فقدت مشاعري اتجاه الناس ..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أشكركم على موقعكم الأكثر من رائع، بارك الله في جهودكم..... لا أعرف كيف أبدأ، لكن سأتكلم عن نفسي وآسفة على سوء التنسيق مقدماً. أنا فتاة عمري 17 سنة مصرية، أقيم في بلد خليجي مع أسرتي، مع العلم أني لم أنتقل إليه سوى من سنتين فقط، لكني عشت سنوات طفولتي الأولى في ذلك البلد. علاقتي مع أسرتي عادية؛. أمي طيبة جداً لدرجة أني أحس أنها ضعيفة الشخصية، لذا أنا لا أحترمها كثيراً في داخلي!
علاقتي بها عادية وأقل من عادية، تلبي كل طلباتي ولم تتأخر يوماً عليّ بأي شيء لكني لا أشعر بحنانها ولا أتذكر أنها حضنتني يوماً بحجة أنني "كبرت" كما قالت.. باختصار حبي لها عادي جداً، بالرغم من أنها من 3 سنوات تقريباً كانت كل حياتي، وكانت تعتبرني صديقتها فعلاً، لكن لا أعلم ما الذي أوصل علاقتنا لتلك الدرجة من البرود! بالنسبة لأبي فهو حنون جداً، كريم لا يتأخر علينا بأي شيء، لكن في نفس الوقت عصبي لأقصى حد، يغضب بسرعة وأيضاً يهدأ بسرعة، وكلامه وهو عصبي يكون جارح جداً، وكما نقول "ما بيشفش إلا نص الكباية الفاضي" كان قاسياً عليّ في صغري- فترة 8-13 سنة تقريباً- حيث أنني كنت في تلك الفترة لا أطاق فعلاً، لكني كنت طفلة! كانت كلماته جارحة ومهينة وما زالت تتردد في أذني إلى الآن، ولا أعتقد أنني سأستطيع نسيانها.. باختصار علاقتي معه تتسم بالبرود أيضاً!.
ترتيبي في إخوتي الكبرى وعندي 3 أخوات أصغر مني، وعلاقتي معهن لا تقل سوءاً عن علاقتي مع أبي وأمي. مستوى أسرتنا المادي والاجتماعي مرتفع والحمد لله. تمت خطبتي في الصيف الماضي -بموافقتي طبعاً- وأنا الحمد لله سعيدة بتلك الخطبة، فخطيبي إنسان رائع وملتزم، مستواه مرتفع وفيه كل صفات فارس أحلامي، سأتزوج بإذن الله بعد سنتين وسأكمل الجامعة وأنا متزوجة. بالنسبة لمستوى التزامي؛ أسرتي ملتزمة جداً والحمد لله، أرتدي النقاب من الصف الأول الإعدادي -برغبتي-، كنت مثالاً للفتاة المسلمة، لكن الآن حتى الصلاة غير منتظمة فيها وأشاهد أفلاماً وأسمع أغانٍ.. الشيء الوحيد الذي يربطني بالالتزام هو النقاب! ولا أعرف كيف انحدرت هكذا..
شخصيتي طفولية جداً وخجولة ومدللة، أعشق قراءة وكتابة الشعر والأدب. شخصيتي تلك تسبب لي مشكلة مع أبي؛ أنا في نظر الناس أملك كل مقومات السعادة أسرة رائعة -في نظرهم-، مستوى مرتفع، مخطوبة، متفوقة، على قدر كبير من الجمال، لكني لا أشعر بالسعادة مطلقاً! بل أنا لا أشعر أصلاً لدرجة أني بدأت أشك في عقلي! لا أحس أني حية، لا أعلم كيف أصف شعوري لكن لا شيء له معنى! أشعر كأني أراقب الناس، أتكلم معهم وأضحك لكني لا أراهم -اسمح لي أن أتكلم بالعامية قليلاً- "حاسة اني مش عايشة في الدنيا.. كل حاجة أقول جوايا "مش فارقة".. دائمة البكاء.. عيني تدمع من أي شيء وبسرعة.. مافيش حاجة بقت تهمني في الدنيا.."
فقدت مشاعري تجاه معظم الناس، حتى أحب الحاجات لقلبي ما عاد لها معنىً، وصرت كسولة جداً، حتى دراستي التي كنت أعشقها ما عدت أهتم بها، هل نجحت في إيصال شعوري لك؟ بحثت على النت ووجدت أن ما أشعر به ربما "اكتئاباً خفيفاً"، لكني لم أتعرض لصدمة أو أي شيء، وشهيتي للأكل عادية ونومي منتظم، فقط أصابتني تلك الحالة فجأة -من شهرين تقريباً- وحين أخبرت أمي بحالي قالت لي أني أضخم الأمور و"أبطل هبل"، وأن أتوقف عن دخول المواقع النفسية لأنها تدفعني للتوهم، وأن عائلتنا ما كان فيها يوماً مجانين "انتي حتطلعي مجنونة لمين؟!" أمي تعتبر اضطراب نفسي بمثابة جنون، لكني لست كذلك ولم أبحث سوى لأني أريد فعلاً معرفة ما بي!.
