تبحثين عن الحب أم الزواج
أشكرك ياحبيبتي على مساعدتك لي في كل خطوة في حياتي، وإني أرى أن هذا من حب الله لي أن جعل لنا مثل هذا الاختراع الذي قرّب بيني وبين من في أول الأرض لآخرها، وأدعو الله ألا يريك ما أنا فيه في بناتك أو في عزيز لديك، ويقدر لهم نصيبهم من البداية دون جرح أو ذرة تعب. إني أحاول أن أفعل مثلما تقولين ولكن أريد منك إجابة في هذا الموضوع:
خطيبي يعمل في بنك حكومى بما يسمونه بنك ربوي، وأنا أتحرى الحلال فأخاف أن يوقعنى الله في الحرام بعدما كنت مخطوبة لطبيب ماله حلال أكون متزوجة من رجل آكل ربا أو موكله كما تعلمين، وإني أخاف من هذا بشدة. قرأت أنك دارسة شريعة فما رأيك في هذا؟ علماً أنه وكما تعلمين الأحوال صعبة ولا يستطيع أن يجد عملاًُ آخر بسهولة، غير أني طبيبة ولا بد لي من مستوى اجتماعي معين.
وجزاك الله خيراً، وإني أقيس حب الله لب بتوفيقه لي بالطاعة، وشكراُ.
أختي الغالية،
أود أن أشكرك كثيراً مرة ثانية، ولكن أود أن أوضح لك شيئاً. لم أتملك قلب خطيبي ولم أطلب منه أكثر من حقي، ولكن كما قلت أنا أعطيت لنفسي أكثر من حقها في توهمي حباً أكبر لم يكن موجوداً، أو كان موجوداً ولكن دون ظروف مناسبة وضعف شخصيته وحبه لنفسه وجبروته وممارسة السيادية بدلاً من المشاورة والحوار والاستماع لمن حوله. أخذت رأي ربي قبل أن أفسخ، وتحمّلت كثيراً لإتمام هذه الخطبة والله يعلم ذلك، أنا لم أظلمه وأنا متأكدة من ذلك، ولكن الوحيد الذي ظلمته هو نفسي بانجرافها في مشاعرها نظراً لحرمانها دائماً وإعطاء الأمان لمن لا يستحقه، لكن مايعذبني كما قلت لك أني أحس بجرح كبريائي وكرامتي وإهدار منزلتي عند من توقعت أنه يحبني ولم يعطني هذا الحق، وكان الناس يقولون لي دائماً: "أن لو كان يحبك ما تركك"...
كانت تؤلمني جداً. تركني أواجه المشاكل وحدي، وكان يعلم كل ما يقال في حقي ولم يدافع عني بما يعلم حتى من باب القرابة أو العشرة، تركهم ينهشونني، وكانت أبسط كلمة تقولها أمه: "أنا غلبت أتحايل عليه يرجع مرضيش"، لو كنت مكاني وتسمعين هذه الكلمة عن شخص اعترف لك بحبه في يوم من الأيام واشتركنا في ذكريات جميلة، هل أنا رمية موجودة على الرف حتى يرفضني ويقبلني؟ هل أتوسل إليه حتى استعطفه وأتسول حنانه؟ أنا لم ولن أقبل هذا أبداً من أي أحد.
هذا ما يؤلمني؛ قلة أصل مع عدم عرفان بالجميل، مع كشف عيوبي، كل هذا ولم يظلمني! أحس بظلمه لي وأقول حسبي الله ونعم الوكيل، وأقولها كلمة لكل رجل: "إن لم يستطع أن يعدل ويحافظ على مكانة أمه مع الاحتفاظ بكرامة زوجته، فلا يتزوج حتى لا يهين بنت الناس التي استأمنه عليها والدها. وإن لم تعرف كل أم حقوقها وواجباتها نحو ابنها وزوجته فلا تزوجه أبداً وتتركه بجانبها يرتع ويلعب وتطعمه".
شكراً.
