وسوسة واكتئاب وصمت طويل على العذاب م1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور الفاضل وائل أبو هندي أنا صاحبة مشكلة وسوسة واكتئاب وصمت طويل على العذاب.. الدكتور القدير.. أود أن أستشيركم في أشياء كثيرة فأنتم الملاذ بعد الله عز وجل خاصة وأنني أعجز عن الحديث مع طبيبتي كوني لا أتحدث لغتها.. فأرجو منك أن تتكرم وتجيب على جميع تساؤلاتي وأن لا تبخل علي برأيك وإن أسهبت.. وربما أسئلتي كثيرة فأرجو أن لا تهملها أو تهمل أحدها ونحن كما عهدناكم كرماء نذرتم أنفسكم لتفرجوا كروب الناس فرج الله عنكم كروب الدنيا والآخرة.
سأبدأ بتوضيح بداية العلاج وأنواع الأدوية التي أخذتها ثم بحالتي وأخيرا باستفساراتي وتساؤلاتي.. بدأت العلاج منذ أربع سنوات وكانت البداية مع السيروكسات لسنتين تقريبا لم أتحسن عليه كثيرا خاصة وأنني كنت أقوم بالعلاج السلوكي للاكتئاب _بنفسي طبعا_ مع أن الاكتئاب ناتج عن الوسواس خاصة الوساوس الدينية وقد كنت بدأت بالاكتئاب لأن الوساوس كانت تقريبا مختفية وهذا ما يتعبني وأود أن أستفسرك بشأنه لاحقا؛
المهم أنني غيرت طبيبتي إلى طبيبة أخرى ارتحت لها كثيرا وأعطتني عقار فلوفوكسامين 50 مليجرام ثم رفعت الجرعة إلى 100 حسب ما أتذكر واستمريت على ذلك سنة تقريبا لكن ما زال هناك بعض الوساوس التي تظهر بين الوقت والآخر وكذلك اكتئاب وإن كان خفيفا لكنني ما زلت لا أشعر بالمتعة والسعادة والراحة وغير قادرة ولا راغبة في ممارسة هواياتي فرفعت الجرعة إلى 150 مليجرام بعد إلحاح مني وتحسنت عليه كثيرا؛
وكنت أقوم بالعلاج السلوكي للوسواس لكن بشكل غير منتظم بسبب أن الاكتئاب يطغى على الوساوس فلا أشعر بها وأظل أبحث عنها بصعوبة ولا أستطيع حتى أن أرصدها في ورقة ولكن الآن بعد رفع الجرعة لثلاث حبات 150 أصبحت الوساوس أكثر وضوحا وهي خفيفة أحيانا وأحيانا تكون قوية لكن ليس بالشكل الكبير وما أن أتعرض وأمنع الاستجابة حتى تتلاشى لكنها ما زالت مستمرة وكذلك أعراض خفيفة من الاكتئاب تحرمني متعة الحياة والشعور بالحب والسعادة مع زوجي وأولادي والقيام بعباداتي؛
لي الآن ستة أشهر منذ زيادة الجرعة لثلاث كبسولات كانت تنوي الطبيبة بعدها إنقاص الجرعة لحبتين لفترة طويلة للوقاية لكنني عدت إليها بعد الستة أشهر أنا وزوجي وأنا أطلب منها أن ترفع الجرعة إلى أربع حبات 200 ملجرام لكنها قالت بأن هذا قد يسبب لي مشاكل في الكلى والكبد حتى وإن قمت بالتحاليل اللازمة وزوجي الآن معارض بشده رفع الجرعة ودائما عصبي لهذا السبب وغير راضي عن الزيادة خوفا من العواقب فماذا تقول يا دكتور حاولت إقناعه بكل الوسائل لم يقبل أخبرته أننا سنستشيركم وما تقولون به هو ما سيقنعنا.
