كيف أسعد زوجي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
في الحقيقة، لست أدري من أين أبدأ فالهم ثقيل والمسؤولية كبيرة ولم أجد من يضيء لي دربي بعد الله تعالى سوى الأنجم اللامعة أمثالكم، فأرجو أن يتسع صدركم لي...
أتوجه بالحديث إلى الدكتورة سحر طلعت التي أفادتني في استشارة سابقة بعنوان البنات والعرقسوس: البنات وعلاقتهن بالجنس، أشكرك من كل قلبي يا أمي وأتمنى يا سيدتي أن تعتبريني بحق ابنة لك وإنه ليشرفني ذلك ويشرفني حقا أن يكون لدي قدوة رائعة في الحياة مثلك.......
أمي إنني على مشارف الزواج كما تعلمين، وإنني يا أمي أريد أن أكون نعم الزوجة الصالحة التي تحيط زوجها بكل الحب والدفء والسكن والهدوء وتؤمن له احتياجاته كلها من الحب والحنان والرعاية والفرح الدائم، وأحمد الله حمدا كثيرا أنه رزقني بإنسان نبيل ورائع وفيه كل الصفات التي تحلم بها أي أنثى من نبل الأخلاق وكريم الصفات بالإضافة إلى أنه يحترمني جدا ويحبني جدا ومستعد لأن يضحي بأي شيء من أجلي ونظرته للمرأة مليئة بالتقدير والاحترام وهي بالنسبة له إنسان له حقوقه التي يجب أن تحترم كما أمر الإسلام وأن المجتمع يظلمها كثيرا وأنها يجب أن تحاور وتناقش ويُحترم رأيها، فهو خريج كلية الشريعة.
وأهدافنا مشتركة في طاعة الله وأن نعيش حياتنا في تفاهم وحب، وأنا أعترف وبكل صراحة يا ماما أنه إنسان غير قابل للمشاكل أو وجع الرأس وأن أي مشكلة حدثت أو ستحدث أنا السبب فيها، والسبب الرئيسي يرجع للخلفية البيئية التي نِشأت فيها والمليئة بالنكد والمشاكل وليس فيها أي احترام من والدتي لأبي أو من أبي لها، وبالتالي كنت أنا وأخوتي أداة لتفريغ ضغوطهم بشتى الأنواع وكل شيء عندنا في البيت قلة أدب وعيب حتى أصبحت الأمور الطبيعية أو الكلمات الطبيعية الصادرة عن أي شخص تشكل عندنا حواجز وتوترنا.....
وطبعا كان نتيجة الجحيم الذي عشناه في المنزل الفشل على جميع الصعد وانطماس شخصياتنا التي باعتقادي هي شخصيات رائعة وأتحدث عن نفسي أنني امتلك شخصية قوية وجذابة وعقل يتمتع بالمنطق ونفس شفافة وعاطفية ومليئة بحب الخير للناس.
وبدأت منذ سنتين أسعى في تغيير سلبياتي وتعزيز ايجابيات شخصيتي واكتساب عادات حسنة والحمد لله أن الله منَ علي بإنسان رائع يبتغي كل الحب والسعادة معي ولست أريد أن أخيب أمله حتى أنني كنت صريحة معه وأوضحت له جوانب شخصيتي وطلبت إليه أن يصبر علي قليلا لأتخلص من رواسبي النفسية.
