تبحثين عن الحب أم الزواج مشاركة 8
أختي الحبيبة آمال.. يقول الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)(الأحزاب:70)، القول السديد أنه من المعلوم فطرة ميل الرجل للأنثى وميلها أيضاً إليه، لكن الإسلام أتى بكل ما يدفع هذا الميل الفطري إذا كان في الإطار غير المشروع؛ فمنع الشارع الزنا وكل ما يوصل إليه قال تعالى ((وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً))(الإسراء:32)، ولم يقل لا تزنوا أو لا تمارسوا أو لاتفعلوا وإنما قال "لا تقربوا" وهذا يدل على أن كل وسيلة تؤدي أو قد تؤدي إليه فهي محرمة ولا يجوز لنا اقترافها، مثل النظر أو الاستماع أو لين الكلام أو حتى كشف الوجه على الصحيح من أقوال العلماء.. لماذا؟ لأن الرجل حينما يرى المرأة فإنها تتحرك غريزته الفطرية بلا شك ولا ريب، وبالتالي فلا يجوز أن نترك أنفسنا للهوى أو الشيطان. وكما قالت الأستاذة رفيف: "الشيطان قد يستغل هذا الضعف منا" وهي المشاعر فالمشاعر ضعيفة والعقل والمنطق قوي أليس كذلك.. ولذا فإن الشيطان يستغل الضعف الذي يصاحبه أحياناً هوى، وإذا حكم الإنسان عقله وجد أنه على شفا جرف هار قد ينهار به ولهذا فإن الله تعالى يقول ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ))(فاطر:6) وقال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ....)) ومن هذا يتبين لنا الآتي:
1- أن هذا امتحان من الله ليبلونا أنصبر ويظهر علينا حب الله تعالى الذي يستحقه جلّ جلاله، الحب الحقيقي وليس المزيف كحب البشر لنا والذي ما يلبث أن يزول بأدنى سبب، أما الله تعالى فهو الذي ينعم عليك باليل والنهار بالسر والجهار أفلا يستحق الحب الحقيقي؟! ولذا من أحب الله حق المحبة وعظمه حق التعظيم هانت عليه الدنيا وما فيها، فصرف الحب بمعناه الحق ولهذا جاء في الحديث ((ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما إفترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن لستعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءلته)). (رواه البخاري)
2- أن هذا ليس من حرمان المشاعر وإنما ضبطها بالضوابط الشرعية التي تمنعنا من فعل الحرام المضر بنا في الدنيا والآخرة، ومعلوم أن سبب وجودنا هو طاعة الله والحرص على رضاه وتعويد النفس على ذلك لنحظى بحب الله لنا، ويا فلاح من أحبه الله قال تعالى ((.... وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ))(الأنبياء:35) فالذي يصبر ويعوّد نفسه المنع من اتباع الهوى هو الذي يحصل على حب الله له وقربه منه ودخول جنته.
3- أن الزواج الشرعي والالتزام بآداب الزواج والتعفف والتصبر هو طريق المفلحين وسبيل الناجحين وهو الموصل لدار المتقين، فالجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات، والذي لا يستطيع الباءة من مال وسكن ونحوه من مقومات فتح البيت فإن الواجب عليه الحرص على ألا يقع في منزلاقات الهوى، وعليه الالتجاء إلى الله بأن يعصمه من الفتن، ويحرص كل الحرص على ألا يقع فريسة للشباب، وعليه بالصوم فإنه له وجاء كما جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم. آمل من "آمال" أن تحفظ دينها من الزوال وأن نجاهد أنفسنا ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)) يعني جاهدوا أنفسهم ومنعوها مما حرم الله عليهم.
أسال الله أن يرزقك وبنا المسلمين الزوج الصالح الذي تقر بها عينك ويحبك حباً عظيماً ينسيك همومك ويلبي طموحك وأحلامك، آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
23/12/2008
رد المستشار
السلام عليكم،
شكراً للأخ الفاضل على نصائحه الصائبة والمفيدة والتي ينصح بها كل مسلم غيور على دينه، ومن المفروض أن يكون المسلمون جميعاً ملتزمين بها رغم كل الظروف، ولكن من المعروف أن تطبيق هذه الأمور يصعب أو يسهل حسب البيئة والمجتمع الذي يوجد المرء فيه، وأظن أن ظروف تطبيقها في السعودية أيسر بكثير من تطبيقها في مصر وغيرها، ولكن الأجر على قدر المشقة، وأدرك تماماً الظروف السيئة التي تحيط بالشباب في مجتمعاتنا مع غياب الوعي الديني، وانقلاب المفاهيم والمقاييس، ولكن مع هذا أدعوهم للصبر والثبات وتذوق لذة التمسك بالمبادئ وإخضاع الشهوات لنداء العقل والدين في زمن ضاعت فيه معالم الصواب وماعت فيه الأمور وخارت فيه العزائم...، وما هي إلا أيام قلائل ويرى كل منا نتائج عمله، فإما راحة أبدية، وإما عذاب لا ينتهي، أسأل الله أن يهدينا جميعاً سواء السبيل وأن يعيننا على طاعته حتى نلقاه...
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> تبحثين عن الحب أم الزواج مشاركة 10