السلام عليكم ورحمة الله
إلى موقعي الرائع التي لن تكفي كلمات ومفردات العالم بأسره أن تصف مدى امتناني لوجوده.. قد لا تدركون كم غيّرني هذا الموقع للأفضل وكم خدمني وخدم الكثير غيري..
حقاً إنكم تساهمون في نهضة الأمة بإصلاح قلوب وعقول شبابها ولا أملك سوى أن أدعو الله لكم من أعماقي بالتوفيق والإخلاص.. ما أكتبه وما أعاني منه ربما ذكر وكرر في الموقع –لأنني متابعة جيدة– لكن وكما هي عادة المريض يحب أن يهتم به الطبيب ويستمع له، فحين أقرأ كلمات خاصة كتبت من أجلي يكون تأثيرها أقوى وأعمق خاصة حين أكتبها وأتلقاها لأول مرة في حياتي فلم يدفعني موقع لعرض مشكلتي سواكم.
سأبدأ ترتيب أوراق قصتي حسب تاريخها وليس بحسب أهميتها حتى تتضح الرؤية. أنا فتاة في الثالثة والعشرين من العمر، أشعر أن عمري أصغر من ذلك بكثير فأنا لم أنضج حتى الآن وما زلت أدور في نفس الدائرة أتصرف كما كنت بعمر الرابعة عشرة رغم أن أفكاري ومبادئي تطورت لكنني ما زلت عاجزة عن تطبيقها وصدقت صديقتي (ش) حين قالت لي أننا نكبر بقدر ما نتعلم فهو العمر الحقيقي الذي أعترف أنا وهي به.
كنت فتاة ناجحة واثقة وسعيدة ومتفوقة وأملك الكثير من الصداقات المتزنة في مرحلة الابتدائية إلى أن تعرفت بالصديقة (ن) وأنا أخطو أول سنواتي في المرحلة الإعدادية فقلبت الموازين في حياتي بمعرفتها؛ كانت مشاعري نحوها مختلفة عما شعرت به في حياتي لدرجة أنها عندما رحلت عني دون أسباب واضحة فقدت نفسي رغم أنها لم تكن أول صديق أخسره.
كرهت ذاتي وتلاشت ثقتي بنفسي فظننت أن بي عيباً كبيراً بي جعلها تتركني، وعشت معاناة مستمرة طويلة جداً خاصة وأننا بقينا بنفس الفصل إلى أن تخرجنا من الثانوية العامة، حاول أهلي خاصة أمي الحبيبة أن تفهم مني سبب تغيّري وحزني المستمر لكنني كنت وما زلت أجد صعوبة في مشاركة أهلي وأصدقائي بمشاكلي الشخصية جداً لأنني شخصية كتومة، ودخلت الجامعة والكلية التي أحلم بها وتعرفت فيها إلى مجموعة بنات بينهن صديقتي (د) التي أعادت الحياة لقلبي والثقة لنفسي بحبها لي وبشخصيتها المبهرة. عشنا عامين معاً بشلة جميلة كانت أياماً سعيدة أضحك فيها من كل قلبي إلى أن تزوجت صديقتي، كنت أنا أول من رحلت عنه من بنات المجموعة لدرجة أنها كانت تراني فلا تسلّم عليّ وهنا فقدت نفسي أكثر من السابق لدرجة أنني كنت أقضي وقتي كله بالبكاء والنوم، وتراجع مستواي الدراسي بشكل فظيع وابتعدت فيها عن الجميع... كنت أعيش كأنني ظل.
ويوماً أهدتني الأقدار وأنا في حالة الغياب والضياع أجمل شخص عرفته- فتاة مثقفة جداً، وشاعرة وطنية امتزج دمها بهموم وطنها وأمتها؛ حساسة، وصادقة، ونقية.. صديقتي(ش).
أحبتني كم لم يحببني أحد وكانت تعاني حينها من تغيّر مبادئ صديقاتها وابتعادهم عنها خاصة وأنها كنت تخطط معهم لتغيير حال الأمة وعمل مشروع كبير يخدم الوطن. وحين أحبتني تمنت أن نبني أنفسنا، أن نلمم أشلاءنا، أن نضمد جراحنا، أن نقوى معاً، أن نتفوق، أن نصنع شيئاً في الحياة، أن نكون أشياء ذات قيمة لأوطاننا، أن نعيش بسعادة وننسى أحزاننا ونمضي في حياتنا ونحيا لأشياء أكثر أهمية من ما يحزننا.. لكنني خذلتها وفي أكثر من محاولة ولم أستطع مبادلتها الاهتمام رغم أنني أحببتها لأنني كنت عاجزة عن الاهتمام بنفسي، وما زاد من ألمها أنني كنت أقابل تساؤلاتها عن حزني وبكائي بالصمت المطبق.
ظنت أنني أرفضها وأرفض مساعدتها، وتدهورت حالتي ودخلت بفترة عصيبة امتدت 6 شهور كانت أشد ما مررت به، عشت بها كالميت المثلج كنت أرى الدنيا سوداء فابتعدت عن صديقتي (ش) أكثر وشعرت بالذنب أكثر خاصة حين كانت تتعذب وتسألني فأعجز عن الإجابة وعيناها يملئوها التعجب.
