السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أولاً، أحب أن أشكر كل القائمين على هذا الموقع لما يقدمونه من مساعدات وعلم وإفادة لكل الفئات سواء عقلاء أو مجانين.
ثانياً، أريد أن أتحدث عن مشكلتي فلا أعرف من أين أبدأ؟. أنا شاب أبلغ من العمر 21 عاماً في المرحلة النهائية من التعليم الجامعي أعاني من اضطرابات نفسية عدة وسأحدثكم عن أبرزها.
أعاني من مرض الرهاب الاجتماعي منذ أكثر من خمس سنوات، وكنت في بداية المرض لا أعرف أنه مرض نفسي، فقد كنت أحسبه عرض عادي سيزول مع الوقت، حيث كنت منذ بداية المرحلة الثانوية أخاف من الاجتماعات؛ تتسارع دقات قلبي، وأحس برعشة في جسمي عند حضورها، ويحمر وجهي خجلاً إذا طُلب مني الكلام. كما كنت أهرب من المنزل فور علمي بمجيء ضيوف عندنا، فكان أخي الأكبر يسخر من خجلي دائماً ويعايرني بأني لا أفقه شيئاً لأني كنت دائم الفشل في أي شيء أفعله، إلا في الدراسة فقد كنت متفوقاً عليه. وكنت أخرج من المنزل بأمر من أبي وأمي إلا في المناسبات بسبب خوفهم عليّ، فكنت لا أعصي لهم أمراً فأنا المطيع (في نظرهم) والأبله (في نظر إخوتي والناس)، رغم حب إخوتي لي وحبي لهم إلا أني كنت أتألم لهذه النظرة. زادت معي أعراض الرهاب الاجتماعي مع دخولي الجامعة؛ فكنت ما إن أتحدث إلى فتاة إلا ويحمر وجهي حتى الدموع، وتتسارع دقات قلبي، وأرتبك وأتلعثم في الكلام.
كذلك يحمر وجهي خجلاً لأتفه الأسباب؛ فكنت أغضب من أصدقائي إذا مزحوا معي رغم علمي أنه مزاح، إلا أني كنت أستغرب نفسي فأجدها تغضب وتحمر. كانت تأتيني نوبات صداع بشكل منتظم منذ المرحلة الثانوية، وازدادت مع دخولي الجامعة، فعرضت نفسي على طبيب أمراض باطنية فقال لي أني أعاني من صداع مزمن، وقال لي أن سببه القلق المستمر، ووصف لي أدوية لا أذكرها، لكني لم أواظب على العلاج فكان إذا داهمني الصداع آخذ حبة نوفالجين فيزول.
كلام الدكتور أثّر في نفسي، فبحثت على الانترنت في الأمراض النفسية التي تشبه حالتي ووجدت أني مصاب بمرض الرهاب الاجتماعي، بل وجدت أيضاً أني مصاب بمضاعفات ذلك المرض! حيث أني دائماً أعيش في أحلام اليقظة وأتصور نفسي في شخصيات متفتحة وناجحة، مما يجعلني مشتت الذهن وقليل التركيز، ودائماً ما يساورني القلق والأفكار الغريبة، كما أني أجد صعوبة بالغة في تحسين قدراتي لدرجة أني إذا شعرت بالثقة -وهذا نادراً- أحس أني لا يجوز أن أشعر بذلك، كما أنى لا أستمتع بمباهج الحياة وأجد نفسي مجهداً من أقل مجهود أبذله...
أشعر بالضيق الدائم. كرهت حياتي كما كرهت نفسي، وأصبحت لا أرغب في العيش بها، فما منعني من الانتحار إلا عقاب الله، وحالتي تزداد سوءاً كل يوم حتى صرت الأكثر عصبية والأسرع غضباً بين كل من حولي، وباتت تصرفاتي محل استغراب من الناس الذين انفضوا من حولي فأضحيت وحيداً إلا من قلة من الأصدقاء، والكمبيوتر والانترنت اللذين أعتبرهما من أهم أصدقائي.
أريد الذهاب لطبيب نفساني، إلا أن حالتي المادية لا تسمح بذلك، أرجوكم ساعدوني، فما أن وجدت موقعكم إلا وشعرت أني أتحدث مع صديق لي.
وفقكم الله وكثّر من أمثالكم.
09/11/2008
رد المستشار
الأخ الفاضل "أحمد"،
السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته،
نشكرك على تواصلك مع هذا الموقع. الأعراض التي تعاني منها هي من السمات الرئيسية لما يعرف بالرهاب الاجتماعي والذي هو في الأصل نوع من القلق النفسي ليس أكثر. الأعراض المصاحبة من عسر في المزاج وما وصفته بأحلام يقظة هي من ضمن حالة القلق العامة التي تصاحب الرهاب الاجتماعي.
