السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أتمنى من المستشارين سعة صدر والاهتمام بمشكلتي، التي لا أستطيع تصنيفها تحت أي نوع لكني أظن أني أعاني اكتئاباً شديداً. أنا كنت مرتبطة عاطفياً بإنسان مهذب جداً لمدة 4 سنوات وانفصلنا من وقت قريب، هو يظن أنه ليس مناسباً لي وأنه لا يستحقني، صحيح أن الفرق الاجتماعي بيننا موجود، فوالداي في وظيفة مرموقة اجتماعياً، لكن أهله على قد حالهم، لكن هذا لا يشكل مشكلة بالنسبة لي، فأنا أحبه كما هو ومصرّة عليه، لكنه صمّم واستطاع الابتعاد عني مع كل محاولاتي للبقاء إلى جانبه. هو مسافر خارج مصر منذ سنتين أو ثلاث وبقينا خلالها على اتصال حتى عاد في إجازة، رفض الاستمرار في علافتنا وعاملني بخشونة وأهانني -رغم اني لم أخطئ في حقه- وشتمني وقال عني أشياء سيئة ما قالها قبلاً، ولا أدري كيف تجرأ على فعل ذلك؟! وكيف هنت عنده لتلك الدرجة؟!.
لقد تعبت جداً يا دكتور من هذه المسألة؛ أحبه جداً جداً وهو كذلك يحبني، لكن لا أدري ماذا طرأ ليتغير! أظنه ملّ من وضعنا هذا. فرق السن بيننا ليس كبيراً لذلك فأمامه وقت طويل ليستعد ويتمكن من طلب يدي ويرضى طلبات أهلي، والمشكله أن أهلي يريدون لي أطباء وأساتذة جامعات ومناصب... وهو لا يملك شيئاً من هذا ولن يتمكن من الحصول عليه حتى لو جمع مالاً في سفره، فقرر أن نبتعد للأبد، علماً بأنه كان يقول في السابق أنه لا يريد أن يخسرني ولا أن يبعد عني، وأنه تعب ويفكر في موضوعنا كثيراً وأن مليون رجل يتمناني أحسن منه.
سأجن يا دكتور؛ بدأت أشك في نفسي وفي حبه لي وفي ما كان بيننا، وإن كنا نعشق بعضنا. هو كلّم أهله وتشاجر مع أبيه لأجلي لأنه -أباه- لا يوافق على ارتباطه بي لأني كنت أتصل بهم وأكلم أخواته البنات وأمه، فأخذ فكرة سيئة عني. أنا ما زلت أحبه ومحتارة فيما أفعل، كان لنا أحلام سوية ببيت واحد وأولاد... لا أتخيل نفسي مع رجل غيره ولا أريد أن أكون مع سواه. قلت أتركه هذه السنة ليفكر ثم أعاود الاتصال به، فقد يشتاق لي ونعود كما كنا.
أرجوكم حاولوا فهم القصة بكل أبعادها وتفهم بمشاعري، لا أدري أستطيع نسيان من كنت في يوم من الأيام في حضنه؟ لقد كان يخاف عليّ جداً، فلم نتواعد في نادٍ مثلاً كما يفعل الشباب، تعارفنا في الجامعة، هو أكبر مني لكن من محافظة أخرى لذلك كانت لقاءاتنا قليلة. الألم يعتصر قلبي، كان رقيقاً جداً ومهذباً ولا أعرف كيف تغير فجأة، أحس أنه يتصرف على هذا النحو ليحملني على كراهيته، ففي كل مرة يحاول الابتعاد استمر في الاتصال به حتى يضعف ويرجع للحب ثانية...
أشعر أني فقدت الإحساس يا دكتور بعد هذا الموضوع، لم يعد يهمني شيء حتى دراستي التي كانت كل همي باتت ثانوية بالنسبة لي، وما عدت أحب عملي كالسابق، وتأخرت في البحث رغم أني كنت طالبة متفوقة والأولى على دفعتي دائماً!.
أيضاً بعض الأمر التي ربما لست ذات علاقة بالموضوع لكن سأذكرها:
أشعر أن عندي رغبة كبيرة في الجنس؛ منذ صغري -للأسف- أمارس العادة السرية، لم أعرف أنها خطيئة أو مضرة، وأمارسها حتى الآن لكن قليلاً جداً فقد صرت أتحكم في نفسي أكثر بعدما عرفت أنها حرام، لكن أستطيع الإقلاع عنها تماماً. أتمنى أن أمارس علاقة جنسية حلالاً -بالزواج طبعاً- لكن للأسف لا أريد أن أتزوج في الوقت الحاضر لعدم وجود استعداد نفسي أصلاً، وحتى لو أردت فليس إلا شخصاً بعينه وهو حبيبي -الذي حكيت عنه- يعني لا أريد الزواج لإشباع رغبة جسدية فقط كالحيوانات.
