تبحثين عن الحب؟ أم الزواج؟
السلام عليك ورحمة الله وبركاته،
بالله عليكم أن تردوا على مشكلتي فسوف أجن! أنا فتاة في الخامسة والعشرين من عمري، رومانسية جداً، دكتورة أحب عملي بشدة، تعبت كثيراً حتى أصل إلى ما أنا فيه أبحث عن الحب في كل لحظة في حياتي مخلصة جداً لأي شخص أحبه أو أتعامل معه، مررت في سن ال 14سنة بقصة حب استمرت 7 سنوات لأن حبيبي تغيّر وبدأ ينحرف وأصبح غير مناسب لي، فشلت ومرّت ثلاث سنوات أبحث عن الحب فقد تعودت عليه ولا أستطيع العيش بدونه، ولكن من الشخص الذي يستحق؟.
قابلت الكثير ممن يخدعني ومن يستغل طيبتي ومن يوهمني بحبه وينسحب فجأة، تألمت كثيراً وتحملت حتى يرزقني الله بمن أتمنى، وتقدم لخطبتي كثر حتى تقدم لي شخص هو قريبي ومناسب لي.
هو دكتور وسنه مناسب، تعلقت به بشدة وأحببته وتخيلت أن الله عوض علي وأعطاني ما أتمنى، ولكن ليس لي حظ فما زالت الأحزان تطاردني، وأفظع من الأول بكثير، فخطيبي أحب أن يجلسني مع أمه وأخوته في عيشة واحدة ولا أستقل بحياتي، وأنت تعلم كم المشاكل التي ستتكون من هذه العيشة.
هو قال لي ذلك قبل الخطبة وكنت أرفض بشدة ولكن لا أعلم ما الذي جعلني أوافق! يبدو أني تعلقت به، ولكن ما ظهر بعد ذلك أثبت أنه من الصعب الاستمرار، خاصة أنّه لا يقف إلى جواري ويسيء الظن بي دائماً، وسمع كلام ممن حوله أني سأفرقه عن أهله ولا أحبهم والله أعلم كم أحببتهم لأجله، فتركته.... والغريب أنه لم يحاول أن يرجع لي أبداً وهذا جرحني جداً لأنه كان يقول لي أني روحه وعقله ولا يستطيع الاستغناء عني فصدقته.
تقدّم لي شخص آخر متدين يحبني بشدة -وهذا ما اتضح بعد ذلك-، رفضته كثيراً وهو صمم على الارتباط بي. كان الضغط عليّ شديد فما زالت أشفق على نفسي وأحسست أني لن أحب ثانية أبداً، فارتبطت ولكن يراودني دائماً أن أتركه حتى أستريح! فأنا لا أعطيه حقه، غصب عني، يقولون لي أني سأنسى بعد الزواج، فهل أخاطر بحياتي وقد لا أنسى، ما رأيكم؟.
آسفة على الإطالة.
28/09/2008
رد المستشار
السلام عليكم،
أختي الدكتورة الغالية،
أهنئك أولاً بارتباطك الجديد، وأسأل الله أن يختار لك الخير في حياتك أينما توجهت. تعلمين يا أختي أن اختيار الزوج يخضع لمقاييس معينة، يحكم العقل بوجودها أو انتفائها في الشخص المرغوب فيه، بعد السؤال عنه والاحتكاك به، ويبدو أنك الآن تعيشين حالة انفعالية قد تؤثر بعض الشيء على اختيارك، لذلك أنصحك بمحاولة تجاهل المشاعر قدر الإمكان، ووضع مقاييس دينية واجتماعية وأخلاقية معينة للرجل الذي تفضلين العيش معه، وحاولي بمعونة الأهل معرفة فيما إذا كان هذا الشخص الذي تقدم لك عنده قدر من هذه الصفات أم لا، ولقد فهمت من كلامك أنه رجل متدين، بقي أن تنظري إلى أخلاقه هل ترضين عنها؟ ثم إلى طريقة تعامله الاجتماعية فهذه تختلف بين العائلات، ويمكن أحياناً أن يتسبب أحد الزوجين بحرج عظيم للآخر، إذا كان الاختلاف بينهما كبيراً في ذلك، حاولي التعرف على ذلك كله خلال فترة الخطبة وقرري بقرار عقلي لا عاطفي في ما إذا كان هذا الرجل مناسب لك أم لا، ويكفي بالنسبة لك الآن ألا تشعري بكره تجاهه.
