السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
مقدماً لكم الشكر على موقعكم الجميل، جزاكم الله خيراً عليه.
أريد أن أسألكم عن شيء متعلق بالوالد (57عاماً). هو شخص حنون علينا لأقصى درجة لكنه قلق جداً ودائماً ما يتوقع الأسوأ. مثلاً إذا تأخر أحدنا بالخارج فلا بد أن تكون هناك مصيبة، من المحتمل أن حادث سيارة وقع... وأشياء من هذا القبيل.
دائماً يردد: "ليتني لم أولد" على الرغم من أننا والحمد لله يتوفر لدينا ما لا يتوفر للكثيرين ولا توجد مشاكل جسيمة تجعله يقول هكذا، لا يستطيع أن يغفر أي إهانة أو تجريح، وحساس لأقصى درجة.
يعتقد أنه الأفضل دوماً وأحياناً يشكك في نجاح الآخرين، يعتقد أن صلاته لن تقبل وأنه مقصر ولا يحب الشيوخ لكن في نفس الوقت لا يفوت فرضاً!.
يحب أن يتكلم مع نفسه إذا كان جالساً وحده وهذا الحديث لا يتحدث فيه لأحد هو مجرد حديث مع نفسه لكن بصوت عالٍ، هو يظن أننا لا نسمعه، في هذا الحديث يتذمر من الواقع دائماً، المشكلة أنه يفعل ذلك أحياناً عندما يكون في الخارج مما يسبب له ولنا الحرج.
أبي معروف وله مكانته الاجتماعية ومنصبه، في الفترة الأخيرة تفاقمت المشاكل بين أبي وأمي، فهو دائماً يحملها مسؤولية أي خطأ ولا يقول لها كلمة طيبة على أي شيء تفعله بل ينتقده دائماً، ويحاول أن يشعرها أنها أقل منه، لكن عندما هددت أمي بترك المنزل أخذ يقنعها بعدم المغادرة ودموعه كانت ظاهرة.
لا أدري ما الذي حدث؟ هو شخص ذكي لأبعد حد، لكن شكاك ويحب لكل عمل أن يكون كاملاً ولا يثق بقولنا إذا سألنا هل أغلقت مفتاح الغاز مثلاً، لا بد أن يتأكد بنفسه. هل يمكننا أن نساعد والدنا؟ لا يمكننا أبداً أن نطلب منه الذهاب لمعالج نفسي.
هذا الأمر لا يشكل مشكلة كبيرة ولا يؤثر في حياتنا إلا في الجوانب التي ذكرتها لكم، هل يمكننا التصرف بطريقة معينة لمساعدته بعيداً عن موضوع المعالج النفسي الذي لن يقتنع به؟
لم يخضع لأي علاج سابق وتاريخ عائلتنا: جدتي شخصية قلقة جداً.
09/11/2008
رد المستشار
السلام عليكم أستاذ "أمير"
إن قلقكم الكبير على والدكم هو قلق مشروع لأن المسن له مكانته المتميزة في المجتمع المسلم، فهو يتعامل معه بكل وقار واحترام .فقد قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)(الإسراء:23 ، 24).
وإن ما قلته عن والدكم من قلق عند تأخر أحدكم ولومه لنفسه إنما هو راجع في هذه المرحلة العمرية لعدة أسباب منها التغير المفاجئ الذي يحدث للمسنين بعد الإحالة إلى التقاعد والإحساس بالفراغ الكبير وبدء العزلة التدريجية عن المجتمع، وكل هذا يسبب الإحساس بفقدان أهميتهم وعدم أهميتهم بين الناس وكبر الأبناء واستقلالهم في حياتهم الخاصة وإحساسهم بأنهم لم يعودوا يحتاجون لهم، وخصوصا إذا شغلت الحياة هؤلاء الأبناء عن الاهتمام بهم والسؤال عنهم.
ونقص الحيوية بصفة عامة يؤدي للاكتئاب والعدوانية وهذا ما حدث في سلوكه تجاه والدتك،.... كذلك فقدان الأقرباء والأصدقاء يزيد من قلقهم ويشعرهم بقرب نهايتهم.
كل هذه الأمور تفرز وتنتج لديهم اضطرابات نفسية منها عدم القدرة على السيطرة والتحكم في الانفعالات تحكما صحيحا والعناد في الرأي ويتميز المسن بالشك والريبة من الآخرين
وعدم التناسب مع الحدث الذي أثار في نفوسهم هذا الانفعال الذي واجههم.... كذلك في قرارة نفسه يشعر الواحد منهم بالاضطهاد، ولكي نكون بمستوى المسؤولية يا أمير في رعاية الوالد دون إحراجه علينا باتباع عدة أمور أولها يجب أن يكون له دور يملأ به حياته ويمنحه الإحساس بقيمته وبحاجة الآخرين إليه والسماح له بإبداء الرأي دون الاستخفاف به.
والسماح له بالاشتراك في الأنشطة الرياضية والاجتماعية العائلية، حيث تؤثر إيجابيًا على حياة المسن بتغيير نمط الحياة اليومي وتجنبه الملل، كما أن الحركة التي تتطلبها تلك النشاطات تحافظ على حيوية والدك، إضافة إلى ذلك سوف تتاح له فرصة لقاء الآخرين وتبادل المعلومات والأفكار.
تمنياتي لكم اتباع التوجيهات وسترى حياة والدك قد عادت لوضعها الاعتيادي
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابن العزيز أمير أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مجيبك الدكتور عبد الكريم الموزاني، يبلغ والدك السابعة والخمسين من العمر وهي سن لا توصف حسب التوصيف الغربي بأنها ضمن فئة المسنين ورغم ذلك فإنها تبدو كذلك، وهو ما يدفعنا للتساؤل هل تظهر مشكلات المسنين في سن أصغر في بلادنا؟؟ كذلك يبدو قلق والدك واكتئابه -وربما أفكاره الزورانية أحيانا- حادثا على خلفية من بعض سمات الشخصية القسرية..... وهو ما يتجلي من طموحه الدائم للكمال ومن شكه في قدرة الآخرين على الأداء بالشكل المطلوب مما ينتج عجزا عن تفويض المسؤولية وغير ذلك.... أبوك يستشعر خطرا داهما دون خطر وهو يتعذب وأظن أن من حقه العلاج والأمر يتطلب كياسة أكثر وأحسب أنك وذويك ربما تصبحون يوما قادرين على اكتسابها معه ومساعدته في التخفيف من معاناته عافاه الله وأعانكم جميعا....
واقرأ على مجانين:
الاكتئاب لدى المسنين
بعد الستين: أهمية الفحص عضويا مشاركة
الأعراض الذهانية في كبار السن
بعد الستين اضطراب وهامي...... مشاركة
وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بعد القراءة والنقاش مع ذوي الحكمة والكياسة في أسرتكم أو محيطكم الاجتماعي.... وإن شاء الله ييسر لكم ربكم في كل عسر يسرا.