السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
هذه متابعة على استشارة احتضان الأطفال هل يثيرهم جنسيا ..
جزاك الله كل خير يا دكتور محمد على هذه المعلومات التي رسمت لي الخطة العامة للتعامل معهم.. والآن ظهرت أسئلة جديدة..
1- ماذا لو أن أخي ذو العشر سنوات جاء ليجلس في حجري ويضمني, أو أحيانا يكون في حالة نفسية سيئة فيلتصق بي ويعانقني, أو ربما يعانقني بسبب شوقه لي.. في كل هذه الحالات وحتى الآن أنا أتجاوب مع أخي فأحضنه وأقبله.. لأنني قرأت في قواعد التربية أن الطفل يجب أن يعطى الحنان حين يطلبه هو.. أي أنني لا يجوز أن أبعده عني بل بالعكس أتجاوب معه.. فهل هذا صحيح بالنسبة لحالة طفل في العاشرة؟؟
وإذا حضرتك طلبت مني أن أبعده عني ألن يؤثر هذا على نفسيته ويحس بالرفض ويحس بالتهديد من مصدر الأمان الوحيد له في هذا البيت؟؟
بالمناسبة أخي هذا كان شديد الالتصاق بأمه عندما كان طفلا صغيرا.. وعندما كبر قليلا بدأت مشواري التربوي معه في السادسة من عمره تقريبا.. وهذا أدَّى إلى تحوّل علاقته القوية من أمه إليّ.. لأنه وجد الحنان الذي كان يفتقده.. دائما يسألني: لماذا أنت أحنّ واحدة عليّ في هذا البيت؟!؟!؟!
أرجو أن تأخذ يا دكتور بعين الاعتبار أنه طفل مرفوض عاطفيا من والديه.. وأنا أم بديلة بالنسبة له, وأحمد الله أنني أم بديلة ناجحة ضمن إمكانياتي وظروفي لأنني استطعت فعلا أن أزرع فيه أشياء مهمة وأن أزيد من سموّ أخلاقه.. وأهم من ذلك أن أعوّضه الحضن الدافئ الذي يفتقده..
2- أما بالنسبة لابن أختي الذي يسير نحو الرابعة عشرة.. فهذا أيضا طفل مرفوض عاطفيا من أمه لأسباب لا مجال لشرحها الآن.. وعندما كان في السابعة والثامنة من عمره, كان كلما ذهبت إلى أختي جلس بجواري والتصق بي ووضع يده على يدي ويظل هكذا طيلة فترة جلوسي التي قد تدوم لساعات..
لا أنكر أنني في البداية ذهبت بي الظنون يمينا ويسارا.. ولكن وبعد أن تفقهت في علم النفس وحاجات الأطفال عرفت السر الكامن وراء تصرفات ابن أختي والتي لم تكن معي فقط بل مع كل أنثى كبيرة أخرى ( جدته – عمته – خالته... ).. فبدأت بعدها أتجاوب معه وأحضنه..
وبعد ذلك وعندما كبر لم يعد يجلس بجواري إلا نادرا, ولكنه لا يزال بحاجة إلى حضن يضمه, منذ أسبوعين كنت عند أختي وجلست بجواره على الكنبة فاقترب مني – كعادته عندما كان صغيرا -.. فتجاوبت معه ووضعت يدي حول كتفه.. أي أريته أنني لا أرفضه وإنما أحبه.. يعني أنني لم أعد أبادر بضمه بل أصبحت أنتظر حين يطلب هو ذلك..
هل هذا صحيح؟؟
لقد قرأت كثيرا على صفحتكم وصفحة مشاكل وحلول كيف أن الميول الجنسية الشاذة تتشكل في هذه السن, فهل ما أفعله صواب؟؟ لا أريد أن أسيء من حيث أردت الإصلاح.. أريد أن أتعامل معهم بالشكل الصحيح تماما والملائم لميولهم ولحاجاتهم أيضا.. يا سيدي إنهم أطفال مرفوضون أو محرومون عاطفيا.. وأنا لا أستطيع أن أرى هكذا نماذج أمامي دون أن أفعل شيئا,
فأرشدني يا سيدي الفاضل إلى الطريقة الصحيحة لمساعدتهم..
وجزاكم الله كل خير.
09/12/2003
رد المستشار
الأخت الفاضلة أهلا وسهلا بك، وشكرا على متابعتك الدائمة للموقع، وعلى حرصك على أسلوب التربية لأبناء العائلة وتعويضهم عما يفتقدونه من حب وحنان، وأسأل الله أن يرزقك أطفالا تقر بهم عينك ويسعد بهم قلبك ويرتوون من فيض حنانك.
1 – - بخصوص معاملتك لأخيك وحرصك على تعويضه عن حرمانه العاطفي وإشعاره بالقبول منك، فهذا شيء جيد لأنك كما قلت تقومين بدور الأم البديلة، ولكنني أخشى أن تكون مشاعر الشفقة الفياضة لديك قد جعلتك تحوطينه أكثر من اللازم فبدأت تظهر عليه ملامح الاعتماد الزائد عليك لدرجة أن غيابك عنه يجعله ينهار دراسيا، وهذه إشارة حمراء تستوجب الانتباه لها، ودلالتها أنك اقتربت أكثر من اللازم وذلك ربما يعطل نموه ونضجه النفسي فينشأ شخصا اعتماديا لا يفعل شيء إلا في وجودك أو وجود غيرك بجانبه.
وعموما فعملية التربية عملية ديناميكية وهى أشبه بكفتي ميزان بمعنى أننا كلما شعرنا أننا وضعنا أكثر من اللازم في كفة معينة فإننا نحاول أن نعيد التوازن بين الكفتين مرة أخرى، وهى عملية مستمرة وتحتاج ليقظة وجهد ومثابرة. وإذا جئنا لموضوع احتضانه فسينطبق عليه نفس القاعدة وهى التوازن، وهى عموما قاعدة ذهبية في كل شيء وفى التربية بوجه خاص، بمعنى أنك لو بالغت في احتضانه وملامسته جسديا فإنك تعودينه على أن يأخذ الحب والحنان فقط عن طريق الجسد، وهذا انحراف أو بداية انحراف في التربية، وعلى العكس إذا توجست خيفة من ملامسته أو الاقتراب منه وساورتك الهواجس الجنسية فانك أولا تحرمينه من وسيلة تعبير عن الحب والحنان وثانيا تجعلينه يتوجس خيفة ويشك في أي ملامسة جسدية وربما تكون هذه بذور حالة وسواس، والموقف الصحي هو التوازن.
2 – وبخصوص ابن أختك الذي اقترب من الرابعة عشرة فيمكنك أيضا التعامل معه من منطلق أنك خالته دون خوف أو توجس وسواسي مبالغ فيه ودون اقتراب مفرط يؤدي إما إلى اعتمادية بالغة كما حدث مع أخيك أو إلى تكوين بؤرات شهوية جسدية بفعل توصيل المشاعر بشكل جسدي أكثر من اللازم (كأن يجلس ملاصقا لك طول الوقت أو ممسكا بيدك طول الوقت)
وأذكرك دائما بأن الصحة النفسية تعنى التوازن وهو الوسط العدل، ومن المفيد أن ننظر إلى احتياجاتنا ومخاوفنا الشخصية ووساوسنا في نفس الوقت الذي ننظر فيه إلى ما يخص الآخرين من هذه الأشياء.
ويتبع>>>> : احتضان الأطفال هل يثيرهم جنسيا م1