الشاب الزجاجي
السلام عليكم، أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأرجو أن تجدوا حلاً لمشكلتي. أنا شاب عندي 25 سنة من أسرة متوسطة، أبي يعاني من الفصام من فترة طويلة جداً منذ طفولتي، وأمي شخصية عصبية ومتسلطة نوعاً ما، إلا أنها إحقاقاً للحق تحملت الكثير من أجلنا. تعرضت لكثير من المشاكل في الطفولة التي تركت أثرها في نفسي؛ فأنا منذ طفولتي أعاني من خجل شديد وعدم ثقة بالنفس، ولكن الآن الوضع تحسن بعض الشيء وزادت ثقتي بنفسي. أصبت بالوسواس القهري وأنا على أعتاب الشباب، وكان متعلقاً بمواقف حدثت لي في الطفولة أو لأخواتي البنات أو لأمي، وصاحبتها وساوس دينية حول ما إذا كان الدين الذي أعتنقه صحيحاً أم لا، وكانت هذه الأفكار تعذبني بشدة وتحرمني النوم، ولك أن تخمن كم عانيت وحيداً دون أن أدري أن ما أمر به هو مرض وأن له علاج. وحتى الدين الذي كان من المفترض أنه ملاذي ومصدر أمني وراحتي كان على العكس من ذلك مصدر لوساوس أخرى، أنا لا أعترض وأدعوا الله أن يعوض صبري خيراً على هذه الأيام، ولكني أصف لك مشاعري في تلك الفترة.
المهم أني ظللت على هذا الحال ست سنوات حتى أدركت من خلال قراءتي في علم النفس أن هذا مرض نفسي، وذهبت لطبيب دون علم أهلي وكان ذلك في فترة الثانوية العامة حين زادت الضغوط عليّ، ثم حدثت مشادة بيني وبين أمي كلمتني فيها بقسوة فاضطررت أن أخبرها بمرضي وذهابي للطبيب والحمد له كانت متفهمة وساندتني كثيراً ولم تعد تضغط عليذ، وبالتدريج بدأت الشفاء حتى أصبحت الوساوس قليلة الآن والحمد لله على هذه النعمة. انتهى الوسواس القهري لتبدأ مشكلة أخرى هي نوبات الهلع التي أصابتني في السنة الماضية أثناء اختبارات آخر العام وهذه المرة اختصرت الوقت وذهبت للطبيب النفسي مباشرة، أعطاني سيروكسات واستمر العلاج حوالي ستة أشهر، ومنّ الله عليّ بالشفاء أيضاً، حيث لم تعد تأتيني النوبات إلا بصورة بسيطة وخاصة في الصلاة، ولكن أعراضها لا تكون شديدة مثلما كانت عليه عند بداية الإصابة.
كانت هذه نبذة بسيطة عن حياتي الشخصية والأمراض النفسية التي أصابتني، ثم نأتي لمشكلتي الآن؛ مشكلتي الآن هي النساء! نعم النساء يا سيدي فلقد قدرت على التغلب على ما أصابني من مشاكل نفسية من قبل أما هذه فلم تبدأ المشكلة من الطفولة، فأنا لا أثق بشكلي تماماً، كنت أرى نفسي دميماً، واستمرت على هذ الحال خلال المراهقة. قد كنت أعامل البنات بعنف وأقول في نفسي أني لا أبالي بهن، ولكن الحقيقة أن هذا كان دفاعاً من عقلي الباطن وأن البنات هن اللواتي كن لا يبالين بي. وعندما كبرت أكثر بدأت هذه الفكرة تتمكن مني، فعندما أسير بجوار زميل لي يتمتع بالوسامة وأرى نظرات الانبهار في عيون النساء أو حتى محاولة الكلام معه أو لفت انتباهه من جانب بعض البنات، لا إرادياً أقوم بالمقارنة بيني وبينه، فأنا لا تنظر لي البنات هكذا ولم تهتم بي بنت أبداً في حياتي.