أنا أشعر أنه بقي القليل لأرتاح وأن رفع الجرعة هو الحل مع ما أقوم به من مجهود لا أريد أن يضيع مني الوقت أكثر مما قد ضاع.. لا أريد أن أفوت فرصة ترجع لي راحة بالي وطموحي وسعادتي ..هو يقول أنني بعد فتره لن أقتنع ب200 مليجرام وسأطلب رفع الجرعة بحجة أنني ما زلت أعاني ويقول أن حتى الفحص الدوري لا يكفي وأن الفشل الكلوي وتليف الكبد مرض صامت قد يصيبني بسبب الدواء وبالطبع لن نغير الدواء لرفض الطبيبة ولسلامة الدواء أرجو أن أجد الجواب الشافي الكافي لديك.
أما بقية تساؤلاتي فهو أنه خلال هذا الأسبوع اقتحمت رأسي فكرة بأنني مصابة باكتئاب ثنائي القطب لأنني فعلا أذكر أنني بعد ست سنوات من المرض كانت تأتيني لحظات سعادة غير طبيعية وأضحك كثيرا في بعض مواقف أعتقد أنها لا تستحق كل ذلك الضحك وأتكلم كثيرا وأتصرف في حديثي مع الناس تصرفات لا أرضى عنها وليست من طبعي!
أعتقد أن هذا بدأ يحدث مع بداية استخدامي للسيروكسات والحقيقة لست متأكدة لكن حتى فترة قريبة وأنا تمر علي فترات أشعر فيها برغبة في الخروج والزيارات والاتصالات وكثرة الكلام ولكن الحقيقة لست متأكدة كم تدوم من أيام.. لكن هذه الفترة أي تقريبا منذ أن رفعت الجرعة إلى 150 أشعر أن هذه الحالة لم تعد موجودة أنا تعرضت للفكرة وقرأت عنه وكان ينتابني الخوف والقلق حتى تلاشت والحمد لله؛
لكنني أود أن أستشيرك بهذا الشأن هل أنا مصابة بهذا النوع من الاكتئاب لا قدر الله أنا فعلا أخاف ذلك فما فيَّ يكفيني أرجو من الله السلامة ولكنني أحب أن تطمئنني فأنا لم أستطع البوح لطبيبتي بخوفي هذا لأن زوجي يصحبني دائما ليترجم لها ولا أريد أن يعلم بمثل هذا فيشك في تصرفاتي ويراقبها كما كانت تفعل والدتي أحيانا معي.
وزوجي الآن يفكر في أن أعود إلى بلدي لأتلقى العلاج بعد أن يئس في إقناعي بعدم رفع الجرعة وهو يريد أن يكون أهلي مطلعين على الأمر وأنا أرفض ذلك فلديهم تجارب مع مرضى في العائلة مصاب أحدهم بالفصام والآخر شبه مجنون إن لم يكن وسيتهمونني بضعف الإيمان والإرادة وسيظلون يرون أنني مريضة نفسية حتى وإن تعافيت وأنا لا أحتمل أبدا هذه النظرات.
أنا أرفض أن يعرف أحد بهذا الموضوع لأستطيع أن أتعامل مع الناس بأريحية.. مع أن زوجي معذور فقد تزوجته بعد معاناتي بسنتين ومكثت معه خمس سنوات وأنا أعاني صامتة دون أن أخبره ولم يعرف إلا بعد هذه الفترة عندما توحش الاكتئاب فلم أستطع الصبر ونحن لم نخدعه لأنني أنا وأهلي لم نكن نعرف أن ما أعانيه مرض نفسي اسمه الوسواس القهري خاصة وأني أوهمتهم بعد فترة من معاناتي أنني بخير وكنت أظن فعلا أن الزواج وعالمه ومشاغله كفيلة بأن تشغل تفكيري عن الوساوس.
