تبحثين عن الحب أم الزواج مشاركة 7
في البداية أود أن أعتذر عن خطأي تجاهك، فأنا لم أسمع هذا الاسم من قبل، وطبعاً حضرتك تعلمين أني مصرية ومثل هذه الأسماء غريبة في بلدنا. ثم أود أن أشكرك على خفة دمك الجميلة وأنا أرى أن سوسو محظوظة أنك أنت من قمت بالرد عليها. وأود أن أسأل هل يستطيع الإنسان أن يسيطر على مشاعره أو يتحكم بها إلى أن يصبح من يحبه هو شريك حياته؟ هل حقاً لا يوجد حب في الإسلام إلا داخل إطار الزواج وغير ذلك مرفوض؟ أنا لا أفهم كيف يستطيع الإنسان أن يسيطر على شيء ليس له إرادة فيه! هذا قول الرسول أن دعا ربه أن يسامحه على ما ليس بإرادته تجاه زوجاته، صحيح أنهن زوجاته لكن كان يميل لإحداهن على الأخرى بدون إرادته، وأنت تعلمين أن ظروف الحياة لم تتح لأي اثنين أن يتزوجا بسهولة حتى وإن كانا مخطوبين، فلا بد من ترتيب وإعداد ومصاريف خارجة عن الإرادة.
كما أن الزواج ليس أن يرى الرجل الفتاة ويرغب بها زوجة فيتقدم ويقبل كزوج! بل يأخذ اعتبارات أخرى كثيرة، وأنت تعلمين أننا في مجتمع مختلط يصعب بل يستحيل أن يصبح مجتمع منفصل فيه الشباب في ناحية والفتيات في ناحية، وحتى لو حدث هذا لن يفلح أمر أن نحرمهم من عواطفهم وأن نسيطر على فطرتهم، هل تقولين أن الميول القلبية للإنسان دخل فيها؟ أم تقولين أنه ليس له دخل فيها ولكن له دخل في التعبير عنها بما يرضي الله أم لا؟ لم أفهمك جيداً، هل ما أحس به تجاه شخص يربطني به علاقة ما إن كان قريبي أو جاري أو زميلي في الدراسة، هو إحساس محرم وليس من الله بل هو من الشيطان؟! وإن كان كذلك فلماذا هو بالذات دون غيره؟ لماذا ننجذب لشخص دون آخر؟ وإن كان حلالاً، فكيف يمكن التعبير عنها؟ هل بالكتمان؟ عين المحب تفضحه، وإن كان بالمصارحة فهذا يخرج بها من إطار الحِلّ إلى الحرمانية، لا أفهم إن كنت محقة أم مخطئة؟ ولكن لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
أشكرك وأرجو الرد السريع.
2/12/2008
رد المستشار
السلام عليكم، الأخت الغالية آمال؛
لا داعي للاعتذار، فاسمي غريب في كل مكان وليس في مصر فقط، وحقيقة أنا صرت أتعجب ممن يقرؤونه صحيحاً من أول مرة وليس ممن يخطئ فيه! وأشكرك على سؤالك المهم.
مشاعر الحب بين الذكر والأنثى على نوعين:
الأول: مشاعر تقدير وإعجاب بالأخلاق، أو بالتدين والتقوى، أو بسعة العلم،... وهذه إذا لم تتجاوز هذه المرحلة فجائزة ولا غبار عليها.
الثاني: الحب الذي هو عبارة عن الميل الفطري تجاه الجنس الآخر، وفعلاً يا آمال، الأصل في هذا النوع ألا يقوم إلا بين الزوجين. ولكن هل هو محرم أم لا؟ الأمر فيه تفصيل:
إن الإنسان لا يحاسب إلا على ما يدخل في وسعه وتحت قدرته، ومشاعر الحب لا تدخل تحت القدرة، لهذا لا يؤاخذ عليها الإنسان إلا في حالين:
الأول: أن يتسبب بوجودها بطريق حرام، فمثلاً من تعمدت الكلام مع شاب غريب، أو النظر إليه، حتى وجدت لديها مشاعر الحب، أو تعمدت النظر للمثيرات حتى أشعلت لديها هذه المشاعر، نقول إنها مؤاخذة على أفعالها التي فعلتها بإرادتها، وحبها هذا مذموم شرعاً ومرفوض لأنه قام على أسس غير مشروعة. بينما من تسببت بحب زوجها لها أو بزيادة حبها لزوجها ففعلها محمود تؤجر عليه في الإسلام!.