هناك شيء آخر: أنا تقريباً شاذة! أو ربما مزدوجة -ربما اسمها كذلك- أي أنجذب للجنسين عاطفياً فقط، فأنا أكره الجنس بل وأتقزز من مجرد تخيله، وأحاول دائماً أن أقنع نفسي أن من أحب -من أهلي أو معلماتي- لا يمارسونه! لا أعلم أشعر أنها رغبة حيوانية لم يكن من المفترض أن توجد في الإنسان! هل هناك أمل في تغيري بعد الزواج؟.
المهم، قصتي بدأت بفتاة تعرفت عليها -منذ 3 سنوات تقريباً- عن طريق النت من منتدى إسلامي، هي والحمد لله ملتزمة وكانت علاقتي بها في الله، لكن قدر الله أن أقابلها في مكة وليتني لم أقابلها! كانت حنونة جداً أو ربما "رومانسية"، أمسكت يدي وأخذت تتحسسها بطريقة غريبة وأخبرتني أنها تحبني جداً ولن تتركني أبداً، ورغم أني قضيت معها 3 ساعات تقريباً إلا أنه لم يحدث بيننا سوى كلام حب.. فقط! لكن -ومنها فقط- لا أعلم هل هذا شيء عادي بين الأصدقاء؟
المهم أنه حتى لو عادي وكان كلامها بنية حسنة لكن من يومها وأنا كلما أفكر فيها أشعر بشعور غريب، أعتقد أنه يسمى "انقباض في المهبل". استمر حديثي معها عبر "المسنجر" وفعلاً علاقتنا أروع علاقة، وهي تؤكد لي دائماً أن علاقتنا في الله، ودائماً تنصحني وتوقظني عن طريق الموبايل لقيام الليل، لكني لا أحس أن علاقتنا في الله! كان الشيء الذي يطمئنني أنني لن أصبح شاذة لأنه لن يتطور الأمر بيننا أكثر من "مجرد كلام". لكن المشكلة الكبرى أنني من شهر تقريباً تعرفت على صديقة من المدرسة -مع العلم أنه لم يكن لدي صديقة مقربة منذ أن انتقلت من مصر- هي حنونة جداً بطبعها لكن دائماً تمسك بيدي، تضع يدها على كتفي ونحن نسير معاً، والمشكلة أني أحس بـ "ذلك الشعور الغريب" كلما تشابكت يدانا أو عند لمسها لي ولو عن طريق الصدفة... يقتلني هذا الشعور، فهل أنا فعلاً شاذة؟ وماذا أفعل مع صديقتاي فأنا لا أتخيل حياتي دونهما؟ وهل ستنتهي مشكلتي بعد عقد قراني -في شهر 6 القادم بإذن الله- لأنه لا يُسمح لي بالتكلم أو الجلوس مع خطيبي وقت الخطوبة! لا أعلم هل للمشكلة الثانية علاقة بالمشكلة الأولى؟.
آسفة جداً على الإطالة، لكني أحببت أن أذكر كل ما لدي لعله يفيد في التشخيص، وأتمنى ألا تقول أن أذهب إلى طبيب نفسي لأن أمي ترى أنهم ومن يذهب إليهم مجانين! سأتغلب على الأمر بإرادتي بإذن الله.
جزاكَ الله كل خير على تحمّلي.
ابنتكم.
22/03/2009
رد المستشار
ابنتي،
سنك سن حرج ودّع الطفولة منذ خمس سنوات ولكنه لم يصل بعد للنضج، وحتى يستقر الإنسان في هذه السن يحتاج لقوة إرادة وفهم يتمكن معه من الوصول لبر الأمان، وسأوضح لك لتفهميني.
