السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جزاكم الله كل خير وأعانكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وحتى لا أطيل عليكم سوف أقوم بطرح المشكلة؛ مشكلتي تخص أمي التي تبلغ من العمر 52 عاماً والتي قد أصيبت بالفصام، ذلك النوع الذي يصاحبه ضلالات وشك في الناس والذي حين قرأت عنه في موقعكم الكريم أظن أنّ اسمه "الباروني". وعلى ما أتذكر كان ذلك منذ حوالي 10 سنوات وأيضاً حتى لا أطيل عليكم بتفاصيل يطول شرحها، ذهبنا للطبيب إجبارياً -خاصة أنها قضت مدة طويلة مريضة دون علاج- وتم بحمد الله الشفاء، وبعدها حدثت عده انتكاسات دعنا نقول من 2 إلى3 انتكاسات شديدة بمعدل مثلاً انتكاسة كل عامين من تاريخ أول ذهاب للطبيب بسبب إهمال المتابعة ورفض أمي له، وبعد ذلك طبعاً تذهب للطبيب إجباراً!
المهم أنها الآن لم تذهب للطبيب مذ حوالي4سنوات وهي مستمرة على أخذ دواء اسمه أكينتون + ستلاسيل مرة قبل النوم، ومنذ آخر مرة زيارة للطبيب وهي يحدث لها ما يمكننا وصفه بنوبة كره للناس -مرة أو اثنتين على الأكثر- لكن ليس بدرجة كبيرة، فتدعو على بعض الجيران وترفض مقابلة الأقارب.. لكن لا تستمر هكذا كثيراً لذلك لم أطلق عليها انتكاسة لأن بصراحة انتكاسات ماما تكون عذاب نفسي لها ولنا.
المهم نحن نلتزم بإعطائها أكينتون+ستلاسيل، لم تكن ممتنعة عن أخذه بل قد تنسى هي أو نحن أن أخذه يوماً أو يومين أو ثلاثة أو على الأكثر أسبوعاً، وبعدها بحوالي من 13إلي230 يوم تعود الحالة لما كانت عليه أي تشفي أو يحدث استقرار للحالة، وهذا خلال ال4سنوات الأخيرة ودون ذهاب للطبيب لصعوبة قيامنا بهذا على نفوسنا وخاصة بعد موت أبي رحمه الله عز وجل منذ حوالي 2 عام، أمي ليس لها أي أخوة وأمها وأبوها متوفيان منذ زمن بعيد أما هذا العام فلا أدري لم هو أصعب من كل عام؛ فأمي لم تستمر بعد الالتزام بأخذها للدواء مدة 13 أو20 يوماً مثل كل مرة بل حتى يحدث استقرار نسبي.. وأكرر نسبي، سميته نسبي لأن في الأعوام الماضية كان يرجع كل شيء مثل ما كان أما هذا العام وبعد الاستقرار النسبي لا تزال أمي تكره أسرتها ولا تريد أن تحدثهم إطلاقاً ولم تعد تقابل الأقارب، لكن حين تسمع أسماءهم لم تعد تدعو عليهم بل كثيراً ما تسمح لنا بالتحدث معها عنهم الآن وذلك بعد مدة حوالي الشهر والنصف من بداية التغير الذي حدث لها، لا أريد أن أسميه انتكاسة ولا أريد كذلك ألا أطلق عليه هذه التسمية!
دعنا نقول "انتكاسه مصغّرة" فـأنا لا أعرف ما هو تصغير انتكاسة بالعربية، لكن يا دكتور مزاجها معنا في المنزل طبيعي وكذلك في العمل وذلك خلاف ما كانت عليه منذ شهر ونصف.
