السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة وبعد؛
أنا شابة في الـ27 من العمر، أعاني من خلل بسيط في القلب لا يشكل ضرراً مباشراً على حياتي إلا في حالة إهمالي لصحتي أو للفحص السنوي.
وحقيقة لم أقم بالفحص منذ كنت في الـ17 وذلك يرجع لخوفي الشديد من الإبر، ولم يكن ذلك يقلقني ولكنني الآن أصبحت في حاجة للقيام بهذا الفحص وبتحاليل كثيرة نظراً لتدهور صحتي وتعرضي لمشاكل في الهرمونات، ورغم إدراكي الشديد للضرر والألم الذي سأتعرض له ما لم أقم بالعلاج الآن إلا أني حقيقة لا أستطيع البدء في العلاج وذلك يرجع للإبر! فماذا أفعل؟؟
أريد العلاج ولكن خوفي الشديد من الإبر يمنعني عنه، حاولت تشجيع نفسي وحاول أفراد أسرتي تشجيعي لتخطي خوفي ولكنني لم أنجح للأسف فخوفي هذا قديم منذ طفولتي ولم يفارقني، ويصل بي الأمر لدرجة المرض عند مشاهدتي للإبرة أو التفكير بها، بل إني أفقد سيطرتي على نفسي وأتحول في لحظة من إنسانة واعية عاقلة إلى إنسانة متوحشة نوعاً ما (ثائرة) وقلقة (عدوانية) وأتذكر آخر مرة تم فيها تحليل دمي كانت عن طريق الخدعة، حيث قام طبيبي بإعطائي وعد قاطع بعدم استخدام الإبر ثم أرهقني بإجراء عدد من الأجهزة والتجول في أرجاء المستشفى، ثم قال لي أنه لم يتبق لي إلا جهاز واحد يتطلب جلوسي على كرسي مخصص وبالفعل جلست وبدأت الممرضة بإغلاق أحزمة الكرسي لتثبيت اليد والجسم عندها بدأت أشعر بالقلق والخوف واستيعاب أن هذا هو وقت تحليل الدم، بلحظة انقلب حالي حتى قبل مشاهدتي للإبرة وحاولت تخليص نفسي لولا تدخل إخوتي (2) والممرضتين وأمي وتثبيتي على الكرسي حتى يتمكن الطبيب من أخذ الدم، وخلال ذلك كنت في حالة هستيرية من الصراخ والمقاومة وقول أمور ما كنت لأقولها بغير هذه الحالة، ورغم كل الاحتياطات إلا أن نتيجة لمقاومتي جرحت نفسي بالإبرة وظللت أتألم من ذلك لـ 3 أيام.
حدث ذلك وأنا في ال17 من العمر ولم آخذ إبرة بعدها أبداً ولا قبلها، وما كنت لآخذها هي نفسها لولا تلك الخدعة (للعلم حتى في طفولتي لا أذكر أني أخذت أي إبر بعد إبر الوقاية من أمراض الأطفال واختبار الحساسية)، وأعتقد أن اختبار الحساسية كان أبشع تجربة لي مع الإبر حيث تم وخز يدي بعدد كبير من الإبر الصغيرة.
هذه مشكلتي والتي تمنعني من العلاج وتعذبني فعلاً ولم أستطع التخلص منها فماذا أفعل؟ أنا متعبة وصحتي تزداد تدهوراً لتأخري في العلاج... ساعدوني.
ملاحظة: لا يعاني أفراد أسرتي من هذا الخوف ولا من أي مرض نفسي آخر، وعلاقتي بهم جيدة.
أشكر لكم تعاونكم.
10/08/2008
رد المستشار
الأخت العزيزة "س" أ أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك، تسمى الحالة التي تصفينها برهاب الدم- الحقن- الإصابة Blood-Injection-Injury Phobia وهو أحد أنواع الرهابات النوعية والتي تمثل أحد أشكال القلق الرهابي.... وإن كان رهاب الدم الحقن الإصابة مختلفا في نوعية تأثيره الفسيولوجي على الجسد فبينما تسبب كل أنواع الرهاب ارتفاعا في ضغط الدم وزيادة في ضربات القلب يحدث عكس ذلك في هذا النوع من الرهاب كما بينا في ردنا على صاحب مشكلة: لست جبانا... ولكن رهاب الدم.
تحتاج حالتك بداية إلى إزالة تحسس منظمة وغالبا ستحتاجين لمرحلة تتدربين فيها على تخيل الإبرة دون الوصول إلى حالة القلق والاستثارة العالية التي تصفين بقولك: (عند مشاهدتي للإبرة أو التفكير بها.... أفقد سيطرتي على نفسي وأتحول في لحظة من إنسانة واعية عاقلة إلى إنسانة متوحشة نوعاً ما (ثائرة) وقلقة (عدوانية)، فلابد من بحث القناعات والافتراضات الكامنة وراء ذلك.... والتعامل معها بعد ذلك بالتدريج.
المشكلة أن الأمر يحتاج إلى مساعدة من متخصص في العلاج المعرفي السلوكي لهذا النوع من الرهاب لأنه يحتاج طريقة مختلفة عن علاج الرهابات الأخرى فلابد مثلا من التعامل مع مشاعر القرف وليس فقط الخوف كما في كل الأنواع الأخرى... كذلك لابد من أساليب سلوكية مخصوصة للتعامل مع الهبوط الذي يحدث وما نسميه في الطب بالغَشْيَـةِ الوِعائيةِ المُبْـهَمِيـَّة Vaso-Vagal Attack ... نسبة إلى العصب القحْفي العاشر... وهناك بالفعل تمرينات سلوكية لذلك مثل التدريب على زيادة التَوَتّرِ في العضلاتِ في محاولة لزِيادة ضغط الدمّ، وربما نحتاج لمساعدة المريض بأدوات طبية، مثل منظّماتِ القلب pacemakers..... بالطبع إذا رأى المعالج أن حالة القلب لديك تستدعي ذلك..... أعرف جيدا أن الطريق ليس سهلا لكن لا يصح أن تتقاعسي عن طلب العلاج من المرض النفسي... ذلك الذي يمنعك من طلب العلاج من المرض الجسدي عافاك الله كلك..
وتابعينا بالتطورات.
ويتبع >>>>>>>>: رهاب الدم الحقن الإصابة: فيمَ يختلف؟ مشاركة