السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أشكركم على جهودكم المتواصلة في مساعدة الجميع أنا فتاة ابلغ 19 من عمري, مشكلتي تحرجني كثيرا, أنا قليلة العصبية ولكني ادمع عندما اعصب, وأحيانا وصلت الأمور حتى البكاء, فأنا لا اقدر على المواقف التي تحتاج إلى عصبيه شديدة ومشاجرة بالكلام,
أنا الآن طالبة جامعيه وتأتي أمور تحتاج فيها على أن أرد على مسببها, ولكني لا أتخيل نفسي في ذلك الموقف, فأنا متأكدة بأنني سأبكي, فأنا ابكي على اتفه الأسباب, فما بالكم إذا حدث لي موقف يحتاج إلى ثبات وصبر,
أنا معتادة على تفادى المشاكل ولكن إلى متى وأنا أتفادى, فان حدث ووقعت بمشكله فما عساي فاعله, إن هذه المشكلة تؤرقني, وسأحدثكم عن موقف حدث لي ولم أتحمله بالرغم من أن الجميع يمر به:
الجامعة تحتاج تسجيل للمواد والانتقال من مبنى لمبنى, وهذه كانت أول تجربه لي بصفتي سنه أولى, بالانتقال من مبنى لمبنى ولمدة يومين, وذلك في أوقات الدوام فقط, تعبت وبعد ذلك بكيت, وزميلاتي قلن بأنه كان ظاهرا علي البكاء من اليوم الأول وفعلا كنت أحاول أن امسك نفسي في اليوم الأول ولكني لم استطع في اليوم الثاني فما رأيكم بذلك, هل هذه الحادثة تستحق البكاء, لا أظن ذلك, ولكن لا أدري ما هي طبيعتي.
وفي النهاية أستسمحكم على الإطالة..
راجية المولى أن ينوركم لهدايتي.
1/12/2003
رد المستشار
الأخت السائلة أهلا بك، وأودُّ بدايةً أن أوضح لك أنك لم تطيلي علينا كما ظننت، واستسمحتنا في آخر إفادتك لذلك، بالعكس كانت إفادتك قصيرةً ولكنها دالة، وهو ما يجعلنا نفكرُ بعمقٍ في سببِ مشكلتك لأن قدرتك على التعبير عن مشاعرك بحريةٍ وباختصارٍ دال واضحةٌ جدا في إفادتك، وبالرغم من ذلك فأنت تعانين من الافتقار إلى حرية التعبير عن المشاعر تجاه الآخرين أو الافتقار إلى التوكيدية Assertiveness،
فبينما تمتلكين القدرة على وصف مشاعرك ومشكلاتك والتعبير عن آرائك وطموحاتك أمام جهاز الكومبيوتر وعلى الإنترنت، تفتقرين إلى هذه القدرة أثناء تعاملاتك مع الناس في المجتمع، وهذا الافتقار إلى التوكيدية مع الأسف منتشرٌ بشكلٍ كبيرٍ في مجتمعاتنا العربية، وهناك مقولةٌ تفيدُ بأن المجتمعات الشرقية بوجه عام هي مجتمعات ضد التوكيدية، معنى ذلك أن كثيرين منا يربون على كبت المشاعر وعدم التعبير عنها، والمجتمع بوجه عام يعززُ تلك الصفات.
وعلى صفحتنا استشارات مجانين يمكنك أن تزوري العناوين التالية:
صعوبة التعامل مع الآخرين : النموذج والعلاج
كيف نهزم الخجل ونحب الأصدقاء
إذا هبت أمرًا فقع فيه
مجتمعاتٌ ضد توكيد الذات
و الخوف من المشاركة
وأيضًا الحياء الشرعي والرهاب المرضي
رهاب الجنس الآخر
الرهاب الاجتماعي وليست الرعشة م
الهذرمة وشيءٌ من الرهاب
احمرارُ الوجه ليس خجلاً فقط
"الحل...ابحث عن ذاتك"
كيف تنمي ثقتك بنفسك ؟
وقد أشرت في إفادتك إلى أنك قليلة العصبية، وما تقصدينه بذلك هو على الأرجح أنك نادرًا ما تتركين لانفعالاتك أن تظهر وتقومين بكبتها، فإذا ما فاض الكيل أو كان الانفعال أكبر من أن يُكبتَ بنجاح، فإن طريقتك في التعبير عن هذا الانفعال هيَ البكاء،
والبكاء بوجهٍ عام يعني خروج الدموع من العينين فالدموع عادةً موجودة بقدر بسيط داخل كل عين لأن لها وظيفةً هامةً جدا من الناحية المناعية فهي تحمي العين من الجراثيم ومن الناحية الحركية أيضًا فهي تسهل حركة الجفنين وتحمى القرنية (أو ما نسميه سواد العين) من الجفاف، والدموع تقوم بكل ذلك دون أن تخرج من الجفنين، فهي تظل غشاءً رقيقًا متجددا باستمرار يخرج من الغدد الدمعية ويصب في القنوات الدمعية، أما خروج الدموع من العينين فهو ما يحدثُ مع الانفعالات الشديدة سواء كانت حزنًا شديدًا أو خوفًا شديدًا أو حتى فرحًا شديدًا، ومعنى ذلك أن رؤيتنا لشخص يبكي لا تكفي للحكم على ما يشعرُ ذلك الشخص به اللهم إلا من خلال ملاحظتنا لتعبيرات وجهه أو من خلال سؤاله عن سبب بكائه أو دموعه تلك.