استخيري الله حتى يشرح صدرك للخير، وأكثري الالتجاء إليه، وسلمي له أمرك كله، فهو أرأف بالعبد من الأم بولدها. ولا داعي أبداً لرفض هذا الزوج إذا حكم العقل بأنه مناسب لك.
وليس في قبوله مخاطرة بحياتك، لأنك إذا تفاهمت معه سوف تحبينه وتعوضين ما فقدتِه، وتنسين كل حبّ مر معك قبله، والنسيان من طبع الإنسان..، وأظن أن المخاطرة تكمن في الرفض والبقاء على هذه الحال التي تتنقلين فيها في علاقتك العاطفية من شخص لآخر وتُجرَحِين فيها جرحاً تلو الآخر...
وأنت يا أختي -فيما أحسب- مثقفة وواعية، فطبيبة مثلك لا بدّ وأن يكون عندها قدر كبير من ذلك، غير أني أحب أن تنزلي إلى أرض الواقع قليلاً حتى يتسنى لك العيش بأقل قدر ممكن من الصدمات، الحب شيء مهم في الحياة الزوجية، لكن الرومانسية التي تحلم بها الفتاة، لا توجد عند أيٍ من الرجال!!! فهو يعيش الرومانسية بطريقته الخاصة!.. واسألي من حولك ممن جَرّبْن إن شئت...، إن ما تحلمين به لا يوجد إلا في الأفلام فقط، فإذا أصررت على الحصول عليه لن تنالي إلا الحسرات، وتمنيت أن ألقى متزوجة واحدة تقول لي خلاف هذا الكلام، حتى ممن يحسبهن الناظر قمة في الرومانسية...، الواقع هكذا يا عزيزتي! الحياة الزوجية تضحية وعطاء في قالب من الرحمة والود، ومحبة الزوج لزوجته لا تعني أبداً أن يستغني عن حب من حوله، فهناك كثيرون لهم أفضال عليه لا يستطيع إلا أن يسكنهم قلبه وخاصة والديه، ولا أنصحك أن تتزوجي ممن يقول لك إنه يحبك أكثر من والديه لأنه لا خير فيه...
وخذي عبرة من التجارب التي حصلت معك، واعلمي أن الله عز وجل لم يمنع الفتاة من إقامة علاقات عاطفية قبل الزواج إلا ليصون قلبها ومشاعرها من الجروح والآلام...، وعبرة أخرى يذكرني بها قول ابن القيّم رحمه الله: (قضى الله تعالى قضاء لا يُرد ولا يُدفع، أن من أحب شيئاً سواه عذب به ولا بد، وأن من خاف غيرَه سُلِّط عليه، وأن من اشتغل بشيء غيره، كان شؤماً عليه، ومن آثر غيره عليه، لم يبارك فيه، ومن أرضى غيره بسخطه، أسخطه عليه ولا بد).
فالحب الأكبر ينبغي أن يكون لله، وسائر المحبة ينبغي أن تكون دونه ومتفرعة عنه، وإلا وَقَعْتِ فيما ذكره ابن القيّم وكان من أحببت سبباً لعذابك!!...، قال تعالى:( َالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ)[البقرة:165]، فهم يحبون غيره لكن حبهم له أشد وأعظم، بهذا المفهوم للحب ستعيشين حياة سعيدة هانئة بإذن الله، وتنالين الثواب والأجر على مشاعر الحب التي تسعدين بها...، أسأل الله لك التوفيق، والسكينة، وهدوء البال، وطمئنينا عن أخبارك...
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> تبحثين عن الحب أم الزواج م