السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
مشكلتي لا أعرف كيف أتكلم عنها أو من أين أبدأ، ولكن كل ما أستطيع قوله أني أشعر بألم لا ينتهي يمكن له أن يظهر أحياناً أو ينفجر، وأحياناً أخرى يسكن كالبركان الهادئ الذي لا أعرف متى أو كيف سيعبّر عما بداخله. آسف للإطالة ولكني حقاً لا أعرف كيف أشرح المشكلة..؟!
أنا أعاني من خلل في علاقتي بأهلي وأعاملهم فقط حتى يرضى عني الله سبحانه وتعالى (بدون أي مشاعر)، والغريب أني بارعة في تمثيل هذا الدور، فأنا أشعر أني أنافق- أستغفر الله العظيم-. مشكلتي ذات طابع مختلف، وأنا أعلم أن بعض من يقرؤن هذه الرسالة قد يقولون أني غير صادقة أو أمثل أو حتى أني أبالغ، لا لا، والله العظيم أن هذا حقاً ما أشعر به ولكن... المهم أمي مثلاً تتصرف تصرفات غريبة تطلب منا أنا وأخوتي أن نصدّقها دائماً وهي تكذب أمامنا، أو مثلاً تلومنا على العلاقة بيننا وهي والله عمرها ما فكرت يوماً أن تتقرب إلينا بأي شكل من الأشكال، سواء عندما كنا صغار أو حتى في أهم فترة (المراهقة)!. مع العلم أننا ثلاث بنات، وأنا أحمد الله تعالى على نعمة الإيمان.
أما أبي فلا أعرف ماذا أقول؛ لا يهتم لمشاعرنا مطلقاً والمصيبة -وآسف على التعبير- هي أن هناك أمراً صرّح لنا عنه حتى لا نعرفه من غيره بسبب المشاكل القائمة في تلك الفترة، والأمر هو أنه تزوج من امرأة كانت زوجة صاحب العقار الذي كنا نقطن به (وهي امرأة سمعتها غير سليمة، وكان عليها بعض الأقاويل، والله أعلى وأعلم)، والأهم من ذلك أن لنا أخاً وعمره حوالي أربع سنوات -وكان ذلك منذ تسع أو عشر سنوات تقريباً-.
انهدم وقت ذلك الكيان الكبير الذي كان قائماً، وذهب الحنين والارتياح، ولأن ما هو أهم وهو أنه أصبح شخصاً غريباً جداً لا يطيق لنا أي كلام ولا نقاش، عكس ما كنت أتوهم أنه عليه من رجل متفهم وما إلى ذلك، والحقيقة الكبرى أنني طوال عمري لم أعرف هذا الرجل، والله أحياناً يفعل تصرفات تجعلني أقول من هذا؟ من هذا؟ ولا أعرف ماذا أفعل إذا ضاق بي الأمر جداً وبكيت، يقول لي ما كل هذا النكد، وإذا انطويت وجلست في غرفتي وهو رآني بالصدفة يغضب عليّ ويقول: "ما بكِ"، فأرد عليه: "لا شيء فقط متضايقة قليلاً"، فيقول: "أنا لا أحب أن أرى كل هذا العبوس، وكفاياكوا نكد!" فماذا أفعل وأين أذهب؟. كنت دوماً أتمنى أن يكون لي مثل أعلى أو قدوة أو تلك الشخصية التي أذهب إليها وأتحدث عن نفسي معها بصوت عالٍ وأنا متأكدة أنها ترد عليّ بأفضل كلام فيه مصلحتي.
آسفة للإطالة، وأتمنى أن يردّ على هذه المشكلة د.علاء مرسي.
والسلام عليكم، أترككم في رعاية الله وأمنه، وجعلكم الله دائماً خير عونٍ لكل من يحتاج إليكم.
أنا صاحبة مشكلة "آلام ذات عمق"، أتمنى من الدكتور علاء مرسي بعد الرد على الرسالة أن يرسل لي على البريد الإلكتروني أو على هذا الموقع رقم تليفون العيادة الخاصة به لاستقبال المرضى وأسعار الجلسات العلاجية، حتى أستطيع الوصول إليه والتكلم مع أحد يفهم ما بداخلي عن خبرة وعلم، وهذا مهم بالنسبة لي جداً.
وجزاكم الله خيراً.
01/10/2008
رد المستشار
صديقتي،
أنت في سن الآن يسمح بالكلام والمفاهيم الناضجة.. ليس هناك ما يحتم أن يكون الوالدان على ما نريد أو نتوقع أو نأمل، قد يفشل أحد الوالدين أو كلاهما في تكوين علاقة جيدة وصحية مع الأبناء ولكن هذا لا يستدعي الغضب أو الحزن أو الألم. إليك مثال: هل من الممكن أو من المعقول أن نغضب لأن شخصاً مشلولاً (قعيد في كرسي متحرك) لا يستطيع أن يمشي أو أن يركض؟ بالطبع لا.. والداك مثل الكثير من الآباء والأمهات عاجزين عاطفياً لأسباب شتى، ولكن هذا لا يعني أي شيء ذو أهمية، ما هو مهم هو أن تكتشفي ما بهم من عطب وأن تأقلمي نفسك على عدم مقدرتهم في بعض الأمور بدلاً من أن تحزني وتغضبي!.
يمكنك أن تجدي في الحياة الكثير ممن في استطاعتهم الإنصات والتفاهم، وعليك اختيارهم بحكمة ودقة.
إن الكيان الكبير هو ما توقعته من أبيك وألمك هو بنفس مقدار بعد توقعاتك عن الحقيقة، ما يقوله المجتمع عن الآباء والأمهات ليس مطلقاً، ولا يجعل من كل من رزق بأطفال والداً بحق.. أوف حقهما من البر والمودة والرحمة والمعاملة الطيبة دون مقابل ودون أن تصري على أن يكونا كما تتوقعين أو تريدين، ربما تتحسن العلاقة فعلاً إذا ما قلّ النكد والحزن من ناحيتك.
ما فعله أباك هو حريته الشخصية وهو يخص علاقته بأمك ولا يخصك أنت تحديداً، وإن كان لك أخ من امرأة أخرى غير والدتك فما المشكلة في هذا؟ وما هو الجرم الذي وقع عليك؟ هذا لا يعني أنني أقر أو أوافق على ما فعل أباك، ولكنها في النهاية حريته الشخصية وليس لأحد أن يتدخل في هذا ما عدا في حالة الأذى المباشر للآخرين.
واقرئي على مجانين:
علاقتي بأسرتي .. الكرة في ملعبك
العلاقة مع الوالد مشاركة
العلاقة مع الوالد.. م
لا أب ولا وطن: قلوب تنكر نبضها
السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب
وفقك الله وإيّانا لما فيه الخير والصواب.