ونحن الآن لا نزال في مرحلة كتب الكتاب، ولست أريد أن أدخل حياتي الزوجية وأنا لا أملك من ينصحني أو يوجهني إلى أهمية احترام زوجي وطرق المعاملة السليمة بين الزوجين ليستمر الحب بينهما، فلست أصفق بيد واحدة كما قلت لك يا ماما بل انه يسعى لهذا الهدف معي،
وبرأيه أننا يجب أن نضع مرجعية نتفق عليها سوية وفي حال أي خلاف نعود إليها، وأنا أعترف يا ماما أنني أحبه جدا واحترمه جدا وأعتبره قدوة لي في كل شيء، صدقيني لست منبهرة به فلو حكيت لك المراحل والتجارب والفحوص التي أخضعته لها لصدقت أن حبي ليس حبا رومانسيا بل هو إن شاء الله مبني على جناحي الطائر وهما العقل والعاطفة لان ما يهمني بالنتيجة هو أن ينمو ويستمر هذا الحب لا أن يذوي ويذبل، والآن ماما سحر أرجوك تخيلي أن ابنة من بناتك حفظهم الله لك قد اتخطبت الآن ماذا توصينها وكيف تعلمينها مبادئ الحياة الزوجية السعيدة؟؟؟؟.....
أريد يا ماما أن أقدم له السعادة على طبق من الذهب، يؤلمني جدا أن يتألم مني ولو لشيء بسيط، يؤلمني أن لا أكون له الحضن الدافئ، أن أصابته شوكة آلمتني وان جرح شعوره شعرت بنيران الألم تعتصر فؤادي وان أصابه هم اكتأبت بدلا عنه، انه يستحق كل الحب يا أمي ولست أريد فقد حبه لي بسبب سوء تقديري للأمور وسوء فهمي للأمور..... أرجوك أن تساعديني فأنا في حيرة من أمري.
وأحتاج نصيحتك ولم أصدق انه من الممكن أن يتحقق هدف استمرار الحب بين الأزواج إلا عندما سمعت الأستاذ عمرو خالد وهو يحدثنا عن بيوت الصحابة الرائعة وما تحمله من الدفء والحب العميق والارتباط الشديد بين أفرادها، هذه المعاني التي نفتقدها الآن في واقعنا فلم نعد نعرف ماذا تعني كلمة أم ولا ماذا تعني كلمة أب بل نبحث عنهما وسط الزحام الشديد ولا نجدهما.
بالإضافة يا سيدتي إنني كلما حاولت استنصاح من حولي من المتزوجات يقلن لي لا تتفاءلي باستمرار هذا الحب، إن هذا فقط فترة الخطبة، كل الرجال يكذبون، وكلهم أنانيون، وأنا لا أصدق هذا الكلام لأنها لو خليت من الشباب الطيبين لفسدت هذه الأرض وكونها لم تفسد بعد فهذا يدل على انه لازال هناك أناس طيبون، فلست أريد لهذه الترهات أن تعكر حياتي، ويقولون لي لا تظهري له حبك فيطمع، وخطيبي إنسان عاطفي جدا ويبحث عن الحب فهل من المعقول أن أحرمه حقه الطبيعي، وكيف أطلب الحب من إنسان أبخل أنا بالحب عليه، بل إن هذا أقل شيء أقدمه له بل إن حقه علي أكثر بكثير والاهم من ذلك انه يستحق أن أكون جارية له.
ما هذه الأفكار الخنفشارية التي أثبتت فشلها ومع ذلك لازال الناس يركضون وراءها، أرجو أن لا تستغربي ذلك يا أمي، لا تستغربي هذه العاطفة الجياشة ولكنني واثقة أنها بإذن الله أنها في مكانها لأنني استخرت ربي قبل الموافقة وأخذت بالأسباب جميعها في التحري عنه والتعرف إلى أفكاره وصفاته ولذلك أحببته لما وجدت فيه من صدق المشاعر ونقاء السريرة وطيبة القلب،
ولما رأيت من نبل أخلاقه، ثقي بي يا أمي، ثم انه ليس رأيي وحدي، بل لم أجد في حياتي إنسانا يحبه الناس من أول لقاء مثله، وأحمد الله مرارا وتكرارا أن يسر لي سبل محادثتك والانتفاع بحكمتك، وأحمده كثيرا على هذه النعمة الكبرى التي سيسألني عنها يوم القيامة وأسأله أن يوفقني للعمل الصالح ويلحقنا جميعا برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى....
