السلام عليكم معشر مجانين:
هذه المشكلة كتبها صاحبها في منتدى الوسواس القهري على موقعنا، ذلك المنتدى الذي لم نزل مقصرين فيه حتى وقت كتابة هذه السطور، ولكننا نعد بفعالية أكبر فيه قريبا إن شاء الله، وقد اخترنا مستشارنا الدكتور طارق ملوخية، للرد عليها باعتبار أن صاحبها كتبها في المنتدى، وقعد ينتظرُ آراء الآخرين من الناس دون اشتراط لتخصصهم في علم النفس أو الطب النفسي، وهو بذلك لم يزل في مرحلة الخوف من اللجوء للطبيب النفسي، واعتبرناه غير متعجل، ولذلك كان اختيار الدكتور طارق ملوخية، مناسبا لأنه من أكثر مستشارينا انشغالا عنا حتى الآن، ولعل الله يملأ قلبه بالعطف علينا الآن وهو يقرأ هذه السطور.
أما المشكلة التي سمى صاحبها نفسه ضحية الوسواس القهري فكانت كالتالي:
السلام عليكم.. أنا أعتبر نفسي من ضحايا الوسواس القهري الذي أصبح ملازما لي منذ سنوات.. أكبر ويكبر الوسواس معي.. تعديت الثلاثين والآن لا أدري كيف أتخلص منه، أصبحت أوسوس علي كل شي حولي.. حتى عائلتي أصبحت أعاني منها.. وللأسف وساوسي كلها سلبية ومدمرة..أتخيل المصائب تحل علي وعلي أهلي.. أتخيل كل ما هو سيئ.. أوسوس علي كلمة تقال لي أفسرها بالخطأ.. أوسوس علي فعل أو تصرف أو حتى إشارة قد لا تكون لي..
لكنني أعيش وسواس أن المقصود أنا.. رحل عني أصدقائي.. وتركت أنا الباقي لوساوس اختلقتها عنهم وجعلتني أتشاحن معهم.. الكل عرف بوساوسي وأصبح البعض يتعمد تجريحي وإثارتي..
تقربت من الله عز وجل ومن ديني.. أصبحت أكثر التزاما..والحمد لله.. لكنني لا زلت أعاني من هذا المرض البغيض.. لا زلت مترددا في زيارة طبيب نفساني.. ليس لخوف من أن يعلم الجميع.. لا بالطبع.. لكني أخاف أن يفشل هذا الحل وأزداد إحباطا..
أدعو الله دائما أن يزيح عني هذا الهم.. ولا أتمناه لأحد.. لكن كما قال تعالي (عَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ)..
صدق الله العظيم.
24/11/2003
رد المستشار
أيها القارئ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
الرسالة قصيرة جداً وغير واضحة الأعراض، فأولاً أود أن أعرف من أين جاء هذا التشخيص (الوسواس القهري) لحالتك؟ هل جاء بعد قراءات شخصية أو هو رأيك في حالتك لأني أريد أن أعرف الأساس الطبي لهذا التشخيص حيث تبدو الأعراض غير مكملة للمحكات التشخيصية للمرض المذكور.
فالوسواس القهري عبارة عن وساوس أو أفعال قهرية وكثيراً ما يجتمع الاثنان معاً وأنا أرى بعض الوساوس من الرسالة في القول (أتخيل المصائب تحل على أهلي وأتخيل كل ما هو سيء) فهذه أفكار وسواسية يجب أن تأتى على تفكيرك دون إرادتك وتحاول أن تمنعها وتفشل في المقاومة نظراً لما يصاحب المقاومة من توتر شديد وتدرك عدم جدوى الفكرة وتفاهتها.
