أيها السائل: حبكة الدراما ووسواس الغرب
أرسلت جنى المسلمة مشاركة في استشارة عادل وأمه ! بماذا يمكن أن ننصح؟! تقول:
عادل وأمه ! بماذا يمكن أن ننصح؟! مشاركة2
لم أصدق القصة
مع احترامي الشديد لكل من الدكتور أحمد عبد الله ومحمد عبد العليم إبراهيم وقاسم كسروان، ولكني أجدكم أجبتم عن تساؤلات حضرة السائل "عادل" بكل سذاجة وبراءة.
أولا: السائل لم يكن يعاني من أي شيء نفسي فهو يستطيع أن يفعل بزوجته متى ما تخيلها أمه كما يزعم. ولو جزمنا أنه يعاني حقا في علاقته مع زوجته فهو لم يذهب لطبيب وإنما هو من فسر ذلك وربط ما حصل معه وأمه وبما يواجهه مع زوجته.
وقال بعد مقدمة بسيطة وأدخل فيها أسلوب تشويق للقارئ حيث كتب "ولكني صارحتها أن مرضي ليس عضويا بل أني أعرف سببه وأخبرتها بما أوصلني إلى هذه الحالة"؛ وكأنه يريد أن يسرد قصة يهمه أكثر خلالها أن يحكي مغامرته مع أمه وليس معاناته مع زوجته وإلا لما كان معظم كلامه عن أمه وليس عن علاقته بزوجته.
وإذا كانت مشكلته مع أمه وكان يعاني من الشعور بالذنب الذي لم أشم رائحته في كتابته الرخيصة لكان أرسل مشكلته لموقع إسلامي في قسم الفتاوى وهو ذكر لكم في آخر جملة "فقلت أعرض الأمر عليكم لعل عندكم ما تنصحوني به" فأي نصح يبغي وهو لم يطرح أي شيء يدل على حيرته؟
وأنا أقرأ "القصة" اقصد المشكلة، كنت قادرة أن أحزر تباعا باقي مجرياتها.. ليس لأني ساحرة ولكني كنت أطالع قسم القصص الجنسية في المواقع الجنسية هدى الله من صممها ومن يكتب فيها ومن يطالعها للصراط المستقيم في هذا الشهر الكريم.
وحتى في القصص الجنسية أجد العرب غير قادرين على التخيل والإبداع لكتابة أشياء مثيرة وجديدة مع أن الخيال الجنسي أمر غريزي وحسي ومحبب فحتى في هذا الخيال المحبب هم يقلدون بعضهم بطريقة سخيفة ورخيصة وتكاد تكون كوبي بيست مع بعض الاختلافات. (لا أقصد أن أشجع على الإبداع في مثل هذه الكتابات ولكني أبدي ملاحظتي فقط أن العرب يقلدون بعضهم بعقول متحجرة حتى في الخيال الجنسي وحتى أول نسخة من القصة يكون الأخ العربي ترجمها من موقع أجنبي أو يكتب ما شاهده من فيلم أجنبي رخيص، واعتذر لو أن هذه الملاحظة لن تروق للكثيرين)، فقصص زنا المحارم مثلا دائما لا تخلو من عدة نماذج تعد بأصابع اليد وإحداها ما هو معروض من قبل السائل "عادل":
(مراهق وحيد أمه ومدلل والده إما ميت أو مسافر وهو يكبر يلاحظ تفجر أنوثة أمه ويبدأ بملاحظة ملابسها وطريقة نومها ثم يبدأ يستثار برؤيتها ويحاول رد الفكرة ليس لأنها حرام ولكن لأنه خائف من أمه وردة فعلها، ثم يبدأ بالاحتكاك معها من الخلف وهو يظن أن أمه لا تشعر به، ثم يتجرأ أكثر بخلع الملابس أو بالفعل من الأمام وهو أيضا يأمل أن لا تشعر أمه، حتى يسمع منها تأوه أو هي من تطلبه حتى يعرف أن أمه تستمتع بما يفعله صغيرها الفحل، بعد ذلك يبدأ المراهق بالتراجع لأنه يتذكر فجأة أنها أمه ويبتعد عنها في محاولة رخيصة من الكاتب أن يهدأ من ثورة القارئ الجنسية ثم سرعان ما يردف بأنه عاد بعد ذلك بالقيام بعدة ممارسات ليثير القارئ من جديد.