12/11/2008
رد المستشار
السلام عليكم، أختي الغالية؛
شكراً على مشاعرك الطيبة، وما أقوم به هو بعض من واجبي تجاه أختي. أنا طبعاً لا أتهمك ولا أسيء الظن بك –ولا يحل لي أن أفعل هذا-، ولكني أضع قواعد عامة أحياناً لتتناول أكثر من حالة ويستفيد القراء منها، وربما كانت لهجتي حازمة وقاسية قليلاً في بداية الرد وقصدي من ذلك أن أعينك على طرد الأفكار المزعجة من ذهنك... وعلى كلٍ الأمر انتهى وحاولي ألا يؤثر على مستقبلك ونفسيتك، وأما كبرياؤك فأنا معك أنه جرح وأن الأمر مؤلم ومرير، ولو كنت مكانك لحزنت جداً، ولكن حاولي أن تتقربي إلى الله بالصفح وعدم الانتصار للنفس، فهكذا كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: ((مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ فِي شَيء قَطُّ، إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ)). وكذلك اقرئي سورة (يوسف) وانظري كيف صفح النبي الكريم عن إخوته وقد حاولوا قتله وليس فقط جرح كرامته. نحن -جميعاً- وإن لم نكن على هذا المستوى لكننا نحاول التشبه، ونذكر بعضنا البعض فالذكرى تنفع المؤمنين. وأنت المستفيدة أولاً وأخيراً...
وأما بالنسبة لقضية عمل خطيبك، فقد توجهت بسؤالك –لحساسيته- لشيخ القرّاء بدمشق وأحد علماء الشافعية فيها، الشيخ محمد كريم راجح أطال الله عمره، وكان حاصل جوابه هو: إن الذي يعمل في البنوك الربوية:
1- إذا كان كل عمله يدور في نطاق الفوائد الربوية وما يتعلق بها، فماله حرام، غير أنه لما كان مكلفاً بالنفقة على زوجته فيحل لها أن تأخذ من ماله قدر حاجاتها الضرورية من مطعم أو ملبس دون توسع في ذلك.
2- وإذا كان عمله يتضمن معاملات ربوية ومعاملات أخرى غير ربوية، فماله مشبوه (يعني خليط من الحلال والحرام) فيحل التعامل معه مع الكراهة، وللزوجة أن تأخذ من ماله وفي نيتها أنها تأخذ من القسم الحلال من ماله المختلط.
3- أما إذا كان عمله في البنك لا يتضمن المعاملات الربوية، فهو كأي موظف في الدوائر الحكومية وماله حلال إن شاء الله.
كما اقترح حفظه الله –ورعاً وابتعاداً عن الشبهات- أن تقومي إن أحببت، بالإنفاق على نفسك، أو على نفسك وعليه ريثما يجد عملاً آخر. هذا خلاصة جوابه.
فإذا كان خطيبك يعلم حرمة المعاملات الربوية لكنه عمل في البنك لعدم وجود عمل آخر، فالأمر هيّن ويمكنه أن يطلب نقله إلى قسم ليس فيه تعامل بالربا إلى أن يجد عملاً آخر، لأن بقاءه في البنك لا يؤمن معه أن يجبر في يوم من الأيام على الأعمال الربوية. والخيارات أمامك.
ولكن إذا كان خطيبك لا يرى بأساً في المعاملات الربوية، فالأمر مختلف، ويجب أن تدرسي شخصيته جيداً لأنه بهذه العقلية سوف يتعبك كثيراً في حياتك، وأمر الزواج لا يحتمل المغامرة، وبهذا نعود إلى المقاييس التي نصحتُك بالتحاكم إليها، فربما يتبين أن هذا الشخص ليس على المستوى المطلوب من التدين، والرجال لم تنته بعد وأنت والحمد لله ما زلت صغيرة ومرغوبة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، غير أني آمل إن حصل الفراق، أن تأخذي على نفسك عهداً بعدم القيام بمغامرات –خارج نطاق الخطبة والزواج- بحثاً عن الحب، فأنا لا أحب أن تذوقي الآلام مرة أخرى. وفقك الله...
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> تبحثين عن الحب أم الزواج م3