السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
تحية للأستاذ الدكتور وائل أبو هندي ولكل المسئولين عن هذا الموقع الممتاز، أما بعد....
بداية أرجو أن يكون مجيبي هو الدكتور وائل أبو هندي ولو كان ذلك على حساب توقيت نشر الرد على الاستشارة مع كامل احترامي لكل الأساتذة المستشارين ولكن أسلوب الدكتور في الشرح والتحليل يعجبني كثيرا. وأرجو تفسير الشعور الذي أحسه والذي قد يشعر البعض بتفاهته وهو كالتالي:
1- عندما أقوم بزيارة بعض الأماكن الجديدة عليّ والتي أحيانا ما يكون لها طابع أثري أو أماكن قديمة خاصة المساجد العتيقة والأماكن الإسلامية القديمة أو المقابر وأحيانا أماكن عادية أشعر وكأنني لي ذكريات مع هذه الأماكن وكأنني على وشك أن أتذكر تلك الذكريات.. نعم كأنني كنت أعيش هنا يوما ما منذ زمن بعيد ..ولكن هذه الذكريات دائما ما أشعر أنها ذكريات غير سارة نعم فهي دائما تشعرني بالكآبة؛
ونتيجة لهذا الشعور الذي لا أعلم تفسيره فقد تجنبت زيارة تلك الأماكن منذ مدة طويلة ولكن الشعور لا يزال يأتيني حتى عند مروري على تلك الأماكن وأنا داخل وسائل المواصلات وعندما يحدث ذلك فإن الشعور الاكتئابي ومعه بعض شرود الذهن يظل مسيطرا عليّ طوال اليوم حتى أنام.
المشكلة أن تفكيري يجرني إلى أفكار تشبه فكرة تناسخ الأرواح التي يؤمن بها أصحاب الديانات الوثنية حيث أفسر شعوري أحيانا بأن ربما أن روحي كانت متواجدة في تلك الأماكن في فترة ما من الزمن ولكن في جسد آخر!!
قرأت عن الظاهرة التي تعرف بالـ"deja vu" والتي قد تشبه في وصفها الوصف الذي شرحته ولكنها ليست هي ما أقصده إن الذي أشعر به ليس مجرد شعور لحظي ولكنه شعور يستمر حتى بعد مغادرتي للمكان كما ذكرت.. كما أنني حدثت لي ال"ديجا فو" كثيرا خصوصا في طفولتي وهي مختلفة عن الذي ذكرته.
2- هناك نقطة أخرى وهي أنني عند الانتقال من فصل إلى آخر من فصول السنة (الشتاء والربيع والصيف....) فإنني في أيام الانتقال هذه أشعر بكآبة وقلق زائد ولست أعني بالقلق: زيادة ضربات القلب والارتجاف ولكن أعني الخوف من شر مجهول وكأن شيئا سيئا أو كارثة على وشك الحدوث ويحدث لي نفس الشيء عند انتهاء شهر رمضان المعظم فبعد البهجة طوال أيام الشهر الفضيل يتبع ذلك عندي كآبة شديدة واستغراب وغربة في العيد والأيام التي تليه من شهر شوال وآخذ وقتا طويلا يصل إلى شهر لأتكيف مع الوضع الجديد.
3- ملحوظة: سبق أن أصبت منذ عدة سنوات بالاكتئاب والقلق الشديد وأصفه بالشديد (وربما يكون في تصنيفكم بسيط أو متوسط) لأني كنت امتنعت عن الأكل تماما والنوم لمدة ساعتين فقط يوميا مع الشعور بالكآبة الشديدة وضيق الصدر وعدم الاستمتاع بالأنشطة التي كانت ممتعة من قبل ولكن لم أكن أرغب في الانتحار بل على العكس كنت أخاف من الموت خوفا شديدا لدرجة وصولي إلى نوبات الهلع حسب تشخيص الأطباء واستمر ذلك عدة شهور أخذت بعض الأدوية ولكنها لم تنجح معي ولكن أحد الأدوية نجح في إزالة القلق والاكتئاب من عندي تماما والحمد لله واستمر العلاج لمدة تقارب السنة.