أتضايق من نفسي جداً حين أمارسها، وأتمنى حينها أن يكملها معي لنكون طبيعيين لكن ليس بيدي حيلة حالياً للأسف. لا أدري إن كنت طبيعية أم أن العادة أثّرت على إمكانياتي كأنثى، أنا خائفة ومرعوبة... لقد قال لي دكتور سيكسولوجست ألماني كنت أتابع معه عبر النت أني طبيعية -طبعاً بعد أن عرضت له صوراً لتلك المنطقة- لكني أحتاج علاقة جنسية طبيعية وبسرعة لأن الأعضاء مع تقدم العمر تفقد كفاءتها، يعني باختصار الحل هو الزواج سريعاً!! أنا كنت صريحة جداً وأردت إيضاح كل شيء تقريباً.
والدي ووالدتي مسافران للعمل؛ ماما منذ 4 سنوات وبابا سافر هذه السنة، ربما كان لذلك أثر على نفسيتي! ماما ليست من النوع الذي أستطيع مشاركته بمشاكلي لأننا بصراحة لسنا صديقتين، فلا يمكنني إطلاعها على مشكلتي مع حبيبي ولا عن مشكلتى النفسية ولا الجنسية.
أرجوكم أفيدوني فقد تعبت جداً، قررت مراجعة طبيب نفسي بعدما مللت الشكوى لأصدقائي، لكني لم أجد الطبيب المناسب بعد. أرجو الله أن أن أجد رداً منكم بسرعة، أرجو أن تحاولوا فهمي وفهم مشاكلي المتداخلة. أنا لست بنتاً منحرفة أو غير مؤدبة، والله أنا إنسانة ملتزمة وأخشى الله جداً -أتمنى التخلص من العادة السرية المقرفة تلك- أرجوكم تفهموا موقفي وساعدوني لأخرج من هذه الحالة، أنا إنسانة جيدة وأريد أن أظل كذلك، ولا أريد أن تلقي بي حالتي النفسية في الهاوية. من المفترض بعد بضع سنين أن أربي أجيالاً وسأصبح أستاذة جامعية، لذلك أن أكون على قدر المسؤولية. لا غروراً ولا تكبراً، لكني مثقفة وأحب القراءة وعقليتي حسنة، يعني لست واحدة من الشباب الذين يعيشون بلا هدف. أرجو أني لم أطل الحديث، وأدعو الله أن تردّوا عليّ وتسعفوني.
جزاكم الله خيراً.
* وبعد قليل أرسلت تقول:
كتبت لحضراتكم الموضوع منذ قليل ونسيت أن أذكر أهم شيء غي القصة؛ لقد بت بلا شعور وفقدت اهتمامي بكل شيء أحبه: لا أسأل عن أهلي وأقاربي، ولا أهتم بزملائي ولا أصدقائي كما كنت في السابق. لقد كنت مقبلة على الحياة وسعيدة جداً، لكن بعد الانفصال عن حبيب العمر كل شيء فقد معناه بالنسبة لي، صرت دائمة الاكتئاب والحزن، ونادراً ما أضحك أو أخرج أو أحس أني سعيدة ومتزنة. أحس أن حظي قليل في الدنيا، العديد من البنات ممن هن أقل مني جمالاً وجدن من يحبهن ويسعدهن وخطبن لمن يردن!
لا أدري لم حظي قليل، أهلي طبعاً يريدون عريساً مطابقاً للمواصفات: يكون مرموق اجتماعياً مثلهم، ومرتاح ماداً بالطبع فوجهة نظرهم أنهم لا يريدون لنا التعب والشقاء في بداية حياتنا كما تعبا في حياتهما. وكما ذكر ت سابقاً لم أصارح أمي عن قصة حبي لأنها لن تشعر بما أعاني غهي لا تؤمن بالحب، لكن أخواتي وأصدقائي المقربين يعرفون. أن أتوق للزواج ممن أحب وأعيش معه كل عمري، ولأننا لن نتخلد في الدنيا ومصيرنا للموت قليس من الضروري أن نعيش في مستوى اجتماعي راقٍ، بعض الأغنياء وتعوزهم السعادة.
هو ضجر وملّ لأنه يعرف شروط أهلي، وليس بيده حيلة فهو متخصص في الأدب العبري وهو ليس تخصص رائج في سوق العمل، لذلك اتجه للعمل في مجال الكمبيوتر لأنه يحبه وناجح فيه. أنا لا أشك في حبه لي، لكن حين أفكر كثيراً وأتعب من كثرة التفسيرات والتأويلات أكاد أشك في نفسي لأني أكاد أشك فيك وأنت مني- على رأي أم كلثوم.. فأنا أحبها جداً. لقد سبق وأن ابتعدنا عن بعضنا لمرة، لكنه عاد إلي ثانية وقال لي أنه يحبني وكان سيتقدم لخطبتي بيد أني لم أكن مستعجلة حينها وقد صارحت بذلك، كما أني شرحت له شروط أهلي، الأمر الذي جعله محبطاً فسافر فور انتهاء إجازته قائلاً أننا لن نستمر معاً.