السؤال الآن: هل ممكن لحالة أمي أن تعود طبيعية ثانية كما كان يحدث زمان؟ لكن المدة هذا العام ستكون أطول قليلاً من كل مرة؟ وهل تتوقع أن الأعوام القادمة تكون أصعب أم أن الحالة في تدهور؟ وهل ممكن أن تتحسن الحالة دون استخدام أنواع أخرى من الأدوية، أي فقط وبمجرد مثلاً أن تنصحونا أن نجعل مثلاً الدواء بدل من قرص من أكينتون وآخر من ستلاسيل، أن يكون 2 قرص؟
صدقني يا أيها الطبيب العزيز أمر الذهاب للطبيب أمر صعب جداً جداً جداً وخاصة أنها طبيعية جداً معنا وكذلك في العمل الآن ولصعوبة هذا نفسياً (أي الذهاب للطبيب ليس فقط عليّ والذي قد أصف نفسي بالنسبة له أكاد لا أتحمله فما بالك بأخوتي الصغار!) هل يمكن ان يتم العلاج التام بإضافة أحد أنواع الأدوية الأخرى مثل أبيكسدون هو وبالذات لأن ليس له أثار جانبية قوية جداً، فهي كانت تعرف إحدى النساء اللواتي يأخذنه مما قد يسهل علينا مهمة إعطائها إياه والتي أصفها بالصعبة على كل حال فهي شخصية متمسكة برأيها وخصوصاً في هذا الموضوع، فما رأي سيادتكم، أينفع أن نأخذ بأحد هذه الحلول فهي أسهل الصعب؟.
ملحوظة: هي تقابل الآن تقريباً معظم أقاربها هي وإن لم يكن كلهم، وكذلك بعض أقاربنا وتشارك في بعض المناسبات، أما المناسبات التي لا تشارك فيها تجعلنا نحن نشارك بها وهذا خلاف ما كنا عليه منذ شهر ونصف وهذا بفضل الله عز وجل.
وعندي سؤال أخير: هل مشكلتنا العادية وكون الوالد توفي هو ما جعل هذا العام أصعب من كل عام؟ فعلينا أن نحاول أن نحل ما استطعنا من المشاكل دون إعلامها!.
R03;وشكراً على استماعكم وآسفة على الإطالة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
27/07/2008
رد المستشار
أرسلت استشارتك إلى المستشار الدكتور هشام حجازي الذي قدم الإجابة التالية:
الأخت السائلة السلام عليكم ورحمة الله، تحياتي لك ودعواتي للوالدة بالشفاء، ولكم جميعاً بأن يجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.
وبعد؛ فإنه طبقاً لما ذكرت فوالدتك تعاني من اضطراب ذهاني مزمن -ربما كان فصاماً أو أحد أنواع الذهان الأخرى-، ويتّسم مسار المرض لديها بطبيعته النوباتية، أي أنها تمر بفترات من الهوادة أو التحسن وفترات من الاشتداد أو الانتكاس. إنّ المبشّر في الأمر أن هناك العديد من المؤشرات على حسن استجابة والدتك للعلاج وإمكانية استعادة كامل صحتها النفسية.
ويبدو أن المشكلة الأساس تكمن في صعوبة تقبّلكم لمرضها واعترافكم به، وبالتالي عدم الانتظام على تناول العلاجات الموصوفة، ومقاومة الذهاب إلى الطبيب والمتابعة المنتظمة معه، وهي أمور لا يمكن الاستغناء عنها في مثل حالة والدتك خاصة أنها تمر بفترات من التحسن وفترات من التدهور تختلف مدتها وشدتها، وهو ما يستلزم مناظرتها في حالاتها المختلفة وتحديد ما يتناسب مع كل مرحلة من علاج وكذلك تنظيم الجرعات العلاجية بما يتناسب مع كل مرحلة، فضلاً عن تحديد العوامل التي تؤدي إلى الانتكاس وكيفية التعامل معها، وهي أمور كلها تختلف من مريض لآخر ومن نوبة لأخرى. وفي هذه الحالة فإنه من شبه المؤكد أن حالة والدتك ستستقر تماماً بإذن الله خلال أشهر قليلة، وربما أمكنها الاستغناء تماماً عن العلاج خلال مدة ليست بالطويلة.
الأخت الفاضلة،
يبدو أنك شابة مثقفة وعلى قدر كبير من تحمل المسؤولية، وعليه فإني أتوقع أن تقومي بدور أكثر إيجابية في حياة أسرتك ووالدتك، وذلك بتشجيعها على الذهاب للطبيب النفساني والمتابعة المستمرة، وليس في الأمر ما يعيب أو يحرج، في النهاية هو مرض مثل أي مرض له أسبابه وله وسائل لعلاجه، ونحن مأمورون بالأخذ بالأسباب، وأي تقصير في الأخذ بالأسباب هو مخالفة لتعليمات النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي كما هو ثابت بالحديث النبوي الشريف، ومشهورٌ عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قوله: "إن الله خلق الداء والدواء فتداووا ولا تداووا بحرام" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود والطبراني ورجال ثقات.
مع خالص دعواتي لوالدتك بتمام الشفاء.