وأعود للسؤال المهم جدا؟ كيف أكون زوجة محبة، مشاعرها نهر متدفق لا يجف؟ كيف أحقق السكن والهدوء والطمأنينة لزوجي؟ وكيف أتفهم مشاعره ورغباته؟ وكيف لا أكون أنانية في تصرفاتي أو أفعالي؟ كيف أتجنب سوء الفهم الذي من الممكن أن يؤدي إلى مشاكل؟؟
ماذا توصين ابنتك يا أمي وأنت تزوجينها؟؟ هذا ما أحتاجه بالضبط..... وتقبلي مني فائق الاحترام والتقدير.
09/12/200
رد المستشار
بنيتي الحبيبة: أشكرك من كل قلبي لثقتك في ولأنك اعتبرتني أما لك وناديتني بأحب لقب إلى القلوب: ماما، وأتمنى أن أكون عند هذه الثقة الغالية، وأحمد الله سبحانه أن جعل لي أبناء في كل قطر عربي، فبارك الله فيكم جميعا ورعاكم وسدد خطاكم، والحقيقة أن سؤالك يا حبيبتي هو سؤال من أنواع الأسئلة السهلة ولكنها في نفس الوقت شديدة الصعوبة، وذلك لأن ما يصلح مع البعض منا قد لا يصلح مع غيرنا، والمهم أنني سأحاول أن أصيغ لك خلاصة تجربتي وخبرتي وعلمي في هذا المجال، ولكن يبقى دورك أنت وإبداعك أنت بما يتلاءم مع طبيعة شخصيتك وشخصية زوجك.
وقبل أن أخوض معك في تفاصيل الحل أحب أن أقول لك أن تساؤلك ذكرني بنفسي منذ سنوات عندما كنت مثلك أحلم بأن أسعد زوجي وأن أحيا معه حياة زوجية سعيدة، وأن يظل الحب بيننا كما هو بل أقوى وأرسخ، أن نظل أصدقاء على الدوام وأن يظلل بيتنا المودة والسكينة وأن يكون واحة لكل أفراده، والآن وبعد سنوات من الزواج لا أستطيع إلا أن أشكر ربي على أن وفقني لهذه الغاية ولا أستطيع إلا أن أحمده سبحانه لأن وفقنا سويا لهذه الزيجة لأن كل منا هو أنسب اختيار للآخر، ولا يعني كلامي أننا نخلو من العيوب، فكلانا له عيوبه، وليس معنى كلامي أن حياتنا مرت بدون مشاكل،
ولكن يكفينا أننا في أحلك الأزمات كان كل منا حريصا على ألا يجرح الآخر ولو بكلمة أو حتى بنظرة، ولو حدث هذا لسارع الطرف المخطئ ليعتذر ويبدي الندم والعزم على عدم العودة لهذا الخطأ، فالاحترام المتبادل كان من أهم القوانين التي وضعناها للتعامل في بيننا، وكان من قوانيننا ألا نبيت ليلة ونحن غاضبون، لابد أن يتنازل أحدنا حتى نصفي ما بيننا من خلاف، ومن مبادئنا أيضا أن تكون مشاكلنا بيننا وألا تخرج لأي طرف كائنا من كان إلا إذا توسمنا فيه القدرة على الحل مع تجنب إدخال الأطراف التي قد تشعل الموقف أو تتخذ مواقف متحيزة، والمهم أنه يمكنني أن أقول أننا مررنا كأي زواج من مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج والرشد، وما قصصت عليك هذه القصة إلا لتتيقني من كذب ادعاء من حولك من أصحاب الأفكار الخنفشارية!!!! والذين يزعمون أنه لا حب بعد الزواج.
وأول ما يمكنني أن أنصحك به أن تغضي الطرف عن عيوب زوجك ولا تسمحي للشيطان أن يفسد عليك حياتك بتضخيم هذه العيوب، وكلما سول لك الشيطان هذا فعليك أن تسارعي بكتابة محاسن زوجك لتذكري نفسك بها وتعينها على صرف الشيطان.