وكذلك الحال عندما يحكي زميل لي عن مغامراته وكيف تعجب به البنات أشعر بغصة في حلقي وأسىً على حالي، وقد حاولت التغلب على ذلك بأن أقنع نفسي أن شكلي مقبول وأن هناك من البنات من ستنظر لي، ولأبرهن على ذلك لا أخفيك سراً فعلت أعجب الأمور؛ ارتديت أحسن الثياب ونزلت إلى الشارع لأرى كيف ستنظر النساء لي، وبالطبع تعددت الصدمات فلم تنظر لي أي امرأة ولو نظرة إعجاب واحدة، فكثير من البنات الواقفات لا يشعرن بمروري أصلاً، وحتى من تنظر لي تنظر نظرة خاطفة دون أي اهتمام أو تشيح بنظرها بطريقة تجعلني أشعر بالإحباط، الأمر الذي دفعني لفعل أشياء أكثر غرابة، فقلت أنه من المحتمل أن البنات تتميز بالحياء ولا تطيل النظر! فمشيت خلف شاب يبدو عليه بعض الوسامة ووجدت الحقيقة، فالنساء لا يتمتعن بأي خجل، بل على العكس كن ينظرن له نظرات طويلة وبعضهن ابتسمن له، كررت هذا الأمر مراراً وكانت النتيجة واحدة، وكانت الكارثة حين أمشي بجوار شاب وسيم من أصحابي لقضاء بعض المصالح، وبالطبع كنت لا أهتم بما يقول ولا أهتم بالمصلحة التي جئنا لقضائها بل كان اهتمامي منصباً على كيفية نظر النساء له.
أنا يا سيدي لست حاقداً ولا ناقماً، ولكن هذه مشاعر طبيعية فقد كانت تقتلني نظرات النساء له، وكنت أنا لا شيء بالنسبة لهن. كم من مرة كنت أسير فيها أمام أحد أصدقائي الوسيمين وأفاجأ بنظرة إعجاب شديدة من فتاة، فأسر في نفسي وأسترد بعض الثقة ثم لا تلبث أن تنزل هذه الثقة للحضيض حين أجد أن هذه النظرة لصديقي وليست لي فأراها عندما أمرّ مثلاّ تبتسم أو تشير لصديقتها عليه، مما دفعني لتسمية نفسي "بالرجل الزجاجي" فأنا رجل لا تراني النساء ولا يشعرن بوجودي بل هن ينظرن من خلالي لرؤية من هم أكثر وسامة، ولك أن تخمن مدى الألم الذي شعرت وأشعر به، ومدى الأفعال التي قمت بها لأسترد ثقتي بنفسي أولاً، وكرد فعل طبيعي أدمنت العادة السرية والتي كنت أتخيل فيها أني شخص مرغوب فيه تحبني كل النساء، وكثيراً ما كنت أمشي في الشوارع على غير هدىً أستجدي نظرات النساء كلما مرت بي امرأة توسلت لها في سري: "أرجوك انظري إليّ، أشعريني بوجودي، أشعريني أني شخص مرغوب فيه" ولكن هيهات.. فكنت أرجع لبيتي بخفي حنين، ألعق جراحي النفسية وتهبط ثقتي بنفسي للحضيض فأقوم بممارسة العادة السرية.
وكرد فعل طبيعي؛ كرهت النساء بصورة شديدة، وأردت إيذائهن بشدة، ثم بدأت في القيام بشيء آخر لاستعادة ثقتي فكنت أمشي على كورنيش المدينة الساحلية التي أعيش بها لأبحث عمن ترضى مرافقتي، وبطبيعة الحال كثرت الصدمات، فكثيراً ما كنت أقابل بالسخرية أو الفتور أو حتى القرف، ولكن هناك القليلات اللاتي وافقن على الجلوس معي، وبطبيعة الحال لم يكن يتمتعن بأي أخلاق وكن يرغبن في التسلية والمتعة فحسب، ولكني لم أتماد؛ فلم يتجاوز الأمر بعض القبلات فحسب، وأقسم أني لم أشعر بأي متعة في ذلك بل هي الرغبة السخيفة في تأكيد الذات، وأنا في أشد الندم على ذلك الآن.
