عائلتي لا تفهمني: ومضةُ برق، وعيون ممطرة!!!
مشكلتي هي مع عائلتي، أغلب أشخاص عائلتي يمقتونني ولا يهتمون بي، حتى أمي كلما كبرت في السن ضعفت علاقتي بها حتى أصبحت الآن شبه منحلة تماما فلا أحس منها الحب والاهتمام بالعكس مع أشخاص أخري في عائلتي أحس أنها تعاملهم أفضل مني بكثير.
أما أبي فهو يعمل خارج مصر ويعود شهريين كل سنة، وذلك منذ ولادتي فلا يجلس معي ولا يسمع مشاكلي وكل اهتمامه أن آتي له بدرجة جيدة في الامتحانات المدرسية، وهو يقارنني بأشخاص في عائلتي معي في نفس الصف، وهم في مدارس تدرس باللغة العربية وخاصة وامتحاناتهم تكون أسهل بكثير من امتحاناتي، أما أنا فدارستي باللغة الإنجليزية في مدرسة تجريبية لغات وامتحاناتي أصعب بكثير، ولكن لابد أن آتي بدرجة أعلي، وهذه من تقاليد العائلة السيئة والسائدة في عائلتي.
وأعتقد أنه لا يوجد وجه مقارنة بيني وبين أقاربي هؤلاء، وأنا علاقتي بأقاربي بدأت بالانحلال وأبعد عنهم تماما ولا اشترك معهم في أي مناسبة ولا أريد أن أعاملهم علي الإطلاق، ومشكلتي هي أن عائلتي تفكيرهم محدود مع أنهم اغلبهم متعلمون وعندهم شهادات جامعية ولكن أشعر تجاههم أنهم لا يعلمون شيء ولا أستطيع فهمهم وهم لا يستطيعون فهمي، فلا أجد شخص يسمع لي غير أصحابي ولكن أصحابي أغلبهم أصحاب سوء وغالبا جميعهم فكلهم لديهم اهتمامات غريبة واللا مبالاة لكل شيء حولهم ولا مبالاة بدرجة عالية جدا وكل تفكيرهم في مشاهدة الأفلام الجنسية وممارسة العادة السرية والتدخين وعدم الاهتمام بالمذاكرة فلا أجد أحدا أتحدث معه ويعرف مشاكلي.
ولهذا حاولت اللجوء إلى الدين والتقرب من الله وأنا أحاول هذا في هذه الأيام، ولا أعلم ماذا افعل لحل مشكلتي وأنا اشعر بالوحدة في أغلب الأوقات ولا أعلم ماذا أفعل فأرجو مساعدتي مع هذه العائلة كيف أعاملهم.
رد المستشار
الابن العزيز: يبدو أن مشكلتك تختص بعلاقتك بالآخرين لذا سأناقش معك علاقتك ببعض منهم:
أولا: علاقتك بوالدك: والدك لا يعود إلى مصر إلا شهرين في السنة، ومن الموقع ألا يكفى الوقت لمعرفة كل أخبارك وكل مشاكلك ومشاكل أخوتك وأمك أيضاً. أرى أن تفتح الموضوع مع والدك من ناحية أنك في حاجة إلى الحديث معه وتشرح له اختلاف مدرستك عن المدارس الأخرى، وتطلب منه أيضا أي وسيلة تناسبه ليظل على اتصال بك من خلال: الانترنت(الدردشة/البريد الالكتروني)- رسائل الموبايل- البريد العادي- الاتصال التليفوني.
لأن والدك بعيد عن مصر منذ ولادتك يعنى من أكثر من15 عام، فهذا يعنى أنه ليس على دراية كافية بطبيعة التعليم في مصر أو بالفرق بين المدارس التجريبية للغات والمدارس العربية، ومن ناحية أخرى يبدو أن والدك يرى الموضوع بشكل مختلف فيقارنك بغيرك ربما يريد أن يحمسك ويستثير ويقوي رغبتك في المنافسة حتى تجتهد وتتفوق.
ثانيا: علاقتك بأصحابك: ألا ترى أن هناك تناقضا بين ما تقوله عنهم وما تفعله، فأنت تعرف أن أصدقائك أصحاب سوء وفى نفس الوقت تستمر على علاقتك بهم، لماذا؟ (كثير منا يكون أصدقائه هم من معه في نفس الصف الدراسي أو من معه في عمله) وهذا يعنى أننا لا نختار هؤلاء الأصدقاء بل نترك الصدفة تختارهم لنا.
آن الوقت أن تختار أصحابك من جديد، ابدأ باختيار صديق واحد مناسب يساعدك على الخروج من هذه الوحدة، واقرأ ما كتب في هذا الرابط: صعوبة التعامل مع الآخرين: النموذج والعلاج
ثالثا: علاقتك بعائلتك: أنت في فترة عمرية غالبا يكون من يمر بها حساسا نحو الآخرين ومتأثرا بطريقتهم في التعامل معه، قد تكون الفكرة في أنهم لا يفهمونك بل إن مجتمعنا بصورته الحالية ليست لديه ثقافة كافية لمعرفة التعامل مع من هم في مثل سنك، رغم أن كل منا مر بهذه المرحلة. فقد يعاملك البعض على أنك صغير، أو ربما العكس –على أنك أكبر من سنك كما يفعل والدك- وهذا يزعجك لأنه يحملك أكثر من طاقتك.
