السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
بادئاً ذي بدء، اسمحوا لي أنتم عائلة موقع مجانين أن أتقدم إلى كل قائم على هذا الموقع الجميل بالشكر الجزيل والعرفان الجميل على عظيم العمل الذي تقدمونه من نصح موجّه وتوجيه مقدّم واستشارة جميلة إلى كل من طلب العون من جميع أنحاء الوطن العربي بل والعالم أكمل.
عذراً سادتي الكرام على التنويه الذي لا يقدّم من الأمر شيئاً ولا يؤخر، فالجزاء الأعظم هو من عند الله فهو خير من يثيبكم، ولكن حسبي قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "من لم يشكر الناس لم يشكر الله". قد يتعجب كل "مجنون" عن هذه الإطالة في المدح والانفعال في العواطف من غير مبرر كما قد يبدو للبعض، ولكن سأبرر ما أقدمت عليه من الشكر والمدح بما يلي:
لقد خطر ببالي وأنا أتصفح موقعكم أن أبعث برسالة أشكو فيها هموماً انتابتني وعوارض ألمّت بي، فلم يجل بخاطري ولو هنيهة واحدة أنكم ستتكفلون عناء قراءة مشاكل شخص لا تعرفون عنه شيئاً، ولا أنكم ستتكبدون مشقة الإجابة والرّد على سائل مجهول، فتوهمت خطاً أن تلك المشاكل المعروضة في الموقع ما هي إلا من قبيل الإشهار والتزويق والتنميق، وما هي إلا من فبركة علية المجانين خاصة! وأن بعض الرسائل يصعب فهمها، بل ويصعب قراءتها بسبب لهجة شرقية وأخرى غربية، وتلك صيغت بأسلوب ركيك تتطلب الإمعان والتركيز لأكثر من مرة! ثم كيف يعقل أن يضيّع الشخص وقتاً طويلاً ويهمل مصالحه من أجل أناس لا يعلم عنهم شيئا؟ فقلت في نفسي سأبعث برسالتي وإن خذلت فلا ضرر في ذلك فنحن العرب تعودنا من بعضنا الخذلان وعدم الوفاء بالوعد.
ولكن حينما تلقيت الرد أيقنت أن للجنون أنواع وألوان، إذ كيف بهؤلاء المجانين أن يردّوا على أسئلة المجانين وهي بالمئات؟ كيف بهؤلاء المجانين أن يتصفحوا رسالة كل مجنون ويجيبونه بجنون في زمن فقدنا فيه الأمل من كل عاقل عربي لا همّ له إلا مصلحته الشخصية ومن بعده الطوفان؟ لقد وجدت فعلاً العزاء في موقعكم، وتذكرت قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "لن ينقطع الخير من أمتي إلى يوم الدين" إنه لعمري من صريح الإيمان بل وعظيمه أن تقدم العون لمن يحتاج العون، لا كما يفعل البعض ممن يتنطحون لشأن الدين وهم لا يقدّمون له شيئاً! فشكراً لموقعكم الجميل.
والآن اسمحوا لي إخواني "المجانين" أن أتقدّم إليكم بأسئلتي:
أنا شاب متحصّل على شهادة الماجستير في الأدب العربي، وأود أن أتقدّم لتحضير شهادة الدكتوراه، ولكن المشكلة تكمن في كثرة الوساوس التي تنتابني منذ الصغر في ديني ودنياي، والأمر الذي أعاقني عن التقدم نحو الأمام بل وأثّر حتى على مستواي التعليمي، إذ أصبحت الآن أخشى من التعبير أو بعبارة أخرى (فوبيا الكتابة)! فأقول في نفسي دائماً سيلحظ الناس تعبيراتي الركيكة وأنا مقبل على الدكتوراه، ثم ماذا سيكون رأي المشرف حينما يقف على حقيقة كتاباتي وأنا على هذا القدر من التعليم؟ ثم كيف سيكون رأي اللجنة المناقِشة؟.
إخواني "المجانين" أصبحت أخشى الإقدام على الكتابة وإظهارها للآخرين، ومواجهة ردود أفعالهم، للأسف هذا ما يحدث فعلاً، ولا أخفيكم أمراً إن قلت لكم بأني كتبت هذه الرسالة بصعوبة بالغة.
