السلام عليكم،
أنا في الصف 2 الإعدادي وعندي مشاكل كثيرة، من وجهة نظري ليس لها حل.
أولاً، في البيت مشاكل أسرية كثيرة لا أعرف التأقلم معها لكن أستطيع الصمود أمامها. المشاكل لا تنتهي منذ 8 سنين، من يوم أن ماتت جدتي ويومياً هناك مشاكل؛ بابا كاره لكل إخوته، بل حتى جدي أيضاً، لكن جدي يحبه جداً ويفضله على كل إخوته. بابا لا يحب عمتي وهذا السبب الرئيسي للمشكلة، فأنا وأختي وماما وعمتي نعمل كل شيء مع بعضنا ولا نفترق أبداً، وهذا يغضب بابا ويسبب المشاكل.
لا أستطيع اتخاذ أمي صديقة لي، فاضطررت للجوء لصديقتي التي تعرفت عليها في الأول الإعدادي، أول مرة رأيتها كنت ذاهبة للمدرسة بعد صراع طويل في البيت فتشاجرت معها! وبعده اعتذرت لها وشرحت لها الموقف، أحببتها جداً وأعرف أنها تحبني لكن بدرجة قليلة جداً لأني جريئة جداً -لكن بأدب- وهذا يميزني عن زميلاتي، لكنه أيضاً يسبب لي مشاكل كثيرة معهن.
المهم بدأت التقرب منها وكسب حبها لأني وثقت بها وقلت أنها الوحيدة التي يمكن أن أشكو لها كل مشاكلي، بدأنا نتقرب من بعض حتى صرنا أكثر من أخوات، وبدأنا نكلم بعضنا على الانترنت حتى صرت لا أقدر الاستغناء عنها. ولا يعلم أحد في البيت أني أروي لها مشاكلي، كل ما يعرفونه أنها مجرد صديقة، وبسبب تقربي لها الشديد شكّت ماما وعمتي بي وبها لأني تعرفت عليها في الأول الإعدادي، فظنوا أني أكلم ولداً، والله هذه صديقتي بنت، هما لم تقولا ذلك صراحة لأني كنت أفرح جداً لما أجدها فتحت الميل أرغب في محادثتها، لكن طبعاً لا أكلمها عن البيت لأن ماما تراقبني.
المهم ماما وعمتي تكان وأنا عصبية جداً، وكلما فعلوا ذلك أغضب زيادة، ويتصادف غضبي مع محادثتي مع أعز صديقاتي وهن هند ونورهان وصديقتي التي تكلمت عنها فيقولون أنهن يفسدن أخلاقي فأتمرد عليهم، وهذا كله بسبب عصبيتي، حتى أصبت بحالة اكتئاب.. ولما قلت لعمتي وماما هذا وكأنى أذنبت وبدأتا تهزآن مني أن كيف يصيبني اكتئاب وأنا في هذا السن. بالرغم من المشاكل بدأت أبتعد عن كل من في البيت وأتمرد فعلاً عليهم، وأخدت جانباً وحدى، لكن طبعاً كان لازماً التعامل معهم. في هذه السنة، أنا في فصل وصديقتي فى فصل آخر، ولا أجد أحداً أتكلم معه، ومشكلتي تتلخص في أن:
* أهلي لا يثقون بي.
* أنا لا أثق في من حولي لدرجة أني كرهت كل من حولي.
* المشاكل في البيت تزداد يوماً بعد يوم ونتيجتها فوق دماغي، وأنا مللت واختنقت، ولا أدري ما العمل.
أنا آسفة جداً جداً لأني أطلت عليكم، لكن كما قلت فأنا لا أجد من أتكلمه. أتمنى أن تردوا بسرعة لأني حقاً لدي كلام كثير ولا أعرف لمن أشتكي. أكرر أسفي، وأرجوكم أن تجدوا لي حلاً وفي أقرب وقت.
