السلام عليكم؛
أهنئكم على هذا الموقع أنا أود مساعدتكم إن أمكن
فأنا عنيد وأريد أن أتخلص من هذه الظاهرة.
15/12/2003
رد المستشار
أخي العزيز........ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا لك على رسالتك الموجزة والمحددة، وأرجو أن يكون الرد كذلك.
العناد سلوك مكتسب من البيئة المحيطة، وهناك عوامل كثيرة تؤدى إلى اكتسابه نذكر منها: –
أن يكون أحد الأبوين أو كلاهما عنيدا، وهنا يتعلم الطفل هذا السلوك بالتقليد، خاصة إذا كان العناد يعتبر قيمة عندهما أو عند أحدهما، فمثلا هناك بعض الآباء يفخرون أن كلمتهم"لا تنزل الأرض" بمعنى أنهم لا يتراجعون عن رأيهم "حتى لو انطبقت السماء على الأرض"، وهم يعتبرون ذلك ميزة ويعتبرونه نوعا من الثبات على الرأي، وهو في الحقيقة نوع من تصلب الرأي والمكابرة، ينم عن ضيق أفق وجمود في التفكير.
وهناك ما يسمى بلعبة العناد بحيث يأخذ أحد لعبة من طفل ثم يرفض إعطاءها له مرة بعد مرة وهو يستمتع بانفعال الطفل وكلماته العفوية لحظة غضبه وهذه لعبة ربما تحدث مع كل الأطفال ولكن المبالغة فيها تضع بذور سلوك العناد لدى الطفل.
والعناد نوع من العدوان السلبي لأنه يؤدى إلى مكايدة وغيظ الآخرين، والشخص العنيد يستمتع بذلك سواء بوعي أو بدون وعى، والعناد نوع من الكبر حيث أن الشخص العنيد يعتبر رأيه صوابا دائما ورأى الآخرين خطأ دائما، ومن هنا لا يستجيب إلا لرأيه هو فقط بصرف النظر عن صحته أو خطئه، ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبر قال: "إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم.
والعناد فيه تقليل من شأن الناس ومن رأيهم، وفيه ابتعاد عن الحق واعتداد بالرأي الشخصي حتى ولو كان باطلا، والشخص الناضج لديه القدرة على التفكير المرن ودراسة الاحتمالات المختلفة والاختيار من بين البدائل المطروحة أمامه، ولديه الثقة بنفسه لأن يتراجع عن رأيه إذا اكتشف أنه خطأ وهذه من علامات الصحة النفسية، ولنتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أقربكم منى منزلا يوم القيامة الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام: "رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البخاري.
وحتى إذا أقسم الشخص أن يفعل شيئا ووجد غيره خيرا منه فمن الواجب شرعا أن يفعل الخير ثم يكفر عن يمينه، فالسماحة والمرونة والتواضع واحترام آراء الآخرين فضائل دينية وعلامات صحة نفسية، وبما أنك اعترفت بعنادك، فأنت لديك بصيرة به ولا تحبه، وبما أنك تسأل عن كيفية التخلص منه، إذن فقد قررت بدأ العلاج، وما تم هو نصف الطريق نحو العلاج (البصيرة والقرار) ويبقى النصف الآخر والأهم وهو التنفيذ.
وبما أن العناد سلوك مكتسب فتعديله ممكنا، ولكن لأنه صاحبك مدة طويلة لذلك نتوقع أن يأخذ وقتا للتخلص منه ولا بأس في ذلك فطالما نويت ولديك العزيمة والصبر فسوف تتخلص من هذه الصفة المذمومة إن شاء الله.
حاول في كل المواقف أن تتذكر بأنك تقوم بنوع من العلاج السلوكي الذاتي للتخلص من هذه الصفة التي لا تحبها في نفسك، وبالتالي ستحاول أن تقنع نفسك بقبول رأى الآخرين واحترام وجهة نظرهم، وسيساعدك على ذلك نظرات الرضا التي سوف تراها في عيون من تتعامل معهم، وسوف يعود عليك ذلك حبا وتعاونا من جانبهم بدلا من الغيظ الذي كان يسببه عنادك لديهم من قبل.
كافئ نفسك ماديا أو معنويا كلما نجحت في التغلب على أي جزء من عنادك، وتذكر دائما أنك تبذل جهدا للتخلص من سلوك مرضى واستبداله بسلوك صحي وفضائل أخلاقية ودينية، واصبر على ذلك حتى تحقق هذا الهدف، وبما أن العناد نوع من العدوان السلبي على الآخرين لذلك نتوقع منك أن تتسامح مع الناس وتغفر لهم زلاتهم (الحقيقية أو المتوهمة)، وبذلك تقل حاجتك لغيظهم أو مكايدتهم، وتذكر قول الإمام الشافعي: "قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب".