البحث عن الحب
لا أعرف كيف أبدأ الحديث، ولكني أود أولاً أن أعبّر عن مدى سعادتي بوجود مكان مثل هذا يساعد الناس في حل مشكلاتهم في خصوصية تامة وبدون حرج.
أنا فتاة تبلغ من العمر 25 عاماً غير متزوجة مثقفة ومتعلمة وملتزمة نوعاً ما، تخرجت من الجامعة منذ ثلاثة أعوام وأعمل في مجال السياحة، كل من يعرفني يشيد بي وبأخلاقي والتزامي وثقافتي وجمالي، وعلاقتي مع جميع زملائي جيدة والحمد لله، ولكن في أسرتي لا أعرف كيف التعامل!. نشأت في أسرة متوسطة بين أب وأم بينهم المشاجرات طوال الوقت، لا يحب أحدهما الآخر، لكن السبب الذي يجمعهما هو تربية الأولاد.
هذه كانت مقدمة عن حياتي بشكل عام. مشكلتي الأساسية هي أني أبحث عن الحب طوال الوقت ولا أجده، وذلك ما يوقعني في مشاكل أخرى. بيتنا منقسم إلى فريقين؛ أمي وأختي فريق، وذلك لأن أختي تشبه أمي كثيراً في الشكل والطباع، وهكذا فإن أمي تميل إليها كثيراً. والفريق الآخر يتشكل من أبي وأخي، وذلك لحب أبي الشديد للأولاد، ولضرورة وجود ولد يحمل اسمه. أما أنا فعلى الحياد، حاولت بشتى الطرق أن أكسب محبة أمي ولكني فشلت، فدائماً ما تضربني على أتفه الأسباب، أنا أُضرب منذ كنت طفلة! فهي كثيراً ما تعنفني وتدعو عليّ إما بالموت أو بالمرض كثيراً، أعتقد أنها لا تحبني وذلك من تصرفاتها، بل إني لا أذكر أنها قد ضمتني إلى حضنها قط، على عكس أختي. لكن أحاول أن أرجع عن هذا التفكير وأقول أن الأم تحب أولادها كلهم بالتساوي، وهذا ما فطرها الله عليه، ولكني فعلاً أشعر بعدم حبها لي، وحين صارحتها بذلك وقلت لها أني أشعر بتفرقة في المعاملة بيني وبين أختي عنفتني وضربتني ودعت عليّ بغضب الله.
هذه حياتي مع أمي؛ جعلتني أتمنى الموت وأدعو الله به منذ أن كنت في العاشرة من العمر حين ضربتني بشدة وترك هذا أثراً على جسدي لفترة طويلة قاربت الشهرين، فنشأت وأنا أشعر بالنقص وأني أقل ممن حولي، وهذا ما جعلني أنطوي على نفسي، ولم يكن لي أي أصدقاء حتى دخولي الجامعة. كنت أخاف من كل الناس وأشعر أنهم يسخرون مني بالرغم من أني كنت متفوقة في دراستي، وكنت عند كل مشاجرة بيني وبينها أجلس في غرفتي وحيدة أبكي وأتحدث مع نفسي بصوت عالٍ وأحاول خلق الأعذار لكل ما بدر منها، حتى أصبحت الآن لا أشعر بأي مشاعر تجاهها. أما أبي فليس هناك احتكاك بيننا كثيراً، شعرت بالنقص والخجل من نفسي كثيرا،ً وذلك لأني كنت بدأت ممارسة العادة السرية لما وجدت بها من لذة وخيال يبتعد بي عن الواقع، ولكن سرعان ما كنت أشعر بالذنب وأتوب وأستغفر الله وأعاهد نفسي بألا أعود لهذه الفعلة القذرة مرة أخرى.
ما إن دخلت الجامعة حتى تغيّرت شخصيتي؛ أصبحت إنسانة اجتماعية ومرحة، وبنيت لنفسي هناك بيتاً من الأصدقاء، وكنت أقضي معهم أسعد الأوقات. إلى أن أحببت شخصاً، كان أول حب لي، وكالمعتاد كان يلعب بي ولم أكن أعني له أي شيء، وابتعدت عنه على الفور. بعدها بفترة تعرّفت على شخص أحبني جداً وفرحت لأنني وجدت الحب الذي طالما بحثت عنه، لكن هذا الحب لم يستمر أكثر من شهر وبدأ يتغير معي في جميع تصرفاته، لم أبتعد عنه بل بالعكس كنت أحاول الاقتراب منه أكثر، لا أعرف لماذا: هل رداً على معروف الحب الذي صنعه معي مدة شهر؟ أم أني كنت أخشى الوحدة؟ أو كنت أخشى الفشل؟ لا أعرف! كل ما أعرفه أني تكبدت العناء حتى أحتفظ بهذا الشخص طيلة 4 سنوات، تنازلت فيها عن الكثير والكثير والكثير إلى أن تمت خطبتي إليه، ولكني شعرت بعد ذلك أني فعلت الكثير ولم آخذ شيئاً، وأني تنازلت عن حقوق لي في سبيل حبي له، إلا أنه اعتبرها حقاً مكتسباً، وأحسست أن الحب تحول إلى شيء آخر.
