السلام عليكم،
الشكر والتقدير للموقع وجميع المستشارين، دكتور مصطفى السعدني،
أرسل لك بمشكلة لم أعلم أنها مشكلة إلا منذ شهور بسيطة. أنا فتاة أمتلك من القوة ما يجعلني أعبّر عن الرأي والنقد ولا أخشى من أحد مهما كان وضعه ما دمت على الحق، لكن هناك أمر كانت تكلمني صديقتي المقربة عنه ولم أقتنع به وهو كرامتي الزائدة في كل شيء وعدم قدرتي على طلب ما أريد وما أحتاج سواء كان شيئاً أو شخصاً، واحتياجاً عادياً أو عاطفياً. دائما أفكر أن كرامتي ستهان إذا قلت هذا وسأكون قد فرضت نفسي لو طلبت هذا أو احتجت لهذا، وللعلم لم أتعرض لأي شيء يهينني أو يشعرني بفرض نفسي ودائماً إذا أردت أن أطلب أو أعبر عن شعور داخلي أقول داخلي الرد الذي سيقوله الشخص الذي أمامي وطبعاً أفترضه رداً قاسياً يهين كرامتي ولم أقله طبعاً وأكتفي بالرد الذي قلته داخلي.
أنا لا أحتمل أن أكون هكذا؛ عندي قوتين قوة تتمثل في كرامتي وقوة تتمثل في عدم تحمّلي أن أستمر بهذا الوضع، ربما كانت الأول قوة كرامتي هي الغالبة لكن منذ فترة كنت أريد شيئاً كان مهماً جداً لي وكنت أحتاج إليه أكثر من احتياجي للماء والهواء وأردت تحقيقه بقوة وحاربت نفسي كثيراً ولم أستطع الوصول إليه لعدم قدرتي على التعبير عنه ولخوفي على كرامتي وخوفي من فرض نفسي لذلك أصبحت لا أطيق نفسي، هكذا قرأت في تأكيد الذات ولم أستطع فعل شيء هل هناك شيء يساعدني؟
أرجو الإفادة.
27/07/2008
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
عزيزتي "ميليسيا" أنت مشتتة بين طرفي نقيض ترين أنهما قوتان وهما خوفك من التعرض للإحباط -ما تسمينه خطئا كرامة- والضعف الطبيعي للإنسان الذي يجبره على التعامل مع الآخرين. وبينما سمة الضعف الإنساني والحاجة للآخرين سمة طبيعية إلا أن خوفك الشديد من رفضهم لك ليس طبيعيا.
تظنين أنك قوية الشخصية وقادرة على التعبير عن نفسك ولكن الحقيقة أنك حينها تقفين على قطب العدائية وهي نقيض السلبية وما يوازي بينهما هي النقطة الوسطى أي التأكيدية أو توكيد الذات.
بداية تغيرك تبدأ من تغيير البنية المعرفية لديك التي تقودك للتفكير اللاعقلاني بالتركيز على توقع الرفض دائما بينما الواقع يقول أن لا أحد يرفض أو يفشل دائما كما أن لا أحد ينجح دائما والوسيلة الوحيدة لنعرف حظنا من الفشل والنجاح هي أن نجرب ونحاول، ومن تجاربنا الفاشلة والناجحة نتعلم خوض المعارك التي يغلب على ظنا أننا سنفوز بها ولاحظي قولي يغلب لأن في الحياة لا شيء ثابت ولا مضمون فها أنت تجنبت اللجوء للآخرين كي تسعدي بنفسك ولكنه لم يحدث.
هناك فكرة أخرى يجب أن تتعاملي معها وهي الحاجة للآخرين فلا تنظري لها وكأنها مذلة بل هي جزء من الفطرة التي خلقنا عليها رب العالمين ويعبر عنها المثل الشعبي "بأن الجنة من غير ناس ما تنداس" والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم". أخرجه "الترمذي" في سننه.... فهناك نهي واضح عن تجنب التعامل مع الآخرين لأن الحياة تقوم على التعاون بينك وبينهم.
أما الفكرة الثالثة فهي الخوف من التعرض للفشل والإحباط وصدقيني ما من وسيلة تجنبك إياهم ولا حتى الإغلاق على نفسك فعندها ستعانين الإحباط نتيجة استمرار الحياة بدونك.
ابدئي بتغيير طريقة تفكيرك بأن ما تعتبرينه كرامة هو في الحقيقة خوف وضعف وما ترين أنه قوة هو عدائية يجب أن تتخلصي من كليهما وتقفي عند النقطة الوسط وهي التوكيدية أي القدرة على التعبير عن الذات مع الوعي بنقاط الضعف والقوة في شخصياتنا.
هناك الكثير من التمارين التي تساعدك على اكتساب هذه المهارات مثل الحديث الإيجابي مع الذات مثل "سأحاول قد أنجح وهذا أفضل من عدم المحاولة والحكم النهائي بالفشل أو الحرمان" وعند تعرضك لأي صد أو إحباط قولي "لقد استفدت خبرة للمرات القادمة"، كرري لنفسك كلمة سأحاول وأستطيع ولن أخسر الكثير ولكني قد أكسب مع المحاولة.يمكنك مراجعة ما كتب على الموقع عن التوكيدية وعن طرق التعبير عن النفس وكيف يمكنك التدرب عليها مسبقا قبل المباشرة في استخدامها مع الناس، مجرد محاولتك سيخلصك من توجيه غضب الإحباط إلى نفسك فحاولي واستعيني بالله ولا تعجزي، وراجعي كذلك استشارة الشقاء الذي نطيق.
ويتبع >>>>>>>>>: ميلسيا وحاكية الكرامة وعسر المزاج