تعبت جداً، وأحبه جداً وأدعو الله أن يجعله من نصيبي، فهو مختلف عن الآخرين ولم اقابل حتى الآن شاباً في عقليته وذكائه وجماله ورقته وحبه وخوفه عليّ. أظنه تركني لأن عنده عزة نفس فلا يقبل أن يصرف حموه عليه، أو أن يوفر لي مستوى معيشة أقل مما اعتدت، كما أنه عنيد جداً ويزداد عناداً حين ألح عليه.
أنا أعتذر لإطالتي، لكني ملهوفة أحتاج أن تسمعوني وتنصحوني في أمري، لذلك ارجوكم أن تدرسوا مشكلتي بدقة بشقيها العاطفي والجنسي، ولكم جزيل الشكر.
بارك الله فيكم.
12/04/2009
رد المستشار
كم أحزن على قصص الحب التي لا تنتهي بزواج الأمير من الأميرة، فرغم كثرتها وتشابهها لكنها تبقى محزنة لأن الحياة لا بد أن تستمر كالنهر الجاري حاملة معها أحزاننا وحطام أحلامنا. لا يجوز أن تكون حياتك مركزة فقط على عطشك النفسي والحسي معطلة باقي نواحي عطائك؛ تأتي معاناتك من مبالغتك في التركيز على ذاتك ورغباتك دون اعتبار لما سواها، فأنت تريدين ممن تحبين أن يخطبك حين تحتاجين وحين يتشجع هو لمواجهة الصعاب ترفضين لأنك في تلك اللحظة لم تكوني مستعدة أو تساوينه رغبة! وبرغم إقرارك باختلاف مستوياتكم وإصرار أهلك على مستوى معين من الخاطبين لا ينطبق على من أحببت وعدم قدرتك على مفاتحة حتى والدتك بميلك العاطفي، فكيف تظنين أنه يمكن لهذا الارتباط أن يتم؟!.
تحتاجين لتعلم التعامل مع الإحباط وهو ما تعانين منه حالياً نفسياً وجسدياً، فالإشباع الكامل والسهل غير متوفر لجميع الحاجات متى احتجناها، وهذا رغم ألمه إلا أنه جزء من متعة الحياة فهو يبقينا منشغلين نشطين في سبيل تحقيق هذه الحاجات ما لم نتراخَ في منتصف الطريق وننشغل بالرثاء على الذات عن السعي لتحقيق الرغبات والأحلام، ولا أعني منها العاطفية فقط ولكن المهنية كذلك.
أعيدي صياغة العلاقة في ذهنك وضعيها في صورة صحيحة، هو تعلق انفعالي لم يصمد أمام منطق الواقع والعقل فتراجع أحد الطرفين، وإلى هنا يجب أن يستجيب الطرف الآخر لا أن يلح كما تفعلين فالاستجابة للإلحاح لا تعكس بالضرورة مشاعر حقيقة فقد تكون استسلاماً للتخلص من الضغوط، وبالطبع لن توفر لك ما تتمنينه من حب وتقدير من الطرف الآخر، وقد يسيء من تحبين فهم إلحاحك ويصغرك في عينه فلا تنسي أنه فتى شرقي.
لا بأس أن تطلبي مساعدة متخصصة مباشرة إن كنت مستعدة للتفاعل والتغيير في نفسك بغض النظر عن احتمالية أو استحالة تسيير الأمور وفق هواك. ولا تكرري لنفسك أنك تعانين من مشكلة جنسية فما لديك هو رغبة حسية عادية غرسها الله في خلقه، ولإشباعها يتحمل الناس الكثير وقد يكون أبسط ما يتحملون أن يقبلوا من هو راغب بهم إن تعذر وصل من يرغبون، وعليك أن تحذري الثقة الشديدة في من كل وصف نفسه بأنه طبيب على النت، بالتأكيد لا يخفى عليك- وأنت المثقفة- أنه ساحة خصبة للمتلاعبين بكل أشكالهم.
إذن انتهى درس الإحباط الأول الذي سعى والداك بارك الله فيهما أن يجنباك إياه مركزين على إشباع النواحي المادية متناسين حاجتك للحب والاهتمام التي سعيت لإشباعها مع زميلك، فقفي مع نفسك مرة أخيرة وخذي قراراً بألا تضييعي عمرك وانفعالاتك في محطة غادرها القطار، عبّري عن غضبك وانفعالاتك وابكِ إن شئت لمرة أخيرة ثم استمري في حياتك وانظري بين خاطبيك ممن ينالون موافقة أهلك وتشعرين معه مبدئياً بالراحة أو الانسجام.