اضطراب وجداني ثناقطبي ولا عرَّات ولا كوريا؟
في البداية، أود أن أهنئكم بشهر رمضان المبارك، وأشكركم على هذا الموقع المفيد الذي أضاف إلينا الكثير من الثقافة النفسية. عندي مشكلة تتعلق بأختي صَعُب عليّ حلها، وأرى أنها تزداد سوءاً مع الأيام، فلجأت إلى حضراتكم أنشد عندكم الحل جزاكم الله خيراً.
أختي في الحادية عشر من عمرها، ذكية جداً ومتفوقة في دراستها- دائماً تكون من الأوائل- شخصيتها تكون إما انبساطية جداً وإما اكتئابية جداً. عندما كان عمرها 4 سنين تزوجت أختي الكبرى والتي كانت تحبها جداً وتربط بينهما علاقة قوية، وفي هذه الفترة بدأنا نلاحظ أنها أصبحت لديها عادة الاستمناء، وأنها أصبحت عصبية جداً.- عندما أصبحت في المرحلة الابتدائية بدأت أختي تلاحظ عليها حركات تكررها في عينها وحركات في الشفاه والأنف والتنحنح الكثير، وبدأت تؤنبها على هذه الحركات، وأنها تشوه شكلها، ثم من خلال قراءتي اكتشفت أن هذه الحركات لا إرادية ولا يجوز أن نلفت انتباه الطفل لها، وكانت هذه الحركات مؤقتة تختفي فترة ثم تعود. الآن وهي في بداية المرحلة المتوسطة زادت عصبيتها وحساسيتها، لا أعرف ما هي الطريقة المناسبة للتعامل مع الشخصية القوية والحساسة، عندما يحصل ما تريد تفرح وتحضنك وتفعل كل شيء يسعدك، وعندما لا تفعل ما تريد تغضب جداً وتستثار من أي موقف لا يعجبها وتنتابها نوبات غضب "صراخ – رمي الأشياء– الاعتداء علينا بالضرب"، ثم بعد فترة تنسى ما فعلت وتتعامل بشكل طبيعي، أحاول أن أواجه نوبة الغضب بهدوء، ثم بعد فترة أعاتبها في تصرفها فتقول أنها لم تكن تقصد. ولكن هذه النوبات مازالت تستمر.
تتميز بأنها كثيرة الكلام والحركة، وهي في جميع حالاتها عندما تتكلم أو تجلس أو تقف يجب أن تمسك بيدها شيئاً تحركه أو تهزه أو تلف شيئاً على أصابع يدها أو رجلها، أو تعض شيئاً من ملابسها، وفي بعض الأحيان تقول لي انظري ماذا فعلت بملابسي ولا أعرف ماذا أجيبها؟.
والمصيبة أنني عندما بدأت ألاحظ عليها هذه الحركات أصبحت أتوتر ولا أستطيع في بعض الأحيان أن أبقى في نفس الغرفة، وهذا يؤثر عليّ نفسياً، فأحاول ألا أركز على هذه الحركات ولكن لا أستطيع فأتوتر وينتابني الصداع، وهي أيضاً كثيرة الكلام بتتابع دون انقطاع، ومع أني استمع إليها لساعات إلا أنها دائماً تعتذر أنها تتكلم كثيراً، وتحس أننا نسمعها شفقة عليها حتى لا تحزن! وعندما نعتذر إليها أننا لا نستطيع سماعها لأننا نريد أن ننام أو نذاكر تتأثر وتبكي.
ما زالت إلى هذه السن لم تتخلص من عادة الاستمناء، علماً أننا في حالات الصفاء تناقشنا في الموضوع وقالت لي أنها تريد أن تترك ذلك ولكنها لا تستطيع، ثم بدأت تشعر بالذنب كلما فعلتها وتقول لي ذلك فأصبحت لا أضغط عليها ولم أعد أكلمها في الموضوع- لا أعرف ما هي الطريقة الصحيحة لكي تتخلص منها، هل من الصحيح أن أناقش معها أساليب التخلص منها الموجودة في الموقع مثلاً وهي في هذه السن الصغيرة.
أما الحركات اللاإرادية فقد أصبحت دائمة، وهي تشعر أنها تعملها وتتحرج إذا نظر أحدهم إليها، سؤالي هل هذه الحركات هي العرّات؟ وهل من علاج بحيث تختفي تماماً؟؟ وهل تحتاج إلى دواء؟ أم أن أسبابها نفسية ويكفيها إعطاءها الحب والعاطفة والتشجيع وتنمية ثقتها في نفسها.
أرجو من الله أن يفرّج عنكم كربة من كرب يوم القيامة جزاء ما تفرّجون عنّا من كرب الدنيا.
ولكم موصول الشكر
14/09/2008
رد المستشار
الابنة "نور"
مشكلة أختك تنحصر في اضطراب وجداني ثناقطبي من النوع البسيط، والذي يمكن السيطرة عليه بالمنزل ولا يحتاج الدخول إلى مستشفى، حيث تعاني من نوبات هوسية اكتئابية متناوبة يصحبها رغبة شديدة في الكلام وزيادة في النشاط والحركة والتوتر والقلق أحياناً، والذي يظهر في عض الملابس وتقطيعها، مع ازدياد الرغبة الجنسية، والإفراط في الإحساس بالعواطف والمشاعر أثناء الهوس، وتنقلب سلوكياتها ومشاعرها إلى العكس عند الاكتئاب، وسمات هذا الاضطراب متوافرة لدى أختك بصورة ملحوظة، وأظن أن لديكم في العائلة من أقارب الوالد أو الوالدة حالة على الأقل مشابهة لحالة أختك.
المشكلة النفسية الثانية لدى أختك هي الحركات التي تحدث في وجهها وأطرافها لا إرادياً وتسبب لها ولكم إحراجاً، وهذا ما نسميه باضطراب العرّات، وهنا تشخيص الفارق هام ويجب أن يؤخذ في الاعتبار وهو "الكوريا الهوسية"، نتيجة لتأثر الخلايا القاعدية بالمخ، وفيه تزداد الحركات اللاإرادية بصورة بشعة في الوجه والأطراف مع انخفاض ملحوظ في توتر العضلات، وقد يصاحب هذا النوع من الكوريا حمى روماتيزمية بالقلب -لا قدّر الله– ويقوم أطباء الأطفال بعلاج مثل هذه الحالات ومتابعتها.
أما الحركات اللاإرادية أو العرّات فيتم علاجها بجرعات صغيرة من المهدئات العظمى مثل عقار ستيلازين أو عقار هالوبيريدول من 1-3 مجم يومياً. ونظراً لنقص الثبات العاطفي في هذه الحالات فيستحب إحاطتهم بالرعاية والعناية والعطف دون تدليل.
بالطبع ستحتاج أختك للعرض على طبيب أمراض عصبية ونفسية للكشف عليها، وإعطائها العلاج المناسب وتابعينا بأخبارها.
واقرئي على مجانين:
اضطراب العرات Tic disorder: مقدمة
مريم والاضطراب الثناقطبي
كيف أعامل المريض الثناقطبي؟