السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بداية أتقدم بخالص الشكر والعرفان لكل من بذلوا الجهد والعطاء في إحياء وإقامة هذا الموقع وحرصوا على الاستجابة لرواده وكل المشاركين فيه.
حقيقة أنا لا أرسل مشكلة شخصية بقدر ما أرسل رداً وصرخة أود إرسالها من فترة ليست يسيره بعد كثرة ما قرأت في موقعكم ومواقع أخرى ومجلات ومن احتكاكات الحياة عن العديد من المشاكل المشابهة لصاحبة هذه المشكلة أحبه جدا لكني أكرهه جدا، وزادت رغبتي بعدما قرأت مشكلة عقلي يأمرني: اتركيه...وقلبي لا يطاوعني ولكنني لم أفعل صراحة إلا عندما استفزتني استشارة اليوم أحبه جدا لكني أكرهه جدا م وأردت أن أكتب إليكم آملاً نشر صرختي على قدر ما بها من قسوة وشدة في اللهجة إلا أنني سأحاول التزام الهدوء قدر الإمكان.
أختي الفاضلة صاحبة أي من المشكلتين ولا سيما هذه تحديداً... إني لا أعلم الغيب ولكنني أرى بلحاظ الرأي مصيرك يتفرع بين عدة طرق:
(1) أن تستمري حتى تصلي إلى طريق الفاحشة الذي قاربته 5 أو 6 مرات من قبل على حد قولك، ولا ألومك فثقافة مجتمعنا الذي أعفي نفسي من وصفه، وضعت شرف الفتاة وطهرها في صورة عضوية ما لم تمس عضوياً فهي طاهرة شريفة... على الرغم من أن الآية الكريمة حدثت "لا تقربوا الزنا" أي كل ما يقرب منه بداية من حد الخلوة وحتى الوطء... وبعدها سيفيق حبيبك ويعلم أنك فتاة يحبها ولكنك لست أهل للثقة ولا تصلحين لبناء أسرة فلو تأملت لوجدت أن نقص جو الحب والحنان والتفاهم حولك في المنزل أدى إلى أنك ارتضيت ارتباطا وهميا محرما شرعاً، أتى بعده ما أتى من كلام ولمسات وقبلات... ولكن في أول إفاقة لحبيبك سيقول أتوب إلى الله وأبعد نفسي عمن أفسدتني وأضلتني وكالعادة تكونين الخاسرة الوحيدة.
(2) جعل لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها "... السكنى هنا روحية بالسكون النفسي وسكون العواطف وهو ما لا يجوز شرعاً قبل عقد القران والسكنى الأخرى هي الجسدية وهو ما لا يجوز شرعاً قبل الزفاف... فالفتاة يجب أن تكون عذراء طاهرة الروح وهذه عذرية الفتاة الروحية وأخرى عذرية جسدية يساهم في وضعها في هذه الأيام كثير من الجراحين... فقفي لنفسك إن تزوجت الآن فهل أنت عذراء ممن تعد نعمة لمن يتزوجها من الشباب أم أنك سلعة تم استهلاكها من قبل.
(3) أقسم لك بما تريدين أنك لن تكملي طريقك مع هذا الشاب ستتركينه أو يتركك وفي أي مرحلة ولكنكما لن تصلا إلى أسرة لأنه لن يثق بك ولن تستقري له... وبعدها ستمرين بأزمة نفسية لأي فترة وتعود حياتك لمسارها... فإن رغبت الزواج فمن سيتزوجك إن علم بما كان سيرفض ويأبى لنفسه الثقة والارتباط بمثلك ولو كان له من الخبرات والتجارب ما فوق الحد... وإن لم يعلم فاعلمي أنت أنك خائنة الآن لأهلك وخائنة غداً لمن سيخدع فيك ويظنك عذراء...
وهذا رأيي ولا أعني "فتوبوا إلى بارئكم أو اقتلوا أنفسكم لعلكم ترحمون" ولكن أعني أفيقي فقدت فقدت الكثير وأضعت كثيراً مما لا يمكن تعويضه فلا تضيعي المزيد وما أنت به على خدر اليوم ستندمين يوم لا ينفع ندم ولا أرجو أن يجيء هذا اليوم قبل قراءتك رسالتي.
آسف لقسوة أسلوبي أو للإطالة...
ولكن بعضنا يحتاج أن يقسو على نفسه قليلا.
