟.. بالطبع لا.. هذا أول أمر.
هناك مقولة قرأتها واحتفظت بها -فمن هواياتي الاحتفاظ بالمقولات التي تعجبني-:
"لماذا الانتظار الدائم لفرصة أفضل بالترقّب والتحفّظ؟ فالأفضل هو المتاح لنا الآن، في اللحظة الحاضرة، وكثيراً ما نضيّع حظوظنا لكثرة التريث والانتظار"..(جاكلين دو بو).
تدبري تلك المقولة جيداً، تجدين أنها محقة كل الحق دائماً نضيع فرصاً على أمل الحصول على أفضل، فتضيع الفرصة ولا يأتي الأفضل. إذا فلنتفق على ثاني أمر: ألا تضيعي أي فرصة قادمة على أمل أن يأتي الأفضل، أي فرصة متاحة تنظرين لها بعين الاعتبار والجدية وتفكرين بها وكأنها آخر فرصة أمامك كي يكون التفكير بشكل جدي حقاً.
عزيزتي؛
يجب أن ينخفض سقف أحلامك ومطالبك، ليس لأنك كبرت أو مطالبة بالتنازل بل لأن الواقع لا يحتمل الأسقف المرتفعة، فاعتدلي في مطالبك لا ترفعيها للسماء ولا ترميها أرضاً.. وليكن هذا ثالث أمر نتفق عليه.
لن ألتفت لما تقولينه عن مراهقتك وحكايات المراهقة.. ولكن سأقف عند أسلوبك مع الرجال، تتحدثين ببساطة عن التجاهل، فالتجاهل أحياناً يجرح أكثر من جرح الكلام نفسه.. ولا أعني ألا تضعي حدوداً في حديثك مع الرجال بل أقصد حسن الحوار كي لا يأخذ عنك أنك غير اجتماعية أو معقدة من الرجال. هنا أيضاً الاعتدال واجب جداً، فلا مانع من الحديث الجميل بكل احترام داخل سياق حدود العلاقة سواء كانت قرابة أو عمل، ولا مانع أيضاً من المشاركة في المناسبات وتوسيع دائرة المعارف.. وهذا رابع أمر يؤخذ في الاعتبار.
خامس أمر وهو أهمها وأجدك حقاً تفعلينه وهو الدعاء لله وتخيري أوقات الاستجابة، ولأقصص عليك قصة دعاء جميل تدعين الله به بعد كل صلاة وبين الآذان والإقامة، وأيضاً وأنتِ صائمة:
روى الواقدي أن زاهداً ارتبط بصداقة حميمة مع أحد العارفين، وشاءت الأقدار أن يفرق بينهما أكثر من عشرين عام فاشتاق الزاهد إلى صديقه وظل يبحث عنه إلى أن وجده، طرق عليه بابه ففتحت له إحدى بناته وكأنها البدر في ليلة تمامه.
فقال: لها إني فلان صديق أبيك منذ سنوات.
فقالت له : أهلاً بك فإن أبي لم يحدثنا عنك كثيراً. فسمع الأب صوت الزاهد فقام مسرعاً إليه وبعد تبادل الأحاديث قال له من التي فتحت لي الباب قال : ابنتي. قال له : أهي متزوجة؟
فقال: لا ولا أخواتها الست وهي أصغرهن.
فقال الزاهد: اسمع مني وخذ عني هذا الدعاء الذي حفظته عن أجدادي وما خاب بأمر الله، وأخذ يتلو عليه الدعاء حتى حفظه وحفظته بناته السبع وبعد عامين عاد الزاهد إلى صديقه فوجد داره تعج بالبنين والبنات لأنهن قد تزوجن جميعاً.
الدعاء:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وعلي آل بيته وصحبه أجمعين:
اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، اقض حاجتي وآنس وحدتي وفرج كربتي، واجعل لي رفيقاً صالحاً كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً، فأنت بي بصير يا مجيب المضطر إذا دعاك، احلل عقدتي وآمن روعتي وفرج كربتي.
يا إلهي هب لي من لدنك زوجاً صالحاً واجعل بيننا المودة والرحمة والسكن إنك على كل شيء قدير، يا من يقول للشيء كن فيكون، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين. وصلي اللهم على أشرف الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام.
وفي نهاية حديثي أقول لكِ لا تملّي الدعاء لله وقولي دائماً "اللهم إننا ندعوك كما أمرتنا.. فاستجب لنا كما وعدتنا"، والاعتدال في كل شيء عزيزتي أمر مهم كما أسفلت القول معك. وفقك الله ورزقك بالزوج الصالح أنت وجميع بنات أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. آمين.
ويتبع .............: القلب والشهوات والعقل صراع صعب! مشاركة