ولكن الرسالة تحتوى على بعض الشكاوى التي تحتاج إلى استيضاح مثل (أفسر الكلمات تفسير خطأ أو أوسوس على فعل أو تصرف أو حتى إشارة قد لا تكون لي)، فالجزء الأول يحمل في طياته الشكوك أو الانشغال بتفسير الكلمات ولكن الشك في الوسواس القهري يكون في كون الباب مغلق أم لا؟؟ أو هل أنبوبة البوتاجاز مفتوحة أم لا؟ أما التفسير والشك في الكلام فهو عرض آخر قد يؤكده كثرة الخلافات بينك وبين الأصدقاء وكذلك أفراد الأسرة حتى أنك أصبحت وحيداً ولكن على أي حال يجب أن ترسل التفاصيل الدقيقة لهذا الشك.
وكذلك القول (أعيش وسواس أن المقصود أنا) فأنا أود أن أعرف المقصود بماذا؟؟ هل إذا تحدث اثنان فأنت المقصود بهذا الحديث حتى وإن كانوا لا يعرفونك أم ماذا؟ وهل تعتقد من داخلك أن هذا صحيح أم هي فكرة صعب مقاومتها تسير رغم أرادتك في هذا الاتجاه؟؟
أيضاً تقول أنه يتعمد الآخرون إثارتك فهل هذا يحدث نتيجة محاولتهم مساعدتك لكي تقلع عن الوساوس أو الأفعال القهرية أم يحدث في أمور أخرى وتعتقد فيه وكأن الهدف فقط إثارتك، أيضاً أود أن أعرف عن حالتك المزاجية والوجدانية بعد هذه المرحلة الطولية من المعاناة لمعرفة إذا كان هناك أعراض اكتئابية مصاحبة أم لا لان ذلك يساعد على وضع خطة علاجية متكاملة.
والنصيحة أيها القارئ الكريم ألا تؤخر الذهاب لطبيب الأمراض النفسية لأن العلاج سيساعدك كثيراً، أولا سيتم تشخيص حالتك بطريقة سليمة وكذلك وضع الخطة العلاجية المناسبة سواء دوائياً أو من خلال الجلسات النفسية ولا تيأس لأن العلاج سيقوم إن شاء الله بتقليل المعاناة التي تعيشها.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخ السائل أهلا وسهلا بك، وأشكرك على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، ما أود إضافته فقط بعد الإجابة الشاملة للأخ الزميل الدكتور طارق ملوخية، هو ضرورة التفريق بين الألفاظ المستخدمة في وسائل الإعلام وبين الناس، وبين الألفاظ المستخدمة في المجال الطبي النفسي، فكلمة وسواس لها استخدامات كثيرة تختلف عن استخدامها في الطب النفسي الذي شرحه لك المستشار، وأحد هذه الاستخدامات هي التي يتم فيها الخلط بين ما نسميه في الطب النفسي فكرةً وهاميةً Delusional Idea أو فكرةً مبالغًا في تقديرها Overvalued Idea، وبين الفكرة التسلطية (الوسواسية) Obsessional Idea.
وما تبدو حالتك أقرب منه هو وهام الإشارة Delusion of Reference أو فكرة الإشارة المبالغ فيها، واللذين نتكلم عنهما هنا كعرض لا ندري في أي إطار هو بالطبع، ولكنني لتفهم أكثر عن الفرق بين الفكرة الوسواسية والفكرة الوهامية والفكرة المبالغ في تقديرها أحيلك إلى رد سابق على صفحتنا استشارات مجانين تحت عنوان: الـزَّوَرُ (البارانويا) أنواع، فأيّ الأنواع أنت؟
كما أحيلك إلى قراءة المقالات الواردة تحت باب الطب النفسي شبهات وردود، لتعرف منه كثيرًا عن العلاج النفسي، وفي النهاية أنصحك بأن تستخير الله سبحانه أولا وتعتمد عليه ثم تسارع باتخاذ خطوات عملية لتنفيذ ما أرشدك إليه أخي المستشار الدكتور طارق ملوخية، وبأن تطمئن إلى أنك لن تندم لأنك استخرت الله، وما ندم من استخار الله، ولن تخيب لأنك استشرتنا وما خاب من استشار، وطلبي الأخير منك يا أخي هو أن تتابعنا بأخبارك.