اكتئاب مروة م
لا أعلم كيف أبدأ في كتابة مشكلتي، لكن منذ فترة وأنا أتابع هذا الموقع وأرسلت مشكلة من قبل بعنوان "اكتئاب مروة" وتمّ الرد عليّ. قبل أي شيء أحب أن أشكركم على ما قدمتموه لي من مساعدة ودعم وإرشاد، لكني في الحقيقة إنسانة حزينة بائسة نسيت معنى السعادة التي كانت لا تفارقني بتاتاً، أما الآن فأنا محطمة بلا هدف ولا أمل، لا أجد أمامي بصيص من النور حتى أرى منه شعاعاً لأمل بسيط أعيش من أجله.
حاولت بكل ما أملك من قوة أن أخرج من هذه الحالة، منذ 3 سنوات ذهبت لطبيب مخ وأعصاب لم أكن أعلم أنه مرض نفسي، كل ما لاحظته هو فقدان للذاكرة وعدم تركيز لدرجة أني شعرت أني فقدت ذكائي، ذهبت لطبيب مخ وأعصاب وأخبرني أنها صدمة نفسية، أرجوكم حاولوا الاطلاع على مشاكلي التي أرسلتها من قبل، ففيها حالتي بالتفصيل. بعد فترة من الشفاء عاودتني هذه الحالة بدرجة أسوأ من ذي قبل ونصحتموني بضرورة الذهاب لطبيب نفسي، واستمريت على العلاج حوالي سنتين، وبعد فترة من العلاج شعرت بتحسن ممتاز فعاودني نشاطي واسترجعت ابتسامتي، وآخر زيارة لي للطبيب قال لي أن شفائي قد تمّ والحمد لله.
أود أن أخبركم أنه تمّ -والحمد لله- شفاء مخي شفاءً كاملاً، استعدت ذكائي وذاكرتي، وأخبرني الطبيب أن الذكاء يثبت عند سن معين وأن ما أعاني منه هو أعراض نفسية وليست عضوية، وفعلاً عاد كل شيء عضوي فيّ سليم، وذهبت لدار تحفيظ القرآن والحمد لله تقدمت بشكل سريع جداً ومتميز كما كنت معتادة، لكني نفسياً حزينة وبائسة! لا أستطيع القيام بأي مجهود، أي مشكلة أتعرض لها -حتى ولو تافهة- أنهار ولا أستطيع التوقف عن البكاء، تعبت وأصبحت أشفق على نفسي، أرى أن هذه الدنيا لا قيمة لها، لا أريد أن أعيش فيها بكل ما تحمله من غدر وخيانة ونفاق، لا أستطيع ولا أريد التفاهم مع أي إنسان في هذه الدنيا، لا أجد الأمان في أي مكان، ولا أجد الحضن الذي يحتويني.
كل هذا الضعف الموجود بداخلي لا أستطيع أن أبوح به لأي مخلوق، فالظاهر لهم أني قوية ومرحة جداً أحب الضحك، ولكنه تمثيل ليس نابعاً من داخلي… أحياناً كثيرة أشعر أني أعيش في تمثيلية كبيرة مطلوب مني أن أمثل أني إنسانة طبيعية لا يوجد مخلوق أسعد مني، لا أتأثر بأي كلمة تقال لي حتى لو كانت تعتصرني بداخلي، وعندما أتعب أغلق على نفسي وأهرب أحياناً بالنوم، وأحياناً أخرى بعدم الخروج، ومرات أنخرط في بكاء لاإرادي لا أاستطيع التوقف عنه حتى لو كنت في الشارع أو في دار التحفيظ! حزن دفين لا أجد له حدوداً ولا نهاية، أهرب من أي موضوع ارتباط يفتح أمامي ولا أعلم ماذا أريد، أخاف من كل شيء: أحياناً أخاف النزول للشارع.
كل هذه الأحاسيس الداخلية لا أبوح بها لمخلوق، أحس أن لا قيمة لي في هذه الدنيا، كنت أعمل مهندسة في شركة في مجال المبيعات، وأعتقد أن صاحب العمل لاحظ تقلباتي النفسية، ولكن صدمني رغم كل المجهود الذي كنت أقوم به حتى لا أترك العمل -لأساعد نفسي على الخروج من حاله الحزن وأشغل نفسي، رغم أني كنت كثيراً ما أضغط على نفسي فالطبيب النفسي طلب مني المواظبة على العمل- وفجأة قال لي خذي إجازه لأسبوع، قلت له اجعلها إجازة مفتوحة وشكراً منك جداً، وحاول يكلمني أن مرة أخرى فقلت له لا تحاول أن تتصل بي مرة أخرى، حاول أن يكلم أحد زملائي حتى أرجع مرة أخرى ولكن زملائي يعلمون موقفي جيداً، حيث كنت أراعي ضميري في عملي وأضغط على نفسي كثيراً رغم أني كنت أكره هذه المهنة فأنا مهندسة وأريد أن أنمي عقلي وعلمي، لكن دون جدوى، ومع ذلك حاول أن يستغني عني بسبب أن عمولتي زادت وأراد أن يوفرها ويأتي بمهندس مكاني ويأخذ العملاء الذين كنت أتعامل معهم دون أن يدفع عمولة… دنيا عجيبة وناس غريبون؛ بعد تركي للعمل يريد أن يسترجعني فقد جرب غيري.