في سنك يحدث تقلب شديد في المشاعر ويعاد التفكير في كل ما نتصوره مسلمات ونُسمي الأشياء ونقيم الأشخاص من جديد، فتجدي أمك الطيبة جداً امرأة ضعيفة الشخصية!، وبعد أن كنت تحبينها جداً منذ ثلاث سنوات (كنت طفلة) تجدين الآن أنها لا تستهويك ولا تحترمين ضعفها!، ووالدك الذي يخرج عن شعوره في صغرك فيجرحك بكلماته، تختاري الآن أن تقطعي أواصر العلاقة معه فتبرد وترفضي رفضه لك فتفضلي أن تكوني وحيدة بعيدة عنهما، فيزيد لديك احتياج الحب والحنان والاهتمام ولكنك لا تجدينه لدى والديك أو كهذا اخترت، فحين يمد لك أي شخص حتى لو كان الشخص "أنثى" أي بادرة اهتمام وحنان تنساقي وراء احتياجك فتختلط لديك المشاعر والرغبة الجنسية التي قد أطلت برأسها عليك لأنها أيضاً من طبيعة سنك!.
والآن أوضح أكثر فأقول لك:
- كفّي عن لعبة "لا أحد يفهمني" وأن بابا وماما ليسا جديرين باهتمامي أو حتى محاولة التقرب منهما فهي لعبة خطرة، وانتبهي أنهما الوحيدين اللذين سيعطيانك الدفء والحنان الحقيقي دون مصلحة أو مقابل أو لأنك شخصية تعجبهم! فقد تخونهما بعض التصرفات التي لا تتناسب مع شخصيتك وخصائص سنك الآن، فهما لم يحصلا على دكتوراة في التربية -مثل آلاف الآباء- لكنهما حتماً يحبانك أكثر من أي مخلوق، فلا تهدري حبهما وتنظري من وجهة نظر ضيقة لتبرري لنفسك معاناتك، وفكري لدقيقة واحدة بإنصاف ماذا قدمت أنت لهما؟ هل قدمت التفاهم والقرب حسب شخصياتهما؟ أم تنتظري دوماً أن تأخذي رعاية دون أن تحافظي عليها بالود والقرب والتسامح؟.
- أنت تعانين فعلاً من أعراض الاكتئاب؛ فليس الاكتئاب فقط هو أن تضطرب شهيتك أو نومك، ولكنك لا تستمتعين بالحياة، وتفقدين شعورك بالأفراح، وتبكين كثيراً، وكسولة، فكلها أعراض اكتئاب! وأكرر مرة أخرى أن في فترة المراهقة مع وجود بعض الضغوط يحدث اكتئاب منطقي جداً في تلك المرحلة نتغلب عليه بالتفكير المنطقي في الحياة من حولنا وبالمحاولات المستميتة بفعل ما كنا نحبه قبل الاكتئاب حتى وإن كنا كارهين، فكسر دائرة الاكتئاب حتى لا يصل لدرجة تدخل طبي هو أن ألقي بنفسي وسط البشر في علاقات اجتماعية منضبطة ودراسة وهوايات وأقوم بفعل ما كان يجلب لي السعادة من قبل، ولديك مواهب كثيرة ومتعددة يمكنك تنفيس طاقتك النفسية فيها كالشعر والأدب أو الرياضة وغيرها، فلتقاومي تلك المشاعر قبل أن تلتهمك.
- أما موضوع صديقتيك؛ فأرجو ألا تملّي مني حين أقول لك أن ما يحدث لك سببه هو أيضاً مرحلة سنك وفقدك لمشاعر الحنان والاهتمام، ففي هذه السن تضطرب المشاعر وتختلط وغالب المراهقين يمرون بتلك المواقف أو تلك اللحظات وتلك العلاقات ولكن الأغلب يمر بها بسلام بعد وقت قليل، بمزيد من شعور المسؤولية تجاه أنفسهم وتدينهم ورغبتهم في عدم فقد احترامهم لأنفسهم، ولا ينقصك من هذا شيء وأتصور أنه ببعض التفكير بتؤدة فيما قلت واتخاذ بعض المحاذير في الحديث معهما أو التواصل اللفظي والجسدي ووضع ضوابط لنفسك ستحمي نفسك كثيراً من الوقوع في شرك الشذوذ لأنه يبدأ بشذوذ المشاعر، وحينها ستجدين نفسك أقبلت بمشاعرك الطبيعية والمقبولة تجاه خطيبك الذي سيصير زوجك بعد قليل إن شاء الله، فهو ليس له مساحة من المشاعر حتى لأنكما لم تقتربا من بعضكما حتى الآن.
وأخيراً، أريد أن أنبهك أن لعلاقتنا بأنفسنا ساعة صفر حينها نقرر ماذا نريد أن نكون، وماذا نرضى لأنفسنا، فلو تخاذلنا قد نخسر أنفسنا لفترة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه، فلتتعاملي مع نفسك بمزيد من النضوج والمسؤولية تجاه نفسك وتجاه والديك، وستجدين خيراً كثيراً إن شاء الله.