وأنا في غمرة المعاناة قررت أن أخرج عن صمتي وأكتب لها ما لم يطّلع عليه أحد في حياتي ومالا يقوله إنسان عاقل عن نفسه حتى لا تشعر بالألم ولم يكن هذا بالأمر الهين عليّ..
غربت عن حياتي صديقتي بعد ما كتبته لها وهذا أشعرني أنني أسوء مما كنت أتصور، وقررت بعدها أن أكون شخصاً آخر، أن أصنع بداية جديدة لنفسي، بدأت حينها رحلة جميلة ورائعة بالرغم من صعوبتها أعدت فيها بناء نفسي.. تقرّبت فيها من ربي ودعوته أن يعينني على نفسي ويسهل لي الوصول لهدفي، بدأت أتعلم كيفية التواصل مع الناس، وكيفية التحدث دون أن تضيع مني الحروف والكلمات، وأن أعمل بجد واجتهاد وتركيز.. أن أستغل كل الفرص لتطوير نفسي من كتب دورات تنمية ونشاطات..
وحرصت على أن أخاطب نفسي بإيجابية فكنت أكتب لنفسي كل يوم رسائل دعم.. حينها عادت لي أنا التائهة عني من سنين التي تنهل ثقتها من ربها ومن نفسها لا من حب الآخرين لها، وتصالحت مع ذاتي ومع الآخرين أكثر حين قرأت كلمات الدكتور محمد المهدي في أحد ردوده حين أوصى صاحبة المشكلة بتقوية علاقتها بالله (إلى أن تصير تعلقاً) وأن تصبح هذه العلاقة هي مصدر الأمان والثبات في شخصيتها يوماً ما، وأيضاً بتقوية وتنويع علاقاتها الأفقية بالبشر وألا تقصرها أو تندفع بها كاملة في اتجاه شخص واحد -مهما كانت مكانته أو مكانتها- بل أن تفتح مسارات متعددة للعلاقات الإنسانية المتوازنة والناضجة مع الأب ومع الأم ومع الأخوة والأخوات ومع الأقارب ومع الزوج -في المستقبل- ومع العشيرة ومع أهل الوطن ومع الأمة ومع الإنسانية ومع الكون كله على أساس أنهم كلهم من مخلوقات الله حبيبها الأكبر والأول والأوحد الذي لا يزول ولا يتغير ولا يغيب عنا طرفة عين.
وعادت لي الثقة والسعادة الحقيقية والتفوق، وامتلأت عينا أبي وأمي بالسعادة لعودتي لطبيعتي ولنجاحي، وتمنى الكثير من أصدقائي أن يمتلكوا إرادتي القوية ليتغيروا مثلي وبوقت قصير.
وبالرغم من هذا التغيير أصرت هي على البعد أكثر وأكثر حتى أنها استكثرت الرد على مكالمتي ورسائلي وحتى سلامي، وفجاءة أصبحت (ش) صديقة حميمة ل(د) وكان هذا مؤلماً لي بالبداية لكنني مضيت بشجاعة وعشت صداقات كثيرة متزنة وناجحة حتى الآن. وبعد عام من هذا قررت أن أسترجع من (ش) ما كتبته لها حتى لا يحتفظ أحد بصورة قاتمة عنيف فاجأتني صديقتي اعتذارها لي وهي تقاوم دموعها وتعاتبني لأنني لم أتمسك بها أكثر وأكدت لي أنها لم تبتعد عني لما كتبته بل لخبايا تعاني منها وتتحكم بطريقة تصرفها وهي عاجزة عن إخباري عنها وقالت لي أنه لم تصادق أحداً كما صادقتني..
عدت لها وعشت بداخلي صراعاً قوياً بين ما تعلمته منكم وبين مشاعري التي أغرقتني خاصة أن علاقتنا لم تعد كما كانت، فكان كل تواصلنا بالهاتف وكنت أن فيها المهتم الأكبر وكانت هي تتحجج بنفسيتها المتعبة وبالخبايا!. وهذا أتعبني خاصة أنها تتقرب مني في أوقات وفجأة تبتعد لدرجة أنها قد تراني فلا تسلّم عليّ!.
واحتملت وصبرت بالرغم من الحزن الذي بدأ يتسرب إلى عالمي مرة أخرى حتى لا أخلف وعداً وعدتها إياه يوماً بألا أتخلى عنها، ولحبي الكبير لها أيضاً، إلى أن حدث بيننا خلاف كبير أمام الدكاترة والطالبات بسبب مشكلة دراسية وأكاديمية انتصرت فيه لمبادئي ولم أتخلَ فيه عن حقي فأغضب هذا الكثيرين لأنهم أحبوني ساذجة لا أعرف حقي. أحزنني أنني اختلفت مع (ش) كثيراً -وقد مرّ على ذلك شهرين- خاصة وأن (د) صديقتها تعلن كراهيتها لي علانية وأمام الجميع –بالرغم من أنني لم أُؤذيها ولم أعد أحمل لها أي مشاعر– لكن هناك من أوصل لهما كلاماً مسيئاً عني ولم تصدّق أنني بريئة منها رغم توضيحي ذلك.