يلاحظ أن الأعراض كانت تسيطر عليك بصفة أقوى في مراحل سابقة، والذي استنبطته من رسالتك أن هذه الأعراض الآن ليست مطبقة أو بالقوة والشدة التي تعوّق حياتك، وإن ما زلت تعاني من شعور بالكدر قلت أنه يجعلك تفكر في الانتحار، وأنا لا أرى مطلقاً سبباً حقيقياً يدفعك لمثل هذا التفكير- مع احترامي الشديد لمشاعرك-، فأنت في سن الشباب ويجب أن تنظر إلى نفسك بصورة أكثر إيجابية، كما أن الحياة جميلة مهما شابتها العثرات والصعوبات. كل الأعراض التي ذكرتها يغلب عليها الطابع الجسدي؛ فالخفقان والشعور بالرعشة وتدفق الدم بكثرة في منطقة الوجه مما ينتج عنه الاحمرار، كلها أعراض تصاحب القلق والمخاوف.
أهم خطوة علاجية هو أن تتفهم طبيعة حالتك كما أوضحتها لك، ثم أرجو أن تتأكد أنه توجد مبالغة شديدة في الطريقة التي يحس بها الإنسان أعراض القلق، فأنت إن شاء الله لن تفشل أمام الآخرين ولا توجد رعشة حقيقية مبالغة فيها، ولن تصاب بالتلعثم أمامهم، كما أن الآخرين لا يقومون برصدك أو مراقبتك! إذن تصحيح المفاهيم حول حالتك هو مطلب علاجي رئيسي.
يطلب بعد ذلك منك أن تحقر كل هذه الأفكار وتعرّض نفسك لكل مصادر خوفك المفترض ولا تتجنب المواجهة مطلقاً، فالآخرين ليسوا بأفضل منك، ويمكنك أن تساعد نفسك بأن تجري تمارين مواجهة في الخيال، كأن تتخيل أنك أمام تجمع كبير من الناس تقوم بعرض موضوع معين عليهم، أو أنه قد طلب منك بأن تصلي بالناس في المسجد وهكذا... عش هذه الأفكار والتمارين السلوكية بكل جدية وتركيز، بعد ذلك ضع برامج يومية تواجه فيها مصادر خوفك، ويمكنك أن تبدأ بما هو أقل تم ترفع معدل المواجهة، وما سيحدث لك من قلق عند بداية المواجهة هو ظاهرة إيجابية جداً وبإصرارك على الاستمرار في المواجهة سيبدأ القلق في الانحسار والتلاشي.
يجب أن تقوم بتطبيق برامج تأهيلية اجتماعية مثل ممارسة الرياضة الجماعية مع أصدقائك من الشباب، وحضور حلقات التلاوة في المسجد، والانضمام لأي عمل تطوعي أو جمعيات شباب... فهذه كلها أسس وركائز عملية لعلاج الرهاب الاجتماعي. عليك أيضاً بممارسة تمارين الاسترخاء، ويمكنك أن تقوم بذلك بحصولك على أحد الأشرطة أو الكتيبات التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين. أرجو أن تكون مجيداً في إدارة وقتك وزمنك، لأن الاستفادة من الزمن وتحديد أهداف واضحة في الحياة والعمل يزيل القلق ويرفع من معدل تقدير الذات.
هناك أدوية كثيرة تفيد في مثل حالتك، وبما أن حالتك المادية ربما لا تسمح بالحصول على أحد الأدوية المكلفة نسبياً فيمكنك الحصول على أحدها الذي يعرف باسم "توفرانيل" فهو علاج جيد جداً لعلاج القلق والرهاب الاجتماعي، كما أنه سيؤدي إلى تحسن مزاجك بإذن الله تعالى. ابدأ في تناول "التوفرانيل" بجرعة 25 ملم يومياً لمدة أسبوعين، ثم ارفعها إلى 50 ملم لمدة شهر، ثم إلى 75 يومياً لمدة ستة أشهر، يمكنك تناول هذه الجرعة كجرعة واحدة ليلاً أو بمعدل 25 ملم 3 مرات في اليوم، وبعد انقضاء فترة الستة أشهر أرجو تخفيض الجرعة بمعدل 25 ملم كل شهرين. ختاماً لك شكرنا وتقديرنا وأمنياتنا الطيبة، وأذكرك مرة أخرى أن الحياة جميلة، وأن مشكلتك بسيطة جداً مقارنة بمشاكل الآخرين، وأن المستقبل لكم معشر الشباب فأرجو أن ترفع من همتك، مع دعائي لك بالتوفيق.
واقرأ على مجانين:
الرهاب الاجتماعي ونقص تقدير الذات
الرهاب الاجتماعي قصة نجاح مشاركة
النظريات المعرفية للرهاب الاجتماعي
هل يجب امتلاك كل الخصال الحسنة؟
شبح الرهاب... كيف أتخلص منه؟
نفسي عصابي رهاب اجتماعي Social Phobia