قررت أن أغيّر طبيعة العمل التي من هذا النوع، لكن حاول مهندس آخر له شركة الاتصال بي وإقناعي بالعمل معه، وفعلاً ذهبت. في أول يوم عمل أصابني صداع شديد وانتهى يومي بنوبة بكاء، ولم أهدأ إلا عندما اتصلت به وقلت له لن أعمل! استغرب جداً لموقفي وغضب مني غضباً شديدا…ً أنا نفسي لا أستطيع فهم تصرفي هذا، لا أستطيع أن أعلم ماذا أريد؟ وأبي دائماً يقاطعني لأتفه الأسباب حتى لا يعطيني مصروفاً، وأحياناً يرضى عني ويعطيني ما أريد!
أشعر بتلاعب بأعصابي وإذلالي لأني في هذا الوقت محتاجة ملصروف شخصي، ورغم أنه واجبه تجاهي كأب. وأتذكر عندما كنت طالبة في الكلية كان يقاطعني ولا يعطيني مصروفاً، وكنت أحرج أن أطلب من أمي وأذهب الكلية دون مصروف وأستدين من زميلاتي، وعندما تعلم أمي تعطيني حتى يرضى عني.. أشعر أني عالة عليهم، أشعر أني لا شيء، آخذ جانباً مع نفسي ولا أتكلم كثيراً، أبكي وأبكي وأبكي ولا نهاية لهذا البكاء.
لا أجد حضناً حنوناً يحتويني وأبتعد عن كل من يحاول الاقتراب مني، لم يعد لي أصدقاء ولا زملاء، أجلس وحيدة في البيت شاردة الذهن، لا أركز في شيء معين، لا أستطيع القيام بأي مجهود مهما كان، أمي تعبت مني وعينها تقول لي أني "لا يوجد عندي رحمة" لأني لا أفعل أي شيء أبداً، حتى أصبحت مهملة في نفسي -رغم أنها ليست طبيعتي-، ولا أهتم بنظافة البيت، ولو فعلت -دون مبالغة- أرقد أسبوعاً في السرير لا أقوم من النوم من التعب والإرهاق. أشعر أني كبرت فوق عمري -30 سنة-، قلبي شاخ ويبكي على حالي، لا أحد يشعر بي إلا ربي.
آسفة على الإطالة، لكن أرجو سرعة الرد عليّ لأني أحتاج مشورتكم. أريد أن أعرف إن كانت هذه الحالة التي لا تنتهي وليدة صدمة أم وليدة تراكمات منذ الطفولة؟. أرجوكم ساعدوني.
22/03/2009
رد المستشار
الباشمهندسة "مروة"،
أرى الحل واضحاً جلياًُ أمام عينيك ولكنك تفرين منه فرارك من الأسد، تشعرين أنك من أشد أهل الأرض حزناً وبؤساً، وإن كنت متأكداً أن هناك الكثير الكثير ممن هم أشد من حالتك بؤساً وعذاباً.
ابدئي فوراً في تناول نفس علاجك السابق للاكتئاب وبنفس الكمية وذلك إن كنت لا تجدين العزم في الذهاب لطبيبك النفسي أو لضيق ذات اليد حالياً. أما لو تغلبت على حزنك وكسلك وعدم رغبتك في شيء فاذهبي فوراً وبلا أدنى تردد لطبيبك المعالج، وأنا متأكد من أنه سيصف لك العلاج المناسب لحالتك، وأعدك أنك ستبدئين في التحسن بعد حوالي عشرة أيام، وستصلين لقمة التحسن في خلال ستة أسابيع من المداومة على تناول العلاج، ولكنني أنصحك هذه المرة ألا تتوقفي عن تناول علاجك الدوائي أبداً ولو نصف حبة يومياً.
المرحلة الثانية (بعد ستة أسابيع من العلاج الدوائي وليس الآن):
ادخلي على منتدى مجانين، قسم نفسي، وستجدين هناك موضوعاً مثبتاً بعنوان تعالوا يا مكتئبين ويا مكتئبات، وتصفحيه وحاولي المشاركة مع غيرك ممن يعانون أسوأ من حالتك بكثير، ومن رأى ابتلاء غيره هان عليه ابتلاؤه كما قيل.
المرحلة الثالثة:
عليك بالعمل المتاح لك ولو مندوبة مبيعات، وأظن أن الخطأ الذي حدث هو عودة الاكتئاب إليك دون إدراكك لعودته، مع عدم متابعتك العلاج مع طبيبك النفسي، وأظن أن الانتكاسة حدثت متزامنة مع أخذك لإجازة لمدة أسبوع من عملك، وحزنك من صاحب العمل ورفضك بإصرار العودة للعمل رغم احتياجك له، وتوسل صاحب العمل لك بالعودة، بعد شعوره بخطأ قراره!!، وكان المفترض عند هذا الحدث الهام هو أن تتوجهي لطبيبك النفسي لاستشارته وأخذ رأيه في أفضل الحلول والاختيارات التي يمكنك أن تأخذي بها.
آحر دعواتي من قلبي لك يا ابنتي بالشفاء العاجل والمستمر بأمر الله تعالى.
وتابعينا بأخبارك.
ويتبع >>>>>>>: اكتئاب مروة م2