ويقرر المراهق بعد ذلك أن يتزوج حتى يظن القارئ أنها نهاية المغامرة ولكن يكتشف بطل القصة مجددا أن زوجته ليست بخبرة أمه وبالتالي لا يقدر أن يمارس معها حتى لا تضيع فحولته على من لا يقدرها. ويعود إلى أمه من جديد وبمعرفة زوجته بعلاقته بل وتحاول الزوجة المسكينة أن تمثل دور أمه لتغريه بإقامة علاقة معها وهذه النهاية يحاول معها الشيطان أن يوحي للقارئ أن الزواج ليس كافيا لإقامة العلاقات وأن الرغبة بفعل الشذوذ لن ينتهي بالزواج ولا بأس أن تقوم بذلك بعد الزواج أيضا فذلك أفضل وأقل حرجا من الذهاب للعلاج عند طبيب نفسي).
آسفة لهذا التحليل وآسفة لوقاحتي في الاعتراف بكوني سبق وقرأت القصص السخيفة من هذا النوع الذي يعتمد على الإثارة والتهدئة ثم الإثارة ثم التهدئة بطريقة رتيبة مكررة رخيصة. ولكن الحمد لله الذي لم أكن سأهتدي لولا أن هداني الله.
وأنا قرأت هذه القصص في فترة زمنية ليست بالطويلة ربما قرأتها في شهر واحد فقط وليس أكثر من 5 أيام ولكني قرأت ما يكفي ليجعلني أحفظ بعضا من نماذج هذه القصص وكي أعرف أن كان ما أمامي واقع أو قصة تافهة سردت لغرض جنسي بحت. ثم بالله عليكم إذا كان الزوج مريض والأم مريضة فهل الزوجة أيضا مريضة لتوافق أن تبقى زوجة لسافل جامع أمه لا بل وتمثل دورها أيضا؟
ربما لو لم أكن اطلعت على تلك القصص لكنت في نفس وضعكم البريء وقد اهتم مركز الاستشارات وأجاب 3 من نخبة الاستشاريين والدكاترة على سؤال سراب، وتأسفت لضياع جهودهم على شخص تافه فارغ عديم المسؤولية.
لو لم يكن ما قرأته في هذه الرسالة نموذجا مكررا لمجموعة من قصص زنا المحارم في مواقع الشياطين لما كتبت كلامي هذا بكل هذه الثقة التي نادرا ما أظهرها.
4/9/2008
ثم أرسل مشاركاً على نفس الاستشارة وجهة نظر (سوريا،33 سنة، موظف) يقول:
عندي تعقيب بسيط على رأي الدكتور أحمد عبد الله من خلال تحليله للمشكلة وهجومه الشرس على ما سماه الأعراف الجاهلية السائدة والذي أوافقه الرأي فيه 100% لأن هذا الخليط الاجتماعي الغريب والمتناقض والمليء بالنفاق وتقديس للنظرة الفرد ورأي الجماعة إلى حد الربوبية كما أشار الدكتور أحمد... كل هذا سيخلق بدون شك مشاكل كتلك التي تكلم عنها الأخ السائل ومشاكل أكبر منها بكثير...
ولكنني أردت توضيح نقطة مهمة وحساسة مرتبطة بالموضوع... حيث أن القارئ قد يتبادر إلى ذهنه أننا يجب أن نبذل قصارى جهدنا للتخلص من عاداتنا وأعرافنا الباليه واستبدالها بدون تردد بتلك الأعراف والعادات والتركيبات الاجتماعية السائدة في الغرب... وهذا طبعا غير صحيح... على الرغم من أن عاداتنا وأعرافنا غبية وصفيقة ومتناقضة ووو إلا أن التجربة الغربية أثبتت فشلها... وجميعنا نعرف الأهوال الاجتماعية التي لحقت بالغرب نتيجة تركيبة العلاقات والعادات السائدة...
وبالمصادفة.. شاهدت فيلما أميركيا منذ بضعة أيام.. بعنوان "The Unsaid" يتكلم الفلم عن قصة رجل يقتل زوجته عندما يأتي إلى منزله في أحد الأيام عائدا من عمله.. ليراها تمارس الجنس مع ولدها أي ابنهما... وهذا الفلم بكل تأكيد لم يأت من فراغ أو من مخيلة جامحة لكاتب أميركي.. لابد أن هذا الشيء موجود منه شيء في الواقع الأميركي.. وبشكل ملحوظ إلى حد دفع إلى تأليف ذلك الفلم ليعرض للناس تلك المشكلة بأبعادها وآفاقها.. وأريد هنا أن أقوم بمقاربة ومقارنة بين القصة العربية موضوع هذه المشكلة والفلم الأميركي..
