شخصية قسرية (وسواسية قهرية) كالنموذج!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشكركم على موقعكم الرائع. ما أعجبني فيه حقاً هو الرؤية العلمية والموضوعية في تلمّس المشكلات.
لن أطيل عليكم؛ عمري ثلاثون عاماً، الحمد لله "كلّه تمام"، مشكلتي هي أنني طموحة جدًا وأريد أن أفعل شيئاً في المستقبل، لكنني بطيئة جداً في الكتابة، قد أبقى اليوم كله أمام الأوراق ولا أكتب إلا صفحة واحدة وأحياناً نصف صفحة!
زملائي ينجزون الكثير من البحوث والمقالات في وقت قصير، في حين أن المقال الواحد يحتاج مني شهرين أو ثلاثة وأحياناً أربعة لأنني دائماً أنقّح ما أكتب وأعدّل وأنقد نفسي عند كل فكرة، صحيح أسلوبي جميل وأفكاري عميقة بشهادة الجميع وكل من يقرأ لي يعجب بما أكتب، وقد راسلت بعضاً من كبار الكتاب فشجعوني كثيراً، لكن هذه ظاهرة غير صحيّة لأن عليّ أن أنتج. كثير من العظماء أنتجوا كتبهم في سن أصغر من سني وبعضهم توفي في منتصف العشرينيات من عمره، وأنا بالقياس إليهم أعد كسولة جداً وربما فاشلة.
أنا هكذا أدقق في كل شيء، مثلاً: إن أردت شراء ثوب أجول السوق كله ساعات طويلة حتى أقتنع بالقماش، وحين أذهب إلى الخياط ألح عليه كثيراً كي يكون العمل مضبوطاً وأركز على أبسط التفاصيل بعكس صديقتي التي تشتري أي شيء بسهولة، لكن حين أختار مثلا ثوباً ما أظل ألبسه مدة طويلة يعني لا أزهق منه لأنني اخترته بعد تفكير طويل، هذا مثال بسيط جداً كي تفهموا شخصيتي. والله أن طموحي كبير جداً وأريد أن أصبح مفكرة وكاتبة ولكن بالبطء الذي أسير عليه لن أنجز إلا القليل، أظن أنني شخصية وسواسية، أحترم القانون كثيراً ولا أتساهل أبداً فيما أراه واجباً ولا أطيق الغش وأقسو كثيراً على نفسي إن أخطأت أو قصّرت في واجبي أو أضعت الوقت الذي أراه أثمن ما في الوجود.
أرجو أن تفيدوني بنصائحكم، وتقبلوا مني فائق الشكر والتقدير،
والسلام عليكم.
29/06/2008
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛
بارك الله عزيزتي في عمرك ووقتك ورزقك الطيبات من العمل. ظنك في محله فأنت لست مريضة بالوسواس القهري كمرض ولكن بعض من سماته تصبغ شخصيتك وهي المسئولة عن الدقة الزائدة التي تشكين منها. لديك دفعات قهرية تدفعك للتدقيق وتسمى الميل للمراجعة.
كي تستطيعي التعامل معها بطريقة صحيحة يجب أن تفهمي الهدف من ظهورها في الأساس وهو خفض القلق والحرص على الإبداع ولكنها كما ترين تنجح في تحقيق أهدافها لفترة قصيرة ثم ينخفض تأثيرها الإيجابي وتظهر جوانبها السلبية فحرصك على التدقيق يسبب لك القلق بسبب نفاذ الوقت ويعيق إبداعك الذي تسعين لتحقيقه.
بعد استيعاب الهدف من هذه السلوكيات يأتي دور التعامل معها من خلال الطرق السلوكية التي تسمى التعرض ومنع الاستجابة أي تقومي بالكتابة دون المبالغة في التدقيق حددي وقتا للكتابة يتناسب مع المهمة ليس حسب معاييرك ولكن حسب الشائع بين الناس، واكتفي بما هو طبيعي مثل مراجعة واحدة على ألا تأخذ عملية المراجعة وقتا أطول مما استغرقته الكتابة، في البداية ستشعرين بالانزعاج والضيق عند مقاومة التدقيق ويزداد شعورك بالقلق ولكنه سيعود لينخفض وتعودين لتستثمري الوقت الضائع أثناء التدقيق في مزيد من الإنجاز.
لا تراجعي أي موقف يثير الحاجة للمراجعة أكثر من مرة
لا تراجعي ولو لمرة واحدة المواقف التي تستثير الرغبة في المراجعة أكثر من غيرها
لا تتجنبي المواقف التي تثير الحاجة للمراجعة
إذا اكتشفت ميلا لتجنب هذه المواقف واجهيها عمدا مرتين أسبوعيا ومارسي التحمي فيها بالامتناع عن المراجعة.
يمكنك محاولة السيطرة على سماتك الشخصية باتباع هذه الخطوات وبقراءة ما كتب على الموقع عن برامج علاج الوسواس القهري وثابري على محاولة التنفيذ فهي كما أخبرتك ستزيد مقاومة الرغبات القلق في البداية ثم سينخفض وتتحسن مشاعرك.
إن لم تنجح محاولاتك الفردية يمكنك الاستعانة بمتخصص نفسي ولكما سارعت بالتخلص من هذه السمات كلما سارعت في تحقيق أهدافك الحقيقية.