الثاني: أن يتصرف الإنسان بمقتضى مشاعره على نحو غير مشروع، فمن أعجبت بشاب غريب وأحبته، دون عمل محرم منها، لا تؤاخذ على مشاعرها ما لم يدفعها هذا الشعور لتعمد النظر إليه، أو الكلام معه بكلمات الإعجاب والحب، ونحو ذلك... (ومعلوم أن الفتاة إذا شعرت بتحرك قلبها عند النظر إلى رجل غير زوجها أو الكلام معه حرم عليها أن تنظر إليه وأن تتكلم معه، إلا للضرورات القصوى، وكذلك الحكم بالنسبة لرجل أعجب بفتاة). وطبعاً الشيطان يحاول استغلال هذه المشاعر ليوقع صاحبها في الحرام، ولكن الإنسان قادر على عصيان الشيطان ومخالفة ما يأمر به.
أما لو التزمت الفتاة بالأحكام الشرعية في تعاملها مع الرجال، ومع هذا وقع في قلبها حب أحدهم، وتحركت المشاعر عندها دون إرادة منها، (بسبب تقارب بعض الصفات بينهما أو وجود ما تحبه عنده)، فهذه المشاعر لا يتعلق بها حكم من الأحكام فلا هي مذمومة ولا محمودة، ثم إذا لم تعمل الفتاة بمقتضاها عملاً محرماً، فهي في هذه الحال تنال ثواب ترك المعصية رغم وجود دواعيها القوية عندها، ولهذا فهي في هذه الحال تتقرب إلى الله وتكسب عظيم الأجر دون أن تدري! والإنسان يستطيع أن يسيطر على أفعاله قبل وبعد وجود المشاعر، وهذا ما يؤاخذ عليه أو يثاب.
وأما قضية الاختلاط، وحرمان العواطف، فهي من الابتلاءات التي تزيد الأمر سوءاً في هذه الأيام، وحلها لا يكون بكلمات أكتبها هنا، كل ما أستطيع قوله، أن هذه الظروف لا تبيح الحرام، ولكن تضاعف ثواب من أراد الالتزام، حتى لو غلبته نفسه وأخطأ، ما دام يعود إلى الله ويتوب ولا يصمم على المعصية.
وأما بالنسبة للتعبير عن هذه المشاعر: فطريقها الوحيد طلب الزواج من الشخص –إن كان مناسباً- والأفضل أن يكون بالطريقة التي لا تجرح كرامة الفتاة، كأن ترسل من يدفع الشاب لخطبتها، ويخبره أنها لا تمانع لو فعل، وهكذا فعلت السيدة خديجة رضي الله عنها عندما رغبت في سيد الخلق صلى الله عليه وسلم. وهناك من الصحابيات من عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرغب بها ولكنه لم ينكر عليها تصرفها. لكن المجتمع يعيب على الفتاة هذا التصرف رغم أنه مباح، ولا يعيب عليها القيام بالعلاقات مع الشباب رغم أنها حرام!! وإذا تم الرفض من قبل الشاب فليس هناك حل سوى الابتعاد عنه قدر الإمكان خشية الوقوع فيما لا يرضي الله تعالى.
وتقولين لي: نعود لنفس المشكلات: ظروف الزواج الصعبة، الاختلاط، نظرة المجتمع، انتشار المثيرات، تعود الفتاة على مستوى معيشي لا تجده غالباً عند من يتقدم إليها وووووو... وماذا نفعل بعواطفنا؟ ليس هناك دواء سوى الصبر وطلب المعونة من الله، والله مع الصابرين، ولنتذكر دائماً أن هناك من حرم الطعام، وهناك من حرم النوم، وهناك من حرم الأمن والراحة، فإذا كان بلاؤنا في هذه الدنيا حرمان العواطف فقط فهذا يسير، والثواب على الصبر عليه كبير...
وكوجهة نظر: لو أن الشباب والشابات التزموا بالأحكام، والعواطف عندهم تشتعل، ألا يدفع هذا جميع أفراد المجتمع أن يتنازلوا عن بعض عقبات الزواج التي يفرضونها –بما أنه الحل الوحيد- بدل أن يقتنعوا بإرواء العواطف بالطرق الرخيصة المبتذلة؟! ما رأيك؟ والله تعالى يقول: ((......... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) َيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.....)) (الطلاق:2،3).
أعاننا الله جميعاً على تقواه وعلى طاعته وفرج عن شباب هذه الأمة ويسر لهم سبل الحلال في القريب العاجل، إنه سميع مجيب...
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> تبحثين عن الحب أم الزواج مشاركة 9