الوسواس القهري برنامج علاجي فقهي سلوكي
شكراً،
السلام عليكم جميعاً،
قمت قبل فترة بإرسال رسالة ورددتم عليها، وتضمنت الرسالة ما أعانيه بسبب الوسواس القهري، وأن زوجي يرفض مراجعة العيادة النفسية بشكل قاطع، وقد رددتم عليها مشكورين وطلبتم تفصيلاً لحالتي.
الوسواس معي منذ 6 سنوات تقريباً:
1- ألجأ للعد لأنظف أي شيء، حتى دخولي للحمام، وهذا منذ نحو العامين (العد).
2- أكرر وأعيد في تكبيرة الإحرام للصلاة كثيراً.
3- أشك في الصلاة كثيراً: الركعات، السجود، القراءة...
4- عند خلودي للنوم أتأكد من قفل الباب عدة مرات وهذا يرهقني جداً جداً.
5- أتعب عند الوضوء كثيراً وأقف أمام المرآة وبودي تكسيرها من حالتي الرديئة.
6- منذ فترة (9 أشهر) أصبحت أود التأكد من شخص إذا ما قد أقيمت الصلاة مع أني كنت قد سمعته، لا أدري لماذا؟.
7- عند اقتراب وقت الصلاة أصاب بتوتر وضغط شديد أكاد يغمي عليّ منه، وعند اقتراب أذان الظهر ألجأ للنوم ثم أستيقظ بنصف ساعة أو أكثر.
8- عند استعدادي للوضوء أصبح كالمربوطة في الغرفة! أود أن أبتدئ بالوضوء لكن لا أدري.. شيء ما يمنعني، حالة متعبة جداً.
9- عند الاغتسال لغسل واجب أطيل كثيراً لدرجة إسراف الجالونات من المياه لأتأكد من الغسل الصحيح مع أني أرى الآخرين لا يتجاوزون العشر دقائق وأنا أصل لساعة.
آسفة أرسلت مشكلتي عبر هذا المنبر وفي هذا الوقت، ولكن كل ذلك بسبب ظرفي الصعب، وأنني فعلاً تعبت وأريد الراحة والخلاص والعيش بطريقة طبيعية. كلما خرجنا لمنتزه أو أي مكان يكون شغلي منذ الخروج من البيت هو كيف سأتوضأ وكيف سأصلي وأين؟! حياة متعبة مملة، أنا تعيسة دائماً أنظر للآخرين عندما يصلون وأقول لنفسي أنهم أفضل مني بكثير، متى سأصبح مثلهم؟. ابنتَيّ تتعرضان للإهمال (خاصة أثناء غياب والدهما) حينما أستعد للصلاة وأصلي.
آسفة مرة أخرى ولكن أتمنى الجواب بسرعة لمساعدتي على الشفاء. قرأت كثيراً في موقعكم عن حالات أحسست أنها تتكلم عني أنا ولكن طريقة العلاج لم أستوعبها تماماً، خاصة بعد مرحلة تحديد المشكلة وتوزيع الدرجات عليها!؟.
لكم كل الشكر، وموفقين لكل خير.
24/3/2009
رد المستشار
السلام عليكم، أختي الكريمة "أم ماريا"،
شكراً على تواصلك معنا، وأرجو أن يكون لك في ذلك الخير والشفاء.
بداية أقول لك خففي من همك وقلقك، فأمر الوسواس القهري –رغم إزعاجه- ليس مرعباً ومقلقاً لهذه الدرجة التي تتخيلينها، فهو مرض قابل للتحسن والشفاء بإذن الله، ولكن بشرط أن تتجهزي جيداً لعلاجه، وذلك يكون:
1- بمعرفة أن ما أنت فيه وضع غير طبيعي وعليك الخلاص منه، وهذا أمر أنت تدركينه تماماً والحمد لله.
2- أن تكوني جادة وحازمة في طلب العلاج مهما كلفك ذلك.
3- أن تتحلي بالصبر مهما طالت الفترة التي تعالجين فيها مرضك، وقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه: ((واعلم أن النصر مع الصبر)).
4- ألا تدعي لليأس مجالاً للدخول عليك مهما فشلت محاولاتك، بل ليكن موقفك من هذا المرض العنيد موقف تحدٍ. واعلمي أن من طبيعة هذا المرض أن يعود بعد أن يذهب فلا تخافي وابقي متيقظة له دوماً.
5- أن تتثقفي جيداً بطبيعة هذا المرض وأعراضه وتكثري القراءة عنه حتى تكوني على بصيرة من أمرك واستعداد لكل ما يمكن أن يصادفك، وهذا على ما أظن يخفف من قلقك تجاه هذا الموضوع. وأحيلك إلى ما كتب في طيف الوسواس القهري في هذا.
6- استعيني بالله دائماً وحاولي تشجيع نفسك بأن تعددي كل يوم الانتصارات التي حققتها على هذا المرض، وأما ما فشلت فيه فقولي: هذه المرة غلبني الوسواس، لكن في المرة القادمة سأريه ما أنا صانعة به! أعني أبقي موقفك موقف تحدٍ دائماً.