ثم كانت الطامة الكبرى التي جعلتني حتى الآن أحتقر نفسي ألف مرة كل يوم: إنه التحرش، ويا له من شيء عرفته ومارسته قريباً. في إحدى المرات التي كنت أمشي فيها في الشارع أستجدي النظرات، وبعد إحباط شديد وشعور بفقدان الثقة والكره الشديد لكل نساء العالم فجأة انقطع التيار الكهربائي عن الشارع ووسوس لي الشيطان: لم لا أتحرش بالنساء المارات وأشفي غيظي منهن، وقد كان، فقابلت امرأة لم أتبين ملامحها في الظلام ولكني قمت بمسك ثديها ثم قمت بالفرار وأنا مذعور كالأرنب، وأحسست بعدها بتأنيب ضمير وكره لنفسي وعزمت على الامتناع. إلا أن الموضوع كان يتكرر؛ أمشي في الشارع فلا تهتم بي أي بنت وأرى نظرات النساء لغيري فأشعر بالكره فأعاود الكرة، ولكن هذه المرة في المواقف العامة فكنت آتي من خلف الفتاة وألمس مؤخرتها بيدي وللأسف كنت أشعر بالسعادة وأنا أرى علامات الضيق أو الحزن في عيني الفتاة من فعلتي، وخاصة إذا فعلت هذه الفعلة في فتاة نظرت لها ولم تعرني اهتماماً أو نظرت لي بقرف.
استمر هذا الأمر فترة حتى شعرت بقرف من نفسي وتأنيب ضمير شديد، فحاولت الزواج حتى أجد حلاً لمشكلتي وقلت لعل الزواج هو الحل، ولأنه ليس هناك بنت من الممكن أن تعجب بي، وكذلك لكوني لا أقدر على لفت نظر أي بنت فقد لجأت لمواقع الزواج على النت، فتعرفت منها على بعض البنات وبطبيعة الحال فإن البنت التي لم تكن تتجاوب معي أو ترفضني تتحرك مشاعر الغضب المكبوتة داخلي تجاه النساء، فكنت أسبها بأقذع الألفاظ، وكذلك أحاول أن أشعرها أنها ليست جميلة إذا عرضت عليّ صورتها، وحتى البنت التي قابتها وقررت الارتباط بها أجريت اختبار لها فكلمتها على النت على أني شخص آخر وفوجئت بها تتجاوب معي، وعندما خطبت ودها على أني هذا الشخص الآخر تجاوبت معي ولك أن تتخيل ردة فعلي وعقابي، لقد كان أسطورياً ومهيناً لأقصى درجة.
أنا الآن ملتزم نوعاً ما، وأشعر بالذنب وتأنيب الضمير وأدعو الله في كل صلاة أن يجعل من ظلمتهن يسامحونني، وأبكي على ما فات، ولكن ما زالت هناك مشكلة؛ فأنا الآن عندما أمشي في الشارع لا أنظر إلا للأرض وأخشى النظر أمامي حتى لا أعرف إن كانت النساء تنظر لي أم لا! وإذا حدث ونظرت أمامي وكانت أمامي امرأة لا تنظر لي فإني أشعر بألم شديد فأعود وأنظر في الأرض، وكذلك عندما أدخل في مكان فيه نسوة فإني كذلك أنظر بطرف عيني لأرى إن كن ينظرن إليّ، الأمر الذي تحولت معه حياتي إلى جحيم وجعلني لا أتعامل بطريقة طبيعية مع النساء، بل إني أهرب من الأماكن التي أجدهن بها حتى لا أعود إلى ما كنت عليه. لذا أرجو منكم النصيحة،
ولي أيضاً طلب عند كل من يقرأ هذه الرسالة أن يستغفر الله لي ويدعو أن من ظلمتهن من النساء يسامحونني فإني نادم أشد الندم.