12/11/2003
رد المستشار
الأخ الكريم: أشكرك على مشاركتك القيمة وأدعو الله أن ينفع بها بناتنا، ومن مشاركتك ومن القصص التي تناولتها والقصص المشابهة يمكننا أن نعلق على النقاط التالية:
* لن تقوم لنا قائمة ولن يمكننا التخلص من الخلل والخبل الاجتماعي الذي نعيش فيه إلا إذا تخلينا عن تصوراتنا المنقوصة وفهمنا المشوه لمعنى الشرف، فالشرف "شرفنا جميعا كرجال وكنساء وكمجتمعات وكأمة" اختزل معناه في غشاء رقيق في أسفل الجهاز التناسلي للأنثى، ووجود هذا الغشاء يمكننا من أن نرفع رؤوسنا بكل فخر وتيه لأن "شرفنا مصان ومحفوظ"، ودون هذا الغشاء تراق الدماء، وما أسهل أن تفقد الفتاة الساذجة بكارتها مع أول خطأ تقع فيه، وما أسهل أن تحافظ الفتاة اللعوب على سلامة هذا الغشاء "عنوان الشرف" رغم تعدد علاقاتها وممارساتها، والله لن تقوم لنا قائمة إلا إذا أعدنا صياغة هذه المعاني وربينا الجميع "فتيانا وفتيات" على أن للعفة "الشرف" معنى أوسع وأعمق من هذا المفهوم السطحي المضلل، فالعفة تاج يتوج به الله كل من يحفظ سمعه وبصره وحواسه وجميع جسده – رجلا كان أو امراة – من كل البشر إلا بموجب ميثاق غليظ وعقد كرمه الله وهو عقد الزواج.
* وأجدني أقول مرة أخرى أنه لن تقوم لنا قائمة ولن تنصلح أحوالنا إلا إذا تعلمنا معنى مراقبة الله عز وجل في كل أحوالنا، وتغاضينا عن مراقبة من سواه من البشر.
* نحتاج ضمن ما نحتاج لنخرج من حالة الضياع الاجتماعية التي نعانيها، نحتاج لمناهج تربوية تعلى من شأن العقل وتعيد صياغة وتشكيل أولادنا والبنات منهم خاصة، حتى نتمكن من إنتاج نماذج أكثر صلابة وأقل هشاشة في التكوين، وبدون هذا النضج وبدون هذه المناهج سنظل ننتج كائنات شديدة الضحالة الفكرية لا تهتم بمجتمعاتها وبهمومه، ولا يشغلها إلا توافه الأمور ولا يعنيها إلا الجسد واحتياجاته، وفي ظل هذه الضحالة الفكرية والتكوينية، وفي ظل مجتمعات تربى الجميع – والأنثى خصوصا - على معاني التبعية والخضوع والخنوع، وفي ظل مجتمعات تنزع من بنى البشر حريتهم وتحجر على حقهم في الاختيار، يمكننا أن نتوقع المزيد والمزيد من الخلل الاجتماعي.
* لابد أن نكف عن تربية أبنائنا على معاني الأثرة والأنانية، ولابد أن يتعلم أولادنا أن يهتموا بمجتمعاتهم لأن الأحوال المجتمعية المتردية التي نعانى منها لن تنصلح إلا إذا تخلص معظمنا من الأنانية والفردية، وإلا إذا تخلصنا من الكثير من المصطلحات السلبية التي سادت بيننا ومنها على سبيل المثال: "وأنا ما لي" "هو أنا اللي ها أصلح الكون"، وبدون هذا الفهم وتطبيقه سنظل – رجالا ونساء - كائنات استهلاكية لا تعي من أمر دنياها إلا اللذة والمتعة، وستظل احتياجات الجسد هي الضاغط الأوحد والمؤثر فينا والمحرك لنا.
* أعتقد أنه من الضروري أن ألفت الانتباه لنقطة ضرورية قد لا تكون واضحة في رسالتك، وهي نقطة نلفت الانتباه دوما لها، فالإنسان كان – رجلا أو امرأة – مأمور أن يسارع بالتوبة إذا اقترف ذنبا وأن يتجنب فضح نفسه، وماضي الشاب والفتاة أمر بينه وبين ربه، فمن تعد حدود الله وارتكب إثما فعليه أن يدرك أولا أن خطؤه هنا كان في حق نفسه وفي حق ربه، ومن هنا يلزمه الاستغفار والتوبة والندم على ما اقترفت يداه والعزم على عدم العودة والطمع في رحمة الله ومغفرته وعفوه فهو سبحانه غافر الذنب وقابل التوبة، ولا يلزمه أن يعترف بأي من هذه الممارسات لشريكه لأن هذه الاعترافات تثير الغيرة وتؤجج نيران الغيرة في النفوس وتحيل الحياة الزوجية جحيما لا يطاق، وقد يكون هذا الأمر من الدوافع التي جعلت الكذب مباح في حديث المرأة لزوجها وحديث الرجل لزوجته.
أخي الكريم مرة أخرى أشكرك على مشاركتك القيمة وأدعو الله أن يرزقنا جميعا العقل والحكمة التي تعيننا على ضبط أمورنا، كما أدعوه سبحانه أن يرزقنا تقواه وأن يوفق الأختين صاحبتي المشكلتين لما يحبه ويرضاه، وأن ينعم عليهما وعلينا جميعا بسعادة الدنيا والآخرة.
ويتبع >>>>>>: أحبه جدا لكني أكرهه جدا مشاركة