أرجوكم، أرجوكم أن تردّوا عليّ.
1/1/2009
رد المستشار
صديقتي العزيزة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
تأخرت عليك في الرد وأنت تتعجلين الرد فسامحيني. هل تسمحي لي أن أستعرض بعض العبارات التي أوردتها في رسالتك؟:
0 عندي مشاكل كثيرة من وجهة نظري ليس لها حل.
0 بابا كاره لكل إخوته، بل حتى جدي أيضاً، لكن جدي يحبه
0 لا أستطيع اتخاذ أمي صديقة لي.
0 مشاكل أسرية كثيرة ولا أستطيع التأقلم معها.
0 لا يمكنني الاستغناء عنها.
تأملي معي هذي العبارات، إنها تشير إلى أنك في كثير من الأمور تميلين إلى رؤية الأشياء كأبيض وأسود! أي بشكل مطلق لا يقبل أي احتمالات، يعني عندي مشاكل كثيرة... هل فكرت مثلاً أن هذه ليست مشاكل ولكن أنت من ضخمها، وإذا كانت مشاكل ألم تفكري أن لكل مشكلة حل إذا هدأنا وفكرنا وتخلينا عن نظرات التشاؤم؟! وعبارة لا يمكنني الاستغناء عنها... تشير إلى إطلاق العنان لمشاعرك دون عقلك، فإذا اختفت صديقتك ضاع معها كل شيء وتبدد أملك في أن يكون هناك من هو بجانبك.
والآن لدينا عدة أسئلة سنجيب عليها معاً:
1- لماذا أنت هكذا؟
عزيزتي، هل أنت مدركة في أي مرحلة أنت؟ إنك في مرحلة المراهقة... هل قرأت عن هذه المرحلة؟... إذن، لا بد أن تعرفي وتدركي ما تشعرين به الآن... عزيزتي أنت في مرحلة يحدث فيها تغيرات فسيولوجية تؤثر حتماً على المشاعر، إضافة إلى ذلك أنت على منتصف الجسر بين طفولتك البريئة ومرحلة الشباب القادمة، وما زلت تنظرين وتختلسين النظرات من وقت لآخر على الجانب الذي أنت تاركة إياه إلى الجانب الآخر عابرة ذلك الجسر، فأنت ما زلت مشدودة إلى مشاعر الطفولة، فالحب حب والكره كره، وبدون الحب طوال الوقت نذوب ونتلاشى؛ فأبي يكره إخوته، لا يحب عمتي...
تخيلي معي أن أحدهم لا قدر الله أصابه مكروه ماذا عن موقف والدك حينئذٍ، هل سيسعده ذلك ويثلج صدره؟ لا أظن يا عزيزتي، فكثير ما تدب الخلافات بين الأخوة لأسباب أو أخرى لكن رباط الدم حبل متين، لا مانع من أن يرتخي بعض الشيء في وقت الخلافات لكنه لا ينقطع. مشاعرك الغضة البريئة التي لم تنضج بعد لا تحتمل أن يكون هناك خلاف، وإذا اختلفنا أصبحنا أعداءً، وإذا انتقدك أهلك فهم لا يثقون بك، ولا تستطيعين مصادقة والدتك، إذن لا بد من أشخاص آخرين يملؤن هذا الفراغ العاطفي.
2- لماذا أهلك ينتقدونك ولا يثقون بك؟ أعتقد أنهم ليسوا على دراية كافية بما تمرين به ولا يدركون أن مرحلة المراهقة مرحلة صعبة تحتاج إلى الدعم منه، لكن لا تغضبي منهم فهم يجهلون هذه الأمور وكثير من الأسر لديهم نفس هذه المشكلة، فهم لا يدركون معنى التمرد في المراهقة وكيف أن نتيجة التمرد على الأهل هي أن يكون الصديق هو المرجع الأساسي في حياة المراهق ومحور اهتمامه، وربما حلّ محل العائلة التي لا تفهمه، ومن ثم لا بأس لو قضينا معظم وقتنا مع الصديق.