وهناك من الناس من نسميهم بذوي الدموع القريبة وهناك من نصفهم بذوي الدموع البعيدة، المسألة هنا من الممكن أن تكونَ لمجرد الفروق الفردية في القدرة على التعبير عن الانفعالات وطريقة ذلك التعبير، وفي هذه الحالة تكونين أنت دائمًا هكذا، كثيرًا ما تبكين بسببٍ وبدون سبب، أي أن هكذا أنت وهذه طبيعتك أنك قريبة الدموع وليس في هذا ما يعني عيبا أكيدًا فيك، فكثيرات من البنات يتصفن بهذه الصفة ومنهن من إذا أرادت تستطيع التخلص منها كما سنبين لك بعد قليل، خاصةً عندما تكون كثرة البكاء ناتجةً عن انخفاض القدرة على توكيد الذات أي حرية التعبير عن المشاعر أو التوكيدية
وقد أشرت أيضًا في إفادتك إلى أنك معتادةٌ على تفادي المشاكل والمواقف التي تستوجب منك الرد عليها أو التصرف مع مسببها، وتساءلت بعد ذلك إلى متى ستظلين كذلك؟، فأما اجتنابك المستمر للمشاكل فيعني أنك تعانين من القلق الشديد حيال تلك المواقف وتسعين ما استطعت إلى تجنبها وأنت بذلك تعززين وتدعمين قدرتك المنخفضة على التوكيدية فتزيدينها انخفاضًا!
وأما الموقف الذي ذكرته لنا في إفادتك مثالاً على معاناتك وبكائك الذي ترينه غير مناسب أو بدون داع (وأنت على حق)، فإن اختيارك لهذا الموقف يدل على ذكائك وحسن قدرتك على إيصال المعنى المطلوب، ويشير في نفس الوقت إلى أنك دون أن تدري تسيرين في الطريق الصحيح بإذن الله للخروج من المشكلة.
وبكاؤك في هذا الموقف إنما جاء لعدة أسباب هيَ على الأرجح جدةُ الموقف عليك وتعرضك للتفاعل المباشر مع غرباء في محل سلطة، إضافةً إلى أن التعبير عن الانفعال بالبكاء أصبح إلى حد ما واحدةً من عاداتك، وبرغم ذلك فليست هناك مشكلةٌ كبيرة، لأنني أستطيع وضعك في مقارنة مع واحدةٍ تعجز بسبب افتقارها إلى التوكيدية عن القيام بمتطلبات التقدم للجامعة بنفسها، وتصطحب أمها أو أختها معها على سبيل المثال، معنى هذا أنك أفلحت في عدم تجنب الموقف الصعب وهذه أول خطوات العلاج.
أما ما نرشدك إليه في النهاية فهو أن تستعيني بالله عز وجل وأن تفاتحي أهلك أو أحدهم على الأقل في رغبتك في التخلص من هذه المشكلة (ضعف التوكيدية، وليس كثرة البكاء لأن البكاء أحد مظاهر المشكلة وليس أصلها، ولأن البكاء من الفتيات مقبول في مجتمعاتنا ولن يرى أهلك فيه داعيا كافيا للعلاج)، وبعد ذلك عليك التوجه إلى أقرب طبيب نفساني متخصص أو أحد المعالجين النفسانيين في بلدك لكي تبدئي معه التدرب على توكيد الذات والحقيقة أنني أتوقع لك نجاحًا سريعًا إن شاء الله في ذلك لأن قدرتك على التعبير أصلاً موجودةٌ وجيدة كما يتضح من إفادتك، وفقك الله وتابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>>>: الطريق إل التوكيدية في الإسلام! م