إني أموت من الخوف أرجوكم ساعدوني
السلام عليكم، أرجوكم ساعدوني! كنت على علاقة بشخص منذ سنتين، وأستغفر الله تعديت حدود الله معه وأخطأت ومارست معه الجنس الفموي، مع أني والله أعلم لست إنسانة سيئة أو غير محترمة، ولا أدري حتى الآن كيف فعلت هذا! وتكرر أكثر من مرة وكان متبادلاً!! كرهت نفسي كثيراًَ، وتركت هذا الشاب وعشت فترة مريرة من تأنيب الضمير والقلق والخوف من الله، واستغفرت كثيراً.
مرت سنتان الآن على هذا الفعل الفاحش وبدأت تعود لي أعراض الخوف والقلق مرة ثانية، لكن هذه المرة من أني قد أكون مصابة بالإيدز من هذا الشخص، وبدأت أقرأ كثيراً عن هذا المرض، ومع أن أي من أعراضه لم تظهر عليّ خلال السنتين، مع الوهم والخوف بدأت أوهم نفسي أني مصابة بكل الأعراض ولا أستطيع النوم ولا الأكل ومصابة بكل أنواع الاكتئاب. أريد أن أعرف كيف أخرج من هذه الحالة والإحساس باليأس؟ حيث أني دائماً في إحساس الموت والفضيحة، ولا أستطيع عمل تحليل الإيدز لئلا أرى نظرات الناس لي أني إنسانة منحرفة.
أرجوكم أفيدوني، أريد أن أضيف شيئاً أخيراً؛ أنا لا أعلم إن كان مريضاً أم لا، لقد استغفرت الله كثيراً وتبت الحمد لله، وأحاول بكل الطرق أن أرضيه ومكرسة كل حياتي الآن للأعمال الصالحة والخيرية حتى أعوض ما فاتني، ولكن الإحساس الرهيب الذي يقتلني بين الحين والآخر أني مريضة يجعلني لا أحس بأي سعادة في هذه الحياة، ويجعلني أرفض أي عريس يتقدم لي كي لا أظلمه معي أو أنقل له المرض!. كل هذه الأوهام تجعلني لا أعيش كأي فتاة طبيعية، علماً بأن عمري الآن 26 سنة وأعمل مهندسة، وأحاول أن أفني نفسي في الشغل حتى أنسى كل شيء. أرجو ألا أكون قد أطلت في الكلام، لكن اعذروني حيث أني لا أجد أحداً أتحدث معه عما أعانيه، ويا رب يقدّركم إن شاء الله على مساعدة الناس ويجعله في ميزان حسناتكم.
أرجوكم ساعدوني، أنا أموت في اليوم ألف مرة،
ولكم جزيل الشكر.
29/12/2008
رد المستشار
صديقتي أنت لست مريضة بالإيدز والحمد لله، وسأبرهن لك على هذا في نهاية سطوري بالدليل العلمي إن شاء الله. ولقد صرت مريضة بأشهر مرض نفسي وهو "الوسواس القهري"، وأهم ما يميز الوسواس القهري أنه يتعلق بفكرة منبعها رأس المريض نفسه وتظل تلاحقه بلا هوادة، وحين يفكر فيها بالعقل والمنطق يجدها تافهة أو غير منطقية إلا أنها تظل تطارده مهما حاول التخلص منها، مما يجعله يقوم بأفعال قهرية ليرتاح من تلك الفكرة المسيطرة على رأسه متصوراً أنها ستقضي عليها، وهو ما يعرف "بالفعل القهري".
ولأوضح لك أكثر سأعطيك مثالاً لمريض الوسواس القهري الذي يتصور أن يده غير نظيفة؛ حيث تخرج تلك الفكرة من رأسه وتظل تلاحقه رغم أنه يستطيع أن يرى بوضوح أن يده لا يوجد عليها ما يدل على عدم نظافتها إلا أن إحساسه بأنها غير نظيفة لا تتركه أبداً، فيضطر أن يقوم (الفعل القهري) بغسل يديه ويظل شعوره بأنها ما زالت تحتاج لنظافة أكثر فظل قابعاً عند الحوض لمدة تتعدى الربع ساعة من تكرار غسلها ليصل في بعض الحالات لثلاثين وخمسين مرة!!!.