7- لا تنتظري تشجيع الآخرين فقليلاً ما يجد الموسوس من يشجعه ويعينه ولا ينظر إليه نظرة ازدراء، وإن لامك أحد فلا تغضبي منه لأنه يفعل ذلك من باب الشفقة عليك والنصح لك، ولا يدرك ما أنت فيه من المعاناة.
ومن خلال رسالتك يمكن أن ألخص معاناتك في: البطء في أداء الفعل، التأكد من الفعل وتكراره. ويتجلى بطئك في: تأخرك في الذهاب للوضوء، ووقوفك الطويل أمام المرآة. كذلك لجوؤك للنوم قبل الصلاة هروباً من أدائها. وأحس من خلال كلامك مدى ثقل الفعل عليك. لهذا حاولي التقليل من فترة الانتظار والتأخر، وحاولي أيضاً تخفيف الفعل. بالإضافة إلى عدم الاستجابة للوسواس.
فعندما يحين موعد الصلاة أو الوضوء:
أ_ لا تدعي لنفسك فرصة للتفكير أبداً فيما أنت مقبلة عليه، قولي لنفسك بحزم: (أنا أريد أن أذهب للوضوء الآن) وانهضي من فورك.
ب_ عند وقوفك أمام المرآة قولي: (يجب أن أبدأ الآن)، وافتحي صنبور المياه فوراً.
ج- استعيذي بالله وابدئي الوضوء واطردي فكرة: (ماذا لو أخطأتُ، سأخطئ حتماً، لا أريد أن أخطئ، مللت من إضاعة الوقت في الحمام...).
د- افعلي فرائض الوضوء فقط دون السنن، واغسلي أعضاءك مرة واحدة فقط! قد تشعرين بالرعب في بادئ الأمر لهذا الوضوء المختصر ولكنك ستشعرين في نفس الوقت براحة كبيرة عندما تجدين الوضوء سهلاً وينتهي بسرعة مقارنة مع ما سبق.
ج_ مهما عرض لك من شك في غسل الأعضاء فأكملي وضوءك على أنك غسلتها فعلاً ولا تعيدي.
بنفس الطريقة:
- قومي للصلاة فوراً، وقاومي رغبتك في التأكد من الأذان، فأسوأ شيء يمكن أن يحصل إن لم تتأكدي أن تسمعي الآذان وأنت تصلين فتقطعين صلاتك وتستأنفيها داخل الوقت. فالأمر سهل ولا يترتب عليه خطورة كبيرة!
- قبل أن تبدئي استعيذي بالله من خِنزب (شيطان الوسواس في الصلاة) واتفلي ثلاثاً عن شمالك.
– ثم كبّري، واعلمي أن تكبيرك صحيح ومقبول على أي وجه قمت به. بدليل: أنك مهما كبرت تشعرين أنك مخطئة، إذن في كل مرة تعيدين التكبير فيها تخطئين (حسب شعورك مع أنه كاذب)، إذن فأنت لا تستطيعين التكبير أفضل من ذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فالمرة الأولى (التي تظنينها خاطئة) هي عبارة عما تستطيعين القيام به في كل مرة وهو المقبول منك.
- كذلك: من المعروف أن الشعور الوسواسي شعور كاذب، لهذا فأنت أكيد قد كبرت بشكل صحيح ولكن لم تشعري بذلك، فلا يهمك هذا الشعور لأن الله يعلم أنك قد كبرت بشكل صحيح.
- أيضاً: من الأحكام التي تتعلق بالموسوس أنه إذا عرض له الشيطان وقال له ما كبرت: يقول في نفسه: بلى كبرت، ويكمل صلاته! إذن فكما ترين صلاتك مقبولة وصحيحة وإن لم تعيدي التكبير فلا تتعبي نفسك في الإعادة.
- إذا غلبتك نفسك وقطعت الصلاة لتعيدي التكبير فلا تسمحي لنفسك بالإعادة أكثر من مرة واحدة، لأن الأمر كما ترين لا ينتهي ومهما أعدت سيظل الوسواس يلاحقك، فافهمي حيله من أول الأمر ولا تهتمي له.
– افعلي نفس الشيء مع كل الوساوس التي تعتريك، إذا شككت في عدد الركعات هل هي ثلاث أو أربع، فقولي: لقد صليت أربع، وأكملي صلاتك، وإذا شككت في الركوع أو السجود، قولي في نفسك: لقد ركعت، أو لقد سجدت وأكملي. وهذا مقبول عند الله بل هو الحكم الواجب في حقك.
- لا تخافي من عدم تركيزك في الصلاة أو عدم خشوعك، فهذا غير مهم الآن وغداً عندما تتحسن الأحوال سيختلف الأمر معك تماماً.