فما رأيك دكتور في العودة لبلدي والظروف صعبة ولا أريد لأولادي أن يبتعدوا عن والدهم مع رغبتي في أن تكون طبيبتي تفهمني وأفهمها.. أتحدث إليها بكل ما يدور في نفسي أتلقى العلاج المعرفي والسلوكي بدقة لكنني سأواجه صعوبة في بعدي عن زوجي وفي بلاد الظروف المعيشية فيها صعبة.
أرجو أن تشير علي وسؤال أخير والمعذرة على الإطالة أنه لدي أفعال قهرية أكتشفها في حياتي اليومية وهي خفيفة كالانزعاج إن فتح أحدهم الماء إلى النهاية أو الخوف من لمس الغسالة حتى لا تمسكني الكهرباء أو ترتيب البيت بدقة وغيرها هل أستخدم التعرض ومنع الاستجابة فهل أبدأ واحد واحد أم أيما اعترضني تعرضت له أرجو منك التوضيح وجزاك الله خيره.
08/06/2008
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك ومتابعتك التي توضح بجلاء مدى التزامك بتنفيذ ما نصحناك به، أبدأ بآخر أسئلتك وهو عن التعرض ومنع الاستجابة والرد هو يفضل التعرض لمثيرات الوساوس واحدا واحدا... ولكن السؤال هو أين من يستطيع أن يجري معك علاجا معرفيا وأنت لا تجدين طبيبا يتحدث لغتك؟ إن إجراء علاج معرفي بهذا الشكل يكاد يكون مستحيلا... إذن أنصحك بالبحث عن طبيب نفسي يتوفر فيه شرطان الأول أن يحسن لغتك الأم وهذا سهل في بلدك أو غيره وأما الثاني فهو أن يحسن تطبيق العلاج المعرفي وهذا مع الأسف صعب فإنها قلة من الأطباء النفسانيين هم من يحسنون تطبيق العلاج المعرفي وتلقوا تدريبا عليه ومارسوه، وهذا ما يجعلني أقول أنك قد لا تجدين أحدا منهم في بلدك الأصلي وهو العراق على ما أذكر رفع الله البلاء عن أهله جميعا... وهذا يعني أنك تحتاجين السفر إلى بلدٍ آخر يتوافر فيه من يستطيع إجراء علاج معرفي لك.
سؤالك الآخر المهم هو ما إذا كنت تعانين من اضطراب ثناقطبي وهذا مع الأسف مع يبدو أنه واقع لأن ما أشرت إليه من نوبات فرح في غير محله خاصة مع زيادة جرعة مضاد الاكتئاب يشير بوضوح إلى ذلك..... حالتك تحتاج إذن إلى الاعتماد بشكل أكبر على العلاج السلوكي المعرفي ولا يستخدم أيٌّ من عقاقير الم.ا.س.ا إلا في أضيق الحدود أو ربما بعد إضافة أحد مثبتات المزاج، وهذه الأخيرة ربما تكون أكثر تأثير على الكبد أو الكلى من مضادات الاكتئاب... لكننا لا يجب أن نلجأ لمثبتات المزاج إلا في حالة استحالة سفرك إلى بلد يتوفر فيه من يستطيع القيام بالعلاج المعرفي.
نقطة أخرى لفتت نظري وهي ما أشرت إليه بقولك: (لدي أفعال قهرية أكتشفها في حياتي اليومية وهي خفيفة كالانزعاج إن فتح أحدهم الماء إلى النهاية أو الخوف من لمس الغسالة حتى لا تمسكني الكهرباء أو ترتيب البيت بدقة وغيرها)، فليس الانزعاج إذا فتح أحدهم صنبور المياه إلى النهاية فعلا قهريا بينما الخوف من لمس الغسالة أو ترتيب البيت بدقة هما فعلا من الأفعال القهرية....
أشكرك مرة أخرى على متابعتك وأتمنى أن يوفقك الله ويرفع عنك العذاب... وتابعينا بالتطورات.