وآسف للإطالة.
04/01/2009
رد المستشار
السيد "إتش" غفر الله لنا ولك، وعافاك الله من هذا التصرف السيئ.
كما رأيت وسمعت عن سائق السيارة الذي تحرش بالفتاة الفلسطينية "المخرجة"، وكيف كان حكم القاضي عليه شديداً وقاسياً، وهو يستحق ذلك الحكم لأن هذا الفعل يُعد من الإفساد في الأرض. أنا لا أقول هذا الكلام لأضع عليك حملاً وذنباً وأزيدك تأنيباً لضميرك على التأنيب الذي تعانيه بالفعل، ولكن لأظهر لك ولغيرك بشاعة هذا التصرف والفعل، فلا يفكر من يفعله بالاستمرار في فعله، ولا يفكر من لم يفعله في فعله، ولا يحاول أي شخص اختلاق الأعذار وأنه مريض نفسي ليفعله!!، وعليك أن تحمد الله عز وجل صباح مساء وليلاً نهاراً؛ أنه عافاك وتاب عليك من هذا السلوك السيئ المشين.
بالطبع أنت عانيت قبلاً من عصاب الوسواس القهري ثم من اضطراب الهلع، بالإضافة للتاريخ المرضي في العائلة، حيث يعاني الوالد من مرض الفصام المزمن، والوالدة عصبية ومسيطرة على أفراد الأسرة- وألتمس لها بعض العذر في ذلك-، ولكن كل هذه العوامل قد أثرت على حالتك النفسية. أنا لا أظن أنك دميم الملامح، لكن الوسواس الذي لديك يجعلك تشعر بهذا الإحساس البغيض!! ودليلي على ذلك أنك استطعت أن تمارس بعض العلاقات مع فتيات ونساء، فلا داعي أن تعزز هذه الفكرة الخاطئة في نفسك وعقلك، واعلم أن زينتك وجاذبيتك ليست في وسامة ملامح وجهك أو جسمك الرياضي وعضلاتك المفتولة، ولكن في حسن خلقك ومعاملتك الطيبة مع من حولك.
أظنك بحاجة يا سيد "إتش" لتناول أحد مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية "م.ا.س.ا" مثل الفافيرين، وبجرعة تبدأ من 50 مجم، وتزداد تدريجياً لتصل إلى 200 مجم بعد العشاء، وأظنك في خلال عدة أسابيع- قد تصل لاثني عشر أسبوعاً من العلاج الدوائي- ستكف عن التفكير في موضوع دمامتك وهروب الجنس الآخر منك، وذلك بعد أن تتغلب وتطرد من رأسك فكرة الدمامة المسيطرة عليك.
أكرر أحر دعواتي لك بقبول توبة الله عليك من التحرش بالجنس الآخر، مع الكف عن هذا الفعل المشين لكل من يقوم به، أيّاً كان مرضه النفسي، والذي قد يكون قهرياً في بعض الحالات، ولكن المريض عليه أن يصر على طلب العلاج وليس هجره، ثم يقول أنه فعل قهري!. أحييك سيد "إتش" على توبتك إلى الله تعالى، وليتك تستطيع شغل أوقات فراغك في فعل الخير من عبادات مختلفة أبسطها الاستغفار والتسبيح والدعاء ومساعدة للمحتاجين أو قراءة المفيد من الكتب والمقالات، فشغل أوقات فراغك سيلهيك عن التفكير في شكلك وملامحك.
وفقك الله لكل خير، وفي انتظار سماع أخبار طيبة عن ارتفاع معنوياتك واستعادتك ثقتك بنفسك، وشفائك التام من كل داء وبلاء.