- كذلك لا تهتمي إذا لم تستطيعي تطبيق كل هذه الأمور جميعها دفعة واحدة، فكما قلت لك الأمر يحتاج إلى صبر وجلد، فقد تنجحين مرة وتفشلين أخرى لكن باستمرارك سيزداد عدد المرات التي تنجحين فيها. وبعد كل وضوء أو صلاة سجلي إنجازاتك، وأخبري طفلتيك بذلك، قولي لإحداهن (وإن لم تفهم عليك): أنا اليوم أنهيت الوضوء في خمس دقائق بدل ثمان دقائق –مثلاً-! أو: أنا لم أعد التكبير هذه المرة سوى مرتين، وعادة كنت أعيده أكثر من ذلك! قولي كذلك: أنا إن شاء الله في الصلاة القادمة سأكبر مرة واحدة فقط، وانتظري الصلاة القادمة بشوق من أجل أن تثبتي فيها أيضاً أنك ستقاومين. ستقولين: ماذا لو فشلت؟ أقول: هذا لا يهم، لأنك أكيد في المرة التي بعدها ستحققين انتصاراً وستثبتين لنفسك أنك قوية! لا تيأسي خاطبي نفسك بهذه الطريقة وسترين نتائجها الطيبة.
- لتفصيل أكثر في أحكام الوساوس الدينية ارجعي إلى مقالات (منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري 9-10-11). وكلما وجدت نفسك ضعفت أو راودك الشك في صحة ما تفعلين أعيدي قراءة هذه الطريقة العلاجية، والمقالات أيضاً وذكري نفسك بمضمونها.
بالنسبة لاغتسالك: ادخلي الساعة معك وسجلي كم من الوقت تبقين في الحمام، في الاغتسال القادم حاولي إنهاء اغتسالك قبل خمس دقائق من المعتاد، استمري على ذلك أسبوعين ثم أنقصيها خمس دقائق أخرى. سجلي كم مرة استطعت تطبيق هذا العلاج في كل أسبوع. بعد ثلاثة أشهر من تطبيق هذا البرنامج أدخلي كمية من الماء الساخن معك إلى الحمام وألزمي نفسك بالاغتسال به دون زيادة، ودون استخدام رشاش المياه. أيضاً سجلي كم مرة استطعت الاستغناء عن الرشاش، أو ما هي الأعضاء التي غسلتها دون اللجوء لاستخدام الرشاش وأخذ كمية زائدة من الماء.
أما التأكد من إغلاق الباب: فحاولي التركيز عند إغلاقك له، فبعد أن تغلقيه قولي: الباب مغلق، فإذا جاءك الشك تذكري أنك قمت بذلك وقلت لنفسك: الباب مغلق، لا تسمحي لنفسك بالتأكد أكثر من مرتين. واعلمي أن الله هو الذي يحفظ العبد وليس قفل الباب.
وهناك مسألة في غاية الأهمية يا أم ماريا هي أن عقل الموسوس يشك في أداء الفعل من عدمه بعد أداء الفعل وليس قبل أداء الفعل... قولي لنفسك إذن عند الشك ما دمت أشك فهذا يعني أنني فعلت وأنهي الأمر بذلك.
يمكنك استخدام قضية التركيز في كل ما سبق أيضاً بأن تنتبهي عند مسح رأسك مثلاً، أو عند قيامك للركعة وتقولي في نفسك عند قيامك بالفعل: قد مسحت رأسي، أو هذه هي الركعة الثانية، وما بعدها ستكون الثالثة، وهكذا.... ويمكنك اختيار أهم الوساوس لديك لتبدئي بعلاجه قبل غيره إن وجدت أن معالجة الجميع في وقت واحد مرهق بالنسبة لك. واصبري على ما تشعرين به من قلق في البداية لأنه سيزول شيئاً فشيئاً.
بقيت مسألة العد عند التنظيف وغيره، لم أفهم قصدك من ذلك فحبذا لو أوضحت لي ما تقومين به، وما السبب في قيامك به برأيك؟
إذا سجلت جدولاً بأعمالك حبذا لو أطلعتني عليه. ويمكن أن يكون على الشكل التالي واطبعي الجدول إن شئت واستخدميه بنفس الطريقة (بعد أن تجري التعديلات المناسبة لك على الصفوف الموجودة فيه):الوضوء:
طبعاً هذا مثال على كيفية كتابة الجدول، وأعني بعدد المرات في الحقل الأخير: إذا قمت بغسل وجهك مرة ويدك مرتين ورجلك أربع تكتبين: 1-4، يعني أقل عدد من المرات وأكثر عدد، وهكذا....
الصلاة:
وأقصد بعدد المرات التي استجبت فيها: لو جاءك الوسواس في صلاة الفجر خمس مرات (في أشياء مختلفة ركوع، سجود، نية...) استجبت لوسواس النية والركوع وقطعت الصلاة أو أعدت الفعل، سجلي 2، وباقي المرات استطعت التغلب وعدم الاستجابة وإمضاء صلاتك كما هي اكتبي 3 وهكذا....
الاغتسال:
إغلاق الباب:
أرجو أن تقومي بتطبيق الأمور التي ذكرتها لك، ثم تطلعيني على النتائج بعد شهر لنتابع الأمر سوية.
أسأل الله لك الشفاء العاجل وهدوء البال.
وفقك الله، وتابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>>>>>>>الوسواس القهري برنامج علاجي فقهي سلوكي م