الرهاب الاجتماعي ونقص تقدير الذات
العمل الصحيح مع الإيمان الصحيح هو الحل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخي العزيز أرجو منك أن تكون موضوعياً في مرضك، فالمشكلة ليست نهاية الحياة!. لقد قرأت التعليق وأشكر الدكتورة المختصة على جهودها في وضع خطواتك على الطريق الصحيح، أرجو منك يا أخي الفاضل عندما تريد أن تعبّر أو تتصرف أن تضع نصب عينيك إيمانك بالله أولاً بالبحث عن حلال الشيء وحرامه، وإذا تيقنت من حلاله ضع حول نفسك إطاراً، الهدف منه هو إفساح مساحة لنفسك لعمل ما يتوجب عليها فعله سواء كان عملاً أو نقاشاً أو أي شيء، ثم حاول باجتهاد أن تخرج أفضل ما عندك أنت فكل إنسان على نفسه بصير وأنت تعلم حدود إمكانياتك جيداً؛
فعلى سبيل المثال: أنت تعلم كيف تجمع رقمين ولكنك لا تعلم كيف تضرب هذين الرقمين وعندما يكون الموقف محتاج لضرب رقمين اعتذر بمنتهى الصراحة وأخبر من طلب منك هذا الطلب أنك لا تعلم هذه العملية، ويجب عليك ألا تحس بالخجل أو العجز لأن هذا ما تعرفه، ثم يلي ذلك رد الآخرين عليك فلو أنه بالسخرية فلا تحزن وتذكر قول الله عزّ وجلّ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"(الحجرات:11).
أخي العزيز لو فهمت معنى هذه الآية جيداً لعرفت مدى رحمة الإسلام بالنفس البشرية؛ فمعنى لا تلمزوا أنفسكم أي لا يعيب بعضكم بعضاً، ومعنى لا تنابزوا بالألقاب أي لا تتداعوا بالألقاب المستكرهة بينكم، بمعنى ألا يخاطب أحد أحداً بعيب فيه بأن يقول له تعال يا قزم أو تعال يا أسود أو على أي صورة يكرهها هذا الشخص، فلقد أمرنا الله عزّ وجلّ أن ننادي ونخاطب بعضنا بالحسنى، فكما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة".
إذن، يا أخي العزيز، أرى أن حلّ مشكلتك هي أن تفعل الصواب ولا تخف في الحق لومة لائم، وإذا أخطأت فسارع إلى مغفرة من ربك، كما قال عزّ وجلّ "فسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين" وكما قال رسولنا الحبيب عليه أفضل الصلوات وأتمّ التسليم "كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّاءون التوابون" وبعد أن ترى نقد الناس إليك أنك على خطأ راجع حساباتك، فإذا كان من الضروري لك أن تتعلم عملية الضرب فضعها في خطتك أنك خلال فترة معينة تكون قد تعلمتها، أما إذا لم تجدها ضرورية لحياتك فاعلم أن الاختلاف سنة الحياة، فلو لم أكن أنا تعلمت علماً يختلف عن علمك لما بنيت الحياة، وتذكر قول الله عزّ وجلّ "ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات ليتخذ بعضكم بعضاً سخرياً" ومعنى هذه الآية الكريمة كما ورد في التفسير أن الله عزّ وجلّ عندما رفعنا درجات الهدف منها ليس سخريّه شخص من آخر إنما هي من أجل تبادل العطاء، فعلى سبيل المثال: الله عزّ وجلّ جعل منّا الغني والفقير، فالغني فتنة للفقير ليبتليه أيصبر أم يكفر، والفقير فتنة للغني ليبتليه أيعطي ما فرض عليه من مال ورعاية وتأخٍ للفقير أم لا، إذن أساس الرفع في الدرجات واختلافها هو العطاء وليس المنع والتكبر، والدليل على ذلك أن الله عزّ وجلّ أعطى للفقير نفس النصيب الذي يعطيه للغني في الطاعات والعبادات وليست الجنة حكراً على الأغنياء.
يا أخي، استقم واستعن بالله وتوكل على الله وحقق لنفسك حسنة في الدنيا بالعمل الصالح الذي يكون فيه رفعة للإسلام والمسلمين، واسأل الله أن يثبتك كما سأل المسلمون الأوائل من قبل الله عزّ وجلّ وذكرت في القرآن الكريم "رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"(البقرة:250).
اعلم يا أخي العزيز أن الشخص الناجح ليس ناجحاً في كل شيء، وأن الشخص الفاشل ليس فاشلاً في كل شيء، فاجتهد لتنجح والنجاح خطوات، فلو طلب منك أن تحصل على درجة البكالوريوس على سبيل المثال فالنجاح هو محصلة مجهودك طوال العام الدراسي، ويضاف عليه ثباتك في موضع الامتحان وفعل ما وجب عليك فعله والله الموفق.
23/11/2008
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشكر الأخت الفاضلة على مشاركتها، وأشكر حماسها، كما أنني معجبة بطريقة تناولها للموضوع.
أود أن أوضح بعض المفاهيم الخاصة بالرهاب الاجتماعي:
يفتقر المريض إلى المهارات الاجتماعية مثل لغة الجسد وفن المحادثة وطريقة حل المشاكل بينه وبين الناس بالذات رؤسائه في العمل، كما يميل إلى السلبية ويحتفظ برأيه لنفسه ويبعد نفسه عن المواقف الاجتماعية اعتقاداً منه أنه سيقول أو يفعل ما يحرجه أو يسبب له النقد –وهو شيء لا يحتمله-، أو يدخله في مشاكل مع الناس الأمر الذي يتجنبه من البداية، حتى أنه من شدة ذلك يعطي انطباعاً خاطئاً بأنه مغرور أو متكبر مع أنه على العكس تماماً حيث يميل إلى التقليل من قدراته، كما تؤلمه الوحدة جداً ويحاول التخلص منها لكنه لا يجد طريقه إلى ذلك بسهولة ويختلف بذلك عن صاحب الشخصية الانطوائية.
وتتميز طريقة تفكيره ببعض الأفكار الهدّامة الخاطئة: أن الناس مثلاً متأهبة للحكم عليه أثناء الكلام، أو أنهم سيراقبون أداءه أثناء العمل، أو أنه ليس أهلاً أصلاً للتعامل مع الناس، وذلك كله قابل للتعديل عن طريق تعلم المهارات الاجتماعية ولعب الأدوار وإعطاء واجب منزلي للمريض لمواجهة مخاوفه ومراجعة ذلك معه، وذلك يأتي بنتائج مذهلة مع الطبيب الذي يجيد العلاج المعرفي السلوكي بشرط حدوثه بشكل متأنٍ وصحيح. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.