أحس وكأني أغرق في بحر..!؟
السلام عليكم،
قبل أن أعرض مشكلتي سأتكلم عن نفسي قليلاً وكأنها فضفضة..
أنا طالب بكلية الطب، عمري 20 سنة، في العام الثالث من الدراسة. قضيت أول سنتين في عين شمس وبعدها انتقلت إلى القصر العيني في السنة الثالثة لأنها أقرب إلى بيتي..
مشكلتي أني أفتقد إلى نفسي بشدة! أفتقد إلى نفسي القوية في الدراسة؛ صرت أشعر بخمول بطريقة عجيبة جداً، ونادراً ما أذهب للكتاب، وكلما أمسكته أفقد التركيز والهدف.
علاقاتي مع الناس ضعيفة جداً، ليس لي أي علاقات عاطفية، لا حب ولا زمالة ولا أي شيء من هذا القبيل، إضافة إلى ذلك أني أسكن وحيداً في البيت لأن أهلي في الخليج. علاقتي مع الله إن شاء لله جيدة، له الحمد.
أحس وكأني أغرق في بحر، وعلى الرغم من أني أستطيع العوم إلا أني لا أرغب بالعوم! أنتظر أحداً ليأخذ بيدي ويحركني ويخرجني للشط!. أحس أني لست نفسي! وصلت لمرحلة فظيعة جداً من الاكتئاب، وأكثر ما يحزنني أني فشلت مع نفسي بمعنى الكلمة، أحس أني لن أحصل على تقديرات كالسنتين الفائتتين، وسأكون فاشلاً في نظر أهلي وأمام نفسي.
نقطة أخرى؛ أنا ضعيف في الحفظ، كلما أحفظ شيئاً أنساها "وقتي"، بمعنى في نفس اليوم، لا أدري ما العمل؟! أنا متشائم جداً، واقتربت من الله أكثر لكني نفس الشيء، محتاج لنصيحتكم فنحن في العيد ولم أخرج أو أعمل أي شيء، قضيته في البيت بسبب اكتئابي..
وشكراً لكم ولحسن استماعكم..
* ثم أرسل مرة أخرى بعد فترة يقول:
السلام عليكم لقد أرسلت مشكلة سابقة بعنوان أفتقد إلى نفسي ولكنكم لم تجيبوا عليها قاربنا الآن إلى شهر وما زال الحال كما هو قد ترون أن المشكلة بسيطة في نظركم ولكنها لي كبيرة جدا أرجوكم ساعدوني وربنا المستعان..
سلام
07/12/2008
رد المستشار
أخي الكريم،
عيدك مبارك وأعاده عليك وعلى الأمة كافة باليمن والبركة..
أبشرك أخي الكريم، لا نخشى عليك ما دمت قريباً من الله تعالى، وتذكر أنه لم يفقد شيئاً من وجد الله..
اسمح لي أن أسألك: في أي كلية أنت تدرس الآن؟ ستقول لي طبعاً أدرس في كلية الطب، طيب، كيف دخلت الكلية؟ تقول حصلت على مجموع جيد، في أي سنة أنت الآن؟ جوابك هو: السنة الثالثة، ألا يعني هذا أنك نجحت بتفوق وحققت حلمك بدخول الكلية التي اخترتها؟ ألا يعني ذلك أنك تمتلك قدرات معتبرة مكنتك من النجاح والفوز بمقعد في كلية الكثير من الشباب يتمنى دخولها؟ إذن كيف تسمح لنفسك أن تنسى أجمل شيء منحك الله إياه ألا وهو النجاح وتضع تحت المجهر سلبيات أو نقائص بسيطة لتضخمها وتجعلها تظللك؟!.
من قال لك أنك عاجزاً عن تحقيق نجاح بتقديرات جيدة كما عهدت ذلك؟ تيقن أخي، أنها مجرد أوهام أنت فقط قادر على استبدالها إذا أمعنت النظر في إنجازاتك واستشعرت الدافعية الداخلية لمواصلة دربك الدراسي.
ربما تكون مررت بتحديات نفسية ووجدانية أثرت عليك، وهذا ما أستقرءه من تكرارك (أنا أحس.. بخمول، فشل، متشائم، مكتئب..) وكانت نتيجة هذه الأحاسيس أن تولدت عندك مشاعر سلبية مما أفضى لتشوه صورتك الذاتية عن نفسك.
ثق أنه ما من فرد إلا وقد مرت وتمر به ظروف تعصف به ولكن الذكي هو من يقلب المحنة منحة ويستمر في إنجازاته، لقد استوقفني أمران مهمان: قولك أنك خائف من عدم تحقيق تقدير جيد مما سيغير نظرة الأهل فيك، قولك: "أريد أجداً ليخرجني إلى الشط"
أولاً: يجب عليك أن تحدد لمن تدرس؟ أمن أجل نفسك وحبك للمادة، وأهداف سطرتها في بداية مشوارك الدراسي وتسعى وتسعد بالعمل والاجتهاد لتحقيقها؟ أم أنك تدرس تلبية لرغبة الأهل؟.
الجواب: أنت فقط تعرفه ومن خلاله تقرر أن تكمل بإصرار واستمتاع، أو أن تغيير المسار من الآن بكل اقتناع وبكل راحة نفسية.
ثانياً: من غير الممكن أن ننتظر الآخر ليخرجنا مما نعانيه، ومن هنا أقول من يأخذ بيدك فعلاً هو شخص اسمه (أنت) لأنك أنت فقط تعلم ماذا تريد وما هي قدراتك وإمكانياتك، وما حجم صبرك وتحملك. فبادر بالاستبصار بنفسك ومكنوناتها واستجمع قواك للنهوض راسماً أجمل صورة عن ذاتك وواضعاً نصب عينيك ما تتطلع لتحقيقه لتكون أنت أول من يسعد بالانجازات.
ملحوظة أخرى: يجب الإشارة لها وهي أن موضوع الوحدة التي تعاني منها بحكم سفر الأهل أثرت عليك، لأن أشد ما يرسّخ التفكير السلبي ويفضي للشعور الاكتئابي هو الانعزال. ومن هنا أرشدك لربط علاقة أخوية مع من تتوسم فيهم الخير والصلاح لكي تمضي معهم أوقات سواء في الدراسة أو خارجها، وهذا ما يخفف عنك فراق الأهل ويساعدك على تعلم مهارات اجتماعية يكون لها الدور الكبير في حياتك الخاصة.
وفي الأخير أحييك على اجتهادك في التقرب من الله تعالى وأدعوك لاغتنام هذا القرب في دعاءه عز و جل في أن يمنحك القوة و الثقة بالنفس لتحقق ما تصبو إليه. إذن أستثمر هذه النعمة التي حرم منها الكثير وهي حب الله والقرب منه .
وفقك الله لتحقيق أهدافك، لا تنس أن تتواصل معنا بالجديد المفرح إن شاء الله.