وبعد سحب الدواء لم يعد الاكتئاب حتى الآن والحمد لله ولكن عادت نوبات الهلع والخوف من النزول للشارع بعد فترة من قطع الدواء وكنت آخذ بعض المهدئات التي وصفت لي خلال فترة الاكتئاب كنت آخذها دون إشراف طبي ولكن بكميات قليلة عند اللزوم والحمد لله منذ فترة لم تعاودني نوبات الهلع تلك خصوصا أنني مستمر الآن على دواء مضاد للاكتئاب هو "موتيفال" ولكن بجرعة بسيطة (حبة واحدة يوميا).
--ذكرت فقط تلك الملحوظة من باب العلم بالشيء استجابة للتعليمات التي قرأتها قبل أن أشرع في كتابة تلك الرسالة ولكن النقطتان 1و2 هما اللتان أرجو الإجابة عنهما إذا كان لهما تفسير في الطب النفسي فإن لم يكن لهما أساس أكون آسفا إن كنت ضيعت وقتكم بهذه الرسالة
ولكم جزيل الشكر
والسلام عليكم ورحمة الله
26/10/2008
رد المستشار
الأخ العزيز "علي" كنت قد أشرت من قبل في ردي على مسألة ظاهرة الألفة ضمن تعليقي على مشاركة في ظاهرة الألفة لثاني مرة أن ما لدي من معلومات عنها قلته في إجابة ظاهرة الألفة لثاني مرة... وكنت قد أشرت إلى علاقتها بالتشاؤم والوسوسة في إجابة تشاؤم ووسوسة وظاهرة الألفة والله أعلم.
تقول أن ما يحدثُ لك أمرًا مختلفا عن ظاهرة الألفة بدليل أنك كانت تأتيك ظاهرة الألفة قديما وهي مختلفة عما تشعر به الآن... وأقول لك أن الفرق هو ذلك الإحساس بذكرياتٍ محزنة مرتبطة بذلك الشعور بالألفة.. ويبدو أنك نتيجة لجوئك للتحاشي قد ساعدت على تفاقم المشكلة... وكما ترى فإن تحاشيك لزيارة الأماكن الأثرية لم يحل بينك وبين ذلك الشعور الذي يطول معك (وبالمناسبة ليس الشعور بالألفة دائما وفي كل الناس عابرا بل هو عند بعضهم يطول مكوثه وقد يحتاج الأمر إلى دراسة وظائف الفص الصدغي قدر الإمكان)...
المهم أنك بدلا من اعتبار الشعور بالألفة عاديا اعتبرته ظاهرة استثنائية تحدث لك وبدأت تفكرُ وتفكر في إيجاد تفسير لما يعنيه ذلك وصولا إلى فكرة تناسخ الأرواح.... هذا إضافة إلى استجابة التحاشي الضارة والتي تؤدي إلى تثبيت القناعة لديك بأن هناك بالتأكيد أمرا غير طبيعي ويمكنك أن تعرف عواقب اللجوء للتحاشي من خلال الرسم التوضيحي في إجابة: جنون: موسوسة ومكتئبة ولا يمكنها العلاج.
إذن ما يحدث لك وذكرته في النقطة الأولى ليس مختلفا عن ظاهرة الألفة إلا في استجابتك أنت له وقد يحتاج الأمر علاجا معرفيا سلوكيا لتتخطى هذه الأزمة، وأما ما تشير إليه في النقطة الثانية فيبدو خلطة قلق واكتئاب تظهر أعراضها عليك في أوقات تغير الفصول أو حتى تغيير الحالة الإيمانية... هذا ربما يحتاج علاجا سلوكيا معرفيا أو استخدام أحد العقاقير التي تساعد على تلافي ذلك... عليك إذن أن تلجأ بعد الله إلى معالج نفساني يساعدك بعد فهم حالتك ومعرفة التفاصيل والوصول إلى تشخيص وتوصيف دقيق...
وتابعنا بأخبارك.