في قصة الشاب العربي كان الوالد متوفى والأم تمر بفراغ عاطفي وجنسي
أما في الفلم الأميركي فالزوج موجود وهو كما يظهر في الفلم رجل وسيم ويعمل في الشرطة ولا يعيبه أي شيء من نقص في الرجولة أو نقص مادي... فالسؤال هو ما الذي دفع تلك المرأة إلى ممارسة الجنس مع ابنها.. أليس هو المجون والانخلاع الكامل عن حظيرة الأخلاق وحظيرة الإنسانية جمعاء... أليس هو الفراغ الروحي.. الضياع والتشتت من انعدام الحق وانتشار الباطل..
إخواني... نحن في بلداننا العربية نملك الأسلحة ولكننا نستخدمها بقمة الغباء... نملك الحلول ولكننا نفضل أن نلجأ إلى ما تمليه عليه عقولنا وعقول آبائنا.. نحن على حق ونحن مؤيدون بنور الإسلام وبركة الإسلام... لا ينقصنا إلا نهضة تصحيحية... ثورة على كل شيء بالي.. شرب عليه الدهر وأكل.. ثورة تجديد ثورة ترفض كل مكرر وكل ما يرفضه العقل.
4/9/2008
رد المستشار
لم أهتم ولا أهتم عادة بعمل نقد أدبي أو سينمائي، ولا تحري بوليسي مقارن حتى أصل إلى أن حبكة الرواية في مشكلة ما هي جيدة بحيث تصلح كقصة حقيقية أو أنها ركيكة أو مفتعلة أو منقولة عن مواقع الجنس العربية أو الأجنبية!!
إقامة علاقة جنسية مع الأم هو أمر شائع ومعروف في أوساط وطبقات وظروف معينة، وليس لدي أية أرقام ولا إحصائيات لأجزم بحجم انتشاره بدقة، وأتمنى ألا يكون ممارسة متداولة عندنا، وهكذا أعتقد، أي أنه ما زال بشعا ومستبعدا إلا في ظروف وطبقات وفئات بعينها.
وقد وصلنا ذات مرة شريط تسجيل من أحدهم يروي قصته مع والدته، ولا أحسب السائل وقتها كان محتالا ولا يعرض علينا تمثيلية إذاعية متقنة أو فاشلة، ومثل ذلك يحصل، ويستحق التنويه والنقاش بغض النظر عن صدق هذا السائل أو ذاك من عدمه!!
يبقى موقعنا وعملنا كله عرضة لإساءة الاستخدام، وهو ما لا مفر منه، إذا قرر البعض أن يستخدم قصص السائلين كتابة أو قراءة بوصفها مادة جنسية تثيره أو يثير نفسه بها في غياب أنشطة جنسية طبيعية محروم منها، وهو ما حصل مع الأخت المشاركة حين قصدت المواقع الجنسية بحثا عن القصص، ثم تصورت قصة السائل كذلك في خطوة تعميم متوقعة، وبحثا عن تعويض جنسي لجمهور محروم من الإشباع، ولا أدري من أين يأتي الخيال الجنسي، ورافد الممارسة يبدو جافا ومنقطعا إلا من صور وأفلام وقصص أغلبها قادم من ثقافات أخرى، وسابقا قلت أن الجنس العربي المعاصر يكاد يكون منحسرا أو متمحورا حول الاستمناء وتوابعه، والغشاء وهواجسه، والجهل العريض، والهلاوس غريبة المصدر، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
أما أخي الكريم من سورية فأشكره على إثارة نقطة أراها جديرة بالتعقيب والتأكيد، وله وللجميع أقول أنه علينا أن نتوقف عن وسواس الغرب الذي أو صلنا مع أسباب ومقدمات أخرى إلى البؤس الذي نعيشه!!
نقد وتشريح تخلفنا ليس مديحا تلقائيا للتجربة الغربية إلا عند المصابين بداء وعصاب الغرب حبا أو كرها!!
تأخرنا كثيرا يا سادة لأننا نرتكب أخطاءً منها ترديد كليشيهات وقوالب لفظية ونمطية فكرية واجتماعية ضمن كل هجوم أو تحليل لأوضاعنا المزرية.
ينبغي أن نكف عن ترديد وترتيل القول بأننا لا نريد أن نصبح مثل الغرب، وأن نتوق عن تعداد المساوئ وكأننا نخفف من وقع ما نعيشه من جحيم بقولنا ضمنا أننا مع كل ما وصلنا إليه نبدو أفضل مما وصل إليه الآخرون، فغالبا تكون المقارنة مختصرة ومبتسرة ومتسرعة وغير ذات جدوى، والأفضل أن ندرس كل موضوع في إطار سياقه الثقافي، وندرس كل حالة في إطارها وظروفها، وإلا يمكن الدخول في حلقات مفرغة كثيرة ودوامات لا تنتهي من الأخذ والرد عديم الفائدة.