تفكيره بي أصبح شهوانياً، وكنت ألبي له طلبه خوفاً من أن يتركني، أعلم أني مخطئة وكنت أحتقر نفسي في كل مرة أفعل فيها هذا وكنت أبكي كثيراً وأرجوه ألا يطلب هذا مني، إلى أن ضقت ذرعاً به وشعرت أن العلاقة بيننا مقرفة وحاولت الانفصال عنه، وبالفعل انفصلت عنه بعد عناء كبير مع أهلي لفسخ الخطبة، وكانت أمي تتساءل عن السبب دوماً وأقول لها أن به بعض العيوب التي ظننت أنها ستتغير ولكن لم تتغير، فكانت ترد عليّ: "استحملته 4 سنين على الحال ده يبقى لازم تستحميله بقيت حياتك، هو ايه الجديد يعني؟! هو أنت شايفاني مرتاحة مع أبوكي عشان تبقي أنتي كمان مرتاحة!".
إلى هنا ينتهي جزء من حياتي ويبدأ الجزء الآخر أو لنقل المشكلة الأكبر. تعرفت في عملي أثناء خطبتي على زميل لي متزوج وعنده طفلة، وكانت العلاقة بيننا لا تتعدى الزمالة فقط، ولكن مع زيادة المشاكل مع خطيبي وزيادة مشاكله مع زوجته بدأنا نقترب من بعضنا أكثر، أخبرني أنه ينوي تطليقها لأن الحياة بينهما قد استحالت، وبعد فترة اعترف لي بحبه، لا أنكر أني انجذبت له كثيراً ووجدت فيه أشياء كانت تنقصني وكنت أحتاجها مثل الحب دون مقابل والاهتمام والخوف عليّ، وأن أجد شخصاً يفهمني وتكون بيننا لغة حوار، وما إلى ذلك.
بدأت معرفتي به منذ شهر يوليو السابق، وقد انفصلت عن خطيبي في شهر سبتمبر، ومنذ ذلك الوقت بدأت في التقرب منه أكثر وهو أيضاً إلى أن جاءت صديقة لنا وقالت لي أنها قد تراهنت معه على الإيقاع بي، وحين علمت ذلك انهرت تماماً وفقدت الثقة في كل من حولي، وواجهته بما قيل إلا أنه أنكر وأوضح لي ما حدث بالضبط، وأقسم بالله أنه يحبني ولا يستطيع الاستغناء عني أبداً وبكى أمامي، لا أعرف لماذا صدقته! ربما لأني أحببته دون أن أشعر.
بدأت بيننا المحادثات التليفونية الطويلة التي ممكن أن تستمر لمدة 3 ساعات أو أكثر، كنا نتحدث في كل شيء وأي شيء إلى أن تدرج حديثنا إلى الجنس، كان يقول لي أنه يعتبرني زوجته أمام الله، وبالفعل بدأ يتعامل معي على أساس ذلك، فكن نمارس الجنس تليفونياً ولكن لم أكن أشعر أنه جنس، وكنت أشعر بأني مع زوجي، وبعد أن انتهى معه أحتقر نفسي بشدة وأندم وأبكى كثيراً وأستغفر الله وأتوب وأصلي، وكنت أقول له أن ذلك حراماً ولا أستطيع التمادي في هذا الأمر إلا أنه كان يقنعني بأنه يتخذني زوجة له وبأن الله يشهد على ذلك، طبعاً هذا الكلام كان لا يدخل عقلي وكنت لا أقتنع، ولكنه كان يجد طريقاً في قلبي فكنت كل مرة أمنعه من الاتصال بي إلا وأجد نفسي أنا من يتصل ويشتاق إلى مثل هذه الأشياء، إلى أن حدث وجاء إلى منزلي في يوم.
لم يكن أهلي في البيت وذلك رغماً عني، فلم أكن أعرف أنه سيأتي، كان كلامنا مجرد مزاح إلا أنني وجدته بالفعل أمامي، لم أصدق عيني من الدهشة وفي نفس الوقت لم أرد إدخاله المنزل، لكن كنت أخشى أن يراه أحد فلم تكن لحظات وكان داخل البيت، وفي لحظات أيضاً وجدت نفسي بين يديه، حاولت أن مقاومته جاهدة لكن لم أستطع واستسلمت له في النهاية ومارست معه الجنس دون أن يفض بكارتي.