في حالتك وسواسك القهري نبع من شدة تأنيبك لنفسك ولومك لها وخوفك الكبير من العقاب الأخروي، ورغم أنك تعملين تحت مفهوم "الحسنات يذهبن السيئات" إلا أن الفكرة ظلت تختمر برأسك حتى تمثلت في حياتك في شكل وسواس "المرض"، ولقد تخيرت أفظعه!! والحل يا صديقتي هو أربعة أمور غاية في الأهمية، منها أمر لا بديل للتفاوض فيه أو تأجيله وهو التواصل فوراً مع طبيبة نفسية ماهرة وثقة لبدء العلاج الدوائي والذي يعرف بأدوية "الم.ا.س.ا" والتي أثبتت التجارب الفعلية والبحثية أنها أدوية تحدث نتيجة هائلة ومشجعة جداً في الشفاء، وكلما "ثابر" المريض والتزم بالجرعات التي يحددها الطبيب تمكن من الشفاء تماماً، وأقول تماماً بفضل الله ومنته.
وثلاثة أمور يمكنك عملها الآن حتى تتمكني من الوصول للطبيبة وهي:
* "التطنيش"...... بمعنى أنه كلما داهمتك الفكرة لا أقول لك قاوميها فمقاومتها تزيدها شراسة، ولكن أقول طنشيها أي بمعنى دارج "كبري دماغك" وكأنها لم ترد على رأسك، وهو تمرين صعب خصوصاً في البداية ولكن بالاستمرار مرة تلو الأخرى ستجدين فرقاً أن شاء الله.
* العلم..... بمعنى أنه كلما عرفنا ما يقوله العلم في أمر ما يجعلنا هذا على درجة من القوة والثبات. لقد حسم العلم الشرعي في صحيحيه ومن خلال قرآننا العظيم أن السيئات تنقلب لحسنات حين تحسن التوبة، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن الله غفور رحيم بالعباد يعلم تقصيرهم ويمد لهم مهلة التوبة حتى الرمق الأخير دون أن يشترط الله سبحانه أن التوبة تخص من يتميز بكذا أو يتحدث كذا أو أي نوع من التميز، فالتوبة مفتوحة لكل مسلم ولكل مؤمن تاب بصدق عما اقترف، ولو قرأت في قصص التوبة لتعجبت كل العجب من فيض كرم الله وعفوه عن عباده يا ابنتي. كذلك حسم علم النفس أن العلاج الدوائي والمعرفي والسلوكي عالج الموسوسين بشكل رائع. وكذلك الحال فيما يتعلق بنقل عدوى الإيدز، فكلما داهمتك الفكرة كلما ذكرت نفسك بما حسمه العلم فسيفيدك كثيراً.
* "الانشغال"....... ولا أقصد الانشغال البدني ولكن أقصد الانشغال "الذهني"، وها أنت تهلكين نفسك بدنيا في عملك دون فائدة تذكر ولكن العبرة بأن تشغلي ذهنك، فحاولي أن تقومي بأعمال تشغل ذهنك بعيدة عن روتين العمل- وإن كنت أتصور أن العمل الهندسي يحتاج لبذل ذهني ولكنني لا أعرف تخصصك-، ابحثي عن نشاط أو هواية أو ما يجعلك في حالة انخراط مع مجموعات زمالة أو أصدقاء أو عمل تطوعي أو رياضة مثلاً تشغلك ذهنياً بقدر كبير، فالوسواس حليفه الأول الفراغ فانتبهي.
وأخيراً يا ابنتي قبل أن أترك لك الروابط التي تتحدث عن الإيدز بتفاصيله أقول لك أن الله سبحانه وتعالى أكرم مما نتصور، فهو يفتح باب التوبة لمن كفر به إن آمن، ولمن آذى رسوله الحبيب بالقول والفعل بعد أن أسلم، فهو الذي قَبِل هند بنت عتبة بعدما أكلت كبد سيد الشهداء لأنها تابت وأسلمت، وقَبِل سيدنا عمر بعد عن وأد بناته بيديه قبل أن يؤمن، وتاب عن الكثير والكثير من العصاة حين أنابوا وتابوا فهو الله الودود الكريم، انفضي عنك دثار الخوف والرعب وسامحي نفسك وابدئي معها صفحة بيضاء جديدة- فلقد فتحها الله معك منذ أن تبت– لأنك قادرة على أن تكوني فتاة واعدة مثقفة طموحة يحلم بها الكثير من الشباب، فلا تهدري مميزاتك وعمرك أكثر من هذا.
واقرئي أيضًا:
عشرون عاما مع وسواس المرض
وسواس المرض؟ أم خلطة قلق واكتئاب؟!
وسواس المرض: التطير وخوف الموت مشاركة
وسواس المرض: رهابي أم وسواسي؟
رهاب الإيدز وبراءة الطفولة