الأمر الثاني، وهو أنني لا أستطيع الإجابة عن الأسئلة المباشرة إلا حينما أنظمها في ورقة، لأن الفكرة الواحدة تأتيني بألفاظ وتعابير كثيرة، وأحياناً أخرى تتفلت مني الكلمات ولا أجد ما أعبّر به عمّا أريد قوله، وهذا ما أخشى منه، خاصة وأني مقبل على مهنة التدريس التي تتطلب الإجابات الصريحة والواضحة، والسريعة. أما الأمر الآخر الذي يحزّ في نفسي كثيراً فهو أن ترى أناساً على قدر بسيط من التعليم يتمتعون بتوازن نفسي جيد، وأنا الذي تحصّلت على أعلى الشهادات لا أتمتع بما يتمتع به هِؤلاء!.
إخواني "المجانين" عذراً على الإطالة،
وجزاكم الله خيراً.
14/09/2008
رد المستشار
الأخ الفاضل "مروان"،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جزاك الله خيراً على مشاعرك الطيّبة حيال ما يقدّمه موقع "مجانين"، وها نحن نقوم بالتواصل معك في أسرع ما يكون، ونحن على ثقة أن الذين يتصلون بموقع "مجانين" هم العقلاء فعلاً، وذلك مع احترامنا الشديد للجميع.
أما بالنسبة لما تعانيه من وساوس قهرية فهي في نظري بسيطة بالرغم مما تسببه لك من إزعاج، وتأتي بساطتها من أن معظمها وساوس فكرية وليست طقسية. عملية العلاج أخي الكريم يتمثل في الآتي:
1) حلّل هذه الأفكار الوسواسية بدقة وحاول أن تخضعها للمنطق وسوف تصل للقناعة بسخفها، ومن ثم عليك بتحقيرها.
2) تذكّر دائماً أنك قد أنجزت رسالة الماجستير فما الذي يمنعك من الدكتوراه!.
3) تصوّر وتخيّل أنك وضعت كل هذه الأفكار الوسواسية في حقيبة صغيرة ومن ثم قم بوضعها تحت قدمك تحقيراَ لها.
4) تخيّل هذه الأفكار الوسواسية ومن ثم قم بالضرب بيدك على جسم صلب حتى تحس بألم شديد، والفكرة هي أن تربط بين الألم والفكرة الوسواسية، وبتكرار ذلك وجد أنه سوف يضعفها.
5) تذكّر التردد والخوف من الكتابة واجعل الفكرة كأنها في مرآة أمامك ثم كرر كلمة "قف...قف.....قف..." عدة مرات.
6) كرر كلمة "لن أخاف الكتابة...50 مرة" وابدأ في الكتابة مباشرة.
نفس هذه التمارين تنطبق على موضوع تنظيم أفكارك في ورقة.
لا شك أن العلاج الدوائي يعتبر ضرورياً جداً في حالتك، وهناك عدة أدوية ذات فعالية عالية خاصة للوساوس ذات المنشأ الفكري، العقار المفضل هو (فلوكستين Flouxetine)، والذي أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة 20 ملغم يومياً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة 6 أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة 6 أشهر أخرى.
الدواء من الأدوية السليمة والفعالة جداً وسوف تجني فائدته بإذن الله تعالى بعد 8 أسابيع من بداية العلاج. لا أعتقد أنك ستواجه أي مشكلة في مهنة التدريس، فهي مهنة راقية وتمثل رسالة عظيمة، وما ينتابك الآن من قلق هو مجرد مخاوف وسواسية يجب أن تضعها تحت قدمك وتدوس عليها.
الناس يتفاوتون في توازنهم النفسي، والتعليم ليس له دخل في ذلك، أضف على ذلك أن الإنسان ربما يكون متوازناً نفسياً في الظاهر ولكنه في الواقع بركان يغلي من الداخل، والعكس صحيح. عموماً كل إنسان يستطيع أن يغيّر نفسه إذا أراد حيث "إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم".
مع خالص تحياتنا وتقديرنا لك وكل عام وأنتم بخير.