ترك المنكرات: شكلي أقل من العادي
أنا امرأة عمري 25 سنة، متزوجة منذ سنة تقريباً من شاب يكبرني بعشر سنوات، طيب وخدوم ووسيم ومرح ومهتم بي وبابنتي بل وحتى أهلي. المشكلة أن عدة مواقف قد حدثت بيني وبينه أيقنت فيها أنه لا يحبني وأني لست الفتاة التي يحلم بالارتباط بها؛ فكم مرة قال لي أنه لم يرني في النظرة الشرعية بمعنى أنه تم كتب الكتاب وهو لا يعرف شكلي (أنا أقل من المستوى العادي للجمال)، بل حتى في شهر العسل قال لي بالحرف الواحد: "ما رأيك أن أطلقك وأتزوج أختك!"، وطبعاً أختي الصغرى جميلة جداً رأوها أخواته يوم فرحي ومدحوها أمامه، أنا طبعاً ذهلت من كلامه وعرفت انه غير راضٍ عني ولا مقتنع بي. وفعلاً مضى على زواجنا سنة ولم أشعر يوم من الأيام أني أعجبه رغم اهتمامه بي وبالبيت ومصاريفه، ومرة من المرات رحت أسرد له حلماً بأن زوجة أخيه قد قدمت لي صحن شكولاته، فقال وقد نظر إلى زواية أخرى من الغرفة: "يالله يمكن أتزوج ثانية عن طريقها" كأنه يقول: "قد يعوضني الله بزوجة أخرى".
الطامة الكبرى وهي التي جعلتني أضرب الرقم القياسي في البكاء أنه ومنذ زواجنا قبل عام من الآن إلى هذه اللحظة يتحاشى النظر إلى وجهي مباشرة أثناء الكلام؛ فإما أن ينظر في التلفاز أو الأرض أو أحد أركان البيت، في البداية قلت لعله خجول لكن حين رأيته يتحدث مع أخواته لم يفعل معهن كما يفعل معي ففهمت المقصد..! حتى على السرير ينام في الطرف الآخر من السرير وكأن من ينام معه أحد أصدقائه، بل حتى في أيام الملكة لم يكن يناديني يا حبيبتي أو من هذه الكلمات بل كان يقول لي باللهجة المصرية يا حجة إلى أن انهرت عنده في يوم من الأيام وقلت له: "لماذا تناديني هكذا؟" والله العظيم أني أبكي وأنا أكتب، تأسف مني واعتذر وقال أنه معتاد مع أخواته في البيت أن يناديهن بهذا المسمى، وبعدها صار يناديني يا حبيبتي، يعني تصنعاً منه ولست من قلبه.
حياتي معه أمان جسدي ومالي، فهو كريم إلى أبعد حد ولم يبخل عليّ بشيء، لكنه عذاب نفسي! كم مرة بت فيها وأنا أبلل المخدة بدموعي، وقد حدث أن انهرت وأخذت أصرخ وأبكي لدرجة أني توقعت أن الجيران قد سمعونا وهو لا يدري ما السبب ويحاول مراراً أن يعرف سبب بكائي المتكرر لكني من النوع الكتوم وأشعر أن معرفته بسبب بكائي لن تحل المشكلة، أحاول كتم حزني عنه وعن أهلي الذين يجهلون بحقيقة علاقتي معه، أشعر أن استمرار زواجي منه سعادة لأهلي، لذلك أصبر رغم أني صرت أخشى على نفسي من الطلاق.
أصبحت كثيرة النسيان، وأعاني من أعراض نفسجسمانية، أتأتئ في الكلام معه لكن مع غيره طبيعية جداً، ورغم أني أحبه بجنون إلا أني أحاول كبت هذا الحب الذي لم يجر عليّ سوى الذل والمهانة، هو بنفسه قال ذلك حينما كنا نسمع أغنية لأم كلثوم -لا أذكر كلمات الأغنية تماماً- لكنها كانت تدور حول الحب من طرف واحد فقال لي ساخراً: "تذكرك الأغنية بمن..؟؟؟" وأخذ يضحك.
أحاول أن أشغل نفسي بالهوايات والقراءة وبكل شيء حولي إلا هو، لكن المصيبة أني لا أرى سواه فكيف أتعامل معه؟ كيف أخرج حبه من قلبي وأحافظ على كرامتي؟ كيف أقنع نفسي بعد كل هذه المواقف المشينة وأقول أنه يحبني وأني أنا الموسوسة؟ كيف أمسحها من الذاكرة؟ هل تستمر الحياة الزوجية بحب من طرف واحد فقط؟. سامحه الله على ما يفعله بي دون أن يدري، وهداه وإيّانا إلى فعل الخيرات وترك المنكرات.
