الشر يكسب مشاركة7
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لي رأي متواضع في هذا الموضوع. إن ماضي كل إنسان يدلل عليه وعلى أخلاقه، وقتها وبمناقشة هذا الماضي يتضح إن تغير الطبع الخاطئ أم لا، وبالتالي أيضاً قد يساعد الشريك شريكه على استمرار التوبة، فما المشكلة؟! بالإضافة إلى أن الله قد قال: "الطيبون للطيبات" وهذه ليست القاعدة التي تطبق وحدها كقانون للكون، ولكن يجب أن يعرف الشريك ماضي شريكه، وإن حدث عدم ثقة في هذه الحالة فمرده إلى شيء من اثنين -في رأيي-: الأول أن يكونوا لم يعرفوا بعضاً، والكلام في الماضي بأسلوب صادق وكامل قد أوضح جوانب من الشخصية لم يتخيلها أو يستطع حتى الطرف الآخر التعايش معها، فيفضل الانسحاب أحسن من أن تعود بعد الارتباط، إما تحت ضغط الظروف أو تحت عدم استمرار التوبة على فعل خاطئ، والانفصال في الأول أحسن إن أحس الطرف الآخر عدم مقدرة على الاستكمال مع هذا الاحتمال.
والأمر الثاني أن تكون مفاهيم الشريك غير سليمة، فلا يقبل شيئاً هو في الحقيقة رفض لشكل لا لحقيقة، أو أي أسلوب آخر ناتج عن عدم نضوج قدرته على استيعاب ما قاله الطرف الأول، والحكم عليه بشكل سليم. لكن الصراحة شيء مطلوب، ليس دون هدف، فالهدف هو استكمال الصورة التي من حق الآخر معرفتها لا للمحاسبة ولكن ليعرف كيف يفكر شريكه، وبماذا خرج من تجربته، وليس أدل على هذا من تجارب الماضي المتتابعة. وأيضاً ليس من باب المجاهرة بالذنب، لكن لإعطاء الحق لأصحابه، فالزواج شراكة يجب أن تتم على الأمانة والعقل، وهناك جانب من الناس قد يدركون تماماً أنهم فعلوا فواحش كثيرة ولم يتوبوا، ولا يصح للطرف الآخر أن يظلم الارتباط بهم، ثم يستعينون بكلام حضرتك -مع كامل احترامي لهدفك السامي- ليقنعوا أنفسهم وذويهم بأن يخفوا الماضي، هذا طبعاً بالإضافة إلى الناس الذين يقولون: ومالي أنا! يا داخل بين البصلة وقشرتها، "خليني حلو في نظره" فمن لا تحتاج وجهه اليوم قد تحتاج قفاه غداً! وتكون النتيجة هي النصب على الطرف الآخر وتضييع حقه نتيجة عدم أمانة الآخرين والمجتمع.
أرجو تفهم وجهة نظري مع كامل اتفاقي مع أن تحقيق الاستقرار هو الهدف من الزواج، لكني أعرض أحداث واقعية أراها حولي كثيراً، قد تكون الأمانة في العرض هو حلها ويستغل من لا يريد أن يكون أميناً كلاماً مثل كلام حضرتك في غير موضعه. والسلام عليكم.
5/3/2009
رد المستشار
أنت تتحدثين عن فئة يصعب جداً ألا يتم اكتشاف طبيعة شخصيتها وتصرفاتها إلا من خلال سرد الماضي، فالذي لم تتغير أخلاقه والذي لم يتب بصدق سيظهر من تصرفاته وطبيعة شخصيته الكثير مما يدلل على ذلك -إلا ما ندر-، ولكنك نسيت الفئة التي تقع في بند "الضعف الإنساني"، فماذا عنهم؟ هم أناس جيدون ويتقربون لله عزّ وجلّ، ولكنهم مرّوا بأوقات ضعف، وهذا ليس مبرراً لكنه فقط توضيح للفارق بين الفئتين، فهل مقابل هذا الضعف الذي تراجع عنه صاحبه بالتعهد والتوبة أمام الله أن يفشي ضعفه؟ ومن هذا الزوج الذي سيتقبل ويفهم ويساعد؟ هل تتحدثين عن الأزواج الشرقيين أم تتحدثين عن تصوراتك المثالية؟
هل أنا أدعو للخداع؟ هل أدعو لعدم الصدق والأمانة؟ مطلقاً، والله الذي لا إله إلا هو، أنا أدعو للتعقل والحكمة وأخذ أسباب السعادة الزوجية وعدم تعكير صفوها لماض تم التوبة عنه، فقد أقرّ النبي صلى الله عليه وسلم -الذي لا ينطق عن الهوى ولو بلفظة غير مناسبة- أن المؤمن، وقد قال المؤمن، قد يسرق ويزني ويقتل ولكنه لا يكذب، والفرق بين القتل والزنى والسرقة وبين الكذب هو توافر الإرادة التامة واستحضار العقل، ففي كل تلك الحالات يكون المؤمن في حالة ضعف وتغييب للعقل تجعله يقع في معصية أو حتى كبيرة من الكبائر يتوب الله فيها عنه لأنه يعرف أنه ضعيف، ولكن الكذب لا يحدث غالباً تحت ضغط شديد من الضعف أو غياب للعقل، لذلك كان إذا وقع أحد المسلمين في حد من حدود الله ويصل للنبي صلى الله عليه وسلم كان يتمنى في قرارة نفسه ويقولها ليسمع البشر من حوله هلا سترت عليه قبل وصوله لي!! رغم أنه وقع في حد من حدود الله! وكذلك حديث المجاهرين الذين يبيتون يسترهم الله بستره لأنه أعلم بهم وبضعفهم ويصبحون يتشدقون بما كان منهم، فهؤلاء وجب عليهم العقاب. أتمنى ألا يتصور أحد من القراء أني أدافع عن الخطأ، ولكني أدافع عن الحكمة التي من شأنها الحفاظ على رباط الزواج واستقراره لمن تاب وأناب لا لغيرهم.
وآية "الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات نزلت في فترة "البحث" عن الشريك أي قبل الزواج، حيث يدعونا الله أن نتعرف قدر الإمكان على طبيعة الشريكين فنجمع بين الطيبين لأنهم أقرب للتفاهم والمواصلة، ونجمع بين الخبثاء -ليس بالضرورة خبيث أي مساحة الشر- لأنهم أيضاً أقرب للتفاهم والمواصلة.
والله المستعان.