منذ ذلك الحين وأنا أعيش في العذاب وتأنيب الضمير، أشعر أني رخيصة جداً وأني مثل فتيات الليل، أحتقر نفسي بشدة وأتمنى الموت وحاولت ذلك إلا أني أعجز عن قتل نفسي كي لا أموت كافرة.. أعرف أني مخطئة وأشعر بألا عذر لي في ذلك، إلا أني أشعر وكأني مغيبة العقل معه، كما أشعر بسعادة كبيرة حين أكون معه.
حاولت الابتعاد عنه ولم أستطع، يقول لي أنه يحبني وبعده عني يعني الموت بالنسبة له، وأنه يريد الزواج بي ولن يتنازل عني أبداً ولكن ما يمنعه هو ظروفه المادية بسبب الطلاق. أشعر باحتياج شديد له وبنفس الوقت احتقار أشد لنفسي، وما يسيطر عليّ الآن خوفي من أن أكون حاملاً منه، علماً بأن ما حدث بيننا كان منذ أسبوع لم أنم فيه لحظة لشدة خوفي وكرهي لنفسي واعتقادي بأني مومس، مع العلم بأني أصلي دائماً وأصوم وأتصدق ومتحجبة وأخاف الله. أعلم أن كل ما أقوله متناقض ولكن هذا هو حالي وهذا ما آلت إليه رحلتي في البحث عن الحب.
أعتذر للإطالة وعدم تناسق الأفكار، وأرجو الإفادة والرد،
كما أرجو عدم نشر أي بيانات عني.
08/12/2008
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله يا "سلمى" ولنبدأ الحديث بأن كل ابن آدم خطّاء، لكن خير الخاطئين التوابين، والتوبة هي الندم على ما كان وعدم العودة إليه والاستغفار عنه، فعليك بالتوبة وتجنبي الشعور بالذنب فالتوبة مفيدة دينياً ودنيوياً أيضا فالزميها وأعطها حقها.
أعجبني في سطورك صدقك مع نفسك ومعنا أيضاً؛ حين تعترفين بأنك تقدمين على الخطأ كارهة ولكنك تجدين نفسك ضعيفة وهو ضعف بشري يعلمه من خلقنا ولذا شرع لنا التوبة، لكن أيضاً جعل لنا الحدود ولمن تجاوزها عقوبات واضحة، فما فعلته سواء على الهاتف أو بتشجيعه تعلمين نتائجه دون حاجة للإنكار.
لست وحدك بنيتي من تحتاج الحب والتقدير فهي من الحاجات الأساسية لدى كل البشر ويتساوى في ذلك من تعرض للإساءة في أسرته ومن نشأ بطريقة سوية، الفارق هو في القدرة على تقبل الإهانة حيث يكون ضحايا الإساءات أكثر تقبلاً لمزيد من الإهانات في حياتهم ويصبحوا بذلك هدفاًَ سهلاً لكل مسيء، ولكنك لست كذلك بدليل أنك قد قطعت علاقتك بزميلك بعدما فكرت بمنطقية.
ليس تعرضك للإساءة هو سبب صبرك وتقبلك للاستغلال بل غالباً نقطة ضعف في شخصيتك تجعلك غير قادرة على تأجيل إشباع حاجاتك مهما كانت، ولكن لكل شيء حد فلا تسمحي لنفسك وأهوائك والذئب الذي تهوين بأن يجروك للنار بمتعة رخيصة عابرة، وإن كنت قادرة على تقديم تنازلات فلتكن من أمور الدنيا عزيزتي، تنازلي عن المطالب المادية التي يتحجج بها عائقاً أمام زواجه بك فذلك أفضل من التفريط في حق الله وفي آخرتك.
تقفين بنيتي بين الجنة والنار وتعلمين أن النار قد حفت بالشهوات فاكبتيها بارك الله فيك ولا تسعري نارها بالحديث الهاتفي ولا الاستماع ولو مؤقتاً لعذب الحديث، فما للشيطان عليك من سطوة- وزميلك كذلك- سوى الوسوسة فاستعيذي بالله منهم.
ابحثي حولك ولا بد أنك واجدة فرصة توفر لك الإحصان النفسي والحسي بطريقة حلال، لكنها تحتاج بعض التنازلات الدنيوية فرتبي أولوياتك وتابعينا.
سامحيني على تأخري في الرد عليك، وسأدعو الله أن يرزقك الصحبة الصالحة والعزم.
ويتبع>>>>> :بين الجنة والنار مشاركة