أنا مضطرة لمشاركتهم 8 ساعات يومياً وأشعر أحياناً بالضيق حين أراهما تضحكان، أمضي وأنسى في أيام كثيرة وبعدها يعود الجرح والحزن بالرغم من إيماني أن ما كتبه لي ربي هو الخير ومؤمنة أيضاً بكلمات الدكتور محمد المهدي حتى أنني أحدث بها الجميع وأطبّقها مع الجميع إلا صديقتي (ش) التي أدعو الله دوماً أن يفقدني ذكرياتي معها حتى أسعد..
وحتى يمتلئ قلبي بحب الله وحده الذي يستحق حبي اللا متناهي وحتى لا أضيع وقتي الثمين بما لا يفيد.. فكم أخاف الله حين يسألني عن شبابي الذي أضعته في الحزن والضعف.. وحين يسألني عن أمتي التي انشغلت عنه بوهمي وعن نعمه التي لم أشكرها ولم أستفد منها لإرضائه..
كيف لي أن أحوّل إيماني إلى عمل حقيقي؟ كيف أتعامل مع (ش) إن عدنا وإن لم نعد؟ خاصة أنني عاجزة عن مسامحتها حالياً بالرغم من معرفة مدى تأثير هذا عليّ، كما أن أخت (ش) صديقة حميمة لي ولا أريد أن أخسرها.
مدّوني بكلماتكم التي ستبقى زادي حين أضعف، وحارسي حين أغفو عن الحقيقة.
أعتذر في نهاية حديثي عن طول سطوري وجزاكم الله خيراً بوسع هذا الكون وأكثر..
الواثقة بإذن الله
29/06/2008
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أشكرك على كلماتك بحق موقعنا وجهودنا سائلين الله أن ينفعكم بها ويتقبلها منا. أصبت حين توجهت لتقوية علاقتك بربك فهو الحي الباقي الرحمن الرحيم. يزودنا التدين بنعمة اليقين فيكون أكثر من مجرد عادات أو عبادات ومن هذا اليقين ينبغي عليك أن تتذكري أن في الحياة لا بد من ابتلاءات وأن الإنسان خلق في كبد فتارة يقاوم رغباته وتارة يقاوم الضغوط الخارجية وفي كل حالاته لا يغفل أبدا عن تذكر أن أحد شعب الإيمان الإيمان بالقدر خيره وشره وأن ما أصابنا ما كان ليخطئنا وما أخطئنا ما كان ليصيبنا وما بنا من نعمة فمن الله وحده الباقين هم أسباب يسخرها رب العالمين لوصل هذه النعم.
لا تعودي لتكشفي عيوبك كاملة أمام الناس فهم متقلبون كما خبرت بنفسك وبالعكس لا يجب عليك أن تنسي خطئك بالمبالغة في الثقة في الآخرين كما فعلت مع ش بل تعلمي أن تجعلي دائما هناك حدود بينك وبين الناس أي احتفظي لنفسك بحياتك الشخصية كي لا تكوني كمن قال عنهم الرسول عليه الصلاة والسلام عجبت لأناس بات الله يسترهم وأصبحوا يفضحون أنفسهم.
لا أنصحك بمحاولة إحياء العلاقة مع ش ولا مع د رغم ضيقك من طول الوقت المفروض معهم واشغلي نفسك بحب نفسك وحب الله وأمور الدعوة إلى الله ومساعدة من تحتاج المساعدة من زميلاتك الأخريات فلا داعي أن نفرض الحب والاهتمام على الزاهدين به في حين هناك من يحتجن صديقة مثلك.
يعتمد نجاح العلاقات الإنسانية على طرفاها ولن يستطيع أحدهما مهما حرص على إنجاحها وحده ولذلك لا تكلفي نفسك فوق طاقتك فالعلاقات تعني تبادل الاهتمام فإن كانت أخت ش حريصة على علاقتها بك فستستمر هذه العلاقة في مسار مختلف عن علاقتك ب ش حتى وإن كانوا أخوات ولكن إن لم ترغب هي في صداقتك فلا بأس يمكنك الآن بما لديك من ثقة في نفسك وثقافة أن تبدئي صداقات جديدة.
نقطة يجب أن تضعيها في اعتبارك عند بناء العلاقات وأثناء المحافظة عليها وهي أن الناس تتغير وتتغير أولوياتها دون فيقتربون من البعض ويبتعدون عن البعض الآخر دون أن يعني هذا سوءا فيمن ابتعدوا عنهم ولا فضلا فيمن اختاروهم ولكنها النفس البشرية كما خلقها رب العالمين متقلبة ومتغيرة ولهذا كان دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام اللهم يا مقلب القلوب بين يديك ثبت قلوبنا على الإيمان.