شيء جميل أن تقترب من الله ومن الدين، اعرف أن الله تعالى خلق في كل منا جوانب خيرة وايجابية، انظر إلى تلك الجوانب الايجابية في أقاربك، ابحث عن نقاط الاتفاق والالتقاء واقصر حديثك معهم في تلك الجوانب.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الابن العزيز السائل أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن الأخت الزميلة د.داليا مؤمن، قد أعطتك نقاطًا عملية جدا عليك أن تتبعها، وستجد كل خير إن شاء الله، لكنني أود أن أعبر لك عن ما استدعته إفادتك لدي، فهي إفادة تفجر مشكلةً من أخطر المشاكل التي تواجهُ أسرنا في المجتمع المُحَدَّثِ (دون وجه حق) مع الأسف، والحقيقة أن ما أستطيع تقديمه لك قد لا يزيد عن التحليل للموقف وأسبابه، وهو ما لا أظنه يفيدك مباشرةً، وإنما يفيد من يفترضُ فيهم أن يحاولوا إيجاد الحل وهؤلاء مع الأسف لا يتحركونَ قبل المصائب الكبيرة، وعندما يتحركون غالبا ما يتعثرون ولا يزيدون الطين إلا بللا.
وقدر ما أحبطتني رسالتك بتشريحها لحال أسرتك التي لا تعد غريبةً ولا مختلفة عن معظم الأسر العربية، بقدر ما أثلج صدري أن تكونَ طلق اللسان حلو البيان قادرًا على التحليل بهذا الشكل الواعد، رغم بعض الأخطاء الإملائية التي أظن معظمها راجعا إلى قلة خبرتك في الكتابة مستخدما لوحة المفاتيح العربية، إلا أنني أستطيع أن أقول لك باختصارٍ شديد، أن محافظتك على جسدك وعلى أخلاقك هي ما يأمر به الله مخلوقاته المكلفين، ولهذا فإن عليك أن تبتعد عن رفاق السوء الذين أشرت على توفرهم وهذا معروف ومشتهر في كل مدارسنا فما شرب السجائر إلا تلويثا لجسد يعطيه الله لك نظيفا وتخريبا لجسد يعطيه الله لك سليما،
وما مشاهدة الأفلام الجنسية إلا عصيان لأمر الله، واغتيالٌ لكل جمال يمكنُ أن يخلقه خيال الإنسان مع شريكة حياته بعد الزواج، كما يحمل في مرحلتك العمرية بالذات خطر تشتيت توجهاتك وميولك الجنسية وربما وصل بالبعض إلى أحد أشكال الشذوذ، حفظك الله منه، وأما أسرتك فلا حيلة لي فيهم، ولا لغيري لأنهم صورةٌ بالكربون من ملايين الأسر كما أكررُ التأكيد لك، وليس لهم من حل إلا أن يفيقوا ربما بمعجزةٍ من الله، الذي لا يسأل في مثل هذا سواه.
وأما التدين، فإنه طريقك الصحيح الوحيد دائما أو على الأقل في مثل هذه الظروف، فقد تبدى من خلال عدد متزايد من الدراسات وجود تأثير وثيق وإيجابي متبادل بين الإيمان التدين والحالة النفسية، فمن يؤمن بإله خيِّر أو بأي قوة سامية أو حتى "بمجرد" معنى أعمق للحياة فإنه يتغلب على أزمات الحياة والمشقة (الإرهاق) والصراعات النفسية الاجتماعية بسهولة كبرى، لأن الإيمان يسهل وجود "إستراتيجيات تأقلم" فاعلة، وبالتالي يجعل المؤمن أقل تعرضا للأمراض النفسية والجسدية أي أن الإيمان يؤثر وقائيا.
فقط ما أريدك أن تنتبه إليه هو أن عليك أن تبحث عن الرفاق الطيبين في الكنيسة بما أنك مسيحي، وستجدهم فليس كل الشباب معرضا عن الدين، بل إن من تعرضوا لنفس ظروفك وسلكوا نفس مسلكك كثيرون لأننا في هذا البلد الطيب شعبٌ مؤمن، ولكن عليك في نفس الوقت ألا تفقد الأمل في الإصلاح، لأن جيلك وربما بعضا من الجيل الذي سبق هم الذين يعقد الأمل عليهم للقيام بالإصلاح، فأما من هم من الطيبين الواعين من الجيل الذي سبقك وتحديدًا مواليد الستينات والسبعينات فلأنهم يمتلكون وعيا لا يتوفر لغيرهم بما حدث لمجتمعاتنا، وأما الطيبون من جيلك من الشباب فإنهم يمتلكون القدرة على العمل والإنتاج والتغيير.
أحييك لأنك اتجهت الاتجاه السليم ولكن على أن تتعدني بألا تزهد الدنيا لأنها تحتاجك، وأواسيك في نفس الوقت لأنني أعرف أنك تتألم ولكنك أفضل بملايين المرات من الذين يتألمون فينحرفون أو يكتئبون أو يدمنون، فأهلا بك وتابعنا بأخبارك.