لدينا مشكلات وعقبات وألغام تخلف، ولدينا إمكانات نهضة ومواريث عزة ومصادر طاقة انبعاث وفي رحلتنا لاكتشاف ذواتنا ومعرفة عالمنا وعلاج أمراضنا واستثمار ثرواتنا ينبغي علينا فهم تجارب وخبرات الآخرين حتى نبدأ من حيث يقفون، فلا نكرر الأخطاء بالتعامي عن أسبابها وجذورها، ولا نهدر الدروس والإيجابيات ذعرا من المسار برمته، والحقيقة الأهم الغائبة عن تعاملنا مع ما نسميه الغرب هي أنه لا يمكن منطقيا ولا إنسانيا ولا واقعيا استنساخ تجربة أو تكرار خبرة حدثت في إطار وظروف وسياقات مختلفة، ولقد أضعنا وقتا طويلا وثمينا وأهدرنا وبددنا طاقة هائلة في خلاف عبثي بين أولئك الذين يهيمون بتجربة الغرب ولا يرون صلاحا ولا مستقبلا ولا نهضة لنا إلا بتكرارها، وأولئك الذين برزوا معاكسين لهم، وكلا الطرفين مريض عصاب أحدهما بهوس الحب، والآخر بهوس الذعر والخوف، وكلاهما عند الفاهم وجهين لعملة واحدة، وكفانا ما ضاع، وحان أن نتوازن في تناول الخبرات وتحليل التجارب والتعلم من الدروس وتشريح القضايا والمشكلات.
قطيعة الغرب مع عاداته وتقاليده وبين الكنيسة المتسلطة على رقاب العباد أفاد البحث العلمي والتطور الاجتماعي ونهضة الصناعة والثقافة عندهم، لكنه أفقدهم المعيار الجماعي، والفكرة الضامة، والضبط الاجتماعي فصار كل شيء رهين القانون في غياب معنى الضمير والأخلاق المستند للدين، وبروز الأخلاق النسبية والنفعية التي تختلف من شخص إلى آخر، وفي المسائل تفاصيل كثيرة، ولا يفيد القفز على التفاصيل واختصار المصير والخبرة الغربية، أو الخبرة المحلية، إنما ينبغي فهم الخرائط والجذور، وإمكانية طرح أسئلة أو حتى مقترحات علاج استنادا إلى واقع خبرات، وخلاصات حكمة التجريب هنا أو هناك، "والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها".
وآن لنا أن نتعامل مع عيوبنا وعيوب الآخرين كما جوانب وأسئلة النهضة والتغيير هنا وهناك بدون عُقَد، ولا كليششهات، ولا وساوس ولا أساطير عن هذا الغرب الرائع أو المدني، إنما التجارب الإنسانية مركبة وفيها دائما دروس وعبر ومقترحات وأسئلة وأحيانا إجابات لمن يبحث بعمق متجاوزا مستوى الذوق والإحساس على طريقة: أحب الغرب... أكره الغرب!!
وحين نقول أنه في نقاط معينة يدير الغربيون حياتهم الشخصية بشكل أنضج وأنجح فليس معنى هذا أننا يمكن أن نستنسخ طريقهم هذه أو تلك، إنما دعوتنا دائما لتعميق النقاش والتناول، والمصارحة والاستفادة من الغرب والجنوب والشرق والشمال.
أخي فلنتوقف عن ترديد أساطير عن "المجون والانخلاع الكامل عن حظيرة الأخلاق وحظيرة الإنسانية جمعاء، والفراغ الروحي والضياع والتشتت من انعدام الحق وانتشار الباطل". هذا بعينه، وقد نقلت من رسالتك نصا، هو عين التعميم والاستسهال والكليشيهات لأن تجربة الغرب للأسف أو لحسن الحظ أعمق وأكثر تركيبا، وكذلك حياتنا نحن ومشكلاتنا، وبالتالي فإننا نحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد ثورة تصحيح، (الكلمة نفسها صارت مشبوهة)، نحتاج إلى تشخيص سليم، وتركيب علاجات، وصبر على إصلاح سيطول، ولعله فقط يبدأ!!
ويتبع:>>>>>>>>>>>>:: عادل وأمه ! بماذا يمكن أن ننصح؟! مشاركة4