نعم الاضطراب الثناقطبي –الهوس- مرض مزمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
R03;
قرأت مشكلة الأخ الذي تعاني أخته من مرض الهوس...
في عائلتي فتاة مقربة جداً مني وهي ابنة أختي، فتاة في قمة الذكاء والخجل والحياء واللطف، عندما كانت في الثانوية العامة حصلت على درجات جداً عالية في الفرع العلمي 99%، ولكن عندما بدأت التسجيل في سورية، طبعاً هي كانت تدرس في إحدى دول الخليج- في حين أن الجامعة في سورية-، بسبب عودة أهلها من الغربة وفي مرحلة التسجيل فجأة بدأت هذه الفتاة لا تنام وتشك بكل من حولها وتبالغ في لباسها ومكياجها، كأنها فتاة ثانية!
لا نعرف ماذا حصل معها ولم يستوعبها أي أحد من العائلة فلكل مستغرب، الكل يعتقد أنها تتصرف كذلك بسبب الغيرة أو أي شيء... إلى أن اقتنع الجميع بأخذها إلى دكتورة نفسية لمعرفة مشكلتها، وجزاها الله كل الخير فقد جلست معها عدة جلسات، إلى أن فجأة ولأسباب ما جعلتها تبكي في المنزل خاصة عندما بدأت أنا التحدث معها، لم نجدها إلا مستغرقة في النوم إلى الصباح- على الرغم من أنها لم تنم مدة 15 يوماً واستيقظت وكأن شيئاً لم يكن... طبعاً كان الجميع رافضاً لفكرة تناول الدواء، ومرضها كان السبب وراء خوفنا من أن تدخل كلية الطب، وهي أصلاً لم ترض بكلية الطب لأنها تحتاج إلى سنين طويلة بالدراسة وهي كانت تريد كلية الصيدلة، وفعلاً دخلت كلية الصيدلة وداومت لمدة أسبوع لفتت به نظر الدكاترة في الجامعة على ذكائها ومقدراتها العلمية الفائقة، ولكن لسوء حظها بسبب مفاضلة المغتربين ليتسنى لها المتابعة في الصيدلة فقد أخذو أعلى منها بدرجة فقط فتاتين؛
أما الطب فكان أعلى من معدلها وبنفس معدلها وأقل حتى من معدلها، طبعاً هي لم تحزن مع إصرارها أنها لا تريد الطب، ولحسن الحظ أننا احتياطاً سجلنا لها في الجامعة السورية الحكومية، وأيضاً لم ترض وقتها إلا كلية اللغات على الرغم من أن معدلها بعد التعديل تستطيع من خلاله دخول الهندسات وما إلى ذلك. المهم وبعد سنة وثمانية أشهر- أي منذ شهر فبراير 2008- فجأة عادت الفتاة إلى ما هي عليه مع إنكار أهلها! لذلك على الرغم من إصراري أنا وكل من لاحظ تغيرها بأنها قد تكون عادت إلى مرضها، مع العلم أننا لم نكن نعرف ما هو المرض، وزادت حالتها أكثر فأكثر وكانت تذهب إلى الجامعة وتخسر صديقاتها بتصرفاتها اللواتي تفاجأن واستغربن سر تغيّرها المفاجئ وانقلابها مليون درجة عن شخصيتها وطبيعتها وحيائها!
وزادت حالة الفتاة مع إصرار أهلها على أنها تمثل وأنهم قادرون على تحمل حالتها، عرضناها على نفس الدكتورة التي طلبت تدخل طبيب نفسي من أجل الدواء أو أن يكون لدى أهلها القدرة على تحملها لتخرج من النوبة، طبعاً الأهل يخافون من الدواء، وكانوا مصرين على قدرتهم على تحملها إلى أن بدأت تضرب من قبل والديها بسبب ما كانت تقوله وتتخيله وخاصة في أمور لها علاقة بأنها حامل وفلانة حامل و...الخ من نفس هذه القصص- فكان والدها لا يتحمل ويقوم بضربها، وتم تدخل طبيب نفسي ولكن مع إصرار الأهل على عدم قدرتهم على أخذها إليه خوفاً من هربها.