تخيلي ولو لحظات موقف والدتك، ترى أن أحوالك تتغير وأصبحت عصبية وتمكثين أمام الكمبيوتر لمحادثة أحد الأشخاص الذي دون شك واضح لهم أنك تأثرت به، وذلك لأنك تقصي لصديقتك المراهقة أيضاً المتمردة طبعاً كل مشاكلك والسعيدة حتماً بانقيادك لها وتأثيرها عليك، فيزيد تمردك على أهلك وتتضخم المشاكل التي تلحون كأصدقاء في مناقشتها معاً فتصدقون ضخامة حجمها... كل ذلك يصل إلى أمك... التي للأسف يبدو أنها لا تعرف الكثير عن أعباء المراهقة على المراهق والأسرة فينتابها القلق لأن معلوماتها عن هذه المرحلة يبدو أنها تنحصر في معرفة البنت لولد والعكس، وليس للاحتياج العاطفي في هذه المرحلة الذي يصاحبه الاضطراب النفسي والبحث عن آخرين ما لم يجد الدعم والاحتواء، فهي مسكينة، هي أم قلقة ومعلوماتها قليلة– ليكن قلبك كبير حتى نستطيع أن نبدأ الإصلاح، فاعذريها لأنها أم!.
3- ماذا تفعلي الآن؟
1- افهمي ما أنت فيه وأدركي معناه.
2- أدركي سلبياتك التي ترغبين في ترويضها حتى تستقيم الأمور مع أسرتك ولا تخسري الكثير: وهي (الغضب والحدة التي وصفتها بالعصبية- الانغماس في علاقات الصداقة التي لا نرى فيها عيوب الآخرين ونراهم مثاليون كما نحب أن نراهم. لا بأس من الصداقة لكن بعقل دون الاندفاع العاطفي من أجل تعويض ما نفقده من دفء عاطفي).
فماذا نفعل مع الغضب والحدة؟
عليك بإجابة هذه الأسئلة مع نفسك ودوني إجاباتها كتابة وتابعي نفسك لتعرفي معدل حدوث مواقف الغضب، وأعط نفسك حافزاً كلما قل معدل حدوث مواقف الغضب والحدة، وذلك حتى تكوني قادرة على ضبط نفسك لأن ذلك مفتاح يفتح لك باب النجاح في علاقتك بأهلك، وإذا عثرت حقاً على هذا المفتاح وحافظت عليه طوال حياتك كتب لك النجاح -بإذن الله- في كل المواقف التي تحتاج للتواصل مع الآخرين.
1- ما هي المواقف التي أغضب فيها؟
2- هل أغضب من أهلي فقط أم من أشخاص آخرين؟
3- هل أغضب لأن لدي شعور بالإحباط؟ وهل شعور الإحباط هو سبب غضبي في كل المواقف؟
4- هل سبب غضبي دائماً هو أنني أريد أن تمضي الأمور حسب رؤيتي لها- أو لأني أرفض النقد..؟
5- هل تفكيري عاطفي فقط وأفتقر إلى تحكيم العقل؟
6- هل أفكر في المواقف التي أغضب فيها من الآخرين فأجد نفسي مخطئة وأندم؟ أم أشعر أنهم ظلموني فأحزن وأغضب أكثر؟.
7- هل أستطيع أن أقول أن مشكلتي هي؟... حددي واحدة أو أكثر بما فيها رؤيتك لنفسك ولسلبياتك أيضاً.
8- هل أرغب في أن أتحكم في غضبي لأن غضبي (يفسد علاقاتي مع الآخرين- يؤثر على حالتي النفسية فأعتزل الناس- الاثنين معاً)؟
دعينا نتواصل وأنا معك متى أردت،
وفقك الله.