08/03/2009
رد المستشار
الأخت السائلة،
وجدت نفسي أقول: آمين، سائلاً المولى عزّ وجلّ إجابة دعوتك بأن يهدينا إلى فعل الخيرات، وترك المنكرات.
من المنكرات يا أختي الكريمة أن بعضنا ما زال يصرّ على البدعة السيئة الشائعة للأسف، وهي عدم تمكين الخاطب من الرؤية الشرعية للفتاة التي يتقدم لها، وفي هذا مخالفة صريحة لفطرة الله سبحانه وأوامر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وبدايات الفتنة والفشل إنما تدخل من هذه الأبواب!.
لا عقل ولا شرع ولا فطرة ولا منطق سليم في التاريخ كله، ولا في الدنيا كلها يقرّ بالتقليد الجاهلي الفاسد الذي يمنع الخاطب من النظر إلي وجه من يتقدم إليها، بل والحديث معها، حتى يكون بعد ذلك مطلوباً منه أن يقع عليها كما تقع البهيمة الأعجمية على بهيمة مثلها، ومن هنا تبدأ مشكلتك!
وفي جوار هذه المنكر البغيض تتكشف النساء في الأعراس تحت دعوى أن كل الحاضرات نساء، وهو ما كان مدخلاً لمنكر أخر حين رأين أخوات زوجك جمال أختك الصغرى، ونقلوا له عن جمالها، وكل هذه منكرات يرفضها الشرع، وتدمر النفوس والمجتمعات، وهي شائعة للأسف، ولا نكاد نسمع صوتاً ينكرهما كما نسمع أصواتاً تنكر ما هو أهون بكثير وأقل تأثيراً في النفوس والمجتمعات! لا حول ولا قوة إلا بالله.
من المنكرات أيضاً جهل الرجال عندنا بنفسية المرأة، وما يصلحها من مديح وغزل، ولين قول وحسن معاملة، ونضرب عرض الحائط بقدوتنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم في هذا الباب، وأقواله وأفعاله أكثر من أن تحصى، والنتيجة نار في القلوب، وبؤس في البيوت، وتعاسة، وأحياناً خيانات مشينة!.
ومن تخلفنا وجهلنا تشيع بيننا منكرات أخرى منها إفراطنا في تقديس الشكل والصورة والهيئة، والاعتقاد الجازم بأن الجمال إنما هو في الشكل والجسد، رغم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم وصوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". ومن جملة الجهل وسوء التصريف، ومن باب ردود الأفعال غير السليمة ولا الحكيمة أراك تعتقدين حبك له سبب تعاستك، وكأن الأصل أو الحل أن تكره الزوجة زوجها، وكأن الزواج صار يحتمل في حالتنا كراهية متبادلة أو غضب مكتوم، أو سوء تلميحات سخيفة علاوة على ما تقدم من منكرات!. ما كل هذا الركام المتخلف والمؤذي للمشاعر والمؤدّي للأمراض النفسية والنفسجسمية؟!.
يا أختي لا تقمعي حبك لزوجك، ولا يخدعنّك الشيطان بأن حبك لزوجك وتعبيرك عن هذا الحب هو من المهانة أو من الإخلال بالكرامة أو غير ذلك من الترهات الشائعة على الألسنة الجاهلة، وفي المسلسلات والدراما السفيهة التي نتعاطاها مشاهدة كما يتعاطى المدمن مخدرات الشم والحقن! لا تخرجي حب زوجك من قلبك، ولكن في نفس الوقت لا تعلقي حياتك وقلبك ومصيرك وسلامة نفسك بامتعاضه منك، أو كلماته الخشنة غير الملائمة، وفي النهاية هذه بيئة وثقافة مجتمع بكامله، فما سمعنا أن الرجال عندكم يتغزلون بنسائهم في الغدوة والأوبة! ولعل زوجك أن يكف عنك أذاه، ولن يكون هذا بنزعك لحبه من قلبك إنما بأن تكوني أنت رسول الحب والسلام، وطائر العشق، وهدهد المحبة الذي يذكره كل يوم بأن في القلوب أسراراً ومناطق تحركها رعاية الزوجة لبيتها وأسرتها، وجمال الطبع، وهدوء النفس وسكينة المودة لا مجرد حلاوة الهيئة، وسواد القلب!.
ربما يفهم زوجك يوماً ما اللغة التي تتحدثين بها وتجيدينها، وربما لا يفهم ولا يضيرك هذا أبداً، شريطة أن تهتمي أكثر بعقلك وقلبك وروحك وشخصيتك وهواياتك واهتماماتك فهذه هي مقومات ومكونات كرامتك ومكانتك عند الله، وعند من يفهمون، أما الجهلاء فلا عليك منهم!.
اقرئي على مجانين:
لا أملك الجمال: من الذي قال؟؟ مشاركة
أحب.. ولا أملك الجمال
كيف تصبحين جميلة؟