قللي من توقعاتك، فالحياة الزوجية ليست سفرا أو غرقا في بحور السعادة، ولكن الحياة الزوجية بها الكثير من المسئوليات والهموم، وعلى كل طرف في هذه الحياة أن يعرف واجباته جيدا ويقدمها قبل أن يبحث عن حقوقه.
لا تحاولي تغيير عيوب زوجك باللوم والتقريع ولكن اجتهدي في أن تحددي عيوبا لا تتحملينها، وانتهزي لحظات الصفاء وأخبريه ولكن برقة أنك تريدين أن تتغيري أنت وهو للأحسن واختاري عيبا واحدا فقط، اذكري هذا الأمر مرة واحدة وبعد ذلك شجعي عند كل تحسن ولو طفيف، واجتهدي أن تتقبلي باقي العيوب وأن تتأقلمي معها.
لا تلقي باللوم دوما على زوجك وعلى تقصيره في إرواء الجانب العاطفي في حياتكما، فمعظم الرجال لا يجيدون التعبير عن مشاعرهم، ولكن اجتهدي أنت في أن تكوني البادئة، وكوني كالقطة التي تتمسح بصاحبها في رقة لتنال منه لمسة حانية.
اجتهدي أن تجودي وتحسني من لحظات لقائكما الجنسي بحيث يكون فرصة لبعث العاطفة والدفء في جدران حياتكما، احرصي على أن يكون أول لقاء لكما من أروع اللقاءات (فالانطباعات الأولى تدوم) وذلك بأن تتحاورا سويا حول هذا الأمر قبل الزفاف، وأن تحرصا على اكتساب الثقافة الجنسية اللازمة، واحرصي أن يستمر الحوار بينكما حول هذا الأمر بحيث تتعرفي على ما يسعده وتعرفيه على ما يسعدك.
كوني فطنة وذكية وتعرفي على ما يحبه زوجك وما يكرهه، حتى في أدق التفاصيل، سواء في شكلك أو تعاملاتك أو في نظام البيت أو الطعام، واحرصي على أن تكوني كما يحب، وشجعيه على أن يخبرك هو أيضا بما يحبه وما يكرهه، والاهتمام بأدق التفاصيل يرفع أسهمك جدا عنده لأنها تعني أنك تهتمين به وبكل ما يحب.
احرصي دوما على ألا تقللي من شأنه، وأشعريه دوما أنه يعني بالنسبة لك الكثير والكثير، وأنك تتيهين بكل ما فيه فخرا... بعقله... بشخصيته... بثقافته... ولا تنظري له تحت أي ظرف من الظروف نظرة تكبر وتعال، وارجعي له في كل أمر من أمورك.
احرصي على أن تكون لكما سويا اهتمامات مشتركة وأن يكون لكما وقت خاص بكما، تتقاربان فيه، شاركيه بعضا من اهتماماته ولا تسخري منها حتى لو لم تقتنعي بجدواها، واشتركي معه في ممارسة الهواية التي يحبها، وبمعنى آخر احرصي على أن يكون بينكما مساحة مشتركة من الاهتمام والوقت.
ومع هذا لا تضيقي عليه وتخنقيه بمحاصرتك له، ولكن كوني ذكية وفطنة بحيث تسمحي له بمساحة من الحرية ليبتعد عنك قليلا لأنهم يقولون أن الرجل مثل شريط المطاط (الأستك) يحتاج أن يبتعد بعض الشيء ليرتد بقوة.
ابنتي الحبيبة: هذه بعض النصائح المبدئية التي أدعو أن ينفعك الله بها، ولا تنسي الدعاء والتضرع إلى الله أن يصلح لك زوجك وان يجعلكما من أسعد الأزواج وأن يرزقكما الذرية الصالحة وأن يجمع بينكما في مستقر رحمته، وعموما أمك دائما موجودة وعلى استعداد لأن تسمع منك في أي وقت تشائين فكوني معي دائما لأطمئن على أخبارك.