المهم بدأت بأخذ "الزيبركسا" طبعاً مع الضرب عندما يذهب مفعوله بالنوم، إلى أن تدخلنا نحن بيت جدها وإصرارنا على عرضها على الطبيب حتى لا نخسر هذه الفتاة اللطيفة، وعندما رآها الطبيب طلب وضعها بالمستشفى وبقيت معها أنا وصديقتي المقربة منها كثيراً 5 أيام، رفضنا بها ترك الفتاة لوحدها بالمشفى خوفاً عليها على الرغم من الأمان الموجود في المستشفى، ومن ثم خرجت هذه الفتاة بعد 5 أيام طبعاً لم تشف لأنه من الطبيعي الدواء بشكل عام على أي مرض ليس سحري على الرغم من طلب طبيبها وطبيب آخر بأن تبقى بالمشفى مدة أطول أو أن تخرج تحت إشراف الطبيب الذي جزاه الله كل الخير لما فيه من بركة في يديه وخبرة في التعامل، المهم وبعد فترة ليست ببسيطة على الجميع وبعد تناول "الزيبركسا" و"الليثيوم" و"إبرة الاوريال"- أو هكذا اسمها لا أعرف-. المهم، الآن الفتاة بخير وخرجت من هذه الحالة والدواء مستمر إلى الآن مع تخفيف الزيبركسا وتوقيفه منذ كم يوم والاستمرار بالليثيوم...
الفتاة ترفض أي سيرة لها علاقة بهذا الموضوع، طبعاً الحمد لله أنها لم تدخل بحالة اكتئاب إلا لمدة أسبوع، لا اعتبرها اكتئاباً بل أعتبرها تأنيب ضمير على ما اقترفته، طبعاً الفتاة بعد خروجها من هذه النوبة بيوم واحد قدمت امتحان لمادة صعبة وحصلت على 72% وبسبب ثقل الدواء عليها لم تستطع أن تقدم مادتين، لهذا تعتبر رسبت في هذا العام، ولم تتضايق كثيراً بسبب وقوفنا إلى جانبها، ولكن كما أخبرتكم أن الفتاة ترفض تماماً أن تتحدث عن مشكلتها وخاصة المستشفى، على الرغم من إصرارها على توقف الدواء لأنه يجعلها تنام وأنها كما تقول أحسن ومقتنعة بمرضها الحمد لله على كل شيء، وأنها عندما تجد نفسها أنها بدأت تتغيّر ستطلب بنفسها الدواء، ولن تضغط نفسها مرة أخرى، وأننا أيضا بجانبها، عندما نجدها تغيّرت نعرضها على طبيبيها.
هذه هي تجربتنا مع الهوس ومريض الهوس. سأختم قولي بأن كل شخص لديه أي مريض نفسي وخاصة مريض الهوس علاجه الحقيقي هو الصبر وتحمل تصرفاته والدعاء له، وطبعاً الأهم من ذلك عرضه مباشرة على الطبيب لتناول الدواء أسرع وأقصر طريق، وصدقوني من أجل راحة المريض.
شفى الله كل مريض هوس وصبّر أهله وألا يعيد مرض على كل من شفي منه.
وشكراً جزيلاً.
21/8/2008
رد المستشار
أهلا بالأخت الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
شكرا لك على هذا العرض لتجربتك مع مريضة الهوس أو ثنائي القطب Bipolar Disorder وآملاً من الله تعالى لمريضتكم الشفاء..
أولاً: الوعي ثم الوعي ثم الوعي وحسن الفهم والصبر الجميل هو الحل لكل مشاكلنا بما فيها الأمراض النفسية.
ثانياً: العلاج الحقيقي للهوس هو العلاج الدوائي، لأنه مرض بيولوجي بامتياز وذو أساس عضوي جلي، وأساس وراثي مدروس ومثبت بالدراسات العلمية، ثم يأتي الصبر والفهم والوعي من قبل الأهل بالدرجة الثانية في متابعة المريض النفسي.
شكرا لك
واقرئي هذه العناوين على مجانين:
نعم الاضطراب الثناقطبي –الهوس- مرض مزمن
نوبات الهوس: جزء من اضطراب أشمل
تابعينا بأخبارك.. أتمنى لك كل الخير والعافية..